رفضت، أول أمس الثلاثاء، غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بتطوان، طلب السراح المؤقت الذي تقدم به دفاع المتهم الرئيسي «محمد الكواز» المتابع في أكبر عملية نصب عقارية بالشمال، والتي عرفت إعلاميا بقضية «الكواز ومن معه»، حيث استهل دفاع المتهم الجلسة الثانية أمام هيئة المحكمة بتقديم طلب السراح، الذي تصدى له ممثل الحق العام بالرفض. وكانت هيئة المحكمة، قبل النطق برفض طلب السراح المؤقت، قد أرجأت النظر في القضية إلى جلسة 12 مارس المقبل، وذلك بعدما تقدم مجموعة من محاميي المتهمين والمطالبين بالحق المدني بطلبات التنصيب في الملف، وسط غياب 17 متهما من أصل 22، من بينهم رئيسان سابقان لبلدية مرتيل وثلاثة عدول وثلاثة موثقين بتطوان وزوجة أحدهما. كما عرفت الجلسة تقديم دفاع المتهمين 45 تنازلا جديدا للمطالبين بالحق المدني، ليصل عددهم لحد الساعة 96 تنازلا، مما يؤشر على أن الملف سيأخذ نفس مسطرة التسوية والتنازل، والذي توبع فيه ذات المتهم من طرف المحكمة الابتدائية بتطوان بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد، أدين فيه استئنافيا بسنة ونصف، كما شهدت ذات الجلسة تقديم طلب السماح لعدلين للولوج إلى سجن «الصومال» قصد توثيق عملية بيع شقتين في ملكية المتهم الرئيسي لفائدة ضحيتين في ذات الملف. وكانت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بتطوان قد قررت في وقت سابق تجزيء ملف الكواز، وذلك بمتابعة «محمد الكواز» أمام المحكمة الابتدائية بتطوان في قضية الشيكات بدون رصيد، لعدم توفر مؤونة شيكات عند تقديمها للأداء طبقا للمادة 316 من مدونة التجارة، وأمام أنظار محكمة الاستئناف بتطوان في قضية النصب والاحتيال. وأشار المصدر إلى أنه على الرغم من أن عدد الضحايا المفترضين هو أكثر من 140 ضحية إلا أن أحد عشر مشتكيا فقط هم من تقدموا أمام النيابة العامة بتطوان بشكايات تتعلق بإصدار شيكات بدون رصيد، والتي تقرر عرضها في وقت سابق على أنظار وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتطوان، والتي سبق لها وأدانته بثلاث سنوات، ليتم بعد ذلك استئناف الحكم، ويدان بسنة ونصف سجنا نافذا، بعدما تمكن بمعية أحد شركائه في الملف من تسوية أغلب الشيكات، التي بلغت قيمتها الإجمالية 2.889.775 درهم، حيث طالب جميع أصحابها باسترداد مستحقاتهم، كما عبروا عن استعدادهم لتسوية وضعية شيكاتهم مع المشتكى به. وكان جميع المشتكين قد صرحوا أنهم تسلموا من بطل ملف «الكواز ومن معه» وأخيه عبد الحفيظ، تلك الشيكات بعدما كانا قد وعداهم ببيع شقق منزلية غير أنهما لم يكملا معهم عملية البيع، إذ سبق لهم أن قاموا بدفع أقساط لتلك الشقق، لكن تعذر عليهم استخلاص قيمة الشيكات في الوقت المحدد. وينتظر أن تعرف مجريات القضية عدة تطورات خاصة وأن مجموعة من المصرحين والمستجوبين من طرف قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف ممن يعتبرون ضحايا لم يتم استدعاؤهم للمثول أمام المحكمة لتقديم مطالبهم المدنية، كما أن أطراف الملف، وخاصة منها الأسماء الوازنة، تعمل على عامل الوقت قصد تصفية الملفات مع المطالبين بالحق المدني، وهو ما يفسر غيابهم عن الجلسة الثانية رغم التوصل، وكذا الطلب الذي تقدم به المتهم الرئيسي في الملف قصد السماح لعدلين لولوج المؤسسة السجنية قصد تسجيل عقدي بيع مع جهة معينة يعتقد أنها من المطالبين بالحق المدني. وتعود فصول قضية «الكواز» لشهر ماي من العام 2015 حينما اكتشف عدد من الأشخاص من مدن مختلفة «حوالي 140 ضحية»، أنهم سقطوا في عملية نصب قام بها المتهم الرئيسي محمد الكواز، بعد اقتنائهم شقق بمركب سياحي بالقرب من «كابو نيغرو» وآخر بمنتجع «أمسا» ضواحي مدينة تطوان، إذ تبين أن كل شقة بيعت لثلاثة بل وحتى أربعة أشخاص، من خلال تسجيل كل عقد من العقود لدى موثق مختلف حتى لا ينكشف نصبه، أو إنجاز عقود عدلية، أو عقود مصادق عليها لدى السلطات المحلية، إلا أنه ومع بداية صيف 2015 وانتهاء الجزء الأكبر من الأشغال بالمركب، حج أصحاب الحقوق لتسلم منازلهم، لكنهم فوجئوا بوجود شركاء في ذات المنزل، لتنشب معارك ضارية بين الضحايا أنفسهم في محاولة كل واحد منهم الظفر بالشقة، بل منهم من استعمل القوة للسيطرة على المنزل المفترض ملكيته له. ومع انفضاح القضية بادر المتهم الرئيسي إلى الفرار خارج أرض الوطن تاركا وراءه مجموعة من الضحايا، من بينهم مسؤولون أمنيون وقضاة وأشخاص نافذون لم يستطيعوا تقديم شكاياتهم بالنظر إلى وضعياتهم المهنية والإدارية، هذا إلى جانب مجموعة كبيرة من الضحايا الذين تقدموا بشكايات مباشرة في مواجهة الكواز ومن معه. غير أن نقطة التحول في الملف كانت هي عودة المتهم الرئيسي إلى أرض الوطن صيف 2017 واعتقاله بداية شهر يوليوز من ذات السنة، وسط مدينة طنجة، ليتم فتح تحقيق قضائي معه من طرف مصالح الشرطة القضائية بتطوان وبعدها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بطلب من الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بذات المدينة بعد تشعب الملف، والذي خلال التحقيق معه لم يترك أحدا ولا اسما إلا ذكره، في محاولة منه ل «إغراق السفينة» بما حملت، وهو أمر كان متوقعا من قبل، حيث كشف عن أسماء جديدة لبعض المنعشين العقاريين، شاركوا معه، حسب قوله، في عملية النصب، إضافة إلى منتخبين ومسؤولين ببلدية مرتيل، إلى جانب أسماء أخرى معروفة من بينها موثقون وعدول، كانت المصالح الأمنية والنيابة العامة قد استمعت لهم من قبل في ذات الملف. لكن اللغز المحير في هذه القضية، والذي لم تستطع المصالح الأمنية فكه، يبقى هو اختفاء المبالغ المتحصل عليها في عملياته التدليسية الاحتيالية، خاصة وأنها تعد بالملايير بالنظر إلى عدد الضحايا، والتي لم يظهر لها أثر،«إلى حين»، بالنظر إلى أن بطل الملف «محمد الكواز» أصبح مفلسا ولم يجد المحققون في رصيده البنكي سوى مليون سنتيم بإحدى وكالات البنك الشعبي بمدينة تطوان، ومبلغ ثلاثة ملايين سنتيم نقدا وجدت بحوزته لحظة اعتقاله بمدينة طنجة، بالإضافة إلى شقة بشارع الجيش الملكي والتي يقتسمها مناصفة مع زوجته.