1 – الاتحاد الاشتراكي ليس قفزة في فراغ من نافل القول، التأكيد على أن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المقررعقده يوم السبت 29 يونيو 2019 ، لا يشكل قطيعة مع المجلس الوطني السابق ( 29 شتنبر 2018 ) بل يشكل استمرارا ، تكريسا وتجذيرا ، إغناءً وتطويرا، تفعيلا لخارطة الطريق التي رسمها، وقوفا على ما أنجز واستشرافا لما سينجز، قراءة للمستجدات الوطنية والدولية، وتثمينا للدينامية التنظيمية، السياسية والفكرية التي انخرط فيها الاتحاد الاشتراكي في زمن ما بين المجلسين الوطنيين … ارتأينا في هذا المقال، أن نذكر بأشغال المجلس الوطني السابق، وأن نقف عند محاور التقرير السياسي الذي قدمه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، والاقتراحات التي تضمنها والتي فعل منها الكثير، سياسيا واجتماعيا وتنظيميا …إذن هو تذكير لابد منه … 2 – الاتحاد الاشتراكي قوة دفع تقدمية اتسمت أشغال المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي في دورته الأخيرة ( 29 شتنبر 2018 )، بمقاربة عميقة للتحديات التي تواجهها البلاد، كما تميزت برؤية رصينة للرهانات التي تسائلها، وبمسؤولية وطنية لدور القوى الوطنية، الديمقراطية ، التقدمية، وفي صدارتها الاتحاد الاشتراكي، في اختراق جدار التحديات القائمة، واقتحام فضاء الرهانات الماثلة . ولئن تميزت مداولات المجلس الوطني بتحليل دقيق لأوضاع البلاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ، وباستحضار واع للأولويات الوطنية، تفاعلا مع نبض الشارع، وتجاوبا مع المبادئ والقيم التي تحكم نضال الاتحاد الاشتراكي عبر مساره الطويل، باعتباره قوة دفع تقدمية ، يسارية اجتماعية – ديمقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع، والمساهمة في رسم خطوط المستقبل، ومناط تحول في المجالات كافة، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية …لئن اتسمت مداولات المجلس الوطني السابق بكل ما تستحقه أوضاع البلاد من جدية متناهية في التحليل، ومسؤولية عالية في التوجه، فلأن التقريرالسياسي الذي تقدم به الكاتب الأول للحزب أمام المجلس الوطني، وضع أعضاء الحزب وأنصاره وجماهيره أمام التحديات العظام التي تواجهها البلاد على كافة الأصعدة ، السياسية والاجتماعية والمؤسساتية، كما وضعهم في صلب المسؤوليات الوطنية والتاريخية التي تطرحها عليهم دقة الظرف الوطني، ومأزومية الحال الاجتماعي، وتهافتات الحقل الحزبي الوطني . وإذا كان الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر، ومناط تطوير وتحديث في المستقبل، فإن قدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة، ومؤهلاته النضالية والميدانية، لتجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها ، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب . 