عرفت ظاهرة تزويج القاصرات استمرارا ملحوظا السنة المنصرمة رغم الترسانة القانونية ومدونة الأسرة ، وبحسب التقرير السنوي للنيابة العامة المعمم حول أنشطتها وتدخلاتها في صيغتها الجديدة، فقد تدخلت النيابة العامة بأزيد من 12 ألف ملتمس رفض لزواج القاصرين في حين قبلت ب18 ألف ملتمس وطالبت بإعمال القانون في أزيد من 3 آلاف حالة ومثل الرفض نسبة 36 في المائة من طلبات تزويج القاصرين . وقامت النيابة العامة طبقا للأدوار المخولة لها صراحة، بموجب المادة 3 من مدونة الأسرة، بالبت في كل القضايا ذات الصلة بتطبيق نصوص المدونة والصلاحيات التي أنيطت بها في قضايا الحالة المدنية وكفالة الأطفال المهملين وحماية الأزواج المطرودين من بيت الزوجية، وحماية النساء والأطفال.. وفي هدا الصدد تدخلت النيابة العامة فيما يصل الى 167236 إجراء قضائيا متنوعا ضمنها إرجاع 7913 زوجا مطرودا إلى بيت الزوجية. وكان رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي قد عمم إلى أعضاء النيابة العامة دورية ينبههم فيها إلى ضرورة الحرص على مراعاة المصلحة الفضلى للقاصرين بمناسبة تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة في ما يتعلق بزواج القاصرين، والتماس إجراء أبحاث اجتماعية للتأكد من أسباب هذا الزواج متوقفا عند الدعوة إلى طلب الإذن بالزواج ومن وجود مصلحة للقاصر. ويتأتى هذا الموقف انطلاقا من فلسفة المشرع من وراء إخضاع زواج القاصرين لإذن قضائي خاص وربطه بعدة شروط. كما يأتي من كون مصلحة القاصرين الفضلى تدعو إلى تواجدهم بمقاعد الدراسة خلال سن القصور بدل تحمل تبعات الزواج ومسؤولية الأسرة. وبالنظر لطبيعة قضايا الأسرة، التي ترتبط ارتباطا وثيقا بما سبق، فإن أدوار النيابة العامة أمام قضاء الأسرة، تتغير بالنظام العام الأسري. واستنادا بين كونها مدعية أو مدعى عليها أو حاضرة في الدعاوى الرائجة، وتسعى النيابة العامة إلى استثمار صفتها كطرف أصلي في قضايا الأسرة، للمساهمة في إيصال الحقوق لأصحابها داخل آجال معقولة وضمان التطبيق السليم للقانون، عبر تقديم الملتمسات والمستنتجات الكتابية المرتكزة على قواعد قانونية واجتهادات قضائية.