الجماعة المحلية سابقا والترابية حاليا، هي وحدة ترابية بحدود جغرافية، يعتمد في إحداثها على عدة معايير متداخلة بما في ذلك مراعاة اعتبارات تاريخية واجتماعية وقبلية ثقافية واقتصاديةو..، وتتقاطع وتتكامل وترتبط مصالحها وتنميتها بالجماعات الترابية المحيطة بها وبالإقليم والجهة الترابيين في علاقة بالسياسات المعتمدة من طرف الحكومة إيجابا وسلبا ..وتشتغل مؤسساتيا بناء على تخطيط الدولة وفق القوانين التي تضبط وتحدد اختصاصاتها وسلطاتها وقدراتها بطبيعة الحال وفقا لقدراتها وإمكانياتها البشرية والمادية… وتنص التشريعات المرتبطة بها على أنها إضافة إلى اختصاصاتها الذاتية، يمكن أن تقوم بأخرى مشتركة بينها وبين الدولة، ويمكن أن تنقل إليها من قطاعات حكومية وفقا للقانون.. وتشكل مستوى من مستويات التنظيم الترابي بالمملكة إلى جانب العمالة والإقليم والجهة، وتخضع كلها للقانون العام، وتتمتع بشخصية اعتبارية،واستقلال إداري ومالي باعتبارها تنظيما لامركزيا في اتجاه الجهوية المتقدمة.. وينص الدستور في الفصل 137 على أن: (تساهم الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثليها في مجلس المستشارين.) وإذا استحضرنا مقتضيات الفصل 7 من الدستور الذي ينص على أن: ((تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي،وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية….))، فسنجد أنفسنا كمواطنين ومواطنات وأحزاب سياسية ومنتخبين ومنتخبات أمام جملة من الإشكاليات التي لم تجتهد مؤسسات الدولة كثيرا باعتبارها المسؤول الأول قبل غيرها عن نتائج تدبيرها وإصدارها للتشريعات والأنظمة، كما تشير إلى ذلك القواعد الدستورية، وطريقة تعاملها مع الملفات المطلبية والنضالية للمعارضة والحركة الوطنية مابعد الاستقلال إلى عهد غير بعيد، والتي يتم الإلتفاف عليها أو تجزيئها أو إفراغها من أهم مضامينها، وأحيانا نكون أمام أزمات و احتقان سياسي، أفرز في محطات منه ما أطلق عليه سنوات الجمر والرصاص. وهذا الوصف وحده والذي مازالت نخب سياسية مهمة وذات مصداقية تاريخية ونضالية، تطالب بمراجعات جدية ومصالحات حديثة ببعد أخلاقي وسياسي وحقوقي، بناء على قاعدة رفع وإزالة وتغيير وتصحيح كل السياسات وطرق التعامل مع المجتمع وقواه الحية وقضاياه ومشاكله، والتي تسببت في تهميش دور الأحزاب والنقابات، التي يعتبرها الدستور محور بناء وارتكاز الوعي السياسي ، ونشر الثقافة الحقوقية، ورفع درجات الوعي بالمجتمع ، وهي التي تؤطر وتفرز المنتخبين والمسؤولين للجماعات الترابية وللمؤسسات التشريعية، ومن ثم تشكيل الحكومات وإدارة شؤونها وفق تشكل الأغلبية بالبرلمان… كما نقف على أن الأحزاب السياسية التاريخية بسبب طرق التدبير الرسمي لإحداث وبناء المؤسسات وطرق التعامل مع مكونات المشهد السياسي، وبسبب إكراهات موضوعية وذاتية، لم تتوفق في ضمان استمرار وتطوير القوة، التي كانت تمتلكها، والتي ساهمت بشكل كبير في تأطير المجتمع سياسيا ونقابيا وجمعويا وفكريا طوال الستينات والسبعينات إلى حدود نهاية التسعينات..