3 – الاتحاد الاشتراكي هو القوة المجتمعية الأكثر فعالية إن الاتحاد الاشتراكي هو القوة المجتمعية الأكثر انفتاحا وتأهلا للمساهمة بفعالية، في إنجاز الأوراش الإصلاحية ، على قاعدة الجدلية الحية القائمة بين الإصلاح والاستقرار ، في إطار مجتمع متماسك ، متضامن ومتطور… وتندرج في هذا السياق، الذي تحكمه إرادة المبادرة، لا انهزامية الانكفاء ، جملة من الاقتراحات التي تضمنها التقرير السياسي للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي في المجلس الوطني السابق ، في مجالات حيوية لصيقة بمعيش أفراد الشعب، سواء في المجال الاجتماعي أو السياسي والمؤسساتي … ولسنا في حاجة إلى تذكير دعاة التشكيك في القدرة اللامحدودة للاتحاد الاشتراكي على احتواء وتجاوز كل الكبوات النضالية، عبر مساره النضالي الطويل، وعلى كفاءته العالية في التكيف الإيجابي والمنتج ، مع حقائق البلاد ، ومع مستجدات محيطها القريب والبعيد .. 4 – الاتحاد الاشتراكي يجد نفسه في الخيارات الاستراتيجية لجلالة الملك ورد في التقرير السياسي للكاتب الأول ذ ادريس لشكر أمام المجلس الوطني الأخير ( نعقد مجلسنا الوطني، في ظرفية الدخول السياسي والاجتماعي، وهي ظرفية تتميز – هذه السنة – بانتظارات كبيرة، ليس بالنسبة لقانون المالية ، فحسب، ولكن أيضا بالنسبة لقضايا أخرى كانت ومازالت تحتل مكانة متميزة في انشغالات المغاربة ، مثل التربية ،التعليم ،الصحة ،التشغيل ،السكن ،النقل ، أي كل المجالات الاجتماعية، التي أصبحت تتصدر سلم الأوليات بسبب تراكم الخصاص، الذي تضاعف في السنوات الأخيرة، دون أن ينال ما يستحقه من اهتمام بالغ وضروري . وهنا، لا بد أن نستحضر الخطب الملكية التي تطرقت لهذا الوضع الاجتماعي المتفاقم، وإلى المشاكل المتراكمة أيضا في مجالات الاستثمار والإدارة وغيرها من الاختلالات المسجلة في العديد من المجالات …) إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يجد نفسه في الخيارات الاستراتيجية والتوجهات السياسية والإصلاحات الهيكلية، التي يبشر بها جلالة الملك ويحث عليها في كل مناسبة وحين، بل وينكب على الإشراف على أجرأة الكثير منها.. 5 – لا جدوى من تنظيم غير متجذر في المجتمع إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية ، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد، عبر مراهنتها المتبصرة، السياسية والتنظيمية، على دور الشباب ، ودور المرأة ، ودور الأطر الوطنية ، ودور القُوى المنتجة في البلاد في استيعاب التحولات الإنتاجية الجارية ، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة.. جاء في التقرير السياسي للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أمام المجلس الوطني السابق ؛ ( فيما يتعلق بالتجذر القوي في المجتمع ، فلا حاجة للتذكير بأن التنظيم لا جدوى منه ما لم يكن متجذرا في نسيج المجتمع، وما لم يكن أطر الحزب ومناضلوه حاضرين في الواجهات الجمعوية، ومؤطرين للحركات الاجتماعية ، وعلى اتصال دائم بالناخبين والسكان وعموم المواطنين ، في مواقع عملهم وسكناهم . لذلك، فإن خارطة الطريق لعودة حزبنا بقوة للمجتمع، بمزيد من التجذر والحيوية ، لابد أن يتم الإعداد لهاعلى مستوى المؤتمرات الجهوية والإقليمية، حسب خصوصيات كل جهة أو إقليم ، وذلك بما يضمن شروط القرب والجدوى والفعالية . وفي هذا الاتجاه، نعتزم عقد منتدى وطني للكفاءات الاتحادية، التي تتحمل المسؤوليات في الجمعيات الوطنية، والمنظمات غير الحكومية، والحركات الاجتماعية، من أجل تشخيص الأوضاع، ورسم آفاق العمل بالنسبة للمرحلة المقبلة …) 6 – رهان الانفتاح على الكفاءات هكذا كان المجلس الوطني الأخير ( 29 – 09 – 2018 )مناسبة، أكد من خلالها الكاتب الأول، على ضرورة النظر