تمثّل ندوة «الشّعر والسينما» واحدة من التّوصيات التي عهدها إلينا المؤتمر الأخير لبيت الشعر، الذي دعا إلى مقاربة الأسئلة المعرفية التي تصلُ السينما بالشعر والشعر بالسينما، نظرا للتواشج الحاصل بين المجالين، تواشجٌ إذ يُعزز القرابة بينهما، يصونُ، في ذات الآن، لكل واحد منهما ما يحفظ له فرادته وخصوصيته. إنّ العودة إلى المتن الشعري العالمي، يكشفُ التفاعل البارز والدال الذي يزخرُ به في لحظة تماهيه مع الكتابة السينمائية، حيث يبدو الشاعر منشغلا باستدراج واستثمار بعض تقنيات هذه الكتابة في صوغ عالمه الشعري. يتكشف ذلك في اعْتماده السرد والحوارية والتقطيع والفلاش باك … كما أنّ استقراء المتن السينمائي، هو الآخر، يُسعفنا في تأكيد صِلات القرابة والتفاعل الفني والجمالي والبلاغي الحاصل بين السينما والشعر. فكم هي الأفلام التي امتلكت منسوبا شعريا عاليا، جعلنا نحس ونحن نشاهدها أننا نقرأ قصائد بصرية مرئية. للإمساك بهذه العلاقة الملتبسة والملغزة، تأتي ندوة «الشعر والسينما» مقترحة علينا التفكير في جملة من الأسئلة من مثل: ما الذي يسوّغ قيامَ علاقة تأثير وتأثر بين الشعر والسينما، رغم أنهما يبدوان متباعدين من حيث أدواتهما ووسائلهما التعبيرية؟ هل يقوم الفيلم (الشعري) على إواليات فنية حقيقية بانية لشعريته، أم أن شعريته متأتية من محض اجتهادات القراءات التأويلية المنفتحة على مختلف المرجعيات الفنية والثقافية والفلسفية؟ ما حدود التشابه والاختلاف بين التصوير في الشعر والتصوير في السينما؟ ما الذي استفاده الشعر من الفن السينمائي الذي تجاوز ظهوره في العصر الحديث قرنا من الزمن؟ وهل يمكن الحديث عن أفق مستقبلي منشود للتبادل والتعاون بين الشعراء والسينمائيين؟ إننا في بيت الشعر في المغرب وفي الجمعية المغربية لنقاد السينما متيقنون أن هذه الأسئلة ستحظى بعناية المشاركين في هذه الندوة، خاصة أنهم جميعا مشهود لهم بالجدارة المعرفية والأكاديمية، وبالارتباط الوثيق بمجال الندوة، ما يؤهلهم لتطارح المحاور الثلاثة وهي: الشعر والسينما.. المُتخيَّل المشترك (مداخل نظرية….). سينمائية الشعر (طرائق الاستثمار وتقنياته: التصوير، زوايا النظر، التقطيع والمونتاج…….). شعرية السينما (مقاربات نقدية لنماذج فيلمية). ملحوظة: عقد بيت الشعر بتعاون مع الجمعية المغربية لنقد السينما، يومي الجمعة والسبت 8و9 نونبر الجاري، ندوة وطنية كبرى يجمع موضوعها بين مجالين تعبيريين مختلفين الشعر والسينما. وهي الندوة التي سعت الى البحث في هذه العلاقة الملتبسة بين هذين المجالين، من خلال استنادهما الى مشترك المتخيل في بناء عوالمهما . بحث يروم مضاعفة زوايا النظر وفحص طرائق استفادة الشعر من فن السينما وتقنياتها التعبيرية ، واستدماج ذلك في مكوناته الفنية الدالة، وبالمقابل استكناه تحول الشعر مادة سائغة تستوعبها لغات السينما وتقنياتها. * كلمة رئيس بيت الشعر خلال الندوة