بعد مغادرته قصر الإليزيه ، أصدر الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك مذكراته، وهي تحكي 12 سنة في قصر الإليزيه . مذكرات شيراك في جزئها الأول « كل خطوة يجب ان تكون هدفا». تغطي حياة جاك شيراك السياسية حتى انتخابه رئيسا للجمهورية سنة 1995 ، أما الجزء الثاني الذي سماه «الزمن الرئاسي» فيغطي عمله كرئيس جمهورية وعلاقاته الدولية خصوصا علاقته بالمنطقة العربية والأفريقية. وتطرق إلى علاقته بالرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، كما يتضمن الكتاب الحديث عن شخصيات دولية مثل جورج دابليو بوش والوزير الاول السابق ،ليونيل جوسبان الذي قاد حكومة التعايش الاشتراكية،وكذلك الرئيس السوري والرئيس الجزائري. خلال الكتاب، يحاول شيراك الدفاع عن تصوره لسياسته، كما يشرح سبب اتخاذه عددا من القرارات منها معارضته الحرب على العراق، وفي نفس الوقت المشاركة في حرب افغانستان. في مذكرات جاك شيراك، لم يتحدث كثيرا عن علاقته مع المغرب رغم قوتها في كتاب جاك شيراك « الزمن الرئاسي»،الذي يتشكل من 611 صفحة،لا نجد صفحات وصفحات حول المغرب كما كان يتوقع المراقبون،المغرب وملك المغرب لم يخصص له بالكاد صفحة واحدة،رغم كثافة العلاقة بين البلدين وعلاقة القرب التي كانت تجمع جاك شيراك بالراحل الحسن الثاني،والتي استمرت مع الملك محمد السادس رغم اختلاف الاجيال.لكن يبدو ان شيراك أعطى تفاصيل كثيرة حول البلدان والقضايا التي شغلته او خلقت له متاعب اكثر من القضايا التي لم تطرح عليه أي مشكل ،علاقاته المعقدة بالرئيس الحالي للجمهورية نيكولا ساركوزي، خصص لها صفحات عديدة،نفس الشيء لعلاقته بالوزير الاول الاشتراكي ليونيل جوسبان الذي ترأس الحكومة في فترة التعايش، وكذا علاقته المضطربة بالرئيس الامريكي جورج بوش بسبب اختلاف الرؤية في التعاطي مع الأزمة العراقية،العلاقات المعقدة مع الجزائر وحرب التحرير التي عرفها هذا البلد الجار للتخلص من الاستعمار، وهي حرب خلفت عدة جروح بين البلدين، وشارك فيها الرئيس السابق جاك شيراك في شبابه اثناء تأديته للخدمة العسكرية ببلده، خصص لهذه العلاقة اكثر من ست صفحات للحديث عن الإحباط الذي تعرض له رغم كل المحاولات للرقي بهذه العلاقات الفرنسية الجزائرية نحو علاقات صداقة كما هو الحال مع المغرب. تعقد العلاقات السورية اللبنانية، كانت حاضرة هي الأخرى بقوة، وخصص لها الرئيس الاسبق اكثر من عشر صفحات،حيث يحمل مسؤولية اغتيال الحريري إلى الرئيس السوري بشار الاسد،الذي سبق أن هدد رفيق الحريري وأسرته بعد دعم هذا الاخير للمبادرة الفرنسية التي طالبت بإجلاء القوات السورية عن لبنان،والعلاقة الحميمة التي جمعته بالحريري وأسرته، هي التي دفعته إلى حضور مراسم دفن الوزير الاول اللبناني السابق ببيروت،رغم عدم توفر الأمن الكافي بلبنان .