اشترط رئيس حكومة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، نتنياهو ، شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ، الذين طردوا من أراضيهم ومدنهم وقراهم وتم ترحيلهم عنوة عنها بفعل الإحتلال عام 1948 ، مقابل التوصل إلى تسوية مبهمة مجهولة المضمون والتوابع ، وغير محددة التفاصيل والنتائج ، وشرطه المسبق يعني شطب حق العودة وفق القرار الأممي 194 ، وهذا يعني شطب مزدوج ، أي شطب حق العودة للبشر اللاجئين ومنع عودتهم ، وشطب حق إستعادة ممتلكاتهم في مناطق 48 ، مقابل ماذا ؟ مقابل تسوية وفق المصالح التوسعية الإستعمارية الإسرائيلية ، لا تأخذ بعين الإعتبار أي مصلحة فلسطينية لهؤلاء اللاجئين الذين يمثلون نصف عدد الشعب العربي الفلسطيني ، فثمة خمسة ملايين ونصف المليون فلسطيني يعيشون على أرض بلادهم في منطقتي الإحتلال الأولى عام 1948 ، في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ، والثانية عام 1967 في القدس والضفة والقطاع ، يعادلهم خمسة ملايين ونصف المليون يعيشون في بلاد الشتات واللجوء ومخيماتها في لبنان وسوريا والأردن . هل يتذاكى نتنياهو أمام نفسه وأمام الأميركيين الذين كانوا يخاطبهم ؟؟ أم يتذاكى أمام الشعب الفلسطيني والعالم ؟؟ وهل يجد فلسطيني واحد يقبل شطب حقوق نصف شعبه المشرد ليس فقط مقابل تسوية غير واضحة المعالم والنتائج ، بل حتى مقابل تسوية تضمن الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من الضفة والقدس والقطاع ، وإقامة دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية ؟؟ . يبدو أنه ينسى الواقع أو يتجاهله ومطلوب دائماً تذكيره بالواقع وإلتزاماته وإستحقاقاته ، وأصل المشكلة التي سببها مشروعه الإستعماري لإقامة دولة كما قال حرفياً في كتابه « مكان تحت الشمس « صفحة 70 حول خطة هيرتسل وهي بلورة خطة محددة تقوم على « سلسلة إجراءات عملية لإقامة دولة قومية يهودية حديثة في أرض إسرائيل تكون شاطيء أمان ، وبيتاً لملايين اليهود المقيمين في أوروبا « ، وماذا بشأن أهل البلاد ؟؟ لا قيمة لهم ولا تفكير بمصيرهم ، ويبدو أنه وهيرتسل لم يوفقوا في تقدير مواقف وسياسات أهل البلاد وتمسكهم في حقوقهم وبلادهم ووطنهم الذي لا وطن لهم سواه . صحيح أن المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي الأن هو المتمكن والمتفوق والمقرر ، ويملك أدوات إسناد خارجية من طرفين أولاً من الطوائف اليهودية المتنفذة في العالم وثانياً من قدرات ودعم الولاياتالمتحدة ومظلتها القوية ، ولكن هذه القدرة المثلثة للمشروع الإستعماري الإسرائيلي لن تبقى إلى الأبد ، وهي تتأكل تدريجياً ، بفعل صمود وبسالة الشعب العربي الفلسطيني أولاً ، وبفعل تطرف وعنجهية السياسة الإسرائيلية ثانياً وبفعل قرف العالم من هذه السياسة ومحاولة التنصل منها ، بعد أن كان العالم أسيراً لتعاطفه مع مأساة اليهود في أوروبا بسبب النازية والفاشية ومذابحهم ضد اليهود ، والذي لا ذنب للعرب وللمسلمين وللفلسطينيين بها ، وها هي المذابح تمارس ضد الفلسطينيين كما حصل في حرب غزة الأخيرة وأمثالها من قبل ! . حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم التي طردوا منها عام 1948 ، حق لا يتلاشى بالتقادم ، بل يتجدد بالتوالد والوعي الفلسطيني مسنوداً بالقرار الدولي ، وتفهم المجتمع الدولي لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين المشردين خارج وطنهم ، ولمعاناة المقيميين المزروعين في وطنهم رغم الإحتلال ، وسلسلة الإعترافات الدولية بفلسطين تأكيداً على هذا التعاطف ، وتأكيداً لحقوق الشعب الفلسطيني ، وتأكيداً لرفض المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وسياساته وإجراءاته . على نتنياهو وحزبه وقياداته ومن معه ومن حوليه أن يدركوا أن هناك ثلاثة عناوين عليهم حلها أولاً حق اللاجئين بالعودة إلى اللد ويافا وحيفا وصفد وبئر السبع وفق القرار 194 ، وثانياً حق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة وفق القرار 181 ، وثالثاً حق الفلسطينيين أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة بالمساواة الكاملة على أرضهم وفي وطنهم ، فهل يدرك ؟ هل يفهم ؟ أم أن الوقائع وتطور الأحداث والحياة ستفرض عليه الفهم كما حصل لجنوب إفريقيا العنصرية وكما حصل لكل المشاريع الإستعمارية المهزومة ؟ [email protected]