كشفت التساقطات المطرية، التي عرفتها جماعة مول البركي إقليمآسفي، عن «عورة» البنيات التحتية، جراء التهميش وسوء التدبير وتغليب المصالح الذاتية والخاصة على المصالح العامة. هذه الجماعة نموذج صارخ لمن أراد أن يزكي الحجة بالدليل، فبالرغم من إثارة وفضح كل أشكال الاختلالات والتهميش والعزلة عبر صفحات الجريدة في العديد من المناسبات، وبالرغم من قيام المعارضة الاتحادية بالمجلس الجماعي التي يسيرها مكتب ضعيف للمرة الثانية على التوالي، فإن السلطات المسؤولة التابعة للوزارة الوصية مازالت تفضل غض الطرف وترك دار لقمان على حالها. اليوم تبزغ «شمس الحقيقة» بعد أمطار الخير الأخيرة وتظهر العيوب التي كانت تتستر عليها المساحيق وسياسة الترقيع ونفخ «البونات» وتطمس واقعها المزري تربة «التوفنة»، وتعبيد بعض الطرق والممرات التي تزيد من العزلة مع هبوب كل رياح قوية أو أمطار حتى وإن كانت خفيفة، لكنها زادت بعض المسؤولين المنتخبين غناء وترفاً على حساب سكان الدواوير بهذه الجماعة القروية التي تبعد عن مدينة آسفي بحوالي 37 كيلومترا عبر طريق دار السي عيسى. الأمطار الأخيرة كشفت، أيضاً، عن أخطار وأضرار تسبب فيها جشع أحد نواب الرئيس وبدعم منه، حين شجع على دعم ريع المقالع، حيث انتشرت المقالع في ولايتي الرئيس الحالي بشكل لا يدعو فقط إلى الاستغراب، بل يتطلب فتح تحقيق في الموضوع للوقوف على كم هي المداخيل التي جنتها هذه الجماعة من هذه المقالع؟ ومن هو المقاول الذي ترسو عليه هذه الصفقة، حتى وإن كانت تمر دون عرض وطلب ، ولم تعرف ميزانية الجماعة أي دخل، حسب مصادرنا، من المقالع، اللهم بضعة ملايين قدمتها كقربان الشركة التركية التي تشرف على الطريق السيار الرابط بين الجديدةوآسفي، وبعد تدخل قائد دائرة مول البركي شخصياً، في حين عوض انكباب رئيس الجماعة على أمور الجماعة ومصلحة ساكنتها، تراه منشغلا صحبة « أتباعه»، بوضع استراتيجية العودة إلى نفس المقاعد ونفس المسؤولية مع دراسة معمقة للأشخاص الذين لهم أتباع بواسطتهم وبواسطة الوسائل الممكن استخدامها لإغرائهم، حتى يتمكنوا من ضمان مساندتهم. وحسب مصادر من عين المكان، فإن هذا التخطيط المستقبلي والاستباقي لو استعمل نصفه، لعاشت الجماعة في ظروف أفضل! بمنطقة «هارون» التابعة ترابياً لهذه الجماعة، وبعد أمطار الخير الأخيرة، ظهرت جلياً آثار التهميش وسوء التدبير بالدواوير المجاورة لهذه المنطقة، والتي تعاني من نقائص متعددة، حيث الأضرار والمخاطر تحيط بها من كل جانب. فمساحة مهمة من أراضي هذه المنطقة تعتبر مجمعاً كبيراً لمياه الأمطار منذ سنوات ومصباً لمياه مجاري السقي، والتي غالباً ما تكون ممزوجة بمحلول المبيدات والأسمدة الكيماوية المستعملة في رش النباتات ضد بعض الحشرات الضارة بالمزروعات وضد بعض الطفيليات التي تنمو مع المزروعات، وسرعان ما تمزج مع المياه الراكدة المتجمعة في هذا المستنقع الكبير، إلا أن خطورتها تكمن في تسرب المياه الملوثة إلى جوف الأرض وتمتزج مرة أخرى مع المياه الجوفية التي تصب في بئر «البخايتا» الذي يزود ما يفوق سبعة دواوير بالماء الشروب، ودون عملية تصفية، لتنتقل مباشرة الأمراض إلى