أمام حملات التشويه التي شنها القرصان «كريس كولمان» على صحافيين مغاربة وأجانب، حيث اتهمهم بالعمالة لجهاز الاستخبارات الخارجية (لادجيد)، وذلك استنادا إلى وثائق مسربة من البريد الإلكتروني لبعضهم، تحرك بعض هؤلاء للرد على هذه الاتهامات، حيث قامت الصحافيتان الفرنسيتان» ميراي ديتوي» عن مجلة «لوبوان» و»جوزي غارسون» الصحفية السابقة ب«ليبيراسيون»، اللتان يتهمها كولمان بأنهما ضمن شبكة أوربية للدعاية للمغرب، معتبرتين نفسيهما بأنهما «رهينتان لآلة تلطيخ»، وهو الأمر نفسه التي قامت به الصحافية «كريست لاغارد» عن «الإكسبرس» التي نفت جملة وتفصيلا أي علاقة لها بالاستخبارات المغربية. هذا المنحى سار عليه مجموعة من الصحافيين الذين ورد اسمهم في إحدى مراسلات الزميل رضوان الرمضاني إلى مديره في العمل «أحمد الشرعي»، حيث نفوا أي علاقة لهم ب«لادجيد»، واعتبر الرمضاني أن المراسلة التي بنيت عليها هذه الاتهامات هي مراسلة عادية بين شخص ومديره في العمل، نافيا أية علاقة له بالتعاون مع جهاز الاستخبارات. أمام حملة التشويه التي طالت الصحفيتين الفرنسيتين» ميراي ديتوي» عن مجلة «لوبوان» و»جوزي غارسون» الصحفية السابقة ب»ليبيراسيون»، و التي تعرضتا خلالها للاتهام من طرف القرصان «كريس كولمان 24» بأنهما ضمن شبكة أوربية للدعاية للمملكة المغربية. كتبت الصحفيتان مقالا مشتركا في مجلة «لوبوان» تردان فيه على هذه الاتهامات، معتبرتين نفسيهما بأنهما «رهينتان لآلة تلطيخ». «ميراي ديتوي» - «جوزي غارسون»: قد تكون القضية سيناريو متعدد التطورات من خيال جهاز يتغذى أفراده داخل الشبكة العنكبوتية، و هو الأمر الذي يقدم لنا يقينا واحدا: اندراجه في حرب إلكترونية بين الدول. فمنذ بداية أكتوبر، شرع حساب في تويتر تحت اسم مستعار «كريس-كولمان 24» في نشر رسائل نصية - تضم الصحيح إلى الكاذب أو المزور جزئيا أو كليا- و كذا موجة من «الأخبار» حول السياسة والدبلوماسية والمؤسسات المغربية. كل هذا تمكن «كريس-كولمان 24» من قرصنته انطلاقا من البريد الإلكتروني لعدة شخصيات أو مؤسسات من المملكة، خاصة من بعثتها للأمم المتحدة أو من وزارة خارجيتها. هذه الوثائق تتعلق أساسا بالنزاع اللامنتهي حول الصحراء ، تفاحة الخلاف منذ قرابة أربعين سنة بين المغرب ?والجزائر التي تساند بكل قوتها حركة البوليساريو .. والهدف من كل هذا، حسب كلمات «كولمان 24» نفسه في حساب تويتر هو «إضعاف المغرب، خاصة جهازه الدبلوماسي» ? وفي سياق هذه الهجمة، يتهم القرصان «كولمان 24» أربعة صحفيين فرنسيين بالتواطؤ مع المغرب -ونحن من بينهم- انطلاقا من رسائل إلكترونية منسوبة إلى أحمد الشرعي، وهو رجل أعمال مغربي، يملك عدة وسائل إعلامية. من بين ممتلكات أحمد الشرعي، هناك أسبوعية «لوبسرفاتور دي ماروك» الصادرة منذ 2008 والتي ننشر فيها زاوية لنا كل أسبوع. وقد بدأت القصة حين طلب منا أحمد الشرعي منحه «بعض المساعدة الحبية» حين إطلاقه موقعا مغربيا على الشبكة العنكبوتية سيتحول في ما بعد إلى هذه المجلة الأسبوعية. كما دعانا سنة 2011 إلى التعاون معه في الصيغة الفرنسية للمجلة الأمريكية «فورين بوليسي» (صدر منها عدد وحيد) . وقد بدا لنا أن هذا المشروع يكتسي أهمية ،خاصة وأن النسخة الأمريكية ستتضمن مقالات أصلية حول قضايا المتوسط. واكتفينا في النهاية بمساعدته على الانطلاق بتقديم مقالات لنا في الأعداد الأولى. وستتوقف هذه الصيغة الفرنسية أيضا. واليوم تقول «وثائق» كولمان أن أحمد الشرعي يقول في إحدى مراسلاته مع «لادجيد» (المديرية العامة للوثائق و المستندات ) بأنه قد تمكن من تشكيل شبكة من الصحفيين في فرنسا والولايات المتحدة «أصدقاء» سيصبحون من أصحاب الدعاية للمملكة... خيار الصمت: وقد قررنا في البداية عدم الرد على الاتهامات ولا على التعليقات التي