يجمع المربون، أن مسألة تدني المستوى التعليمي بشكل عام، تعد ضربا من ضروب الأزمة التعليمية التي قد تصيب أي بلد من بلدان العالم، إلا أن هذه الأخيرة «أزمة المنظومة التربوية» ببلادنا بشكل خاص، قد لفتت الكثير من الأنظار، حيث اختلفت الآراء والطروحات في تحديد أسبابها وطرق علاجها فتمخض عن كل هذا، عزم الجهات المسؤولة عن هذا الحقل (حقل التربية والتكوين) تنظيم مناظرات وندوات وطنية وأيام دراسية قصد الخروج من هذه الوضعية المقلقة من جهة، وبغية الرفع من المستوى التعليمي من جهة ثانية، فكانت النتيجة وأن جندت الدولة مفكريها ومربيها وسياستها وفنانينها وحقوقيتها ونقابييها لهذا الغرض، وبالفعل حصلت الجهود على ميثاق جماعي وطني اعتبر من قبل العديد من المفكرين البارزين ك: الدكتورعبد لله ساعف» والأستاذ البردوزي وغيرهما بأنه ثورة بيداغوجية نوعية في تاريخ حقل التربية والتعليم ببلادنا. ترى هل استطاع الميثاق عبر كل محتويات ومقتضياته: التربوية منها والدعامتية والإقتراحاتية أن يصمد أو يعالج الإكراهات الاجتماعية الملحة للمتعلم والخصاص الحاد التي تعانيه المؤسسة التعليمية؟ ثم إلى أي حد تستطيع الجودة المتوخاة أن تستمر «كإستراتجية مراهن عليها» في الزمان والمكان أو كواقع إجرائي فعلي، اقتضته الحتمية المعرفية والتاريخية؟ من جملة العوامل المثبطة لتحقيق متطلبات ومقاصد المنظومة التربوية الحديثة بالاضافة الى عنصر الجودة، الذي أضحى ضرورة تاريخية وحضارية تأسيسا على مشهد التحولات النوعية التي تعرفها الأمم في سجل دراساتها وبحوثها العلمية المتواصلة هناك: العوامل الاجتماعية: يمكن تلخيص الحاجيات الاجتماعية في الظروف المادية المعيشية والاقتصادية التي تعيشها أسرة المتعلم من جهة، والمحيط الاجتماعي الفقير الذي ينتمي إليه هذا الأخير ، بدءا من الجيران واصدقاء الحي والأقارب….الخ إذ بقدر ما يكون هذا الوسط إيجابيا في تواصلاته وتحفيزا ته وتشجيعا ته للطفل عموما بقدر ما تنعكس أثار هذه المعاملات الطيبة على شخصية هذا الأخير- أي المتعلم – وتتفتق إدراكاته و تتطور امكانياته و تتسع احلامه وافاقه وميولاته في اتجاه الاكتشاف ومراكمة الخبرات والتواصل الايجابي و البناء هذا فضلا عن المناخ الذي يحياه مع والديه بالبيت، إذ كلما كانت الأجواء مستقرة وحافلة بالانفتاح والتواصل ومتشبعة روح الحوار واحترام الآخر كلما تشبعت شخصية الطفل بهذه السلوكات، وأصبحت في النهاية ثقافة ينهجها ويمتلكها المتعلم سواء في وسطه الدراسي أو مع أقرانه خارج المؤسسة. العوامل البيداغوجية: وتشمل: المدرسة: كفضاء تعليمي وتربوي، بقدر ما كانت قريبة من المتعلم ، مجهزة وذات مرافق و فضاءات واسعة، تاعد المتعلم على الحركة و تبعث في نفسه رغبة التشارك والانخراط والانتاج، تكثر فيها الحفلات والأنشطة الموازية، بقدر ما يتعزز ارتباط هذا الاخير بها و يشد الرحال إليها صباح مساء منتشيا و فخورا بانتمائه إليها. ب – المدرس: يلعب المدرس دورا رياديا في إنجاح العملية التعليمية وتشكيل شخصية المتعلم الفتية ليس على مستوى المعارف والتعلمات فحسب، وإنما -هذا هو الأهم- على المستوى النفسي والوجداني والمهارتي للمتعلم، فبقدر ما تكون شخصية المدرس مقبولة عند الطفل، ومرغوب في التواصل معها ، تأسيسا على ما يقدمه من نصائح وارشادات و يبديه من حسن المعاملة والتشجيع والإنصات لمشاكل وصعوبات تلاميذه، بقدر ما يكون المتعلم منتبها، متحفزا ومستقر البال أثناء الحصص الدراسية، مما يترجم رغبته الأكيدة في التحصيل العلمي و المعرفي. إن المدرس الذي لا يلعب دور الوسيط والمدرب والموجه كما يقول ذ: محمد بوبكري والأب في معظم الأحيان، سواء عند تقريبه وتمريره للمعارف والمعلومات وفكه للألغاز والصعوبات، غالبا ما يخلف سلوكه وتصرفه هذا ، الخوف لدى المتعلم والتردد وعدم الرغبة في الاستمرار، بدعوى صعوبة المناهج وطول المقررات، وهذا بطبيعة غير صحيح. ترى هل ستنجح جهود الإصلاح في مواجهة الاختلالات الحاصلة والحاجيات الملحة «لمتعلمينا» لتحقيق الجودة والتنمية المنشودة لنظامنا التعليمي؟.