وكيف شعر جاك شيراك بنوع من الذنب خاصة أنه حذر باستمرار رفيقه الحريري قبل الاغتيال. لكن الحديث عن المغرب كان شبه غائب عن الكتاب. وفي أول مرة تحدث فيها جاك شيراك عن المغرب في كتابه السيرة الذاتية « الزمن الرئاسي «، كان في الفصل الذي خصصه للعلاقة بحكومة التعايش، والذي سماه «المجال الخاص « ، أي العلاقات الخارجية. وتطرق لأول مرة في حديثه عن العلاقة التي كانت تجمعه مع وزير خارجيته في حكومة التعايش ايبير فيدرين،هذه العلاقة حسب الرئيس السابق التي كانت علاقة قرب، ولعب فيها قرب الاثنين من المغرب دورا خاصا وكذلك اهتمام الرجلين بالعالم العربي، « كنت ارى وزير الخارجية تقريبا بشكل يومي مدة خمس سنوات،اهتمامنا المشترك بالعالم العربي،وعلاقتنا الخاصة مع المغرب ،والذي يعرفه فيدرين منذ نعومة أظافره،أما أنا فقد كانت لي علاقات خاصة بالمغرب،وهو ما قربني بشكل كبير من هذا الوزير،الذي كان حسب نظري يختلف عن باقي الفريق الحكومي الذي ينتمي إليه.» الرئيس الفرنسي يصف في كتابه أحد لقاءاته بالعاهل المغربي محمد السادس في القمة العالمية للتنمية المستدامة الذي انعقد بجوهنسبورغ بجنوب افريقيا سنة 2002. «يوم ثالث شتنبر حضرت أحد لقاءات رؤساء الدول الفرنكوفونية الذي انعقد بفندق هيلنتون …» هذا اللقاء غير الرسمي أعطاني الفرصة للقاء مجددا بملك المغرب محمد السادس.العاهل الشاب كان جد مشغول بالوضع السياسي لبلده،منذ اكتشاف خلية للقاعدة في شهر يونيو الأخير،التي كانت تستعد لتنفيذ تفجيرات بالمغرب، وبعد ذلك تمكنت السلطات المغربية من تفكيك عدة شبكات متطرفة والتي كانت وراء اغتيالات استهدفت أشخاصا محددين. أشجع محمد السادس،الذي يعرف مثل أبيه ،والذي يمكنه ان يعتمد على صداقتي في كل الظروف . الاستمرار في الانفتاح على الإسلاميين المعتدلين بالمغرب،هو الجواب الأكثر فعالية الذي يمكن أن يقدمه للمتشددين والمتطرفين،وأحسن وسيلة للحفاظ على استقرار المغرب، والملكية هي الضامن الوحيد لذلك في اعتقادي. لهذه الاعتبارات، لم أتوقف عن تقديم دعمي له، ودعم وجهة نظر المغرب حول الصحراء الغربية، وهي جزء لا يتجزأ من المغرب.» طبعا رغم أن الحديث عن المغرب بكتاب جاك شيراك « الزمن الرئاسي خصص له فقرات محدودة ،إلا أنها كانت لحظات قوية عكست الارتباط الكبير للرئيس السابق بالمغرب وتقديره الخاص للبلد ولعاهله، كما أنه لم يتردد في التعبير عن دعمه الواضح للسياسة الخارجية المغربية ، وتفهمه لسياسة الانفتاح السياسي التي ينهجها العاهل المغربي ودعمه للوحدة الترابية للمغرب.وهو دعم عبر عنه حتى عند تحمله رئاسة الجمهورية ، ولم يكن يسمي الصحراء المغربية،» الصحراء الغربية» كما هو متداول في القاموس الديبلوماسي، والذي يتبعه رؤساء الدول بل كان يسمي الصحراء « بالأقاليم الجنوبية»، وهو موقف بالطبع كان يغضب الجارة الشرقية التي كان يزعجها أن يطلق هذا الاسم من طرف رئيس دولة كبرى لها وزنها في مجلس الأمن. في هذه القمة أيضا بجنوب أفريقيا، التي انعقدت في بداية القرن حول التنمية المستديمة، كان خطاب جاك شيراك متميزا من خلال دفاعه عن قضايا كانت جديدة وغير معروفة آنذاك، ولا يتطرق لها السياسيون،مثل التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية التي أصبحت محدودة. علاقة جاك شيراك بفلسطين ومنطقة الشرق الأوسط جاك شيراك تحدث في كتابه بشكل مستفيض عن العلاقات الخارجية لفرنسا وعن مختلف الأزمات الدولية التي عايشها أثناء تحمله للمسؤولية خلال الحقبتين الرئاسيتين، ويعود في كتابه بتفصيل إلى غضبته على الشرطة