بعد إعلان الحكومة أمس عن انخفاض جديد في أسعار المحروقات، ينتظر المواطنون انعكاس هذه الانخفاضات المتتالية على أسعار المنتجات والخدمات التي التهبت أسعارها خلال الزيادة السابقة التي عرفتها أسعار النفط، منذ توقيف الحكومة للعمل بآلية استقرار الأسعار الداخلية. والسؤال الكبير هو: هل تستطيع الحكومة أن تفي بهذا الوعد؟ صحيح أن قرار الحكومة خفض أسعار التزويد في محطات الوقود، والذي أحس به أصحاب السيارات، لكن أغلب المواطنين لا يملكون سيارات، وهم يركبون الحافلة التي ارتفع سعرها بنسبة 25 في المائة منذ تخلي الحكومة عن سياسة الحفاظ على الاستقرار، كما ارتفعت أسعار الخضر والفواكه والمنتجات الاستهلاكية، فهل ستصدر الحكومة قرارا بمراجعة هذه الأسعار لأن النفط انخفض؟ لقد عرف سعر الغازوال أمس تراجعا رسميا ب 70 سنتيما في اللتر لينتقل إلى 8,99 درهم للتر الواحد، في حين نزل سعر البنزين ب92 سنتيما للتر الواحد، ليستقر في 10,86 دراهم للتر الواحد. ونفس المنحى التراجعي شهده سعر الفيول رقم 2 الذي انخفض ب 571,20 درهما للطن ليصل إلى 4030,73 درهما للطن، فيما انخفض سعر الفيول رقم 2 الموجه لإنتاج الكهرباء ب 571,18 درهما للطن ليستقر في 3829,19 درهم للطن. بينما عرف سعر الفيول الخاص تراجعا ب 459,21 درهما للطن، ليصل إلى 4526,41 درهم للطن. هذه الانخفاضات المتوالية في أسعار المحروقات تعود بالأساس إلى تراجع أسعار النفط في السوق الدولي ، والتي هوت بنحو 25 في المائة منذ يونيو الماضي ليهبط سعر خام برنت المستخرج من بحر الشمال إلى نحو 87 دولارا للبرميل، متأثرا بوفرة إمدادات المعروض وضعف الطلب، الأمر الذي ساعد على امتلاء المخزونات في أنحاء العالم. ولا فضل للحكومة في إقرار الأسعار الجديدة التي تبقى مع ذلك تحت رحمة السوق الدولي ، علما بأن أسواق النفط حساسة جدا وهشة للغاية، وأي خلل بالعرض سيؤثر مباشرة على الأسعار كما حدث في أزمات الشرق الأوسط منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي، غير أن تراجع أسعار المحروقات في محطات الوقود لن يؤثر بالمثل على جميع المواد الاستهلاكية والخدماتية التي عرفت خلال السنتين الأخيرتين زيادات متتالية . ففي حين بدأ سعر البنزين والفيول والغازوال في التراجع منذ بضعة أشهر، مازالت الأسعار على حالها في جميع القطاعات التي تحججت في السابق بغلاء الطاقة والنقل . وتؤكد جميع التقارير الاحصائية حول منحى التضخم أن تفعيل الحكومة لقرار المقايسة الجزئية بالنسبة للغازوال والتحرير الشامل لسعر البنزين والفيول قبل نحو سنتين، كانت له انعكاسات واضحة على أسعار المحروقات في المغرب، حيث تجاوز سعر البنزين في محطات الوقود 13 درهما كما لامس سعر الغازوال 10 دراهم، وهو ما تبعته طوال الأشهر 18 الماضية سلسلة من الزيادات في قطاعات حيوية كالنقل العمومي ونقل البضائع والمواد الغذائية، مرورا بجميع المواد الاستهلاكية التي يشكل النقل أو الطاقة مركبا هاما من كلفتها النهائية، حيث شهد مؤشر التضخم الأساسي خلال شهر أكتوبر2014 ارتفاعا ب 1,3 %بالمقارنة مع شهر أكتوبر 2013 .