طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    كأس إفريقيا لكرة القدم للسيدات المغرب 2024.. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى مع الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين        الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    السجن المحلي بالقنيطرة ينفي تدوينات يدعي أصحابها انتشار الحشرات في صفوف السجناء    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاشية على «أحاديث رمضان» 22 : حاشية الحواشي

…هل يعيش العالم العربي الزمن الراكد؟ هل ستظل قضايانا هي نفسها لتعمّر طويلا ؟ هل سيظل حالنا على ما كان عليه إن لم يزدد سوءا ؟ هل سنظل نعوّض واقعنا بآخر لا نعيشه إلا على مستوى الوهم ؟ ففي الوقت الذي تعيش فيه الأمم الأزمنة المفتوحة على الأسئلة الجديدة والقضايا المستجدّة مواكبة للعصر، تظل أمتنا تتخبّط في نفس القضايا غير عابئة بتحولات الزمن. من هنا تأتي راهنية كتاب إبراهيم عبد العزيز « أوراق مجهولة للدكتور طه حسين « ، والتي جمعها وأعدّها عن «أحاديث رمضان» التي كان العميد قد نشرها متتابعة بجريدة «الجهاد» خلال شهر رمضان من سنة 1354ه، الموافق للتاسع والعشرين من نونبر 1935م . فمن أحاديث رمضان» إلى «أوراق مجهولة للدكتور طه حسين» انبسط الجدال والحجاج والسجال بين مؤيد ومعارض ، بين مدافع ومهاجم ، بين بارّ و عاق ، فأسالت الأحاديث ، كما الكتاب ، مدادا كثيرا ، وما كان لها أن تثير الزوابع لو لم تكن صادرة عن صاحب « على هامش السيرة « و» في الشعر الجاهلي « الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ، ولو لم تكن قد وضعت الأصبع على الجرح حتى في الأمور التي نعتقد واهمين أنها أمور عابرة و تافهة ، فمن البسيط إلى المركب تنبسط محنة أمة … هي الجراح الغائرة التي خلّفت ندوبا، فجاءت هذه «الحواشي» بين الجراح والندوب تحتجّ على خيبات الزمن الراكد.

