(1) في المعنى الواضح، التفلسف هو فعل مداعبة، شهادة على الحب الأكثر حيميمية للفكر، للرغبة المطلقة والحكمة. (2) قصيدة المنطق تسمى فسلفة إنه الزخم الأكثر علواً الذي يتخذه المنطق لكي يتجاوز ذاته وِحدة الفهم والخيال. من دون فلسفة يظل الإنسان مشتّتاً بين قواه الأكثر جوهرية هناك إنسانان إنسان المنطق، والشاعر. من دون فلسفة الشاعر ناقص من دون فلسفة المفكر ناقص القاسم الأصلي. (3) الشاعر يختم مساره كما بدأه. حينما لا يفعل الفيلسوف غير أن يرتب ويصنف كل شيء، فإن الشاعر يتجاوزه مخترقا كل الحدود. كلماته ليست إشارات عامة إنها نبرات أقوال سحرية، التي تحرك حولها مجموعات جمالية. مثلها مثل لباس الكاهن الذي يحتوي بداخله قوى إعجازية، بعض الكلمات تكسب قداسة عن طريق تمثيلها لذكريات مبهجة فتصير لوحدها قصيدة. بالنسبة للشاعر، اللغة ليست فقيرة أبدا، لكنها عامة جداً دائما. إنه بالمجمل بحاجة إلى كلمات لا تتوقف عن العودة، كلمات تسقط عبر استخدامها الساري. عالمه بسيط، كما هي أداته لكنه لا ينضب من الألحان. (4) كل ما يحيط بنا، الأحداث اليومية، العلاقات العادية، وعادات أسلوبنا المعيشي، كل ذلك له تأثير متواصل، وفقط لهذا السبب، يصعب ملاحظة ذلك، غير أن له كبير الأهمية. هذا التداول أمر صحي وضروري بالنسبة لنا، قياساً على أننا مصاحبين لزمن محدد، أعضاء ضمن شراكة خاصة، هذا التداول نفسه عبارة عن عقبة أمام تنمية فضلى لطبائعنا. الطبائع ذات قدرات كشفية، عجائبية وشعرية على نحو أصيل، لا يمكن لها أن تنبثق ضمن الظروف التي نعايشها. (5) الشعر هو الفن العظيم لبناء الصحة المتسامية. حيث الشاعر هو الطبيب المتسامي. يتعامل الشعر مع سعادته وفقا للألم والرغبة المتعة والنفور الخطأ والصواب الصحة والمرض مازجاً بين كل التناقضات ضمن رؤية نحو هدف أسمى : ارتقاء الإنسان نفسه بنفسه. (6) الشعر يُحل ذاتاً غريبة محل الذات الخاصة. (7) العبقري هو نفسه شاعري هنا حيث يقوم العبقري بشيء ما فإنه يفعل ذلك بطريقة شاعرية. الإنسان بشكل خاص، مفكر وشاعر. (8) البداية الأصلية هي شعرية الطبيعة. النهاية والانطلاقة الثانية هي شعرية الفن. (9) قديما، كان كل تجلي روحانيا. الآن، لا نرى سوى تكرارا ميتا والذي لا نفهمه. دلالات هيروغليفية ناقصة. لانزال نعيش على فواكه أفضل الأزمنة. (1) الزمن لا يفاجئ الحكيم فالحكيم من الزمن يسخر لأنه الوحيد الذي يدرك استخدام المتع التي وهبنا إياها الإله يعرف كيف يزين الوجود يعرف كيف يبتسم للأمل حينما يبتسم الأمل له أيضاً (2) السعادة ليست في المجد ليست في معادن ذهبية بالباحة ليست في سُبُل جلب النصر إنها في القيثارةِ والحب فلنختار خليلةً غَضّة وعوداً يعجبها ويسحرها فنحب ونغني بالتناوب (3) «أوهام ! صور زائفة !» نردد أمثلة كئيبة لمدعيّ الحكمة الأموات حيث العمر يكتسحه الجليد «السعادة غير موجودة على هذه الأرض حبكم مجرد خرافة وقيثارتكم ليست سوى أصوات !» (4) آه ! لنفضّل هذه الخرافة على أرواحهم الأخلاقية الباردة لنتجنب أصواتهم الجالبة للبؤس والقاسية فإذا كان الألم حقيقة والسعادة حُلماً فلنثبّت أعيننا على الكذبة كي لا نرى الحقيقة (5) لنحب عند ربيع الحياة قبل أن يتوقف الخريف بتحسُّرٍ أسود عن المتابعة لا نبحث بالمستقبل عن السعادة التي أعفانا عنها الإله فحينما نفقد الأمل ستظل لنا الذكرى (6) فلنستمتع بهذا الزمن السريع الذي يترك خلفه حسرات فإذا كان الحب، بالحماسة يقودنا فهو ليس بسريع التنقل أيضاً فلنستثمر فترة الشباب فكأس الوجود لا تلمع إلا عند حوافها ! هوامش : I : La poésie est le réel absolu - Novalis, fragments logologiques عن موقع : Oeuvres Ouvertes نوفاليس Novalis : واسمه الحقيقي فريدريش فرايهير فون هاردنبرج. فيلسوف وشاعر وكاتب ألماني. ولد عام 1772 في أوبرفيدرشتيت ومات في عام 1801 في فايسنفيلد. درس نوفاليس من عام 1790 حتى عام 1794 الفلسفة والحقوق وعلوم المناجم. ويعتبر واحدا من أبرز شعراء بداية عصر الرومانسية. II : Le Temps (1824) جيرار دي نورفال Gérard de Nerval : كاتب وشاعر فرنسي قام بالعديد من الرحلات، اسمه الأصلي جيرار لابروني ولد بباريس في 22 من ماي 1808، حيث عاش وتوفي في 26 يناير 1855 مشنوقا بأحد الشوارع الباريسية بعد معاناة طويلة من أزمات نفسية. من أشهر أعماله «بنات النار» و»الأوهام» و»أوريليا أو حلم الحياة»، ومذكرات عن رحلته إلى الشرق.