استعرض عبد المولى عبد المومني، رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية ورئيس الاتحاد الإفريقي للتعاضد، يوم الثلاثاء الماضي بالجزائر العاصمة، أوجه نجاح التجربة المغربية في مجال تحصيل انخراطات الضمان الاجتماعي، وما حققته من إنجازات. وأبرز عبد المومني، خلال ورشة عمل إقليمية تنظمها أكاديمية الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي، ما بين 16 و18 يوليوز الجاري، حول موضوع «تحصيل الانخراطات والامتثال»، بمشاركة ممثلي تعاضديات شمال إفريقيا، من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا إلى جانب تعاضديات من كوت ديفوار وبورندي وبينين، أن التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، التي تعد أكبر تعاضدية في المغرب وفي إفريقيا، استطاعت تحقيق نسبة تقارب 95 في المئة على مستوى تحصيل الانخراطات. وأضاف عبد المومني في عرض بعنوان «دور التحصيل في استدامة نظام الضمان الاجتماعي والتعاضد، نموذج التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية»، معزز بالإحصائيات والرسوم البيانية، أن التعاضدية العامة تمكنت من تحقيق هذا الانجاز، وتسهيل عملية التحصيل بالرغم من صعوبتها، من خلال تقريب الخدمات الصحية والاجتماعية من المنخرطين، واعتماد الجهوية، فضلا عن عقد شراكات، وإحداث وحدات متنقلة، وإبرام اتفاقات مع الشركاء الرئيسيين. وأبرز عبد المومني، الذي يتولى أيضا منصب نائب رئيس الاتحاد العالمي للتعاضد، عن إفريقيا والشرق الأوسط، أن كل تلك العوامل أدت إلى ارتفاع موارد التعاضدية، التي تضاعفت ما بين سنتي 2008 و2018، وذلك بفضل سياسة جذابة من أجل الرفع من عدد الانخراطات الجديدة، ومراجعة معدلات الانخراط، وإعادة تنظيم وتحديث نظام التحصيل. وأشار على سبيل المثال إلى أن الجهود المبذولة على مستوى الوحدة المكلفة بالتحصيل مكنت خلال سنة 2018، من تحصيل 39 في المئة من الانخراطات المتأخرة المتراكمة برسم سنوات سابقة. وأضاف أن الجهود المبذولة على مستوى نشاط التحصيل وارتفاع الموارد أتاحا تنويع الخدمات وتقديم خدمات إضافية لفائدة المنخرطين في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، حيث رأت النور خدمة «الشامل» في فاتح نونبر 2018، موضحا أن الأمر يتعلق بمجموعة تقدمها التعاضدية كباقة خدمات تكميلية. وأبرز عبد المومني أن التجربة الطويلة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ولاسيما على مستوى تطور التحصيل على مر السنوات، تعكس الرغبة في إعادة الهيكلة والتحديث من خلال إعطاء هذا المجال الأولوية على مستوى التخطيط الاستراتيجي السنوي، مشيرا إلى أن الخطط الاستراتيجية المعتمدة كرست مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تأهيل وتعزيز عملية التحصيل من خلال تعزيز الامتثال وتقوية الفعالية ودعم دور الجهة. وتطرق في هذا السياق إلى إرساء سياسة عقد اتفاقيات مع عدد من الشركاء، فضلا عن اتخاذ تدابير تهدف إلى تحسين الأنشطة بما في ذلك اعتماد دينامية تنظيمية جديدة وتعزيز الموارد البشرية ورقمنة التبادل مع الهيئات المنخرطة من أجل تدبير أكثر نجاعة. وأبرز أن تحصيل الانخراطات واحترام الالتزامات الاجتماعية يلعب دورا حاسما في قدرة نظام الاحتياط الاجتماعي برمته والتغطية الصحية، وتحديدا التعاضديات، على ضمان الاستمرارية المالية، معتبرا أن الأداء التام للانخراطات في وقتها، من قبل المؤمنين بأنفسهم أو من يقوم مقامهم، ضروري من أجل تمكينهم من الاستفادة من الخدمات التي لهم الحق في الحصول عليها. وأشار إلى أنه على الرغم من مختلف الإجراءات المتخذة، وفضلا عن الاستعداد والالتزام بتحسين مهمة التحصيل وتعزيزها داخل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، لا تزال هناك تحديات يتعين التغلب عليها، من أجل تحسين عمليات التحصيل. واعتبر عبد المومني أن استمرارية التعاضديات تبقى رهينة بالأساس بمستوى مواردها، وبمستوى الخدمات التي تلتزم بتقديمها لمنخرطيها، مشيرا إلى أن عدم الامتثال والتهرب من أداء الانخراطات تكون له انعكاسات على جودة الخدمات المقدمة وكذا على الشرعية المالية والاجتماعية لأنظمة التعاضد. وقدم لمحة تاريخية عن التعاضد في المغرب وخاصة أهم المحطات التي شكلت مراحل تطور التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، مشيرا إلى أن التحصيل يحتل أهمية جوهرية داخل هذه التعاضدية، باعتباره من بين الحلقات الأساسية للموارد التي تضمن التوازن المالي واستمرارية المؤسسة. وتطرق من جانب آخر إلى فئات المنخرطين بحسب مجالات عملهم ونوعية الخدمات المباشرة وغير المباشرة التي تقدمها لهم التعاضدية. ومن جهة أخرى، أبرز عبد المومني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، حرص المغرب على تبادل التجارب والخبرات مع الدول الإفريقية، طبقا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، مبرزا أن التجربة المغربية في مجال تحصيل انخراطات الضمان الاجتماعي حظيت باستحسان كبير، خلال هذه الورشة، وخاصة من قبل التعاضديات الإفريقية التي ترغب في الاستفادة منها. وأشار بخصوص موضوع الورشة إلى أن اعتماد الديمقراطية التشاركية وعقد الشراكات مع السلطات وجعل المنخرطين ممثلين داخل أجهزة التعاضدية، كلها عوامل تساعد على تسهيل تحصيل الانخراطات وتداول المعطيات بيسر، مما يزيد من شعور المنخرط بالمسؤولية، من أجل المساهمة في كافة المراحل بدءا من تحصيل الانخراطات وصولا إلى تقديم الخدمات. وتجدر الإشارة إلى أن ورشة العمل حول «تحصيل الانخراطات والامتثال»، تستهدف دراسة كيفية وضع وتطبيق وتجديد استراتيجية تحصيل الانخراطات في التعاضديات وخاصة في المنطقة الإفريقية، وذلك في أفق تقديم دعم ملموس وتطبيقي لإدارات تعاضديات الضمان الاجتماعي. وتسعى هذه الورشة، حسب الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي، بالخصوص، إلى تشجيع الممارسات المثلى في مجال تحصيل الانخراطات، وسبل دعم المؤسسات في إجراءات التحصيل والامتثال، فضلا عن تبادل التجارب والخبرات بين التعاضديات.