يتسم أغلب لاعبي كرة القدم بالمحمدية بالذكاء وبالتقنيات الكروية الملفتة، ويلعبون بمستويات مختلفة، ومنهم المتألقون الذين يفرضون أنفسهم كلاعبين متميزين، ولا يوجد شك بأنهم يتمتعون بجودة عالية في اللعب، لذلك تتم مراقبتهم باستمرار من طرف عيون المسؤولين التقنيين عن المنتخبات الوطنية بكل فئاتها … المحمدية كمنبع لا ينضب لإنتاج اللاعبين المهاريين بمستويات تبهر المتتبعين، لم تبخل يوما في تزويد المنتخبات والأندية الوطنية بلاعبين ذاع صيتهم في الملاعب وطنيا، إفريقيا وعالميا، وعلى مدار عقود من الزمن … في هذا الشهر المبارك ننشر كل يوم على صفحات فسحة رمضان بجريدة الاتحاد الاشتراكي حلقات من تاريخ مشاركة لاعبين دوليين من أبناء المحمدية في المنتخبات الوطنية…
حسن بو الرواين من مواليد حي القصبة بمدينة المحمدية سنة 1966، الطول1،76، الوزن 66 كلغ، مركز اللعب وسط ميدان هجومي (صانع الألعاب)، الرقم المفضل (17)، متزوج أب لطفلين ،يعيش، منذ سنوات، في الولاياتالمتحدةالأمريكية مع أسرته الصغيرة ويزور بلده المغرب ومدينته المحمدية بين الحين والآخر. حسن بورواين، لاعب من الطراز العالي، متكامل يجيد المراوغات التي تَخلق الارتباك في صفوف مدافعي الأندية المنافسة وبالتالي تجعل طريق زملائه المهاجمين سالكة لتسجيل الأهداف، ومن أجل محاصرته ومراقبته يلزم أكثرمن لاعب للحد نسبيا من خطورته، نظرا للتقنيات الهائلة والقوة البدنية التي يتوفر عليها وقراءاته الجيدة للملعب، يخافه المنافسون كثيرا، وهذا الأمر، كما أسلفنا، يسهل مأمورية زملائه ويفتح ثغرات في دفاعات الخصوم، يلعب بذكاء وبعين ثاقبة في توجيه الكرة، يشبه في لعبه وتعامله مع الكرة النجم الأرجنتيني الذائع الصيت في السبعينيات من القرن الماضي وخاصة كأس العالم 1978 «اردليس»الذي يلعب في نفس مركزه . كان حسن محبوبا من الجماهير العاشقة لفنون كرة القدم الراقية، يصنع الأهداف لزملائه بالتمريرات الدقيقة والحاسمة 90 % منها تترجم أهدافا، رجل صامت لا يتكلم كثيرا تستشف دائما من تعبيرات وجهه أنه يفكر في شيء ما، أو أنه غير راض عن بعض الأمور، لاعب بأخلاق وسلوك متميزين وعاليين، همه الوحيد تداريبه ولعب الكرة، صبور إلى حد التعبير عن عدم رضاه بالصمت لكن تقاسيم وجهه تنم عما يعتمل داخله، لم يسبق له الإساءة لأحد ، يحترم نفسه أولا ثم يحترمه الناس، كل هذه الخصال (من وجهة نظري )رأيتها وعشتها عن قرب كما لمستها في سلوكاته المعبرة، كم كان يحترمنا ويحترم كل الناس ويكره مضايقتهم، إذا لم تكلمه لا يكلمك، ليس تكبرا منه بل احتراما وتقديرا، وكيفما كان الحال، فحسن بوالرواين إنسان رائع ومتخلق ولاعب كبير، استحق الإشادة وشهادة التقدير من الصحافة والنقاد ،ومن المنافسين والخصوم، قبل المحبين والأنصار، وخاصة عندما كان يبدع على المستطيل الأخضر… بدايته مع كرة القدم كانت في سن مبكرة،( بحكم أن الجميع يحب كرة القدم، التي لا تحتاج إلى مصاريف كثيرة، وخاصة في بداية تعلم أبجدياتها… )، وهو طفل صغير بحي القصبة ينافس أقرانه في لعب «التينيسة»على الجدران وفي أماكن محددة، وفي هذه السن المبكرة تظهر المواهب التي سيكون لها شأن عظيم، إن وجدت من يقف بجانبها ويرعاها ويصقل مواهبها الظاهرة والخفية. في عام 1983 انضم لشباب المحمدية وتدرج عبر كل فئاته العمرية، انضم بعدها لترسانة اللاعبين الذين يشكلون مجموعة الفريق الأول للشباب، ومنذ المباراة الأولى التي ظهر فيها بمستوى مُلفت، أخذ مكانه في التشكيل الرسمي وبرز بمهارات قوية لفتت انتباه الجميع وخصوصا من شاهدوه في بطولات الأقسام الصغرى. وبما أن أحد المسيرين لشباب المحمدية كان من أصول سطاتية وهو الحاج نظري، الذي كان «موظفا» في الأمن الوطني، فقد أعجب كثيرا بحسن بوالرواين وعمل جاهدا على انتدابه لنهضة سطات أيام إدريس البصري، ونجح في ذلك بعد انتقال رئاسة شباب المحمدية من المرحوم علي اليوسفي الذي كان يرفض التخلي عن