ضمن نص مسرحي قوي، هبت عليه نسمات بلاد الأندلس، وامتزجت بعبقه الأخاذ روح المغرب الأصيل، واحتضنته رحاب الكويت بحب جارف وهو الأصل الفريد، والذي أنتجته الكاتبة المسرحية والأديبة العربية هيفاء السنعوسي بسخاء، والتي نسجت خيوطه وفصوله بشكل من التميز والإتقان حتى يعيشه المتلقي العاشق للمسرح الولهان: "حكاية المعتمد بن عباد وسقوط عرشه"، أو بصيغة أخرى يعيش فصول مسرحية "ويسقط العرش" التي اشتغلت عليها السنعوسي عامين من الكتابة، وقدمها طاقم فني وتقني كويتي مغربي مشترك، ولعب دورها الواحد والرئيس الممثل الوجدي المتألق عبد الحق لفطس في أول تجربة وعمل مسرحي مونودرامي من خارج المغرب... اعتبر الفنان المسرحي عبد الحق لفطس المعروف ب "غريب"، هذه التجربة الفنية الجديدة، ب"النقلة" المهمة في تاريخه الشخصي ومساره المسرحي المليء بالأعمال الفنية الجيدة والهادفة، وهي تجربة حديثة استفاد منها الشيء الكثير، وأضاف أنه مدين من خلال هذا العمل المسرحي والفني المشترك، للأديبة الكويتية هيفاء السنعوسي وللدكتور مصطفى الرمضاني، اللذين وضعا الثقة الكاملة والمسؤولية الكبرى على عاتقه، وأشار لفطس بالمناسبة أن "هذه التجربة الفنية كانت بالنسبة له مهمة للغاية، وتعد في نفس الوقت تكليف قبل أن تكون تشريف له شخصيا وللمسرح المغربي المعروف عند إخواننا الخليجيين بالتميز والجدة". تفتقت هذه التجربة المشتركة، عن نص مسرحي للمؤلفة والمخرجة هيفاء السنعوسي عضو هيئة التدريس بجامعة الكويت، التي اقترحت فكرة النص المسرحي "ويسقط العرش" على ممثل مغربي يقوم بالدور الواحد والرئيس في المسرحية من غير أي ممثل آخر، واتصلت الأديبة الكويتية العاشقة للمغرب، بأستاذة جامعية تدرس بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان تخبرها عن العمل المسرحي، وحبذت هذه الأخيرة الفكرة، واقترحتها بدورها على الكاتب المسرحي الدكتور مصطفى الرمضاني الذي أعجب بالفكرة أيضا، واختار الممثل عبد الحق لفطس للعب هذا الدور باستشارة مع عدد من المهتمين بالمسرح. "ويسقط العرش" مسرحية كويتية مغربية مشتركة، مكتوبة باللغة العربية الفصحى بشكل سلس ومفهوم، وتتضمن شذرات شعرية من قصائد مختارة لكبار شعراء الأندلس المشهورين بقصائد وأشعار الحب والعشق والمنفى، تأليف الكاتبة الكويتية هيفاء السنعوسي عن حكاية المعتمد بن عباد ملك اشبيلية عصر ملوك الطوائف في سجنه بأغمات ناحية مراكش، والذي زج به ونفاه يوسف ابن تاشفين السلطان المرابطي آنذاك، وتطلب هذا العمل المسرحي التاريخي الذي حمل إسقاطات سياسية واجتماعية ونفسية متباينة نعايشها الآن في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، عامين من الكتابة من طرف الأديبة، بينما قدم النص المسرحي في نصف ساعة من الزمن فقط على ركح "قاعة كبار الزوار" بالعاصمة الكويت، ولقي هذا العرض حضورا جماهيريا منقطع النظر، حتى اضطر بعضهم متابعة المسرحية واقفا، وهو العرض الوحيد الذي حج إليه عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين من غير العروض الأخرى التي برمجت في إطار الأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض الدولي للكتاب، وضمن أنشطة المقهى الثقافي بالكويت، والذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وذلك بحضور سفير المملكة المغربية بالكويت وبدر فيصل الدويش الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بمجلس دولة الكويت. زيارة لم تخل من عاملي التألق والبروز، بحيث كان للممثل المغربي عبد الحق لفطس تدريب أكاديمي قام بتأطيره شخصيا لفائدة طلبة جامعة الكويت حول تقنيات المسرح الارتجالي، ونال هذا التدريب الصدى الطيب عند الطلبة الكويتيين، ولقي التجاوب المستمر والمهم، وكذا التواصل المغربي الخليجي في شقه الثقافي والفني، وكان "غريب" سفيرا فوق العادة للمسرح المغربي من جهة، وممثلا للدبلوماسية الموازية بإحدى دول الخليج من جهة ثانية، وهي تجربة أخرى تنضاف لريبيرطوار الفنان المتألق الذي برع في أداء دوره المونودرامي باقتدار في مسرحية "ويسقط العرش"، وتأطيره الوازن والمتزن لورشة الارتجال المسرحي.. مسرحية "نبض الأندلس حكاية المعتمد بن عباد وسقوط عرشه" أو "ويسقط العرش" الذي قدمه نادي الفكر والإبداع بالكويت، وقام بإنجازه للجمهور الكويتي والعربي عموما، طاقم فني وتقني محترف، بالإضافة للكتابة الرصينة والإخراج المتميز التي تكلفت بهما الكاتبة المسرحية هيفاء السنعوسي، وقام بدور المعتمد الممثل المغربي المتألق عبد الحق لفطس (غريب)، رافقهما كل من: رضوان رياض البركاني كمنشد مبدع من تطوان، ورزان أحمد العودة في إنجاز الديكور والأزياء، وأسماء وليد العنزي في دور الراوية، وحسن السعيدي في دور العازف من وجدة، أما "صوت يوسف بن تاشفين" أداه الممثل والمخرج المقتدر محمد بنجدي من وجدة كذلك. للتذكير فقط، أن مسرحية "ويسقط العرش" ستعرض يوم 08 يناير 2015 المقبل بين أسوار جامعة عبد الملك السعدي بتطوان في ثاني عرض لها بعد جولة الكويت، وتفكر الجهة المشرفة على العمل المسرحي التاريخي الجاد في عرض ثالث بإشبيلية، وبالتحديد في قصر المعتمد بن عباد إذا أتيحت الفرصة لذلك.