أثارت الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة، بخصوص إخضاع تجار الجملة لنظام الفوترة الإلكترونية والمراقبة الجمركية للسلع المنقولة، غضب أصحاب التجارة الكبرى، في المحلات المتواجدة وسط العاصمة الاقتصادية، لذلك دعوا لإضراب، من أجل التعبير عن احتجاجهم، على ما اعتبروه قرارات مجحفة لم تتم في إطار التوافق. غير أنه، بغض النظر عن الطريقة التي يتم بها تطبيق القوانين الضريبية، الجديدة، فإنه لا يمكن إلا الاتفاق مع نظام الفوترة الإلكترونية والاحتفاظ بالوثائق، المعمول به في كل البلدان المتقدمة، لأنه يسمح للدولة بمراقبة وضبط العمليات التجارية، من أجل أداء الضرائب المستحقة، بشكل واضح وشفاف. من الواضح أنه على الحكومة فتح حوار مع ممثلي هؤلاء التجار، حتى توجد الحلول الضرورية لتطبيق القانون، وحتى يخرج هذا القطاع الذي يتواجد بالخصوص وسط مدينة الدارالبيضاء، من الاقتصاد غير المنظم أو الهامشي، إلى الاقتصاد المنظم، بشكل متدرج ومتفق عليه، ولا مناص للدولة من التقدم في هذا المسعى، إذ أكدت دراسة أنجزتها الكنفدرالية العامة لأرباب المقاولات بالمغرب، تهم سنة 2014، أن الاقتصاد غير المنظم يبلغ مقدار 170 مليار درهم سنويا، بخسارة 34 مليار درهم كمداخيل ضريبية، يشغل 2,6 مليون شخص خارج أي نظام للتغطية الاجتماعية، مما يمثل ضياع6 ملايير درهم سنويا على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ومن المعلوم أن القطاعات المنظمة تؤدي الضرائب، رغم كل مشاكل التهرب والتواطؤ، التي يمكن تسجيلها، كما يؤدي ضرائب الدخل كل المأجورين المسجلين بصفة رسمية، مما يطرح مشكلة العدالة الضريبية، ليس فقط بالنسبة للقطاع غير المنظم، لكن أيضا بالنسبة لقطاعات أخرى مثل الأبناك وعدد آخر من المؤسسات المالية، بالإضافة إلى العديد من المهن الليبرالية، التي تحقق أرباحاً طائلة، لكنها تؤدي أقل بكثير مما يؤديه المستخدم أو الموظف. من الواضح أن هناك إجراءات ضريبية مجحفة، ينبغي مراجعتها، في إطار تقييم شامل لمنظومة الضرائب في المغرب، لكن من منظور تحقيق عدالة ضريبية، عن طريق توسيع الوعاء الضريبي، وإنصاف الفئات الهشة والضعيفة، مثل المأجورين والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتخفيف الضغط عن بعض العمليات في مجالات العقار، على الخصوص،مقابل إلزام تجارة الجملة والمؤسسات المالية وأصحاب الثروات والمهن الحرة ذات المداخيل الكبرى، بتأدية واجباتها.