يعاني ما بين 15 و 17 في المئة من المغاربة، أي ما يمثل أكثر من 5 ملايين مغربي ومغربية، من ضعف الخصوبة وصعوبات الإنجاب، وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، في حين أكد البروفيسور عمر الصفريوي، أن 12 في المئة من الأزواج في المغرب يعانون ضعفا في الخصوبة، استنادا إلى نتائج الدراسة التي أنجزتها الجمعية المغربية لطب الخصوبة سنة 2015، التي همّت عددا من جهات المملكة، مع ما يعني ذلك من كلفة مادية ومعنوية، وثقل نفسي، يرخي بظلاله على يوميات الأزواج الذين يحلمون ويمنّون النفس بأن يرزقوا بطفل في يوم من الأيام، علما بأنه ليس هناك أي سجّل وطني يقدم معطيات مضبوطة بخصوص هذا الموضوع، الأمر الذي يرى المهتمون بهذا الشأن على أنه يجب على وزارة الصحة أن تتداركه وأن تنخرط المستشفيات الجامعية في عملية لإحصاء وضبط وتدقيق المعلومات المتعلقة بضعف الخصوبة وصعوبات الإنجاب. أزواج كانوا خارج أي تأطير قانوني يأخذ بعين النظر وضعيتهم واحتياجاتهم، لأنهم مطالبون بتحمل كل النفقات والمصاريف العلاجية، غير المعوّض عنها، التي ينفقونها سعيا وراء تحقيق حلمهم، إلى أن صدر قانون قبل مدة يمكن وصفه بالإيجابي والذي ينتظر المعنيون به بأن يشكل جسرا ومعبرا لهم نحو الأمومة والأبوّة، الذي نوّهت بصدوره عزيزة غلام، رئيسة الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة، وهو الذي اعترف في مادته الأولى بضعف الخصوبة كمرض، مبرزة مساهمة الجمعية في الترافع على مرّ سنوات عديدة من أجل تسليط الضوء على معاناة الأزواج الذين يحلمون بالإنجاب والإكراهات والصعوبات، المادية والمعنوية، التي تعترضهم، مبرزة أن الجميع يعقد آمالا كبيرة على أن تكون المراسيم التطبيقية المرتبطة بهذا القانون في مستوى تدارك بعض التفاصيل. وأوضحت المتحدثة، خلال الكلمة الافتتاحية للندوة الوطنية الخامسة، التي نظمتها يوم السبت الأخير بكلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء، حول صعوبات الإنجاب في المغرب، أن بلادنا تعرف تأخرا في ما يتعلق بعلاجات المساعدة الطبية على الإنجاب، إلى جانب وجود تفاوتات بين المناطق بخصوص الولوج إلى وحدات المساعدة الطبية المعنية، مؤكدة على ضرورة تحقيق عدالة جغرافية، لأن العديد من المواطنين ينتقلون من مناطق بعيدة إلى المدن الكبرى كالدارالبيضاء والرباط بحثا عن العلاج، منبهة في نفس الوقت إلى إشكال آخر يتمثل في غياب التغطية الشاملة لهذه العلاجات الأمر الذي يؤدي إلى تأخير التشخيص والعلاج. وأكدت غلام أن القطاع الخاص يعد المزود الرئيسي للعلاجات بواسطة المساعدة الطبية على الإنجاب، إلا أن القدرة الشرائية للمواطنين تحول دون تمكنهم من تحمل كلفة العلاجات التي تتراوح ما بين 30 و 45 ألف درهم، فضلا عن التوزيع الجغرافي غير العادل لوحدات الخصوبة الخاصة بين مدن المملكة، بالإضافة إلى ضعف بنيات التشخيص الإشعاعي والبيولوجي في جميع الجهات. أما بخصوص القطاع العام فقد أوضحت رئيسة جمعية الحالمين بالأمومة والأبوة، أن هناك ضعفا في قدرته على تعميم علاجات المساعدة الطبية على الإنجاب على جميع أقاليم وجهات المملكة، وعجزه عن ضمان ديمومة وتقديم خدمات مستعجلة للمساعدة الطبية على الإنجاب، دون إغفال ضعف عدد الأطباء والفرق شبه الطبية المتخصصة في طب الخصوبة بالقطاع العام وغياب التخصص في كليات الطب. وشارك في هذه الندوة ممثلون عن وزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي إلى جانب خبراء ومختصين، فضلا عن عدد من الأزواج الذين قدموا شهاداتهم، التي حملت الكثير من المعاناة وتفاصيل مختلفة من الألم المستتر الذي يتعايش معه المعنيون بالأمر في مواجهة محنتهم، إلى جانب المسلكيات التي تصدر عن المحيطين بهم في الحياة اليومية التي تزيد من الضغط وترفع من منسوب العبء على الكثيرين منهم. وتدعو جمعية «مابا» إلى تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في أفق توسيع نطاق الخدمات الصحية المخصصة لضعف الخصوبة والموجهة إلى الأزواج الذين يعانون صعوبات الإنجاب والتكلفة الباهظة للأدوية والعلاجات التي تحول دون خضوعهم للتشخيص والعلاج المبكر مما يضعف من حظوظهم في الإنجاب. وتميزت أشغال الندوة الوطنية الخامسة للجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة «مابا»، بإعلان الدكتورة ليلى بن مخلوف، رئيسة قسم المعايير الطبية والتقنية بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي، عن موافقة لجنتي الشفافية واللجنة الاقتصادية على إدراج 8 أنواع من أدوية علاج ضعف الخصوبة، من أصل 10 أدوية، ضمن لائحة الأدوية المشمولة بالتغطية الصحية، بالمقابل اعتبرت جمعية «مابا»، هذه الموافقة بمثابة خطوة مهمة في مسيرة الترافع من أجل تنزيل التغطية الصحية لفائدة الزوجين في وضعية ضعف الخصوبة، مبرزة أنه أول قرار من نوعه تعرفه العلاجات المندرجة ضمن المساعدة الطبية على الإنجاب في المغرب، ويوجد الملف حاليا في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة قبل إحالته على وزارة الصحة لاستكمال الإجراءات والشروع في التغطية الصحية، بالموازاة مع ذلك، تعهدت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، باتخاذ جميع التدابير في إطار تجديد الاتفاقيات الوطنية مع مقدمي العلاجات، من أجل مساعدة المصابين بصعوبات الإنجاب على التمتع بحقهم في التغطية الصحية عن النفقات العلاجية والدوائية والتشخيصية.