بوالرواين مهما كان الثمن أو الضغوطات، إلى صاحب المطاحن الكبرى بالمحمدية صلاح الدين العراقي الذي سهل مأمورية الحاج نظري وسمح بانتقال اللاعب لسطات … وكان الكوكب المراكشي أيضا في عهد رئيسه آنذاك محمد المديوري (الحارس الخاص للملك الحسن الثاني رحمه الله) ،يضغط بقوة لانتداب حسن بوالرواين، حيث كان ضغط الكوكب كبيرا، وكان رئيس الشباب آنذاك الحاج علي اليوسفي رحمه الله قد سرب خبر هذه الضغوطات، وكان يرفض بقوة تسريح بوالرواين وعدم التفريط فيه، وكنت قد كتبت مقالا في الموضوع نشر بالصفحة الرياضية لجريدة الاتحاد الاشتراكي، وكان له الصدى الكبير مما جعل كل تلك الضغوطات تتوقف .. وبعد انتقاله للنهضة السطاتية، لعب مع هذا الفريق، ثم انتقل لفريق أولمبيك البيضاوي»جمعية الحليب سابقا» وفي هذا الفريق برزت القوة الكبيرة لحسن بوالرواين، وفاز معه بكأس العرش ثلاث مرات، 1993/1992/1991، – البطولة الوطنية في موسم1995/1994، وفاز معه أيضا بالكأس العربية ثلاث مرات، الإمارات العربية1991، جدة العربية السعودية1993، قطر1994، كما فاز بجائزة أحسن لاعب في البطولة الأخيرة بقطر، ولا ننسى أيضا أنه لعب للرجاء العالمي واحترف بفريق الاتفاق السعودي ..وعلى ذكر (جمعية الحليب =أولمبيك البيضاوي)، استسمح وأفتح قوسا حول موضوع «القصة» التي تلوكها بعض الألسن المنافسة للرجاء العالمي، وهي قصة فيها الكثير من المغالطات والكثير من الكذب، الهدف منها النيل من فريق الرجاء ومساره الناجح مع البطولات والألقاب، فما يروج على مواقع التواصل الاجتماعي حول اندماج أولمبيك البيضاوي لا أساس له من حقيقة الموضوع، وقد زاد الموضوع كذبا بعض الصحافيين الموالين لمنافسي الرجاء، فالذي حدث أن أولمبيك البيضاوي الذي أخذ مكان جمعية الحليب بعدما تخلصت منها شركة الحليب، غير الاسم إلى: «أولمبيك البيضاوي»وأصبحت مجموعة» ona» مالكه الشرعي، وبعدما أثقل كاهل مؤسسة» أونا « المحتضن الرسمي له، بمصاريف باهظة قررت المؤسسة حل الفريق، مما جعل اللاعبين الذين يلعبون له أحرارا باستطاعتهم الانضمام لأي فريق يريدون، وهكذا انضم القليل منهم للرجاء المغربي وتوزع الباقي بين فرق وطنية أخرى والاحتراف بالخليج (أوزوكات، القدميري… إلخ)، لو كان اندماجا لتغير اسم الرجاء ويحمل اسم يرمز للفريقين معا كما حدث مثلا بين الدفاع الجديدي وحسنية الجديدة عندما اندمجا تغير الاسم إلى «الدفاع الحسني الجديدي، وكان في بداية الاستقلال قد وقع نفس السيناريو تقريبا سنة 1957 عندما «اندمج « فريق «usm» الاتحاد الرياضي المغربي في فريق الوداد البيضاوي حيث رحل أصحاب النادي لفرنسا بعد الاستقلال، واغتنم الوداد الفرصة ليضم إلى صفوفه لاعبي الاتحاد الرياضي الذين وجدوا أنفسهم بدون فريق لينضموا للوداد، نذكر من بينهم الحاج العربي بنمبارك ،عبد الرحمان بلمحجوب، والهداف جيست فونتين… إلخ. فلماذا لم يتكلم أحد عن «اندماج «الوداد مع «usm اليسام»، بل يتكلمون فقط عن الرجاء كأن هذا الفريق ينزل كالطير على رؤوسهم (…). على مستوى المنتخبات الوطنية فقد لعب لكل فئاتها السنية بالإضافة لكبار المنتخب الوطني، وذلك من 1985حتى1996 وشارك في عدة لقاءات مهمة إقصائية وإعدادية، سواء مع الفتيان أو الشبان أو مع الكبار. وقد قام حسن بدوره بكل تفان وإخلاص في انضباط تام لتعليمات المدربين وخططهم والذين تدرب على أيديهم طيلة مسيرته الكروية الناجحة، نتمنى لحسن بوالرواين حياة راغدة كلها أفراح ومسرات وطول العمر، كما نتمنى له الشفاء العاجل بعدما أجرى عملية جراحية بالديار الأمريكية التي يعيش فيها هو وعائلته. فبعدما أعطى من العرق ما بلل به كثيرا أقمصة الأندية والمنتخبات الوطنية التي لعب لها، لم تكن الاستفادة على مستوى العطاء، حيث لم يستطع التوفر على عمل قار ومدخول يضمن له الحياة الكريمة في بلده المغرب فاضطر للهجرة إلى أمريكا صحبة عائلته الصغيرة واستقر هناك بصفة رسمية منذ سنوات.