إلى أنفسنا وتنظيمنا الحزبي، المحلي ، الإقليمي والجهوي . من هنا دعا جميع أعضاء المجلس الوطني، ومسؤولي التنظيمات الحزبية بالأقاليم والجهات إلى تقوية الحزب تنظيميا – الرصيد الأساسي لحزب القوات الشعبية – إن على مستوى الكم أو الكيف، بالانفتاح على المؤهلات والفعاليات المجتمعية المؤمنة بالمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي ، بعيدا عن كل طموح ذاتي أو مصلحة مادية آنية . على الاتحاديين والاتحاديات، أن ينتفضوا تنظيميا، ويحطموا الأوهام والأصنام، ويكسروا الانغلاق، ليتصالحوا مع الذات ، مع المجتمع،مع الكفاءات والخبرات، مع الأطر الجدية والفاعلية، المسؤولة والمواطنة. على المناضلين الاتحاديين، التواصل الفعال مع المواطنين ، من خلال الإنصات لمشاكلهم وهمومهم، والتعبير عن تطلعاتهم، أي القرب من المواطنين وفي الميدان . والاتحاد الاشتراكي، بتنظيمه المحكم، وبرؤيته الواضحة ، بمصداقية مناضليه، وبانفتاحه على الفعاليات والكفاءات ، لقادرعلى كسب الرهان، والمساهمة في البناء والتنمية . إن الرهان الأساسي المطروح على حزبنا اليوم، مرتبط بقدرته على الانفتاح واستقطاب أطر وكفاءات وطاقات، من شأنها أن ترفع من القيمة المضافة لحزبنا، وأن تجعله قادرا على تقديم مشاريع ملموسة، قادرا على المزج بين الديمقراطية والفعالية، في تصوراته ومقاربته الواقع ورسم آفاق المستقبل . هكذا يكون الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، منسجما ومتجاوبا مع خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة الجمعة 12 أكتوبر 2018 ، الذي أكد أن وجود أحزاب قوية في علاقتها بالجماهير مهم بالنسبة إلى النظام السياسي واستقراره، ولذلك لامحيد أن تعي الأحزاب أهمية هذا الموقع، والدور الموكول إليها القيام به، فلا ينبغي أن تظل مجرد بنية منغلقة وجامدة، بل عليها الانفتاح على الكفاءات والنخب والمفكرين، من أجل تقوية دورها، ومن هذا الموقع، يستمد الخطاب الملكي مشروعيته، في تذكير الأحزاب -غير ما مرة- بدورها، ودعوتها إلى التشبيب، والتكيف مع المتغيرات، وإعادة الهيكلة، وتجديد النخب. وما إعادة تذكير الأحزاب بهذه المهام، إلا تأكيد على موقعها في الحياة السياسية، بما يتطلب منها الانفتاح على الشباب، والكفاءات والأطر، القادرة على إضفاء مفهوم جديد على العمل السياسي، قائم على المواطنة والدفاع عن المصلحة العامة . في هذا الصدد، الحكاية ليست حكاية مزيد من المال وكفى ، مثلما حاول بعض المغرضين الإيهام. إن المسألة استجابة لحاجة ملحة تبدوعلى هاته الأحزاب، وهي لا تتوفر على نخب متخصصة كل في ميدانه ، وتكتفي بجمع بعض من المناضلين داخلها، فيما تنفر منها الطبقات المتعلمة ذات التخصص العالي، لأنها غيرمغرية لا ماديا ولا اجتماعيا ، ما يفترض إعادة النظر حتى في طريقة اشتغال أحزابنا التقليدية ، ومنحها الوسائل الكفيلة بتقريبها من هاته الطاقات ، وتشجيع هاته الأخيرة على تقديم خبراتها لهاته الأحزاب، إنْ من باب الانخراط فيها أو من باب العمل داخلها دون انخراط، مما هو جارٍ في كل أنحاء العالم المتحضر .. 