تتضمن 5 أوراش كبرى ستحدث تغييرا جذريا في هياكل الوظيفة العمومية وطرق تدبيرها تتطلب ترسانة قانونية لا تقل عن 9 نصوص تشريعية و13 نصا تنظيميا إصلاح شمولي يتكامل مع مراجعة منظومة الأجور ورقمنة تدبير الموارد البشرية وتحفيز الكفاءات بعد بضعة أشهر على تقديمه للرؤية الاستراتيجية للنموذج الجديد للإدارة، منتصف مارس الماضي، عاد الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية محمد بنعبد القادر ليكشف أمس الخميس، أمام مجلس الحكومة، عن خطته التنفيذية لتنزيل الرؤية الإصلاحية لمراجعة منظومة الوظيفة العمومية. هذا الإصلاح الذي ظل رهن التأجيل لعدة ولايات حكومية، يعد أول خطوة جريئة لمراجعة شمولية للنظام الأساسي للوظيفة العمومية الذي لم يطرأ عليه تغيير جذري منذ 1958. وحسب الخطوط العريضة التي قدمها بنعبد القادر، أمس، سيحتاج تنزيل هذا المخطط مجهودا استثنائيا لإخراج ترسانة قانونية ضخمة لا تقل عن 9 نصوص تشريعية و13نصا تنظيميا في مساحة زمنية ضيقة لا تتعدى السنتين ونيف التي بقيت من عمر الحكومة. وتنهل هذه الخطة من 3 مرجعيات أساسية على رأسها التوجيهات الملكية التي تضمنتها الخطب السامية الأخيرة، والتي حث خلالها عاهل البلاد على إرساء نموذج تنموي جديد، ووضع مفهوم الخدمة العمومية في صلب هذا النموذج واعتماد الكفاءة والفعالية في تدبير الموارد البشرية والانتقال إلى نموذج جديد للوظيفة العمومية مبني على تدبير الكفاءات مع بلورة أفكار متقدمة بشأن التدبير العمومي الناجع، المتشبع بثقافة التعاقد، بالإضافة إلى ما تضمنه الدستور بشأن ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق، وكذا ما وعدت به الحكومة في برنامجها الخماسي بشأن مراجعة منظومة الوظيفة العمومية ووضع سياسة عمومية مندمجة لتدبير حديث للموارد البشرية ومراجعة منظومة التعيين في مناصب المسؤولية وفي المناصب العليا وفقا للمقتضيات الدستورية. وسيرتكز إصلاح منظومة الوظيفة العمومية على 3 أعمدة تتلخص في تثمين الكفاءات ومهننة التدبير وملاءمة بيئة العمل. وبذلك تقضي هذه الخطة التنفيذية بالاشتغال، بشكل متواز، على خمسة محاور، على رأسها اعتماد التدبير بالكفاءات والعمل على استقطاب هذه الأخيرة عبر آليات محددة مع تعزيز وتقنين التكوين المستمر، وذلك من أجل الانتقال المتدرج، من نموذج للوظيفة العمومية قائم على تدبير المسارات، إلى نموذج جديد مبني على تدبير الكفاءات، ولتحقيق هذا الهدف ستقوم الوزارة الوصية خلال شهر نونبر القادم بإعداد مشروع مرسوم يتعلق بنظام الوظائف والدلائل المرجعية للوظائف والكفاءات، تليه في دجنبر 2019 مراجعة المرسوم المتعلق بتنظيم البنيات والهياكل الإدارية، على أن يعقبه خلال منتصف العام القادم مشروع مرسوم يتعلق بالولوج إلى الوظائف العمومية وآخر يحدد قواعد تقييم أداء الموظف والتكوين المستمر. وتتلخص إعادة هيكلة الوظيفة العمومية العليا في مراجعة نظام الولوج إلى هذا النوع من الوظائف وتعزيز الأدوار القيادية للوظيفة العليا، بالإضافة إلى اعتماد التقييم بناء على التدبير التعاقدي، وهو ما سيقتضي مراجعة كل من القانون التنظيمي المتعلق بالمناصب العليا والمرسوم المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، قبل متم العام الجاري، قبل أن تباشر الحكومة خلال أبريل من السنة القادمة مراجعة كل من مرسوم الكتاب العامين للوزارات والمرسوم المتعلق بالمفتشيات العامة وكذا الذي يهم مديري الإدارات المركزية، بالإضافة إلى إعداد مشروع مرسوم يتعلق بنظام تقييم أداء شاغلي هذه المناصب العليا. أما على مستوى ملاءمة مهام الوظيفة العمومية مع سياسة اللاتمركز فسيتعين على الحكومة نهج سياسة خاصة عند اعتماد التوظيف الجهوي للموارد البشرية، وتفعيل نظام الحركية والتحفيز عليها مع ضرورة إعادة تحديد مهام الوظيفة العمومية المركزية، ومن أجل ذلك ستعمل وزارة بنعبد القادر خلال ما تبقى من الولاية الحكومية، على إعداد مشروع قانون يحدد كيفيات تدبير المناصب المخصصة للتوظيف والحصيص على المستوى الجهوي ومشروع آخر يقنن نظام الحركية، بالإضافة إلى مراجعة المرسوم المتعلق بتنظيم البنيات والهياكل الإدارية. ولمراجعة بنية الوظيفة العمومية سيكون من الضروري ترتيب وتصنيف الهيئات حسب المستويات ودمج بعض الأنظمة الأساسية مع إرساء مسالك مهنية وظيفية، وهو ما يقتضي إعداد مشروع مرسومين يتعلق أحدهما بتصنيف الوظائف ودمج الأنظمة الأساسية وينظم الآخر المسارات المهنية، وهما المشروعان المبرمجان في منتصف 2021. ويشكل التحفيز وتحسين بيئة الاشتغال أهم المحاور التي سيتم اعتمادها عند تنزيل المخطط، من خلال دعم الحماية الاجتماعية للموظف عبر إعداد حزمة من القوانين المتعلقة بإحداث وتنظيم مؤسسة مشتركة للنهوض بالأعمال الاجتماعية لموظفي الإدارات العمومية وقانون يتعلق بالرخص، وآخر يتعلق بالحوادث والأمراض المهنية وآخر يتعلق بالصحة والسلامة المهنيتين والوقاية من الأخطار في العمل . ولتخليق الوظيفة العمومية وتعزيز أدوار الهيئات الاستشارية بالوظيفة العمومية، يتضمن المخطط إنجاز دراسة تتعلق بتدبير الزمن الإداري بالإدارة العمومية وإعداد مدونة أخلاقيات الموظف سيؤطرها مشروع مرسوم خاص بها. وفي نفس الاتجاه ستعمل الحكومة على وضع تصور لإصلاح المجلس الأعلى للوظيفة العمومية ومراجعة نظام تدبير اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء ما يقتضي إعداد مشروع قانون ومشروع مرسوم في شأن المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، ومراجعة المرسوم المتعلق باللجان الإدارية المتساوية الأعضاء. ويرتقب أن تتكامل مختلف هذه الأوراش مع أخرى لاتقل أهمية، ومن ضمنها أساسا، تطوير النظام المعلوماتي المشترك لتدبير الموارد البشرية ومراجعة منظومة الأجور واعتماد مقاربة النوع.