يتسم أغلب لاعبي كرة القدم بالمحمدية بالذكاء وبالتقنيات الكروية الملفتة، ويلعبون بمستويات مختلفة، ومنهم المتألقون الذين يفرضون أنفسهم كلاعبين متميزين، ولا يوجد شك بأنهم يتمتعون بجودة عالية في اللعب، لذلك تتم مراقبتهم باستمرار من طرف عيون المسؤولين التقنيين عن المنتخبات الوطنية بكل فئاتها … المحمدية كمنبع لا ينضب لإنتاج اللاعبين المهاريين بمستويات تبهر المتتبعين، لم تبخل يوما في تزويد المنتخبات والأندية الوطنية بلاعبين ذاع صيتهم في الملاعب وطنيا، إفريقيا وعالميا، وعلى مدار عقود من الزمن … في هذا الشهر المبارك ننشر كل يوم على صفحات فسحة رمضان بجريدة الاتحاد الاشتراكي حلقات من تاريخ مشاركة لاعبين دوليين من أبناء المحمدية في المنتخبات الوطنية…
الأب عبد السلام بشير، أيقونة فضالة الذي فتح المجال ودشن تألق أبناء فضالة في اللعبة الشعبية المحبوبة كرة القدم، من الأوائل الذين اقتحموا المجد الكروي والشهرة وتزيين مسارهم بالألقاب، عبد السلام بشير فضالي قح، بدايته مع التألق والبروز كانت مع «FEDALAclub football» «فضالة كليب فوتبال «في موسم 1938/1937 وبعد تألقه لفت انتباه القائمين على فريق الاتحاد الرياضي المغربي (اليسام) وعملوا على جلبه لصفوفهم، وكانت صفقة مدوية، أعطت الإضافة القوية لهذا الفريق، الذي حصد ألقابا كثيرة، وكان لاعبا قويا ومتميزا كمدافع أوسط، ويلقب بصخرة الدفاع والأيقونات المضيئة، يتمتع بالقوة والأناقة والشراسة الناعمة، وله شخصية وكاريزما قويتان تساعدانه على فرض نفسه كلاعب كبير متألق باستمرار ويحظى باحترام الجميع، فهو أسطورة وهرم يتمتع بالقوة والأناقة كما قلنا، سطر اسمه بمداد الذهب في سجل كرة القدم الوطنية، حصاده مع «اليسام» مليء بالألقاب التي تجاوز عددها خمسة عشر لقباً ،مما يؤكد أن فريق «اليسام» في عهده سيطر على البطولة والألقاب، وقوته جعلته الرقم الصعب في ذلك الوقت، ونحن هنا نتكلم عن كرة القدم التي ليس لها حدود ولغتها موحدة ..عبد السلام بشير رغم انشغاله بالتداريب المكثفة والمقابلات المسترسلة، فإنه لم ينس أبدا فريق مدينته، الشباب الذي كان دائما من داعميه، مشجعا للاعبيه ومرشدا لهم مع تقديم العون والمساعدة كلما احتاجوا لذلك، وكان ذلك أيام الحماية قبل صعود الشباب للقسم الوطني الأول، ولأول مرة في حياته وكان ذلك في بداية الستينيات من القرن الماضي، لكن لم يكتب لبطلنا عبد السلام بشير أن يعيش فرحة الصعود لمعشوقه الشباب، لأنه توفي قبل ذلك بأربع سنوات (توفي رحمه الله وهو في ريعان الشباب عن عمر 33 سنة) ..عبدالسلام بشير كان من أعمدة المنتخب الوطني المغربي أيام الحماية ورفض اللعب للمنتخب الفرنسي، وكل ما قلته عن عبد السلام بشير استقيته من مصادر موثوقة عاشرت المرحوم عن قرب وأيضا من الأرشيف الغني بالمعلومات الذي مازال ابنه مجيد يحتفظ به. ونظرا لمكانته المتميزة والاعتبارية ومساهمته البارزة في مساعدة كرة القدم الوطنية والمحلية لفضالة على التألق والبروز، وبالتالي التعريف بمدينة فضالة من خلال كرة القدم وشهرته في هذا المجال ساعدت على ذلك (أتعمد استعمال اسم فضالة عوضا عن المحمدية لأنه في ذلك الوقت كانت المحمدية تسمى فضالة ولم يتغير اسمها إلى الاسم الجديد إلا بعد الزيارة التاريخية للمغفور له محمد الخامس