الاسرائيلية التي ضايقته عند قيامه بزياة المدينة القديمة للقدس الشريف، وهي مضايقة حاولت من خلالها تل أبيب أن تمرر رسالة إلى فرنسا ،وغضبها من سياسة رئيس الجمهورية الذي كان يفهم مأسات الفلسطينيين وتعالي سلطة الاحتلال الاسرائيلي في تعاملها معهم ،وسياستها في افشال كل مبادرات السلام وربح الوقت من اجل احتلال مزيد من الارض الفلسطينية وعزل قادتها عن كل الدعم العالمي الذي يمكن ان يساعدهم في كل اشكال المقاومة. شيراك اثناء هذه الزيارة ،كرئيس احد اكبر دول العالم تم دفعه بقوة وبشكل عنيف من اجل ثنيه عن الاستمرار في الزيارة التي كانت تواكبها صحافة العالم وصحافة فرنسا على الخصوص. وانفجر من الغضب من هذه السلوكات الوقحة واللامسؤولة تجاه رئيس دولة .ويحكي شيراك بكل التفاصيل هذه الزيارة التي سيحفظها التاريخ لرئيس فرنسي ،وكذا لقاءه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي انذاك بنيامين نتانياهو الذي يقول له « جاك اعتذر لك بشدة» قالها بشكل جدي ليضيف «انا كذلك أنال نفس التعامل ،واتلقى ضربات « يقصد ضربات شرطة الاحتلال.والكتاب يتطرق ايضا إلى العلاقة مع الفلسطنيين ومع ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني الراحل بالتحديد ،وهي علاقة وان كانت جد محدودة عند بداية حكم جاك شيراك سوف تتطور إلى علاقات جد خاصة،وقد لعب ملك المغرب الراحل الحسن الثاني دورا في هذا التقارب .وهو ما جعل شيراك قريبا من الفلسطنيين بشكل فاجأ الجميع. في الكتاب يحكي جاك شيراك بتفصيل في الفصل السادس عن زيارته للمنطقة وطموحه الاحتفاظ بعلاقات مع اسرائيل وفي نفس الوقت اعطاء دفعة جديدة للعلاقات الفرنسية العربية اي بالدفع بما يسمى بباريس بالسياسة العربية لفرنسا. هذه الزيارة التي تم اعدادها بشكل دقيق إلى المنطقة يقول شيراك بدأت في 20 من كتوبر سنة 1996 من دمشق عاصمة سوريا،والتي شملت عدة بلدان بالمنطقة وهي اسرائيل،الاراضي الفلسطينية،لبنان،مصر والاردن.»وكان الهدف منها تسجيل عودة فرنسا إلى المنطقة .وكان لها هدف مزدوج،اعادة علاقات الثقة مع اسرائيل،ومن جهة اخرى اعطاء دفعة للسياسة العربية والمتوسطية حسب التوجهات التي اعلنتها في خطاب القاهرة في ابريل من نفس السنة،وهو طموح صعب التحقيق لكنه يعكس المهمة الخاصة التي علينا القيامة بها بين هذه الشعوب التي تفصلها عشرات السنين من الحقد والعنف.» وإذا كات فرنسا تتمتع بعلاقات الثقة مع اغلب البلدان العربية ،لكن روابط الصداقة التي تجمعها باسرائيل تستمر في التراجع.وهو الانطباع الذي اخذته من لقاء في يونيو 1995 مباشرة بعد انتخابي في لقاء غذاء مع اسحاق رابين بقصر الاليزي . وهو معروف كمخاطب صعب ولم يخف علي نوع التخوف من اوربا وفرنسا ويؤول تحفظاتها ونقدها كدعم للطرف الاخر. ويفضل اللجوء إلى الديبلوماسية الامريكية لمواكبة مسار السلام الذي بدأ بأوسلو رغم ان فرنسا هي اكبر مساهم في مصاريف ادارة السلطة الفلسطينية.