كانَ رجالُ الدّين الذكور هدفاً لانتقادات واسعة من طرف عددٍ من الباحثات من دولٍ مُختلفة، يُمثّلن مختلف الديانات التوحيدية، خلال ندوة دوليّة حول موضوع "النساء في الديانات السماوية" نظمها مركز البحوث في القضايا النسائية بالرابطة المحمدية للعلماء. وقالتْ رئيسة المركز، أسماء المرابط، التي اعتبرتْ موضوع "النساء في الديانات السماوية" موضوعا "حساسا"، إنّ أغلبَ التأويلات الدينية التقليدية عمدتْ، على مرّ التاريخ، إلى تهميش المرأة، وحصْرها في أدوارٍ ثانوية في المجتمع، باسم الدّين وباسم الله. وتَابعتِ المُتحدّثة أنّ الأوان قد حان لإنصاف النساء، وإقامة مساواة أخلاقية واجتماعية بينهنّ وبين الذكور، في إطار جوْهر الرسالة التوحيدية للأديان السماوية، معتبرة مطلب المساواة "مطلبا مشروعا وأساسيا لتحقيق العدل وإرساء قِيَم حقوق الإنسان التي تشكّل جوهر كلّ الديانات السماوية". وسارتْ الورقة التعريفية التي أعدّها المركز على المنوال ذاته، إذ ورد فيها أنّ حوارَ الأديان اقتصر في الغالب على المستوى الرسمي على الرجال، وأضافت الورقة أنّ النساء، وعلى الرغم من حضورهنّ، إلّا أنّه تمّ إقصاؤهنّ من نقاش يهمّهنّ ويعنيهنّ، ولم يحظيْن دائما بالاهتمام والاعتراف. وفي مقابل انتقادها لتأويلات الدّين المُهمّشة للمرأة، نوّهت أسماء المرابط بِفكِر الفيلسوف الأندلسي ابن رشد، وقالت إنّه قدم خلال عصره في القرن الثاني عشر، منهجا راقيا لحوار الحضارات، بناء على ثلاثة مفاهيم، هب فهم الآخر من داخل مرجعيته، والحق في الاختلاف والرحمة المتبادلة. وأضافتْ المرابط أنّ العالم اليوم في أمَسّ الحاجة، في ظلّ الأزمات الإنسانية التي يعيشها، "والتي أضاعت جوهر الدين وأخلاقياته"، إلى الثلاثية المفاهيمية للفيلسوف ابن رشد، وإلى الرجوع إلى روح الديانات السماوية، دون أنْ يعني ذلك العودة إلى ماضٍ مثالي خيالي، بل لاسترجاع أخلاقيات روحانية حقيقة". وتابعتْ أنّ الوقت قد حان لإنصاف النساء، والاعتراف بشرعيتهنّ الفكرية في الحقل الديني، وفي مطالبتهن بمساواةروحية وأخلاقية واجتماعية وحقوقية، في إطار المباديء السامية للديانات السماوية وجوْهر الوحي، وأضافت أنّ إسهام النساء في مجال الحقْل الديني سيكون كفيلا بإعطائه بُعدا إنسانيا جديدا ومتميّزا. إلى ذلك، أكّدت رئيسة مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية بالرابطة المحمدية للعلماء، أنّ إثارة موضوع "النساء في الديانات السماوية"، الذي يأتي في سياق الصراعات الدولية، والصراعات الإيديولوجية الحادّة، "تعكس رغبة جادّة في خلق فضاء للحوار والتبادل الفكري، لتجاوز الصراعات عبر الحوار حول ما يجمعنا، وحول ما يفرّقنا". عن «هسبريس»