رحمه الله في سنة 1961 واطلاقه اسم المحمدية على مدينة فضالة )، وتكريما له ولروحه التي ترقد بسلام بعد وفاته سنة 1956 تم اطلاق اسمه على ملعب مدينة المحمدية الرئيسي (الملعب البلدي )الذي أصبح يحمل اسم ملعب (البشير) ابتداء من سنة 1959.. ولا بأس من أن أطلعكم على البطاقة التعريفية لملعب البشير: ( يوجد ملعب البشير وبابه الرئيسي في شارع زناتة المدخل الغربي للمحمدية من جهة الدارالبيضاء وغير بعيد من الكولف الملكي المحمدية، ويفصله فقط عشرات الأمتار عن عمالة المحمدية، ووسط الأحياء السفلى من المدينة، افتتح أبوابه بعد تدشينه في سنة 1954 تحت اسم «الملعب البلدي» (مازالت ملكيته مسجلة باسم المجلس البلدي للمحمدية) وتم تجديد بعض أجزائه في سنة 2007، وفي سنة 1959تم تغيير اسمه إلى «ملعب البشير»ويعتبر المستطيل الأخضر للملعب من بين الأكبر وطنيا 100/70 مكسو بالعشب الطبيعي من النوع الجيد، ويتسع لخمسة عشر ألف متفرج (15) ويظهر أن بإمكانه استيعاب أكثر من 45 ألف متفرج لو تم إصلاحه وتوسيعه..وفي سنة 1983 تم تزويده بالإنارة، وبمناسبة تدشين هذه الإنارة، تم إجراء مباراة حبية بين شباب المحمدية معزز بلاعبين من اتحاد المحمدية أبرزهم حسين خوشان، ضد بايرن ميونيخ الألماني، وانتهت بالتعادل هدفين لمثلهما (2-2)، ويوجد بجانب الملعب مركز مهم للإيواء ولكن يحتاج لإصلاحات لأنه مهمل من طرف مندوبية الشباب والرياضة بالمدينة، كما يتوفر ملعب البشير على عدة ملاعب ملحقة للتداريب تفتقر للإصلاحات والتوسيع، بعضها يستعمل من طرف مدارس كرة القدم، وحاليا الأشغال جارية لتشييد قاعة مغطاة، ولو أنها لن تكون من الحجم الكبير(…)، وفي الحقيقة يحتاج ملعب البشير إلى التفاتة المسؤولين لأنه يتوفر على وعاء عقاري كبير ولو تم استغلاله والالتفات إليه لخرج منه مشروع رياضي كبير، نتمنى صادقين التفاتة الدولة والحكومة واهتمام المنتخبين والرياضيين بالموضوع حتى يتم توسيع ملعب البشير وإصلاح فضاءاته ومرافقه وتوسيعها..). الابن ..مجيد بشير أو «بتي بشير»، كما يلقب، هو الابن الوحيد لوالده عبد السلام بشير من مواليد1944/12/21، الطول 1،66الوزن 56 كلغ،الحذاء الرياضي (38)، متزوج عدد الأبناء (4)، مكان اللعب وسط هجومي مع اعطائه حرية التنقل وعدم تقييده بمركز معين من طرف المدرب المقتدر الحاج عبد القادر الخميري رحمه الله.. بدايته مع كرة القدم كانت في سن مبكرة مع أقرانه الأطفال حيث كانوا محظوظين في ذلك الوقت لكثرة الفضاءات والبقع الأرضية الفارغة، ولا وجود، كما هو الأمر حاليا، لزحف العمران ولجشع تحكم اللوبي العقاري، الذي أفسد كل شيء بما في ذلك جمال المدينة «واغتصب» كل ماهو جميل مثل الفضاءات المتنوعة التي كانت موجودة في المدينة والتي تحولت لأسمنت مسلح .. قلت كانت هذه هي بداية مجيد بشير الذي أسس فريقا للحي يحمل اسمه (فريق بشير) قبل أن ينضم للفئات العمرية لشباب المحمدية 61/60 بعد صعوده للقسم الوطني الأول حيث تدرب على يد المُكَنيين المدربين، مولاي الطاهر، وبن الطاهر، التحق بهما في ما بعد المرحوم ايت أباً عبد القادر، ومن مسيري ومرافقي الفئات الصغرى في ذلك الوقت نذكر سي أحمد الطايفور،عبد الرحمان ايبا، أحمد ولد الزموري، عبد الله شنوف، أحمد بوصبيعات… إلخ، رحم الله من توفي منهم وجعل البركة