صورتي لدى اسرائيل يغلب عليها التناقض وتتم مؤاخذتي على انتمائي الدوغولي وموقف الجنرال دوغول من تل ابيب سنة 1967 من حرب ستة ايام، كما ان السلطات الاسرائيلية لاحظت انه بعد تعيين حكومة ألان جيبي ،أنه منذ مدة طويلة ،الحكومة الفرنسية لا تضم وزيرا من ديانة يهودية ،وهو امر لم يكن مدبرا ولكنه كاف لاثارة شكوك اسرائيل تجاهنا.» « فيما يخصني شخصيا، فقد عبرت عن دعمي الكامل لسياسة السلام الشجاعة لاسحاق رابين مع الفلسطينين ضد جزء كبير من الرأي العام الاسرائيلي.وكنت اقتسم رأيه انه لم يكن هناك بديل حقيقي لاستمرار المفاوضات…ورغم ذلك، فقد كان رجلا مستعدا للذهاب في هدف إلى حده الأقصى كيفما كان الثمن.» « لقد أثر فيّ بشكل كبير اغتياله،وقررت بسرعة الحضور إلى جنازته في 6 نوفمبر 1995 وهو ضحية التطرف لبعض مواطنيه كما كان أنور السادات ضحية هو الآخر 15 سنة من قبل.» وكانت لي كل الثقة في تعيين خلفه شيمون بيريس، وهو رمز للعدالة والتسامح، وكنت أعرف أنه بالنسبة له العيش المشترك يعني معرفة الآخر،الاحترام المتبادل ، الحوار وبناء عالم أحسن، وهو ما يقتضي بناء تاريخ مشترك.» منذ الاتفاقات الاسرائيلية الفلسطينية بطابا في شتنبر 1995 ، تم تحقيق تقدم مهم،لكن حسن النية التي بين عنه الطرفان، تم بسرعة ووسمه بتزايد إطلاق النار في جنوبلبنان بين اسرائيل وحزب الله والتي لسوريا دور كبير فيه.» في 3 مارس 1996 ،أول عملية انتحارية، وهي عملية أولى في إطار سلسلة من العمليات التي سوف تقضي على مسار السلام حسب شيراك.وهي عمليات اعتبرت اسرائيل أن الراحل ياسر عرفات لم يقم بما يكفي للحيلولة دون قيامها. «لم يعد لي أمل كبير في مسار السلام يقول جاك شيراك بعد سلسلة العمليات،ويضيف « رغم علاقاتي الجيدة مع ياسر عرفات،وإذا كان الاسرائليون لا يعتبرونه شريكا جديرا بالثقة، فلعدم قدرته على القيام بما أسميه « الحركة الأخيرة» . «مشكل عرفات حسب جاك شيراك ،أنه دائما يطلب أكثر عندما يتم الوصول إلى اتفاق. وكنت دائما اقول له انك لا تعرف الضرب على كف اليد.وتريد دائما ان تطلب اكثر.والرجل هو جد ذكي ووهب حياته لقضية شعبه.لكنه في عمقه غير قادر على حسم نقاش او مطلب، وكان يعود باستمرار حول ما تم الاتفاق حوله للمطالبة بالمزيد.في حين كان للاسرائيليين تصور متكامل حول ما يريدون .و لا يتحركون من مواقعهم.» هذا الوضع يجعل الحوار مع عرفات جد صعب بل غير ممكن أحيانا ويحول دون وجود الثقة .وياسر عرفات له الاسباب التي تجعله يأخذ ذات الموقف ويكون حذرا مع مخاطبيه الذين من جهتهم كانوا دائما يريدون اكثر. في نفس الوقت، يتحدث جاك شيراك في كتابه عن علاقته ببشار الاسد الرئيس السوري وعن كراهيته له رغم ان الاسد الأب طلب منه معاملته كابنه» الرئيس السوري ،الذي كنت أريد ان تكون لي علاقات جيدة معه نظرا لأهمية بلده بالمنطقة،وتأثيره على لبنان» لكن اغتيال الحريري كانت نهاية لكل علاقة ممكنة بين الرئيس السوري بشار الاسد و الرئيس الفرنسي جاك شيراك،خاصة أن الحريري بالاضافة إلى انتمائه إلى بلد حليف لفرنسا ،هو ايضا صديق حميم للرئيس الفرنسي السابق. شيراك كان يعول على بشار الاسد من اجل استمرار التنسيق والتعاون بين دمشقوباريس، كما تم اثناء الازمة اللبنانية الاسرائيلية لسنة 1996 حيث هاجمت اسرائيل حزب الله في الجنوب ، وتمكنت فرنسا من ايجاد اتفاق بين الاطراف المتنازعة في المنطقة، ولعبت دمشق دورا أساسيا إلى جانب باريس للوصول إلى ذلك.