بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، احتضن مقر فرع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بوجدة مساء الخميس 29 نونبر2018، مائدة مستديرة حول موضوع “حماية اللاجئات وطالبات اللجوء في ظل قانون 103-13” ، التي نظمتها مجموعة عمل الحماية في مجال الهجرة واللجوء بوجدة، وشارك فيها ممثلو كل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، قطاع العدل، الصحة، فعاليات حقوقية ومدنية مهتمة بمناهضة العنف ضد النساء. وافتتح اللقاء بكلمة لكاتب فرع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بوجدة منسق مركز المساعدة القضائية للاجئين وطالبي اللجوء عبد الرزاق وئام، استعرض فيها السياق الذي جاءت فيه المائدة المستديرة، و”التي تدخل في إطار البرنامج السنوي لمجموعة عمل الحماية في مجال الهجرة واللجوء بوجدة”، مبرزا بأنهم، كحركة حقوقية، يدينون العنف بكل أشكاله وتجلياته “لأنه مبني على اللامساواة والتمييز ويمس أهم الحقوق الإنسانية للنساء”. وتحدث عن اختيار موضوع حماية اللاجئات وطالبات اللجوء كمحور للمائدة المستديرة، مشيرا إلى أن هذه الفئة ، ونظرا للهشاشة التي تعيشها، تعتبر أكثر عرضة للعنف القائم على النوع… وعن المجتمع المدني، قدمت لطيفة رزوك نائبة رئيسة جمعية وجدة عين الغزال 2000، مداخلة تناولت فيها أهم “الثغرات التي تضمنها القانون 103-13” الصادر شهر شتنبر 2018، مبرزة بأن هذا القانون “لا يرقى إلى طموحات الجمعيات الحقوقية وغيرها من الفعاليات المدنية والسياسية والنقابية، وذلك لما سجل من ملاحظات وانتقادات ومؤاخذات سواء على مستوى بنيته أو عدم استقلاله بذاته عن التشريع الجنائي واحتفاظه بنفس خلفيات التجريم والعقاب التقليدية… وضعف تدابير الحماية والخلط بين مهام وأهداف آليات التكفل بالنساء الضحايا، وغياب معايير دقيقة ونوعية عن تشكيلتها وكذلك تغييب دور الجمعيات النسائية في المجال”. وذكرت مجموعة من الملاحظات التي بلورتها العديد من الجمعيات الحقوقية النسائية، في إطار “ربيع الكرامة”، كغياب ديباجة للقانون 103-13، و بأن تعريف العنف الذي ورد في القانون “عام جدا ومقتضب وناقص ولا يشمل أو يغطي كافة أشكال العنف وأفعاله والتهديد به، ناهيك عن إسقاط الامتناع عن القيام بالفعل واشتراط وقوع ضرر”، وكذا مقتضيات التجريم والعقاب التي جاءت مرتبطة بالقانون الجنائي “بنية وموضوعا وخلفية” وكذلك الشأن بالنسبة للمقتضيات المسطرية، “في حين كان من الضروري الانسجام مع الطبيعة الخاصة لهذا القانون، وضمان استقلاله بذاته وبأحكامه الزجرية والمسطرية والحمائية ومقتضيات التكفل بالنساء ضحايا العنف وأطفالهن” تقول المتدخلة. كما أبرزت “غياب أي رابط بين الأفعال التي تعالجها الفصول 404، 431، 446، 481، 1-503 من القانونن” ، مشيرة إلى أنها “تخلط في المعالجة بين بعض أفعال العنف الجسدي وعدم تقديم المساعدة لشخص في خطر”… وأكدت على ضرورة تجريم زواج القاصر” وذلك بحذف المادتين 19 و20 من مدونة الأسرة…”. و أكدت المتدخلة، أيضا، على “حذف شرط المنفعة العامة الوارد بالفقرة الثالثة من المادة 7، والإبقاء على شرط مدة التأسيس والاشتغال حول ظاهرة العنف”، لأن