الأخبار المصاحبة لانتخاب رؤساء الجماعات التي تم عزل رؤسائها من طرف وزارة الداخلية، تثير العديد من الشكوك وعلامات الاستفهام حول مصداقية ونزاهة هذه العملية الانتخابية، إذ تحول هذا الإجراء إلى سوق للمضاربة والبيع والشراء من أجل استقطاب أصوات الناخبين الكبار على مرمى ومسمع من الجميع، بل لم تتوان بعض الجهات في اختطاف المستشارين وفرض حصار عليهم بعيدا عن أعين الخصوم حتى لا تتم استمالتهم بالطرق المعهودة التي أطرت الانتخابات في المغرب في العهد البائد. كل ذلك يأتي في ظل البلاغ الصادر عن اللجنة المركزية لتتبع الانتخابات، والتي يترأسها وزيرا الداخلية والعدل والحريات، والتي حسب ذات البلاغ سيتم أيضا معها تفعيل اللجن الاقليمية لتتبع الانتخابات على الصعيد الترابي، في كل من عمالة وإقليم وتضم في عضويتها الوالي بالاضافة إلى لجان جهوية عهد إليها بمواكبة أشغال اللجن الاقليمية على صعيد كل جهة، لكن رغم كل هذه الشعارات الحكومية، ورغم أن الدائرة الانتخابية محدودة، وكان بإمكان الجهاز التنفيذ لما يتمتع به من صلاحيات وإمكانيات أن يحول هذا الاستحقاق إلى عرس ديمقراطي مؤطت بالنزاهة والشفافية و»المعقول« كما يردد رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران دائما. لكن يبدو أن هذ الشعار انكسر أمام واقع الفساد والإفساد، فالمعلومات الأولية تشير إلى أن النتائج لم تفرزها التحالفات والاصطفافات الحزبية بقدر ما أنتجتها اللوبيات والمركب الإصلاحي، في تحد سافر لكل الخطابات الحكومية المستهلكة وهو ما بدا واضحا وبشكل كبير في الجماعات التي يمكن تصنيفها في خانة الجماعات الثرية. متتبعون يرون أن المؤشرات الأولية لا تدعو إلى طمأنة الناخب المغربي، خاصة الذي دأب على العزوف عن هذا الواجب الوطني والحق الدستوري من أجل الانخراط غدا في الاستحقاقات التي ستشهدها بلادنا في الشهور المقبلة. ويتساءل آخرون: كيف لحكومة رفعت شعار محاربة الفساد والإفساد، ولم تستطع أن تبلور سياستها في هذا الباب في استحقاقات جزئية، سواء في الانتخابات التشريعية الجزئية التي مت في عهد بنكيران أو في هذه الاستحقاقات التي تمت بعد عزل العديد من رؤساء الجماعات، أن تتمكن من تأمين انتخابات محلية وإقليمية وجهوية ووطنية، على امتداد التراب الوطني؟ وهي تخوفات منطقية تستمد قوتها من الواقع العملي، وهو ما تعجز حكومة بنكيران عن الجواب عليه ومهما كانت تبريراتها الواهية في هذا الباب، فالمغاربة قديما أجابوا عن ذلك حينما رددوا المثل الشعبي القائل: النهار الزين يبان من صباحو«.