احتضن المركب الثقافي البلدي «الحرية»، مساء الأربعاء ثالث أبريل الجاري، حفل الافتتاح الرسمي للدورة الثامنة لمهرجان فاس للفكاهة، الذي حضره جمهور غفير غصت به جنبات القاعة الكبرى للمركب. وقد ساهم بشكل كبير في نجاح هذا الحفل عرض مسرحية «لمبروك» الممتعة على عدة مستويات، وهي من تأليف الفنان أنس العاقل ومن إعداد وإخراج الفنان المبدع أمين ناسور. في بداية الحفل الذي نشطه الكوميدي الشاب محمد طوير الجنة، وبعد عزف النشيد الوطني من طرف فرقة نحاسية شابة وممتعة من فاس، ألقى مدير المهرجان ورئيس الجمعية المنظمة، الفنان محمد العلمي، كلمة رحب من خلالها بضيوف المهرجان وبالأسر الفاسية العديدة التي تعودت حضور هذه التظاهرة الفنية السنوية للترفيه عن النفس والتمتع بالعروض المسرحية والسهرات الكوميدية المختلفة، كما شكر كل الداعمين لهذا المهرجان منذ انطلاقته، أفرادا ومؤسسات، وذكر الحضور بفقرات البرنامج العام لدورة هذه السنة، التي انطلقت منذ صباح أول يوم من أيام المهرجان بورشة تكوينية في موضوع «كتابة المادة الكوميدية» من تأطير الفنان هشام الغفولي، تلتها ورشة ثانية في «إعداد الممثل» من تأطير الفنان عبد العلي فهيم (اليوم الثاني) وستتلوهما تباعا ورشة «تقنيات الارتجال» من تأطير الفنان أمين المربطي (اليوم الثالث) وورشة «تقنيات الإلقاء على الخشبة» من تأطير الفنان عز الدين حتا (اليوم الرابع). شكل عرض مسرحية «لمبروك» حدثا بامتياز في حفل الافتتاح، إذ أمتعت فرقة «ستيلكوم» الحاضرين بهذا العمل الجديد، وهو من إنتاج المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط في موسم 2018/2019، على عدة مستويات. فالممثلون الستة، عبد لله ديدان ولطيفة أحرار ونجوم الزوهرة وهاجر الشركي ووسيلة صابحي وفريد الركراكي، كانوا أكثر من مقنعين بحركاتهم ورقصاتهم وكلامهم وأغانيهم، والأسلوب الجديد في إخراج المبدع أمين ناسور كان ملموسا عبر تواطئه الجميل وقدرته على خلق انسجام بين مختلف العاملين في المسرحية على مستويات الملابس والإنارة والسينوغرافيا والموسيقى… هذا الانسجام شبه التام بين مختلف مكونات هذا العرض المسرحي، هو الذي شد إليه انتباه الجمهور الغفير، الذي حج إلى المركب الثقافي الحرية، من بداية المسرحية إلى نهايتها دون ملل أو كلل. لقد غاب الأسلوب المباشر عن المسرحية، وحضرت فيها مواقف ولوحات أثيرت فيها قضايا عدة يحبل بها الواقع المجتمعي المغربي، كالرغبة العارمة في الهجرة خارج الوطن والحب المبني على المصلحة الذاتية والإرهاب باسم الدين…، بطرق فنية جميلة تحقق الفرجة والمتعة وتدعو إلى التأمل والتفكير والتأويل أيضا. ولعل الشيء الجميل في ختام المسرحية هو التأكيد على ضرورة العودة إلى الذات للبحث عن حلول لمشاكلنا المختلفة، فهذه الحلول لا توجد في الخارج وإنما في الداخل. تجدر الإشارة إلى أن مخرج المسرحية في كلمته، بعد نهاية العرض وتقديم طاقمه التقني، أبى بعد شكر المنظمين والجمهور الفاسي الذواق إلا أن يؤكد على أن فاس تزخر بالمواهب الفنية ومن بينها مبدع سينوغرافيا مسرحية «لمبروك» وغيرها الفنان أنور الزهراوي. ولم يفت هذا الأخير بدوره أن يشكر والدته ووالده الفنان المسرحي الحاج العربي الزهراوي اللذان لم يبخلا عليه أبدا بالتشجيع والدعم المادي والمعنوي. كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن مهرجان فاس للفكاهة في دورته الثامنة من 3 إلى 6 أبريل 2019 تحت شعاره الدائم «فاس تبتسم» من تنظيم جمعية الفكاهيين المتحدين للثقافة والفنون بدعم من وزارة الاتصال (قطاع الثقافة) والمسرح الوطني محمد الخامس وبشراكة مع مجلس جهة فاس/مكناس ومجلس جماعة فاس.