إذا كانت مدينة الدارالبيضاء تعتبر العاصمة الاقتصادية للمملكة وقاطرتها الأولى في هذا المجال، فإن عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان تعد القلب النابض في التجارة لتوفرها على نقط تجارية وأسواق مشهورة على الصعيد الوطنين نذكر منها ( قيسارية الحفاري ، قيسارية الشاوية والعطارين ، كراج علال ، سوق التمور ، أسواق القريعة وسوق الصباغة …)، هذا بالإضافة إلى” الأسواق النموذجية ” التي تتواجد هنا وهناك داخل النفوذ الترابي لهذه العمالة. إلا أن هذه الأسواق وعلى كثرتها و شهرتها الواسعة، تتميز غالبيتها بالعشوائية والفوضى والانفلات التنظيمي، ومرد ذلك، حسب عدد من التجار النظاميين ، إلى “التقصير في المسؤولية بالنسبة للسلطات المكلفة بالمراقبة وفرض النظام طبقا للقوانين المنظمة، تعلق الأمر بسلطات العمالة أو بالدوائر والملحقات الإدارية التي تتواجد بترابها هذه الأسواق والقيساريات” ، وضع ساهم في انتشار العديد من النقط السوداء في هذا المجال، بحيث لا يلبث المتجول في أحد الأسواق أن يكتشف أن احتلال الملك العمومي والممرات والأرصفة يشكل السمة البارزة، “لدرجة أن العديد من المحتلين للملك العمومي أضحوا ينعمون بالاستقرار أكثر من أصحاب المحلات التجارية المطالبين بأداء واجبات الرسوم والضرائب” تقول المصادر ذاتها، مضيفة “و على عكس ما هو متعارف، لم يعد احتلال الملك العمومي بهذه المنطقة حكرا على الأسواق والقيساريات، بل تجاوزه ليتحول إلى بعض الأزقة والدروب والشوارع في ظل سياسة غض البصر التي حولتها إلى أسواق جديدة، منها الاسبوعية كالتي أصبحت تعرف بأسواق الشمال، والتي تعد وجهة مفضلة للعديد من التاجرات والتجار القادمين من عدة مدن مغربية خاصة مدن الجنوب، أما شارع محمد السادس فقد تحول الجزء المتواجد بتراب عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان إلى شارع شبه محتل ، وفي الأعياد والمناسبات إلى احتلال تام من طرف الباعة الجائلين لدرجة يصبح المرور منه من سابع المستحيلات لجميع أصناف وسائل التنقل، وضع يضطر معه أحيانا سائقو سيارات الأجرة ،كبيرها وصغيرها، إلى إخبار الزبناء أنهم لن يتجاوزوا كراج علال ” . وغير بعيد عن هذه “النقط السوداء ” في ما يخص عرقلة السير نتيجة استئساد مظاهر الفوضى ، هناك سوق التمور ، حيث احتل بعض التجار مساحات كبيرة تضاعف مساحة محلاتهم مرات ومرات مما يؤثر على انسيابية حركة المرور، إذ أن الشاحنات القادمة من وجهات مختلفة تفرغ حمولتها من التمور الوطنية أو المستوردة وسط الطريق أمام واجهة المحلات التجارية في غياب الجهات المسؤولة عن تنظيم السير والجولان . ومثل هذه العمليات تتكرر في أحياء أخرى كحي بوشنتوف بعد أن تحولت بعض أزقته وأزقة درب المتر لأسواق للأحذية رغم ضيقها ؟ وإذا ما انتقلنا إلى أسواق القريعة فحدث ولا حرج، حيث أن أول شيء يثير الإنتباه هو أن ما يوجد بمحيط هذه الأسواق وداخل ممراتها ومسالكها وبواباتها أكثر بكثير من مما تتوفر عليه هذه الأسواق من محلات ودكاكين تجارية ؟ “إن الباعث على القلق تجاه مظاهر الفوضى السالف ذكرها ، هو كونها اكتسبت صبغة الديمومة وأصبح من المستحيل التفكير في التخلص منها، لأنها كسبت الرسمية والتزكية من قبل السلطات المسؤولة ، كل جهة حسب اختصاصها ، التي لا تتعامل مع الوضع بالصرامة اللازمة في ما يخص تطبيق القانون المنظم للأنشطة التجارية ، والذي يحمي التجارة المهيكلة التي تعود بالخير على البلاد والعباد ، عوض تكريس العشوائية ضدا على المجهودات المبذولة من أجل القطع مع سلبيات العقود الماضية ” تؤكد المصادر ذاتها .