انتشرت في الشبكات الاجتماعية، ليس ل»شبهة» تمنعنا من «الدفاع عن أنفسنا» (كما طالبنا بذلك البعض ناسين أن على المدعي أن يقدم دليل اتهامه وليس على المدعى عليه). ولكننا كنا نعتقد أن أربعين سنة من العمل والكتابة في «ليبراسيون» لإحدانا و»لوبوان» للأخرى ستكون كافية لرفع أي لبس أو غموض حول مهنيتنا واستقلاليتنا. فإنتاجنا الصحفي - و هو موجود في الأرشيف على الأنترنت- كاف للدلالة على توجهنا وعلى عدم توصلنا بأية هدايا أو رشوة كما تدعي ذلك بعض الرسائل المقرصنة من المملكة لكي نساهم في تلميع صورتها. فأنا «جوزي كارسون» الصحفية في «ليبراسيون» منذ 1974 إلى2007 ، أعتبر من جهتي بأن المرحلة التي شرعت فيها في «تغطية» الجزائر لهذه الصحيفة -1988- لم أضع قدمي في المغرب إلا بعد عشر سنوات حيث قمت بروبورطاج يغني عن أي تكذيب. أما انتقادي للنظام الجزائري فأمر معروف، ومقالاتي (بعد التحقيقات و الشهادات العديدة) حول تسرب الأجهزة الأمنية الجزائرية للجماعات المسلحة. ومثل غيري، «حُرمتُ» من التأشيرة واتهمتُ حينها بالارتباط بالمعارضة الجزائرية كما اليوم يجري اتهامي بالارتباط بالمخزن. لهذا فإني أرى أن «كريس كولمان 24» - كيفما كانت هويته الحقيقية- سيكون مسرورا باتهامي في محاولة منه لنزع المصداقية عن عملي حول الجزائر. ومن جهتي، أنا «ميراي ديتوي» الصحفية ب»لوبوان» منذ 1980 ،غطيت خلالها المغرب العربي ومجموع العالم العربي. بل إن كتابين حول الجزائر جعلا مني مؤيدة للجزائر. فأجد نفسي اليوم مؤيدة للمغرب. فشلال الوثائق الدبلوماسية المنشورة من طرف هذا القرصان، يشهد في نظرنا على حقيقة أنه في هذه الحرب الإلكترونية، لا يشكل الصحفيون فيها سوى «وسيلة» لإظهار «فساد الصحافة الفرنسية»، وهي الحملة التي تنسبها الرباط للجزائر وتنسبها الجزائر لقرصان مغربي. إن لدينا القناعة أيضا بأن لا أحد يعتقد :أن هجمات هذا «الغراب» يمكن مقارنتها بما قام به «إدوارد سنودن» أو «جوليان أسانج»، وذلك لعدة أسباب أهمها حرصه على عدم الكشف عن اسمه وامتناعه عن تسليم ما سماه «بالغنيمة» لوسائل الإعلام المهنية القادرة على التحقق من صحتها وتحليلها وتقرير ما ينبغي نشره منها. ويبدو لنا أن بعض المؤشرات تجعلنا نعتقد أن هناك «مصلحة» جزائرية في الأمر: منها ما تم في منتصف نونبر من نشر لبرنامج طويل في التلفزة الجزائرية خصص «لكشوفات كريس كولمان، القرصان المغربي الوطني»، و الترديد المنهجي لتغريدات كولمان أولا في جريدة «ألجيري باتريوتيك» المقربة من خالد نزار وزير الدفاع الجزائري السابق، ثم في أحد المواقع الإلكترونية الموالية للصحراويين من هو «كولمان 24»؟ رغم أن المراسلات المنسوبة إلى أحمد الشرعي التي ذكرت فيها أسماء الصحفيين، لا تشكل سوى جزء يسير جدا من بين مئات الرسائل والوثائق التي تم نشرها ومعظمها مؤيد للبوليساريو والجزائر، إلا أن ما تم انتقاؤه وتسليط الأضواء عليه هو اتهامات «كولمان 24» لنا، مع التوسع فيها واتهامنا بكل شيء وأي شيء، من ضمنها لماذا لم نكتب عن الصحراء الغربية في «لوبسرفاتور دي ماروك»، دون أن يعلموا بأن هذا الأمر كان اختياريا ويدخل في نطاق أخلاقيات المهنة. تطور الأمر فوجدنا أنفسنا في هجوم لا يعنينا ولكننا أصبحنا رهائن له، ف»كولمان 24» كان يعتمد علينا... كي نفتح له أبواب وسائل الإعلام الكبرى المتهمة بالتعتيم، ولأنه لم يفلح فقد سمح لنفسه باستخدام جميع الوسائل، من اتهامات وتعليقات وسباب وتركيب للصور وإيحاءات بعضها خادش للحياء. هذه الممارسات لم يلجأ إليها في أي وقت من الأوقات «سنودن» أو» أسانج». أمام آلة التلطيخ هاته التي أقامها قرصان مجهول الهوية، هل بالإمكان أخيرا طرح السؤال الذي يفرض نفسه: من هو «كريس كولمان ؟» يبدو الجواب بعيدا جدا عن «ويكيليكس» التي تخدمنا باستمرار.