7 – موضوع اشتغال الحزب هو المجتمع يتضمن تقرير الكاتب الأول ذ ادريس لشكر أمام المجلس الوطني السابق، وعيا تنظيميا جديدا ومؤشرات لرؤية سياسية جديدة…ويتسم بالجرأة العالية في إِعمال آلية النقد الذاتي ، والمنهجية الواضحة في رصد مكامن الخلل داخل الجسم الحزبي، وفي رسم معالم الطريق للانفتاح على المواطنين. إنه خلاصة لتجربة، واستشراف لوعي . ومن ملامح هذا الوعي الجديد، اعتماد مقاربة جديدة في بناء الحزب، توسيع دائرة الانخراط النوعي، تجديد العلاقة مع المجتمع ،بأساليب جديدة للتواصل مع المواطنين، وتوسيع المشاركة السياسية …من هنا يروم برنامج العمل، كما جاء في تقريرالكاتب الأول، على المستوى التنظيمي تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة : أولها الانبعاث التنظيمي الجديد، وثانيها العودة القوية إلى المجتمع، وأخيرا تعزيز التموقع في المؤسسات . يقول ذ ادريس لشكر : ( …فيما يتعلق بالتجذر القوي في المجتمع، فلا حاجة للتذكير بأن التنظيم، لا جدوى منه ما لم يكن متجذرا في نسيج المجتمع، وما لم يكن أطُر الحزب ومناضلوه حاضرين في الواجهات الجمعوية، ومؤطرين للحركات الاجتماعية ، وعلى اتصال مستمر بالناخبين والسكان وعموم المواطنين، في مواقع عملهم وسكناهم …) – إن موضوع الاشتغال والنضال بالنسبة للاتحاد الاشتراكي هو المجتمع ، إشاعة الفكرة الاشتراكية والقيم الديمقراطية الحداثية داخل المجتمع . وهذا يتطلب حضورا قويا في المجتمع بمختلف قطاعاته ومؤسساته، حضورا دائما مع المواطنين بمختلف فئاتهم ، يتطلب طريقة جديدة في التفكير، منهجية جديدة في التنظيم، انخراطا واعيا، وعملا هادفا ، عملا جمعويا،إنسانيا، اقتصاديا واجتماعيا …يتطلب الإنصات للمواطنين والتضامن معهم …يتطلب قبل هذا وذاك ، الحضور المستمر مع المواطنين لا تذكرهم فقط عشية الانتخابات … إن الاتحاد الاشتراكي وعى هذا الإشكال، من هنا رسم تقرير الكاتب الأول الطريق لتجاوز كل ما من شأنه أن يعوق اتصال الحزب بالمجتمع، وللتغلب على المقاومات الداخلية التي ترفض انفتاح الحزب على المواطنين وعلى الجماهير الشعبية، فالحزب الذي يتخذ من ذاته موضوعا للاشتغال والنضال، محكوم عليه بالتآكل الذاتي والانقراض . – إن تقوية صفوف الاتحاد الاشتراكي، تصالحه مع ذاته ومع المواطنين ومع المجتمع، تستدعي القطع مع التوظيف السيء للماضي النضالي، أي الشرعية التاريخية والنضالية ، الذي يحمل في طياته إقصاء قبليا للأجيال، وهذا يظهر في اللحظة التي يستثمر فيها بعض المناضلين إرثهم وأقدميتهم في العلاقات الداخلية للحزب وفي العلاقات الجماهيرية مع المجتمع، بمعنى أن اللغة التي تسود، صراحة أو ضمنا، هي أنه كلما أبدى إطارمن الأطر والكفاءات التي استقطبها المشروع الاتحادي استعداده للانخراط في الحزب، يواجه بعبارة ( شد الصف !) وهذا إقصاء قبلي، وانغلاق من شأنه أن يقزم الحزب . إن الاتحاد الاشتراكي، ليس ملكا لأحد ولا حقا محفظا من طرف أي كان .. إن الاتحاد الاشتراكي في الميلاد والمسار، في الفكرة والحلم ، في الرؤية والتوجه، في الفكر والممارسة ، في المعارضة والحكومة، في الماضي والحاضر….حزب كل المغاربة ، كل المغاربة المؤمنين بالمشروع الاتحادي، وكل من أراد أن يوظف هذا التراث الحي لاكتساب التقديس الشكلي، فإنه يعتبر خارج هذا التاريخ….إن تراث الحزب هو تراث مشترك لكل الأجيال الحزبية، لا يتملك بالأقدمية أو بالتقديس الشكلي، بل بعطاء اليوم وبالمساهمة المستمرة في الدفاع عن قيم هذا التراث….. 