«…كان لديّ انجذاب شديد لطه حسين. وأنا مدين لهذا الرجل في الإحاطة علما بأن أي شيء وكل موضوع قابل للمطارحة. لم يكن طه حسين يهادن أحدا. كانت الأساطير والأصنام قبله محتفظة بتماسكها وصلابتها. وكان يكشف تهافتها بمعنى من المعاني. لم يبق ثمة بعد طه حسين أي شيء قابل للإعجاب ولَم يعد ثمة وجود لأبطال. كان يساورني انطباع وأنا أقرأ طه حسين بأنني اكتسب ذكاء وألمعية»ع. كليطو … ماكان لهذه الحواشي وكل هذا التداعي الحرّ أن ينبعث نقدا لظواهر تفشّت في واقعنا، وعمّرت حتى ألفناها وألفتنا، وأصبحت جزءا من كياننا، ولبنة من بنية عقلنا العربي، لو لم يكن صاحب فتيلتها الأولى، وأساس انبثاقها، عميد مكفوف ملأ الدنيا وشغل الناس، بروحه النقدية، وبحسّه المفرط، وبقدرته الفائقة على التفكير العميق في مآل أمة راكمت بعده آلاف الخيبات، ولم تعمل على درئها، وهو الذي عمل على استشراف مستقبلها، وكأني به منذ مطلع القرن الماضي تنبأ بهزائمنا، بانكساراتنا، بخيباتنا، والتي نحن إلى الآن عليها سائرون …كما لم يكن ل»أحاديث رمضان» أن تثير كل تلك الأفعال وردودها، لو لم يكن صاحبها بسيطا في تناولها، يسيرا في قراءته لها، يخالف المعهود في مثل هذه الأحاديث الرمضانية والتي عادة ما ينهج فيها أصحابها منطق الوعظ والإرشاد من منابر عاجية لا تحس بما يعيشه فعلا الإنسان البسيط في حبّه للوطن حتى في غيّه، وما يكابده يوميا في صراعه من أجل لقمة عيش شريفة، وفي كدحه اليومي من مطلع الشمس إلى مغربها من أجل حفاة عراة، زغب الحواصل لا ماء ولا شجر . وكأني بهؤلاء الوعّاظ يريدون إطعام الجائع موائد من قيم يسمع بها ولا يعيشها، فكان أن تسرّب النفاق والرياء وكلّ أشكال الانفصام في تشكيل «الشخصية العربية». انطلق العميد، طه حسين، من الأشياء الملموسة الصغيرة العابرة في حياتنا، والتي لا نعير لها اهتماما، إما بسبب التعوّد، وإما بسبب اللامبالاة،لأنها ترسّخت في الأذهان، وأصبحت سلوكا يوميا مترسّبا في الوجدان، غير أنه كلّما أطلنا النظر فيها، وتأملناها، وقلبناها على وجوهها المتعددة، تبين لنا أنها تعكس ثقافة ما، وتصوّر بالملموس تربية ما، تعبّر في ما تعبّر عنه عن رؤية ما للذات، والعالم، والكون.ربّ قائل يقول ما كان لطه حسين، وهو عميد الأدب، أن يدخل سفاسف الأمور ويشغل باله وبال قرّائه بهذه التوافه من الأمور، بهذه القضايا العابرة الصغيرة، هو الذي دخل القضايا الكبرى فاتحا، وخلخل الثقافة العربية من جدورها، وشكّك في كل شيء في أفق إعادة النظر في المسلمات والبديهيات، وقد جرّت عليه الويلات حتى أوقفته متهما أمام وكيل النائب العام آنذاك محمد نور، وأدخلت قبل ذلك الطلبة مطالبين بهدر دمه داخل مكتبه بالجامعة، وأخرجته من الجامعة لرفضه سياسة وزارة صدقي باشا الذي أراد احتواءه، واستكتابه في جريدته الناطقة باسم» حزب الشعب»، وهو الذي أيضا رفض منح الدكتوراه الفخرية من كلية الآداب لبعض الذين لا علاقة لهم بالفكر والثقافة، وهو الذي أيضا فسخ عقد كتابه «مرآة الإسلام» والذي كان بطلب من أنور السادات، العضو البارز في مجلس قيادة الثورة، والذي كان يشغل أيضا منصب السكرتير العام للمؤتمر الإسلامي، وكان ذلك» انطلاقا من إيمانه أن الكاتب لا يستكتب بشروط ولا يقيد بموضوعات، ولا يلزم بمواعيد، اعتقادا منه ويقينا أن الكاتب حر يكتب ما يريد متى شاء وأينما شاء»، والحديث عن مواقف العميد المشرّفة حديث ذو شجون، وهو فيها لم يكن يبتغي غير تأسيس منهج جديد، فكرا وسلوكا، يتأسس عليه مستقبل الأمة. غير أن العميد، وهو يقف على هذه المظاهر الاجتماعية، إنما كان يرغب في الربط بين الأمور الصغرى والقضايا الكبرى مبينا أن الصغير من الأمور هو تجلّ لما هو أكبر منه، وأن الأزمة بنيوية أينما ولّيت وجهك تراها شاخصة .فمن اهتزاز صورتي المعلّم والفقيه داخل المجتمع، إلى انتهازية المثقف وتملّقه مرورا بالسلوكات المشينة، والتصرفات المقزّزة للإنسان البسيط في الشارع، والشطط في استعمال السلطة من لدن المسؤول، والفردانية المقيتة التي استشرت في الجسم الواحد الذي طالما ادّعى تداعي باقي أعضائه للعضو الساهر الشاكي بالحمى، إلى كل أشكال التقاعس، وألوان التخاذل بين قوم لا يحسنون غير الخطابة والفرار..كانت الأحاديث فرصة العميد لجعل شهر رمضان مناسبة لاستعادة الوعي، والتفكير مليا في إعادة التوازن بين الكلام والممارسة، بين الفصاحة والنهج العلمي الرصين، واستغلال صوم المسلم عن الشهوات لتذكيره بما ينبغي أن يكون عليه سلوكا في باقي أشهر السنة من الصوم على كل الممارسات الحاطّة من كرامة الإنسان وإنسانيته، ولعلّها كانت أيضا الحكمة الربّانية من إنزال شهر الغفران كلحظة لمراجعة الذات ونقدها وإنقاذها مما تعوّدت عليه من المألوف المتخلّف.وكفى العميد فخرا أنه من خلال « أحاديث رمضان» ساوى في الضرر بين البسيط العابر والمركّب المعقّد …


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.