صدر حديثا كتاب «الحرية في الفكر العربي المعاصر» عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو خلاصة بحوث مختارة من أوراق المؤتمر السنوي الخامس للعلوم الاجتماعية والإنسانية الذي نظمه المركز في الدوحة خلال الفترة من 12 إلى 14 مارس 2016. وتناول المؤلفون مفهوم الحرية وقضايا الفكر العربي منذ انطلاق النهضة العربية الحديثة وحتى الآن، وعالجوا الإشكالات التي تحيط بمفهوم الحرية، وطريقة مقاربة وإعادة صوغه بما يجيب على أسئلة التقدم والتنمية والحداثة في المجتمعات العربية، وكذلك علاقة مفهوم الحرية بالليبرالية والحرية الدينية والإبداع الفكري والمشروعية السياسية والدستورية، والتحرر الوطني وقضايا المرأة. وافتتح فهمي جدعان بكلمة عن «الاستبداد»، مذكرا بإرث الوطنية العربية التاريخي المستمد من استبداد ذي مرجعية مدنية أو علمانية، أو استبداد مستند على فقهاء حرموا الخروج على الحاكم. ويتألف الكتاب الجديد من 872 صفحة، تشمل المقدمة والافتتاحية و25 فصلا، وتضمنت أوراقه مشاركات علي مبروك وشمس الكيلاني والمنجي السرياني وعبد الرزاق بلعقروز ورجا بهلول ومهند مصطفى وعبد اللطيف المتدين، إضافة لعبد الوهاب الأفندي ومحمد أوريا وثناء فؤاد ومعتز الخطيب وسعيد أقيور ومحاسن عبد الجليل وسهيل الحبيب وأحمد مفلح وفريدريك معتوق. وشارك كذلك في فصول الكتاب الذي توزعت مضامينه على ثمانية فصول، كل من علي مُولي وشاكر الحوكي ونابي بوعلي ومحمد مريني وعبد الحق هقي ومحمد الحاج محمد وسامية إدريس وخالد العسري وإبراهيم بوتشيش. في القسم الأول «سؤال الحرية في فكر النهضة وفي الإنتاج الفكري والفلسفي العربي المعاصر»، تناول علي مبروك وشمس الدين الكيلاني والمنجي السرباجي مسألة الشريعة كأداة للتحرر وتقييد السلطة عند مفكري النهضة. وفي القسم الثاني، حرية الفرد وسياسات الاعتراف في الفكر العربي المعاصر، تناول رجا بهلول الحرية ومعوقات الفعل ببحث «التأسيس لمفهوم ليبرالي للحرية في الفكر العربي»، مساهما في التأسيس الليبرالي للحرية في الفكر العربي الإسلامي المعاصر، ومقارنا بين عناصر المفهوم الليبرالي للحرية عند المفكرين العرب ونظرائهم الغربيين. وفي القسم الثالث، الليبرالية في مقاربات الفكر العربي الحديث للحرية، تناول عبد الوهاب الأفندي اقتصادات الحرية والتحرّر في صراعات الحداثة العربية، مفترضا أن مفهوم الحرية والممارسات المتعلقة به هو مفهوم حديث مصدره الغرب، وتلاه محمد أوريا الذي اقترب من الحرية في الفكر والممارسة العربيين من المنظور الرولزي للعدالة الاجتماعية كإنصاف. وفي القسم الرابع، الحرية الدينية وحرية المعتقد، افتتح معتز الخطيب الفصل الأول بالحديث عن الحرية الدينية وقتل المرتد، مطالبا بإعادة التفكير في الاجتهاد الفقهي، وسلط الضوء على حدّ الردّة. وفي القسم الخامس، أزمة فكر الحرية في البلاد العربية، تناول سهيل الحبيب أزمة الفكر الأيديولوجي العربي في استيعاب الأنموذج الممكن تاريخيا لدولة الحريات الحديثة في البلاد العربية، وتناول أحمد مفلح قضية غياب الحرية في «عالم الفكر» العربي. في القسم السادس، نماذج معاصرة من مقاربات الحرية، قدم علي الصالح موُلي مقاربة نقدية لتناول راشد الغنوشي لمسألة الحرية، معتبرا الحرية لدى رئيس حركة النهضة مستندة لمقدّمات نظرية بشأن أصل الخلق ووظيفة العمران ومسؤولية الإنسان في الإسلام في إطار منطق التعارض مع فلسفات الغرب ومبادئه. في القسم السابع، الحرية وفضاءات الإنتاج الفكري والإبداعي، تناول محمد مريني الحرية وسياسات الرقابة على وسائط الاتصال في الفكر العربي الحديث، من وجهة نظر الخصوصية العربية المحلية المتعلقة بمجريات التحول في الوطن العربي، وكذلك المتعلقة بأبعادها الكونية على اعتبار أن وسائط الاتصال تعدّ أحد أهم المحركات للعولمة وللتغيير العالمي. أما في القسم الثامن والأخير، أسئلة المشروعية السياسية والدستورانية والتحرّر الوطني وحرية المرأة، فدرس محمد الحاج محمد دلالة مقصد الحرية على المشروعية السياسية في الإسلام بمعنى الأحقية في الحكم، بينما تناولت سامية إدريس خطاب الحرية والتحرر في السياق الكولونيالي، مستشهدة بحالة الجزائر باحثة في العلاقة بين تصور الحرية في خطابات الحركة الوطنية الجزائرية والهيمنة الثقافية الفرنسية في السياق الكولونيالي.