شكل موضوع «دور الجامعة في تحقيق التنمية المستدامة» محور اللقاء العلمي الذي عقده أخيرا مختبر العلوم التطبيقية بالمدرسية الوطنية للعلوم التطبيقية بالحسيمة لفائدة الأساتذة الباحثين والطلبة المهندسين وعموم المهتمين بالجامعة في ارتباطها بالوضع التنموي. اللقاء أطره أستاذ علوم المعلوميات بجامعة «ديلفت» الهولندية؛ الدكتور سعيد حمديوي، الذي يعتبر أول مغربي يتولى منصبا أكاديميا رفيع المستوى بهذه الدولة التي التحق بها سنة 1991 من أحل استكمال دراسته العليا بعد أن تلقى تعليمه الثانوي بثانوية المغرب العربي؛ ودراسته الجامعية بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بجامعة محمد الأول بوجدة. وتمحور اللقاء أساسا حول السبل البيداغوجية والتدبيرية الكفيلة بجعل أي مؤسسة جامعية من أرقى الجامعات العالمية؛ مستحضرا في هذا الجانب تجربة جامعة «ديفلت» التي أسست سنة 1986 من القرن الماضي وأصبحت؛ اليوم؛ تحتل المرتبة الأولى في هولندا والمرتبة 17 على المستوى العالمي. وفي هذا الإطار أكد الدكتور سعيد حمديوي أن أسباب نجاح جامعة «ديلفت» الهولندية مرتبطة أساسا بالنظام التربوي المتبع فيها والبحث العلمي وكذا تثمين المنتوج العلمي من خلال بلورة البحوث على أرض الواقع؛ مع اعتماد المقاربة التشاركية بين مختلف الفاعلين في الحقل التربوي؛ وخاصة بين الأطر التربوية والإدارية والطلبة. وأشار الأستاذ المحاضر خلال نفس اللقاء إلى أمثلة من نماذج المقاربة التشاركية المعتمدة في هذه الجامعة من قبيل إشراك مكتب الطلبة في بلورة القوانين المؤطرة للعمل التربوي؛ إضافة إلى الإنفتاح على المحيط السوسيو اقتصادي من خلق مقاولات من داخل الجامعة. وأضاف في هذا السياق قائلا أن بلدا مثل هولندا -والذي لا تتعدى مساحته 42000 كلم مربع وعدد السكان 17 مليون نسمة- لم يتأتى له احتلال المرتبة الثانية عالميا في تصدير المنتوجات الفلاحية بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية إلا بعد ربط تطوير نظم الفلاحة بالبحث العلمي واستعمال أخر صيحات التكنولوجيا في هذا المجال. وبمناسبة حديثه عن البحث العلمي أشار الأستاذ المحاضر إلى آخر ما وصل إليه هذا المجال في إنتاج الخوارزميات المتعلقة بالحماية الالكترونية و المعلوماتية، كما أوضح أهمية الفيزياء الكمية في تطوير هندسة المعلوميات وإنتاج الحاسوب الكمي ذو السرعة الخارقة. وفي نفس السياق دائما، اعتبر الأستاذ المحاضر أن هذا الموضوع يشكل أبرز اهتمامات البحث العلمي حاليا على الصعيد العالمي. حيث تبقى فكرة إنتاج الحاسوب الكمي رهينة بالبحوث العلمية التي ستقدمها الإسانية؛ على الأقل؛ خلال العقود الثلاثة المقبلة. وفي الأخير أكد نفس المحاضر أن نجاح أي نموذج تنموي فهو بالضرورة مرتبط بالاستثمار في التكوين؛ والتكوين الجامعي بالخصوص؛ وذلك عبر تخصيص الإمكانات المادية الضرورية للبحث العلمي وإرساء دعائم الثقة بين مختلف الفاعلين المجتمعيين من اجل خلق شراكات دائمة ومثمرة.