السكان، أطفالا وشيوخاً، نساء ورجالا، وإلى ماشيتهم، بالإضافة إلى أن العديد من الدور الآهلة بالسكان، على اعتبار أن هذه المنطقة تعتبر تجمعاً سكنياً مهماً، تتسرب إليها مياه هذه «البحير» الملوثة، فظهرت التصدعات والهشاشة، وهو خطر آخر انضاف إلى أخطار سابقة. وبهدف الوقوف على حقيقة الأوضاع بالمنطقة قام فعاليات المجتمع المدني بزيارة ميدانية لاستطلاع الوضع بهذه الدواوير حيث قام رئيس جمعية ريح تراب الحصبة للبيئة والتنمية بمعية أعضاء من الجمعية بمعاينة الوضع عن قرب والاستماع إلى شكايات المواطنين. وزارت المنطقة أيضا كل من جمعية الكرامة للتضامن والبيئة والتعاونيةالفلاحية النصر بدوار الربيع اللذان وقفا على حقيقة المعاناة بالمنطقة. بعض شيوخ هذه الدواوير أكدوا للجريد، التي انتقلت إلى عين المكان، أنه في مطلع السبعينات كان مبرمجاً تشييد سد بضاية «الشريگات» يحمي المنطقة من الفيضانات ويسهل عملية السقي، ويحافظ على المياه من الضياع، علما بأن تكلفة مياه السقي جد مرتفعة وأثقلت كاهل العديد من الفلاحين وملاكي الأراضي السقوية منذ عملية الضم التي شملت جزءاً كبيراً من الأراضي الفلاحية بجهة عبدة منذ ما يفوق العقدين. إن الحالة المزرية اليوم، بعد الأمطار الأخيرة، تكشف سوء التسيير والتدبير العشوائي، والذي طالما تطرقت إليه الجريدة في أكثر من مناسبة، وأكد عليه مستشارو المعارضة الاتحادية بمجلس الجماعة القروية مول البركي، وبشكل جلي كاتب فرع الاتحاد الاشتراكي بهذه الجماعة العضو بمجلسها ، وأمام أعين ممثلي السلطة المحلية، خاصة في الدورة الأخيرة ، حين تطرق لمجموعة من الفضائح منها استغلال معدات وآليات الجماعة من طرف النائب الثالث وسياقته بدون سند قانوني لسيارة الإسعاف وابتزاز المواطنين الذين أرغمت كل واحد منهم ظروف معينة، على اللجوء إليه، وحين تقدم أحمد المؤدن بسؤال عن من يسوق سيارة الإسعاف، أجاب الرئيس بعد تردد بأن سائقها هو الموظف «فتح الله»، ليتبين بعد ذلك، أن سائقها ومستغلها والمسيطر عليها هو النائب الثالث، أما الموظف فما هو إلا سائق بريء لحد الساعة من سياقة سيارة الإسعاف! الأغرب في الأمر أنه في محضر الدورة تم تحريف جواب الرئيس واكتفى مخرج هذه المهزلة بذكر السؤال فقط ! لقد كشفت أمطار الخير ، إذن، ما كان مستوراً وعرت حقيقة «إصلاح» الطرق والممرات التي لم تدم تربة «التوفنة» بها ونوع جودتها طويلا، وعرت اختلالات التسيير ونفخ الفواتير وأزالت الغشاوة التي كانت تحجز الحقيقة عن الناس، وأزيلت المساحيق التي تملأ التقارير المرفوعة، كون المكتب المسير فتح ودشن وفك العزلة... والواقع أن العزلة اشتدت وأن التهميش ظهرت معالمه وضياع حقوق الساكنة برزت عناوينه المدوية. فهل تتحرك الدوائر المسؤولة؟ هل الوزارة الوصية في شخص العامل والوالي، ستأخذ هذه المعاناة وهذه «الحگرة» بعين الاعتبار وتتخذ الاجراءات اللازمة للحد من هذا العبث الممنهج؟ أم أنها ستمر عليها مر الكرام وتضرب بيدها اللينة على كتف الرئيس و«مجموعته» ، مساندة له ومؤيدة «تسييره» لقهر الطبقة الشعبية المسحوقة من ساكنة الجماعة القروية مول البركي؟ لننتظر. فالأيام القادمة ستكشف كل مستور!