8 – الحزب الذي لا ينمي نفسه، محكوم عليه بالانقراض. – لا خوف من الانفتاح. فالخوف الحقيقي من الجمود والانغلاق لأن الحزب الذي لا ينمي نفسه، كما وكيفا، محكوم عليه بالانكماش ثم الانقراض. فالحزب، لا يمكن أن يشتغل بالموروث، حتى ولو كان هذا الموروث بشريا، وليبقى هذا الموروث حيا يجب أن يستمر في الأجيال اللاحقة…مناضل الأمس ليس هو مناضل اليوم، وقطعا لن يكون مناضل الغد….فلم يعد مسموحا لأي حزب أن يؤطر المجتمع، وأن يشارك في تشكيل المؤسسات ما لم يكن حزبا كبيرا مفتوحا ، منفتحا ، ومستعدا لاستقبال كل المواطنين الذين يعبرون عن اقتناعهم بمبادئه، والتزامهم بخطه وإرادتهم في الفعل المشترك… إن الحزب الذي لا يستطيع أن يتجدد بشكل كمي وكيفي واسع، محكوم عليه بالفَناء، من هنا لِزم زرع روح وضخ دم جديدين في الاتحاد الاشتراكي باستقباله لمناضلين جدد ، ونعتبره استقبالا لفعاليات جديدة، وأفكار جديدة. إن الانفتاح على الكفاءات والفعاليات داخل المجتمع، يستدعي قبل كل شيء القطع مع أساليب الانغلاق . إن الاتحاد الاشتراكي ليس بنية منغلقة، ولا أبدا أجهزة يتربع عليها زعماء احترفوا السياسة، بل هو بيت مفتوح، وحق مشاع لكل المغاربة المؤمنين بقيم الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية.. 9 – القيادة الوظيفية سيادة التاريخ تحمل في ذاتها إقصاء قبليا للأجيال، وهذا يظهر في اللحظة التي يستثمر فيها الزعيم إرثه وتاريخه في العلاقات الجماهيرية مع المجتمع وفي العلاقات الداخلية للحزب، وهذا إقصاء قبلي. ففي حال وقوع صراع، لا يتم الرجوع للوثائق بل للشهادات، لأن المجتمع لا يتوفر على وثائق أو محاضر الاجتماعات بل فقط على شهادة الأشخاص. . سيادة التاريخ ، خصوصا بالنسبة للأحزاب التي تنهل من الشرعية التاريخية، تعطي داخلها سيادة للمؤسسات الرمزية على الأجهزة القانونية، ثقل التاريخ يأخذ وضعية سيادة المؤسسات الرمزية على الأجهزة التنظيمية والقانونية للحزب… الاتحاد الاشتراكي، ومنذ المؤتمر الوطني التاسع، قطع مع الزعامات التقليدية التي استنفدت التاريخ، الزعامات الكاريزماتية بالمعنى الشخصي وليس بالمعنى الوظيفي …واختار الاختيار الديمقراطي، أي الزعامة الوظيفية – كما يسميها علماء الاجتماع – التي تستقي قدرتها من قدرة الحضور الشرعي القانوني طبقا للأجهزة والقنوات التنظيمية .. الزعامة الوظيفية للاتحاد الاشتراكي تجلت في الانتقال من الحزب / الشخص إلى الحزب / المؤسسة… الزعامة الوظيفية للاتحاد الاشتراكي، تجلت بقوة في تحويل خيبة انتخابات 7 أكتوبر 2016 إلى انتصار ؛ رئيس مجلس النواب ، وزيران وكاتبة دولة…وظيفية ذ لشكر تنتصر على تهور بنكيران وتيه شباط… ونحن مقبلون على انبعاث تنظيمي متجدد، كما جاء في تقرير الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أمام المجلس الوطني الأخير، يتوجب أن نحرص على انتخاب قيادة وظيفية ؛ محليا، إقليميا وجهويا….قيادة قادرة على رفع التحديات وكسب الرهانات…المقاعد تهمنا..ومطروح على هذه القيادة الجديدة / الوظيفية أن تسترجع في 2021 المقاعد التي فقدناها والتي انتزعت منا..