يجمع المربون، أن مسألة تدني المستوى التعليمي بشكل عام، تعد ضربا من ضروب الأزمة التعليمية التي قد تصيب أي بلد من بلدان العالم، إلا أن هذه الأخيرة « أزمة المنظومة التربوية» ببلادنا بشكل خاص، قد لفتت الكثير من الأنظار، حيث اختلفت الآراء والطروحات في تحديد أسبابها وطرق علاجها فتمخض عن كل هذا، عزم الجهات المسؤولة عن هذا الحقل (حقل التربية والتكوين) تنظيم مناظرات وندوات وطنية وأيام دراسية قصد الخروج من هذه الوضعية المقلقة من جهة، وبغية الرفع من المستوى التعليمي من جهة ثانية، فكانت النتيجة أن جندت الدولة مفكريها ومربيها وسياستها وفنانينها وحقوقييها ونقابييها لهذا الغرض، وبالفعل حصلت الجهود على ميثاق جماعي وطني اعتبر من قبل العديد من المفكرين البارزين – ك « د : البردوزي على سبيل المثال « ثورة بيداغوجية نوعية في تاريخ حقل التربية والمتعلم «. ترى هل استطاع الميثاق من خلال محتوياته ومقتضياته ، التربوية والدعاماتية أن يصمد في وجه التحديات المطروحة و يعالج الإكراهات الاجتماعية الملحة للمتعلم ،والخصاص الحاد التي تعانيه المؤسسة التعليمية ؟ ثم إلى أي حد يستطيع سؤال الجودة المتوخاة أن يصمد كإستراتجية مراهن عليها في الزمان والمكان أو كواقع إجرائي فعلي، اقتضته الحتمية التعليمية ، التكوينية ،المعرفية والتاريخية ؟ من جملة العوامل المثبطة لتحقيق متطلبات ومقاصد الميثاق الحديثة ،هناك مطلب الجودة، الذي أضحى ضرورة تاريخية وحضارية تأسيسا على مشهد التحولات العلمية والمعرفية و الاقتصادية و الثقافية النوعية التي تعرفها الأمم . ولتحقيقه ( مطلب الجودة ) يجب الاهتمام واستحضار العوامل التالية : العوامل الاجتماعية: يمكن تحليل الحاجيات في الظروف المادية والاقتصادية التي تعيشها أسرة المتعلم من جهة والمحيط الاجتماعي الفقير الذي ينتمي إليه الطفل بدءا من جيرانه وأصدقاء الحي والأقارب….الخ إذ بقدر ما يكون هذا الوسط إيجابيا في تواصلاته وتحفيزا ته وتشجيعا ته للمتعلم بقدر ما تنعكس أثار هذه المعاملات الطيبة على شخصية هذا الأخير وتتفق إدراكا ته وذهنه في اتجاه الاكتشاف ومراكمة الخبرات والتواصلات. هذا فضلا عن المناخ الذي يحياه مع والديه بالبيت، إذ كلما كانت الأجواء مستقرة وحافلة بالانفتاح والتواصل ومتشبعة بروح الحوار واحترام الآخر كلما تشبعت شخصية الطفل بهذه السلوكات، وأصبحت في النهاية ثقافة ينهجها ويمتلكها المتعلم سواء في وسطه الدراسي أو مع أقرانه خارج المؤسسة. العوامل التربوية وتشمل : المدرسة: كفضاء تعليمي وتربوي، بقدر ما كانت تغمرها الدينامية و الدفء التربوي و الترفيهي و قريبة من المتعلم مجهزة وذات مساحة واسعة، ينمو معها تفكير المتعلم ، تكثر فيها الحفلات والأنشطة الموازية، بقدر ما يشد هذا الصغير الرحال إليها فخورا وسعيدا بانتمائه إليها. المدرس: يلعب المدرس دورا رياديا في إنجاح العملية التعليمية وتشكيل شخصية المتعلم الفتية ليس على مستوى المعارف والتعلمات فحسب، وإنما هذا هو الأهم على المستوى النفسي والوجداني والمهارتي للمتعلم، فبقدر ما تكون شخصية هذا الأخير مقبولة عند الطفل، نظرا لما يبديه من حسن المعاملة والتشجيع والإنصات لمشاكل وصعوبات تلاميذه، بقدر ما يكون المتعلم مثلا ومنسجما ومستقر البال أثناء حصص هذا الأخير الدراسية، مما يترجم رغبته الأكيدة في التحصيل ونجاح العملية التعليمية، إن المدرس الذي لا يلعب دور الوسيط والمدرب والموجه كما يقول ذ: محمد بوبكري والأب في معظم الأحيان، سواء عند تقريبه وتمريره للمعارف والمعلومات وفكه للألغاز والصعوبات، يسقط المتعلم حتما في الخوف، والتردد وعدم الرغبة في الاستمرار، بدعوى صعوبة المناهج وتعقد المقررات، وهذا طبعا غير صحيح. ج: الادارة التربوية : و تعتبر عصب الحياة المدرسية و نجاحها ، اذ بقدر ما كانت نشيطة و تتوفر على تصورات و اقتراحات بناءة من جهة ، و يخامرها حب المهنة و عشق التألق و المبادرة و النجاح من جهة ثانية ،بقدر ما يجد التلميذ فيها سكينته وسعادته و رغبته في الاستمرار و الاجتهاد و العطاء . إنها جملة العوامل التي يتحتم الاهتمام بها والاشتغال عليها ، حتى يتمكن المتعلم – في النهاية – ليس من فهم و استيعاب موارد الحجرة الدراسية فحسب ، بل من امتلاك القدرة على تصريفها و استثمارها. ترى هل ستنجح جهود الإصلاح في مواجهة النقائص والحاجيات الملحة « لمتعلمينا « لتحقيق الجودة المنشودة؟.