قال رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ، ردا على مساءلته من طرف البرلمانيين مجلس النواب : «مشكلتنا هي الاستقلالية، فعندما تعبر أحزابنا عن استقلالية، وتعارضنا فإننا نتقبل ذلك ، ونعرف أن هناك رجالا يعول عليهم .. « ما الذي يريده رئيس حكومتنا، إبلاغه من خلال هذه الرسالة ؟؟ في نظري هما رسالتان، على الأقل .. ولا نحتاج الى عميق تفكير ، لنستنتج أن قصد عبد الإله بنكيران من الرسالة الأولى، هو نزع الاستقلالية عن الأحزاب في ما يصدر عنها من معارضة لسياسته، وأنها حسب ما يريد تمريره للمواطنين تفتقد الى الرجولة .. وأما الرسالة الثانية ، ولعلها الأهم بالنسبة إليه ، فهي أن بنكيران وحزبه وحكومته ، يصدرون في قراراتهم عن استقلالية ، وأنهم أسياد أنفسهم ، بخلاف أحزاب المعارضة ، التي تنفذ ما يملى عليها من جهات ، لم يذكرها بنكيران ، و أبقاها مجهولة .. هل هناك تبخيس للعمل السياس ، وتنفير منه ، أكثر من هذا الذي يصف به مسؤول حزبي معارضيه ؟؟ بل ومسؤول حكومي، جعلته حركة 20فبراير ، والربيع المغربي وما تمخض عنهما من دستور فاتح يوليوز 2011، على رأس حكومة باختصاصات غير مسبوقة .. ؟؟ وهل يؤمن رئيس الحكومة هذا بالعمل السياسي الذي « يمارسه» ؟؟ وهو يشكك في مواقف نواب الأمة ، الذين لا يوافقونه الرأي في تدبيره للشأن العام ؟؟ أم أن العمل السياسي بالنسبة إليه ما هو إلا جسر لاستقطاب الأتباع والخونجة ، بتمجيد الدعوي ، على حساب السياسي .. ؟؟ وليس بنكيران وحده من يضع محاوريه ، ومسائليه في خانة ، إما معي تمجدني وتثني على كل ما أقول وأفعل حينا ، وما أقول ولا أفعل في الغالب العام ، أو أنك لست في مستوى المحاور ، ولست في مستوى المعارض ، وصولا الى أنك مفتقد لرجولتك ؟؟ بل يتبعه في ذلك أعضاء حكومته من الحزب الملتحي ، وهذا وزيره المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ، في رسالته الجوابية عدد 230/13 ، على مذكرة منسق لجنة التنسيق حول السجون ، التي طالبت بفتح حوار موسع مع الحكومة ، تشارك فيه كل المؤسسات والقطاعات الفاعلة في مجال السجون ، للعمل على إخراج خطة لإصلاح أوضاعها .. فماذا كان رد الوزير ؟؟ اسمحوا لي أن أنقله بالحرف قبل التعليق عليه ، يقول الوزير في رده المتأخر : « التأكيد على أن المدة الفاصلة بين تلقي المذكرة ، والجواب عنها أخذ من الحكومة ومصالحها المختصة وكافة القطاعات ذات الصلة ، الوقت الكافي لبلورة جواب مؤسس لمرحلة جديدة من المعالجة تقديرا وتثمينا لهذه الخطوة المشتركة ... التأكيد على قناعة الحكومة بأن إرساء حوار جدي ومثمر حول السجون يمر عبر ما يلي : أولا ، تثمين المبادرة الحكومية المتعلقة بالحوار حول إصلاح منظومة العدالة التي تشكل السجون جزءا أساسيا منها ... ثانيا ، تثمين نتائج المبادرة الحكومية المتعلقة بالحوار حول المجتمع المدني .. «. ويختم الوزير هذا الرد في الفقرة الأخيرة ب : « .. أعبر لكم عن استعداد الحكومة لجعل الحوار حول واقع السجون يحظى بالأهمية التي يستحقها ، في إطار تثمين وترصيد خلاصات الحوارات الوطنية الجارية ذات الصلة « ؟؟ إذن ، إما أن تثمن وإما ألا يكون هناك حوار ؟؟ .. إما أن تثمن وإما ألا يحظى واقع السجون بالأهمية التي يستحقها ؟؟ .. إذا كان هذا جواب الوزير المكلف بالعلاقات والتواصل ، أي المفروض فيه أن يكون على قدر كبير ، من القبول بالآخر وبانتقاداته ؟ فما بالكم بالباقي ؟؟؟ وعودة الى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ، وحديثه عن الاستقلالية ، ومعارضة الرجال، لأسائل سيادته عما تحمله مراسلته الشهيرة لوزير الداخلية الأسبق إدريس البصري ، في سنة 1985 ، من استقلالية ورجولة ؟؟ وهو يخبر هذا الوزير بالذات ؟؟ بأن الجماعات الإسلامية لم تعد تشكل خطرا .. ويلتمس منه الترخيص لجماعته بالعمل والتعاون للقضاء على « أعداء « الدين؟؟ .. فمن هم الذين كان إدريس البصري ، يفتري عليهم بنعتهم بالملحدين وأعداء الدين ؟؟ ان بنكيران قبل غيره ، يعرفهم جيدا .. إنهم مناضلو أحزاب اليسار ، وعلى رأسهم مناضلو حزب الاتحاد الاشتراكي ..الذين كانوا يواجهون ساعتها بطش الحكم الفردي الاستبدادي ، ويواجهون الفساد المالي والإداري ، ويواجهون بطش وقمع أم الوزارات ، التي وصف بنكيران رئيسها إدريس البصري في هذه الرسالة ، بأوصاف القداسة ؟؟ في انبطاح ما بعده انبطاح ، ثم يأتي اليوم فيتحدث عن الاستقلالية وعن الرجولة .. وأنا أدعو بنكيران الى أن يصارح المغاربة ، فيخبرهم بالقمع الذي كان يتعرض له المناضلون اليساريون عامة ، والاتحاديون على الخصوص ، في هذا الزمان الذي كان هو ينشد فيه رضى إدريس البصري.. مع كل هذا الذي نحتفظ به من ماضي السيد رئيس حكومتنا، فإن اغتراره بالأغلبية العددية ، لم يسعفه على الاستحياء من ذاكرة المغاربة ، وكأني به يعتبرنا نعيش بذاكرة مثقوبة ، وهو( يسنطح ) في الرد على المناضلة الشاب ، البرلمانية حسناء أبوزيد، لما تحدثت عن فشل حكومته في محاربة الفساد ، بقوله :» معك الحق لست أنا من يحارب الفساد لأن الفساد هو الذي يحاربني « إذن أنت يا رئيس حكومتنا ، الذي دخلت الى مجال الدعوة بإذن من إدريس البصري ، « لمواجهة كما اعترفت في رسالتك الشهيرة المناضلين الشرفاء ، الذين كانوا في الساحة يدافعون بأرواحهم وحرياتهم وقوت عيالهم ، على المغرب الديمقراطي الحداثي ، وعلى التوزيع العادل للثروات .. وانتقلت الى الحقل السياسي ، للاشتغال على أنقاض حزب أسسته مطابخ مغرب الرصاص والجمر ، لمواجهة إشعاع ومد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، لدى أوسع الجماهير .. تدعي اليوم الطهرانية ، وتعمل على تنصيب نفسك نقيضا للفساد ، والحال أنك لو كنت كذلك ، لما طاوعتك نفسك على مغادرة صفوف الاتحاد ، الذي مكثت به قليلا ، قبل أن تفر للنجاة بجلدك لما تحسست مقدار القمع المسلط على هذا الحزب بسبب وقوفه قولا وفعلا ضد الفساد ومظاهر الفساد .. الى جانب المغاربة .. ويمضي رئيس حكومتنا في اعتبارنا نعيش بذاكرة مثقوبة ، وهو يذكر بنتائج استطلاع الرأي ، التي خلصت الى ارتفاع شعبية بنكيران ، مقابل تراجع شعبية المعارضة ، ويعتبرنا أغبياء الى درجة التصديق بخلاصات باستطلاعات الرأي المخدومة ، التي كشفت عن النتائج دون أن تدلنا على معايير اختيار العينات وطبيعتها ، ونوعية الأسئلة المطروحة ومدى إيحائيتها .. وحسبي أن أذكر هنا، بما ذكر به الكاتب الأول للاتحاد الأخ إدريس لشكر ، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي بفاس ، حول استطلاع الرأي الذي خدمته سلطات الحماية قبيل نفي المغفور له محمد الخامس رحمة الله عليه ، من أنه يفتقد الى الشعبية ، وغالبية الشعب ليست معه .. لكن وبمجرد ما اقترفت الحماية جريمتها النكراء ، بنفي ملك البلاد الشرعي ، وعائلته الى المنفى ، حتى هبت كل المدن والقرى تهتف بحياة الملك ، وتسترخص أرواحها في سبيل رجوعه .. لعلك تستفيد يا أستاذ بنكيران ، من تاريخ الرجال في بلادك ، وتتواضع لله وللشعب .. بنكيران هجم هجوما غير مسبوق على القوت اليومي للمغاربة من خلال الزيادة في ثمن المحروقات ، ثم رفع الدعم النهائي عنها ، وزاد في أثمان المواد المعيشية للسواد الأعظم من المغاربة ، وزاد في تسعيرة الطريق السيار ، ونقص 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار ، وزاد في سن الإحالة على التقاعد ، وكذا في اقتطاعات صناديقه ، ونقص من منحته ، وخلق مآس للمواطنين بتنصله من التزامات الدولة ، كما فعل مع الأطر العليا المعنية بمحضر 20 يوليوز 2011 ، ورهن البلاد في مديونية يعلم الله ما المصائب التي ستجرها على المغاربة في السنين القادمة ، ورفض إحداث ضريبة على الثروة ، وزاد من حدة الزرواطة ومحاكمات المحتجين على سياسته .. ثم تطلع علينا استطلاعات رأي تقول بارتفاع شعبيته ؟؟ الحماق هذا .. لا شك أن هناك خللا .. ؟؟ هل في استطلاع الرأي ؟؟ هل في العينات المستجوبة ؟؟ هل ؟ الله وبنكيران يعرفان ... وعلاقة بمحاربة الفساد ، فإن السيد رئيس حكومتنا ، عندما يقول في هذه الجلسة البرلمانية لمساءلته ، بأن الحكومة قد تولت مسؤوليتها في الاضرابات ، التي كانت تعرفها المحاكم ، وفي التعليم ، وفي الجماعات ، متسائلا هل ما فعلناه هنا ليس بمحاربة للفساد ؟؟ فهو يقصد أن الإضراب فساد ، وأن الاقتطاع من أجور المضربين ، حتى يسكتوا ويستسلموا للظلم الاجتماعي الممارس عليهم ، هو محاربة الفساد .. فهلا قمت يا سيادة الرئيس ، بإحصاء الاضرابات ، التي خاضتها المركزية النقابية التي يشرف عليها عضو الأمانة العامة لحزبك ، في هذه القطاعات وغيرها ؟؟ وأصدرتم كحزب ، بيانات التضامن معها ؟؟ أم أن الإضراب وأنتم في المعارضة ، نضال ؟؟ وفي الحكومة فساد ؟؟ وأخيرا يا سيادة رئيس حكومتنا ، وأنا أهنئكم بترؤس لجنة الإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ، أثير انتباهكم الى أن ملفا للفساد ، مطروح على أنظار محكمة جرائم الأموال بفاس ، بتهم ثقيلة جدا ، المتهم الرئيسي فيه هو رئيس المجلس الجماعي لمدينة مكناس في الفترة بين 2003 و2009 ، والذي تم عزله بقرار من وزير الداخلية ، أربعة أشهر قبل نهاية ولايته .. هل تتذكر هذا الرئيس يا سيادة الرئيس ؟؟ إنه أحد أعضاء حزبك المرموقين ، الذين تجشمت عناء المجيء الى مكناس، أنت وأمانتك العامة للحزب، وفريقك النيابي، ودخلت دخول الفاتحين الى قاعة الإسماعيلية، الهديم ، على أنغام وصخب الغيطة العيساوية ، لتستنكر قرار وزير الداخلية ، ولتعلن الغضب والتضامن مع رئيسكم المخلوع ( أ . ب ) ، والذي لم تقل فيه العدالة كلمتها ، الى اليوم ... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فهل ستبدأ به ؟؟ أم أنك ستبحث عن ملف بديل وجديد لمعارض ، مهما كانت التهم، أخف من تهم صاحبنا ؟؟