وتفاصيل الحكاية معروفة.. يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي :» فيما يتعلق بالتجديد التنظيمي، فإننا نطمح من خلاله، إلى تفعيل خارطة الطريق التنظيمية، بخصوص إعادة هيكلة لأجهزة الحزب التسييرية في الفروع والأقاليم والجهات، فأنتم تعلمون أن الجهاز الحزبي له أهميته في تنشيط الحياة الحزبية، وتدبير الشؤون المحلية، وفي التخطيط للمعارك الانتخابية، وتأطيرالأنشطة المؤسساتية والنضالات الجماهيرية في الميدان، لذلك يتعين الحرص على أن تكون هذه الأجهزة، تتمتع بكامل صلاحياتها الوظيفية، وقدراتها التدبيرية، وكفاءتها القيادية، وهوما يتطلب ليس فقط الاقتصارعلى عقد مجالس ومؤتمرات للترميم والتطعيم وإعادة توزيع المهام، وبعده الجمود والانغلاق، ولكن أيضا وبالضرورة، قدرا من الانفتاح والتجديد والتشبيب، حسب الإمكانيات والسياقات المحلية . على أنه لا يمكن أن نذهب إلى المؤتمرات الجهوية والإقليمية، من غير تصورات مستقبلية، والتزامات واضحة ودقيقة، بخصوص توسع التنظيم، وإنماء العضوية، لا مناص -اخواتي اخواني-من أن تنتخبوا في فروعكم وأقاليمكم وجهاتكم أجهزة قيادية، تلتزم معكم على برامج، وتعاقد مع قواعدها على مخططات بشأن انفتاح التنظيم، وتوسيع قاعدته، وتنويع قطاعاته، وتنمية عضويته..» 10 – تفعيل خارطة الطريق التنظيمية *لاتتوخى مبادرة تفعيل خارطة الطريق التنظيمية، التي أطلقها الكاتب الأول في المجلس الوطني الأخير، مجرد الزيادة في عدد منخرطي حزبنا، وإنما تسعى إلى استثمار هذا التراكم التنظيمي في تجربتنا الحزبية لجعل الاتحاد الاشتراكي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، مجالا حيويا للشباب والنساء والكفاءات الجديدة، مجالا أكثر تفتحا لتعبئة الطاقات، وابتكار الحلول، واقتراح البدائل ..إن هذه المبادرة منهجية جديدة في تدبير العضوية، وهي جديدة بالمعنى الديالكتيكي، بمعنى التطور النوعي… *إن مبادرة تفعيل خارطة الطريق التنظيمية، هي في صميمها عملية كبرى، عملية ذات صبغة تنظيمية وسياسية ، ولها بعد استراتيجي واضح، لهذا مطروح على الاتحاديين والاتحاديات اعتبار إنجاح المبادرة مهمة تاريخية ، حزبيا و وطنيا …وإنجاحها يقتضي الثورة على العقل الدوغمائي والجمود التنظيمي، يقتضي العقل الجدلي والحركة الدينامية ، يقتضي تحديثا للبنية الحزبية، وتجديدا لأساليب الحوار والتواصل…. *لسنا وحدنا في المجتمع . لسنا الحزب الوحيد، نشتغل في ومع، نشتغل في الواقع، نشتغل في مجتمعنا بكل مكوناته البشرية والثقافية، ونشتغل مع القٌوى السياسية المنافسة لنا والتي، أو بعضها على الأقل، تعتمد أساليب الحصول على أصوات الناخبين لا تأطيرالمواطنين، أساليب نحن نرفض بل نحرم استعمالها …قوتنا نحن في تنظيمنا ومشروعنا المجتمعي، في قدرتنا على التواصل مع المواطنين، في قدرتنا على الإبداع في أشكال التواصل، تغيير التخاطب مع الناس وفي التعامل معهم .. * إن مبادرة تفعيل خارطة الطريق التنظيمية، إغناء للهوية الاتحادية وطريق صحيح لتجسيدها في الواقع، إنها مبادرة شجاعة لمواجهة قُوى الارتداد والمحافظة …إن مبادئ الحزب، إن هوية الحزب يمكن قتلها بالجمود والمحافظة، وبالتوقف عن المبادرة ومحاربة الانفتاح، وكل توسع وامتداد، هو دفاع عن هذه الهوية وإغناء لها . إن الاتحاد الاشتراكي يبادر، وهذا قدره، والآخرون ينتظرون ويتفرجون …المستقبل يتكلم لغة اتحادية… سنعود بتفصيل إلى أشغال المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي المقرر عقده يوم السبت 29 يونيو 2019.