هدفه لم يكن فقط الدفع بالعلاقات السورية الفرنسية نحو الأحسن، بل اخراج هذا البلد من عزلته التي يفرضها تحالفه مع ايران، من اجل ربط الحوار مع اسرائيل ورفع يد دمشق عن بيروت.لكن هذه السياسة التي عرفت نجاحا نسبيا في عهد حافظ الاسد، تعرضت للانهيار في عهد بشار ، ووصلت العلاقات الفرنسية السورية إلى القطيعة،رغم ان فريق نيكولا ساركوزي حاول ان يعيد هذه العلاقات إلى سابق عهدها دون جدوى، لتضارب المصالح بين البلدين، واختلاف الرؤية السياسية للحلول بالمنطقة. شيراك يقول لا للحرب على العراق وإذا كانت الحقبة الرئاسية لشيراك تميزت بحرب البلقان باوربا سنة 1995 والصرامة التي تعامل بها الرئيس الفرنسي مع الرئيس الصربي ميلوزيفيك الذي توبع من أجل جرائم الحرب من طرف المحكمة الدولية، فإن الموقف المتميز، الذي سيحتفظ به العالم، هو معارضة شيراك للاحتلال الامريكي للعراق، والذي دفع فرنسا إلى التهديد باستعمال حق الفيتو ضد القرار الامريكي لغزو العراق واحتلاله. الملف العراقي، كان أحد أكبر قضايا شيراك،حيث ذكر في كتابه أنه باسم الصداقة بين البلدين،أي الولايات المتحد الامريكيةوفرنسا ، فقد حذرته ( يعني بوش ) من هذه الحرب وانعكاساتها، وقلت لبوش « هذا ما سيحدث في البداية: سوف تحتل بغداد بسهولة ودون مشاكل تذكر، وفي اسبوع او اسبوعين كل شيء سوف يكون على ما يرام،ولكن بعد ذلك سوف تبدأ المشاكل،ستجد نفسك في مواجهة بداية حرب اهلية بين الشيعة،الأكراد والسنة،والشيعة يشكلون الأغلبية مما يعني انك ستكون مجبرا عاجلا أم آجلا على ان تترك لهم السلطة باسم الديمقراطية.في نفس الوقت سوف تقوي الموقف الايراني في المنطقة،مما سيضعف دول ذات اغلبية سنية بالمنطقة مثل العربية السعودية وبلدان أخرى.وهذه الحرب الأهلية ستجعل من العراق ،الذي لم يعرف الوحدة منذ تأسيسه بدون سلطة قوية ،دولة مشتتة من جميع الجهات. بعد ذلك لا يمكنك التحكم في أي شيء،لا شيء مع كل الانعكاسات على توازن الشرق الأوسط.»ويضيف لقد استمع لي بوش دون أن يقاطعني مع ابتسامة خفيفة ومتهكمة…وتوقف تبادلنا عند هذا الحد.»طبعا الأحداث التي عرفها العراق وتطورات الاحتلال والحرب المميتة التي ساهمت فيها القاعدة وسقوط العراق في أحضان ايران، جعلت تحليل شيراك صائبا في كل تفاصيله. طبعا السياسة العربية لفرنسا بدأت مع دوغول التي اتخذت مسافة مع سياسة اسرائيل العدوانية بالمنطقة ومع سياسة الدعم المطلق لها،وكذلك مسافة مع السياسة الامريكية بالمنطقة التي تتميز بالدعم المطلق لسياسة تل ابيب، لأسباب سياسية داخلية لأمريكا اكثر منها للمصالح القومية.لكن هذه السياسة الفرنسية اختفت اليوم بعد رحيل جاك شيراك عن قصر الإليزيه، ليعوضه رئيس يعتبر اكثر الرؤساء الفرنسيين قربا من سياسة واشنطن، بل الاكثر من ذلك الرئيس الفرنسي مغرم بالثقافة والنموذج الامريكي،وهو ما جعل السياسة الفرنسية بالمنطقة تتحول 180 درجة وتصبح اكثر قربا من واشنطن في تعاملها مع القضية الفلسطينية، وكذلك قريبة من وجهة نظر اسرائيل.لكن في الأشهر الاخيرة مع وصول ألان جيبي أحد الدوغوليين إلى الخارجية الفرنسية، بدأت فرنسا تسمع صوتا مخالفا لواشنطن في تعاملها مع القضية الفلسطينية.