منذ حوالي ثلاثة أشهر، نشر شاب على تويتر باسم »كريس كولمان 24« مراسلات ووثائق، صحيحة أو مزورة، يزعم صاحبها أنه حصل عليها بعدما تسلل إلى البريد الإلكتروني لعدة شخصيات مغربية هدفها: فضح التحركات التي يقوم بها المغرب داخل الأممالمتحدة أو لدى وسائل إعلام أمريكية وأوربية حول ملف الصحراء، الملف الذي يشكل منذ عشرات السنين موضوع صراع بين المغرب والجزائر. معلومات غير مؤكدة: الرباط تتهم مصالح المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء هذه الحملة التشهيرية ضد المغرب، وهي فرضية قائمة: فالعلاقات بين البلدين الجارين في أسوأ أحوالها، وتسريبات »كريس كولمان 24«، التي يروج لها موقف الكتروني موال للبوليساريو، تهدف إلى التشويش والنيل من المغرب. العديد من المراسلات الإلكترونية التي نشرها القرصان صادرة عن أحمد الشرعي وهو صاحب مقاولة مغربية تعمل في مجال الإشهار ورئيس مجموعة إعلامية. هذا الأخير يفتخر بكونه استطاع أن يشكل شبكة من الصحفيين »الأصدقاء« في فرنساوالولاياتالمتحدة. وفي إحدى المراسلات يطلب من أحد المتعاملين معه آلاف الأوروهات لتوزيعها على هؤلاء الصحفيين الأصدقاء من ضمنهم أنا دومنيك لاغارد صحفية في مجلة ليكسبريس من سنة 1996 إلى 2013، متقاعدة حاليا. في البداية لم أكن أرغب في الرد لا على تغريدات »كريس كولمان 24« ولا على التعاليق والإتهامات التي تلتها عبر المواقع الإجتماعية والإخبارية. اعتقادا مني بأن المقالات التي وقعتها باسمي طيلة 40 سنة من العمل الصحفي وخاصة في مجلة ليكسبريس، تتحدث عن نفسها وتشكل دليلا كافيا على استقلاليتي. وإذا ما قررت اليوم الرد فذلك أولا لأطلب بكل بساطة قراءة مقالاتي قبل تداول معلومات غير مؤكدة. لا أموال ولا هدايا إنتاجي الصحفي عمومي، وكل مقالاتي أينما نشرت وفي أي موضوع كتبت هي ترجمة أمينة لقناعاتي وطريقتي في التفكير وفهم الأمور إبان كتابتها، ولم يسبق أن كتبت تحت الضغط أو من أجل الحصول على منفعة. وبخصوص المغرب، فإنني أفتخر بالتغطية التي حظي بها هذا البلد خلال السنوات الأخيرة وخاصة في النسخة الدولية لمجلة لكسبريس. ونشر »ملف« من ثماني صفحات خاص بالمغرب في النشرة الشهرية للمجلة ما بين 2005 و2013. سمح لي بمساعدة فريق صغير من الكتاب، بإظهار مختلف أوجه المملكة. كنت دائما اختار مواضيعي وطريقة معالجتها الصحفية بكل حرية وبدون مجاملة، ونفس الأمر بطبيعة الحال في ما يخص المقالات المنشورة في الطبعة الوطنية أو في الموقع الإلكتروني. لم يسبق لي أن تلقيت أموالا ولا هدايا. لم سبق لي كذلك أن قبلت لو دعوة واحدة سواء بصفة مهنية أو خاصة. وكل تنقلاتي المهنية الى المغرب كانت تؤديها بالكامل مجلة ليكسبريس، باستثناء مرة واحدة في نونبر 2012 بمناسبة منتدى نظمته مجموعة، التفكير »أماديوس« بطنجة والذي لا علاقة له بالسيد أحمد الشرعي، والذي شاركت فيه بتنشيط مائدة مستديرة في إطار شراكة بين معهد أماديوس و مجلة ليكسبريس. وبخصوص التنقلات الخاصة، بكل بساطة لم تكن هناك أية سفريات خاصة طيلة السنوات التي قضيتها في ليكسبريس ولا بعدها. ومع ذلك هناك أمر صحيح: أحمد الشرعي فعلا هو واحد من اتصالاتي في المغرب، دخل حياتي المهنية في بداية سنوات 2000. كان وقتها المدير التجاري لصحيفة لاغازيت دوماروك الأسبوعية الناطقة