اشتراط المنفعة العامة، حسب المتدخلة ، “تضييق على دور الجمعيات المناهضة للعنف ويتعارض مع المراكز وشراكتها مع خلايا العنف بالمحاكم والمستشفيات تبعا لما جاء بدليل وزارة العدل”، والتراجع عن قانون المسطرة الجنائية المطبق والذي يربط تنصيب الجمعية طرفا مدنيا بحصولها على صفة ذات المنفعة العامة “لأنه في هذا الإطار، القانون الجديد يتعارض مع قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 26/15 حول التعجيل بالجهود الهادفة إلى القضاء على العنف والتمييز باعتباره معيقا لتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا ودور الجمعيات بهذا الخصوص”. أما حسناء أمغار مكلفة بالمساعدة القانونية في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالمغرب، فتحدثت عن الحملة السنوية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات باعتبارها انتهاكات لحقوق الإنسان، وتطرقت إلى فلسفة المفوضية في ما يتعلق بالعنف القائم على النوع، مبرزة بأنه “مشكل عالمي”، وأشارت في هذا الصدد إلى “أن الشرطة البريطانية، مثلا ، تتلقى اتصالا كل دقيقة يتعلق بالعنف المنزلي سواء من الرجل أو المرأة”، وفي ما يتعلق بإفريقيا ذكرت بأن 39% من الفتيات يتم تزويجهن قبل 18 سنة في عدة بلدان، وبشمال إفريقيا 18% يتم تزويجهن قبل بلوغ سن الرشد القانوني. وأضافت ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين “أن أغلب حالات العنف الممارس ضد النساء والفتيات لا يتم التبليغ عنه”، وتطرقت إلى زواج الأطفال، مشيرة إلى “أنه زواج قسري ولو أن العديد من الأعراف والتقاليد في العالم تتساهل مع هذا الموضوع ولا تعتبره عنفا ضد النوع”. وتحدثت عن معايير توزيع الأدوار في المجتمع والتي تركز بالأساس على الجنس (أنثى، ذكر)، وقالت في هذا الصدد بأن الجنس لا يحدد مقدرات الأشخاص، “لكن المجتمع يحدد ما ستحصل عليه الأنثى وما سيحصل عليه الذكر” مضيفة ب”أن توزيع الأدوار الاجتماعية حسب الجنس يؤدي إلى العنف ضد النوع وينتج عنه اختلال في موازين السلطة… “وقدمت المتحدثة أشكال العنف القائم على النوع مبرزة بأن “العنف لايرتبط دائما بشخص بل إن العنف أيضا قد يهم مؤسسة”، مؤكدة على أن مناهضة هذا النوع من العنف من مسؤوليات الدول. وفي ما يتعلق باللاجئات وطالبات اللجوء، ذكرت أمغار بأن العنف القائم على النوع يكون في حد ذاته سببا للحصول على وضع لاجئ، وأعطت مثالا على ذلك الفتيات اللواتي يغادرن بلدانهن الأصلية إما بسبب الختان الفتيات أو الزواج الإجباري… وبدورها قدمت فوزية الشاوي المسؤولة عن خلية النساء والأطفال ضحايا العنف بمستشفى الفارابي بوجدة، عرضا استعرضت من خلاله برنامج وزارة الصحة في ما يتعلق بمناهضة العنف وإحصائيات رصدتها الوزارة في الفترة الممتدة من 2012 إلى 2017، مبرزة بأن نسبة العنف عرفت ارتفاعا ملحوظا بحيث انتقل عدد النساء ضحايا العنف اللواتي استقبلتهن الخلايا بمستشفيات المملكة، من 8355 سنة 2012 إلى 18561 حالة سنة 2017 غالبيتهن بالوسط الحضري، 17533 منهن تعرضن لعنف جسدي و1028 كن ضحايا عنف جنسي، كما استقبلت في نفس الفترة 32 حالة لنساء مهاجرات غالبيتهن ينحدرن من دول إفريقيا جنوب الصحراء.