أفاد خبير عماني ، أمس الأربعاء بالرباط ، بأن المغرب ساهم في ترميم نحو 100 معلمة أثرية بسلطنة عمان، شملت قلاعا وحصونا وأبراجا ومساجد وأسواق وأسوارا. وأوضح الخبير سلطان بن سيف البكري، مدير عام بوزارة التراث والثقافة العمانية، خلال الندوة العلمية التي تبحث على مدى يومين موضوع «العمارة الإسلامية في المملكة المغربية وسلطنة عمان: الترميم والأرشيف» أن هذه االمساهمة تأتي ترجمة لبروتوكول التعاون الموقع في عام 1984 بين وزارة التراث والثقافة العمانية ووزارة الثقافة بالمغرب، موضحا أن هذا البرتوكول كان له الأثر الكبير في ترميم العديد من المعالم التاريخية في هذا البلد الذي يزخر بإرث معماري قائم على البناء بالطوب اللين ويمتد بجذوره لأكثر من 5 آلاف سنة. وتابع أن حماية هذا الإرث تطلب عقد عدة اتفاقيات تعاون مع عدة بلدان عربية وأجنبية، مؤكدا أن المغرب في مقدمة هذه البلدان لما يزخر به من إرث معماري شبيه بالسلطنة. ومن جهتها، توقفت الباحثة بالمعهد الجامعي للبحث العلمي مينة المغاري عند التجربة المغربية في الترميم وعلاقته بالأرشيف من خلال المعماري بوريس ماسلوف الذي عاش بالمغرب وكرس جهوده في التوثيق ، بالصورة والرسم ، لعدد من المآثر التاريخية لاسيما بفاس. واعتبرت الأستاذة المغاري تجربة ماسلوف الروسي الأصل والذي اشتغل بالمغرب من 1924 إلى 1958، من بين التجارب الناجحة في أوراش الترميم بالمملكة، داعية، في هذا الصدد، إلى صون تراث هذا الرجل والنهوض به «حفاظا على هويتنا الثقافية». وتحدث المهندس سعيد الصقلاوي المختص في تخطيط المدن والعمارة والتصميم الحضري بسلطنة عمان عن الموقع الجغرافي لهذا البلد وعن مدنه وقراه وواحاته كمستقرات سكانية وحضارية جرت فيها وعليها مسيرة الحراك الحضاري بكل تحولاته خاصة منها العسكرية. وذكر المتدخل، في هذا السياق، بأن وجود النظام الدفاعي في عمان تزامن مع الحضارات القديمة في بلاد الرافدين وفي وادي الاندز والحضارة الاوكسومية في إفريقيا، معرفا بالعمارة التحصينية وأدوارها المختلفة وتكوينها الهندسي وأثرها الاجتماعي والسياسي في تكوين الهوية العمانية. وتناولت باقي المداخلات انتشار البيمارستانات بالمغرب كنوع من العمارة ظهر منذ العصر الموحدي وصار مضرب الأمثال في روعة بنائه وجودة خدماته الطبية حيث عرفت مدن مراكش وفاس وسلا والرباط بأكثر من بيمارستان. كما أبرزت المشترك في السلطنة بين الحارات وتخطيطها وأسلوب بنائها، وكذا الدور الذي لعبه الأرشيف في عملية ترميم المدارس المرينية بفاس وفي دراسة إمكانية إعادة تشغيل بعض معالم المدرسة البوعنانية. وتهدف الندوة العلمية التي افتتحت، أمس الثلاثاء، إلى تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين، وتطوير سبل الشراكة والتعاون بينهما في مجال تدبير الأرشيف والتوثيق التاريخي، وتبادل الخبرات والتجارب في مجال البحث العلمي، والإدارة الرقمية للأرشيف، فضلا عن تنظيم أنشطة ثقافية من ندوات علمية ومعارض وثائقية بغرض تثمين الأرشيف والتحسيس بأهميته. وتندرج هذه التظاهرة المنظمة بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة) ومديرية التراث والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وكلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط وسفارة سلطنة عمان بالرباط، في إطار تنفيذ مذكرة تفاهم بين مؤسسة أرشيف المغرب ونظيرتها في السلطنة، وذلك لمد جسور التعاون بين البلدين وتبادل الخبرات وتثمين الأرشيف كمرجعية هوياتية وكرافعة تنموية. وكانت هذه الندوة العلمية قد افتتحت بتنظيم معرض وثائقي متخصص يحكي فن العمارة الإسلامية في المملكة وسلطنة عمان، ويعرض الجوانب التاريخية في البلدين، كما يضم مجموعة من الوثائق والصور التاريخية والمخطوطات القيمة وعمليات الترميم التي تبين جزء من التاريخ العريق الذي يزخر به البلدان.