بالفرنسية. استقبل في مقر ليكسبريس من طرف ممثل عن إدارة التحرير وأنا شخصيا بحضور صحفي من لاغزيت. وقتها كانت الصحافة المغربية في أوج تحولها. كان الرجلان يريدان معرفة إن كانت ليكسبريس مستعدة لنسج علاقات. لم ترد الجريدة لكننا بقينا على اتصال. في سنة 2002، قرر الشرعي أن يؤسس موقعه الإخباري الخاص به على الأنترنيت، ودعاني الى نشر مقالاتي فيه بين فينة وأخرى عبارة عن تعاليق حسب الأحداث، أخبرته أن هذا العمل يجب أن تسمح به إدارة تحرير ليكسبريس وهو ما كان فعلا. وسأتدخل بصفتي المهنية بحيث يظهر اسم ليكسبريس إلى جانب توقيعي، ولن أتطرق بأي شكل من الأشكال للأحداث في المغرب، كان ذلك يلائمه. لم يتمكن الموقع من الإنطلاق والصمود فعلا، وقرر الشرعي في النهاية إغلاقه. وقرر العودة الى الصحافة الورقية و أنشأ أسبوعيته الخاصة وطلب مني المساهمة معه لكنني رفضت هذه المرة اقتراحه وذلك لسبب بسيط. فأنا منذ نهاية 2005، وإلى جانب عملي كصحفية في القسم الدولي لمجلة ليكسبريس، مسؤولة عن صحفات الملف الخاص بالمغرب التي تنشر كل شهر في الطبعة الدولية. هذه الملفات كانت تحظى بمتابعة كبيرة في المغرب وبالتالي لم يكن ممكنا المساهمة ولو بشكل متقطع وحبي في أسبوعية مغربية. وخلافا لما كتب هنا أو هناك خلال الأسابيع الأخيرة، لم يسبق لي أن كتبت على صفحات أسبوعية لوبسيرفاتور دومارك »التي رأت النور سنة 2008 ولا في الموقع الإلكتروني لهذه الأسبوعية، وهو ما يمكن التأكد منه. بقيت ألتقي الشرعي بين الفينة والأخرى بمناسبة تنقلاتي الى المغرب. في نظري، كان هذا المقاول الذي لا يخفي وطنيته، رجل علاقات واسعة نافذ داخل ما يسمى المخزن. مما يجعل منه رجل علاقات مهم... في سنة 2011، فاوض الشرعي مجلة فورين بوليسي الأمريكية لإحياء نسخة بالفرنسية لهذه المجلة المرموقة (النسخة السابقة اختفت سنة 2009) كان يرغب في أن تكون المساهمات الأصلية التي ستتمم المقالات المنشورة في النسخة الأمريكية، منصبة حول الإشكاليات المتوسطية وستتم كتابتها من طرف صحفيين مختصين - باحثين يكتبون بكل حرية. المجلة ستطبع بالمغرب لكن الشرعي كان يفكر في فتح مكتب بباريس في ما بعد. ولأنني اعتقدت بسذاجة أن الأمر يتعلق بمشروع صحفي جميل، لأن الإسم يمثل ضمانة جدية، قبلت مساعدته كانطلاقة بالمساهمة في الأعداد الأولى: ثلاث مقالات قصيرة في المجموعة منشورة بتوقيعي. لم يكن أي منها يتعلق بالمغرب، لاحظت بسرعة أن النتيجة لم تكن في مستوى الطموحات.. نفس الأمر بالنسبة له كذلك، وقرر التخلي عن هذه النشرة. ربما تمت قرصنة البريد الالكتروني الخاص بالشرعي في شتنبر 2014، القراصنة استهدفوه ربما لنشاطه في الولاياتالمتحدة على هامش المفاوضات في الأممالمتحدة حول الصحراء، وخلال نفس العملية تمت قرصنة البريد الالكتروني للوزيرة مباركة بوعبيدة، وربما نجح القراصنة عبرها في التسلل لموقع وزارة الخارجية ومنذ ذلك الحين استمر الكشف عن عدة وثائق من الصعب معرفة الحقيقي من المزيف منها. وباستثناءات قليلة اختارت المواقع الالكترونية الفرنسية التي نقلت تغريدات كريس كولمان 24، الأخبار والمراسلات التي تظهر فيها أسماء صحفيين وخاصة فرنسيين. في الحقيقة أكثر الوثائق المنشورة تهم المملكة المغربية ودبلوماسيتها وسير مؤسساتها، وبعضها لا علاقة له بالمراسلات الإلكترونية.