في الباقين. وفي موسم 66/65 التحق بمجموعة الفريق الأول ولعب في التشكيل الرسمي منذ ذلك الحين حتى سنة 1972 التي غادر فيها الى إنكلترا دون إخبار الفريق بذلك، مما اضطر معه رئيس الفريق آنذاك المرحوم ايت منا محمد للسفر والبحث عن مجيد بشير حتى وجده واصطحبه عائدا للمغرب، ورغم ذلك لم يكن مزاج بشير مستقرا لمواصلة اللعب سوى سنة واحدة ترك بعدها لعب الكرة نهائيا سنة1973 وسنه لا يتجاوز 28عاما، في نفس السنة ذهب لفرنسا، لكنه لم يحبذ المكوث هناك فعاد بعد سنتين لبلده المغرب، وهنا أفتح قوسا لأؤكد أن مجيد بشير كان في شبابه واحدا من بين الشباب المسيس، الذي يهتم ببلاده وما يجري فيها، كما كان له إلمام واهتمام بكل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تجري في العالم في تلك الفترة، وخاصة قضية فلسطين، لذلك كان كل شيء عنده في ذلك الوقت مبهم، ومع حماس الشباب والتأثر بما يجري كان لابد أن يمر بمرحلة يؤمن فيها أنها ليست على ما يرام. وفي أواخر الستينيات انضم للمنتخبات الوطنية وخاصة الأمل ولعب إقصائيات الألعاب الأولمبية « مكسيكو68»،( الألعاب الأولمبية بمكسيكو1968 شارك فيها112دولة أي (112)لجنة أولمبية، ما بين 12أكتوبر و27 منه وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية من فاز بأكبر عدد من الميداليات الذهبية، ونجح العداء التونسي محمد الكمودي في الفوز بالميدالية الذهبية في سباق 5آلاف متر)، كما لعب مجيد بشير لمنتخب الشرطة في عهد الكولونيل الصفريوي الذي كان يهتم كثيرا بمنتخب الشرطة الذي كان يشارك مع منتخبات دولية مماثلة في لقاءات قوية لم نعد نشاهد مثلها اليوم، كما كان لجهاز الشرطة فريق يلعب في البطولة الوطنية مقره الرباط تم حله بعد ذلك، ولعب أيضا للمنتخب العسكري. الوضع الاجتماعي لمجيد بشير ليس على ما يرام، وليس في مستوى ما قدمه من عطاءات غزيرة، (وهو اللاعب المتميز الخلوق الفنان المراوغ الذكي وصاحب العين الثاقبة في تمرير الكرات وصنع الأهداف من تمريرات دقيقة وحاسمة، يعذب المدافعين بمراوغاته ودقة الاحتفاظ بالكرة، يموه المدافعين وينومهم ولا يستطيعون معرفة متى يراوغ ومتى يمرر،لاعب «رقايقي» يخلق الفرجة والإبداع يحبه الأنصار ومحبي الشباب وجمهور عريض من متتبعي مباريات كرة القدم الوطنية، لأنه يطربهم ويقربهم كثيرا من حلاوة ومذاق كرة القدم الجميلة، فهو يشبه في لعبه إلى حد ما اللاعب الفرنسي المبدع «آلان جيريس»(AlainGiresse) الناخب الوطني لمنتخب تونس حاليا، يشبهه حتى في تركيبته البيولوجية ونحافة جسمه معا، يجيد قراءة الملعب بالنظرة الثاقبة..) ومجيد بشير رجل خلوق يحب النقاش ومجالسة الأصدقاء ومحاورتهم، مطلع جيد لانه دائم القراءة وخاصة ما تكتبه الصحف، ولا يزال يحن لمتابعة خطوات ومباريات فريقه شباب المحمدية وأيضا عاشق لكرة القدم العالمية الجميلة ..ورغم أنه كان يشتغل في (CGE) فإن تقاعده هزيل جدا ونحن نعرف كيف يتصرف مسؤولي مثل هذه المعامل الذين لا يهمهم مستقبل من يعمل لديهم، لذلك أناشد الغيورين وكذلك مؤسسة محمد الخامس للاعبين الدوليين ورئيس شباب المحمدية الالتفات لهذا الرجل الطيب، بتنظيم حفل ومباراة تكريمية له تليق بمقامه ومساعدته على إيجاد مدخول قار يكفيه متاعب الحياة، فتحية خالصة(…) لمجيد بشير وكل اللاعبين.