حزب الاستقلال يتدارس مستجدات القضية الوطنية ويتابع الدينامية التنظيمية بمختلف الأقاليم    جماعة العدل والإحسان الاسلامية تعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرنسيس    ناصر بوريطة: الدورة التكوينية لملاحظي الانتخابات الأفارقة ستحقق قيمة مضافة استثنائية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    الدورة ال17 من المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب تسلط الضوء على الإشكالية الشائكة المرتبطة بالماء    قيوح يعلن إطلاق برنامج بقيمة 28 مليار درهم في إطار "مطارات 2030"    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري تُعلن الحرب على الصيد الجائر وتؤكد.. لا تهاون بعد اليوم    المغرب يطلق طلب عروض دولي لإنشاء منصة للغاز الطبيعي بالناظور    وزارة الصحة بغزة: منع إسرائيل دخول تطعيمات شلل الأطفال يهدد 602 ألف طفل    لقجع: لاعبو U20 هم مشروع المنتخب الأول في كأس العالم 2030    عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بداية من غد الأربعاء بعد توقف دام 10 أيام    جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بسبب أزمة مالية خانقة    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    تفاصيل جريمة بن احمد المروعة..    ابن يحيى تكشف عن المحاور الكبرى لمشروع بشأن السياسة الأسرية الاجتماعية    كيوسك الثلاثاء |مختبر مغربي يطلق تحليلات مبتكرة لتشخيص الأمراض الوراثية    سجن زايو يرد على مزاعم سوء أوضاع النزلاء    انخفاض عالمي وغلاء محلي .. من يربح من لعبة أسعار المحروقات بالمغرب؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    اختتام المرحلة الثانية من "تحدي الهاكتون أكادير 2030" بتتويج مشاريع شبابية مبتكرة لتحسين الخدمات الجماعية    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    كرادلة يجتمعون لترتيب جنازة البابا    صحراء المغرب تنتصر في واشنطن    العاملون في القناة الثانية يحتجون ضد "غياب الشفافية" في التعاطي مع الأجور وتدبير المسار المهني    تطوان تحتفي باليوم العالمي للأرض بتنظيم أيام تحسيسية حول الماء، الصحة والبيئة    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الثلاثاء بالمغرب    الدار البيضاء.. اعتقال شخص بحوزته 1525 قرص مخدر وتسعة غرامات من الكوكايين    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    الملك محمد السادس يعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرانسوا الأول    فوزي لقجع يوجه رسائل دعم وتحفيز للاعبي المنتخب المغربي تحت 20 سنة قبل "كان" مصر    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    نهضة بركان تكتسح شباب قسنطينة وال"كاف" يشيد: خطوة واثقة نحو نهائي الكونفدرالية    تفاصيل "الجثة المقطعة" بابن أحمد    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    في الحاجة إلى قراءة متجددة للخطيبي أفاية : في أي حقل إبداعي أو فكري، ثمة بصمة للخطيبي، صانع القلق    وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين شعبيتين بالدار البيضاء وطنجة رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    الفاتيكان يكشف عن وفاة قداسة البابا فرنسيس    شريط "سينرز" يتصدر عائدات السينما في أمريكا الشمالية    فاس... مدينةٌ تنامُ على إيقاع السّكينة    المعارض الدوليّة للكتاب تطرح اشكالية النشر والقراءة..    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    وفاة الفنان المغربي محسن جمال بعد صراع مع المرض    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة المغربية في المغرب المعاصر

كانت المرأة المغربية طوال فصول تاريخ هذا البلد في صلب كل تحولاته المجتمعية ، ونسقه الفكري إيجابا وسلبا ، فقد عانت فترة طويلة من سجنها في إطار أنموذج ثقافي يتغذى من فكر ذكوري أثر على قيم المجتمع باعتباره منتوج الفكر العام المؤسس للعلاقات, والمحدد سلفا مسافات التحرك ،ورغم ما سبق أن أشرت إليه في مقالات سابقة من ثريات ساطعات في سماء العلم والحكم والسياسة و....... إلا أنهن جميعا كن نتاج فترة زمنية قريبة جدا من تاريخنا الحديث ، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن هذه الثورة والانبثاق الذي عرفته الساحة النسائية في المغرب بعد عقود من الجمود والارتكان لمؤطرات النسق الفكري العام السالف الإشارة إليه, وكيف تسلحت بالعلم فتحصنت وكانت المثال الأسمى بين الدول العربية والإسلامية .
فبنبشنا في التاريخ، وبسبرنا أغوار الذاكرة المغربية ،نجد أن المرأة المغربية كانت حزمة ضوئية ساطعة ،في محطات فارقة من تاريخ المغرب، من حيث الثقافة والعلم في تجل واضح لقدراتها رغم ما كان لهذ ا الحضور من محدودية التأثير في الزمان والمكان, بدءا من زينب النفزاوية إلى حاضرنا اليوم ،لكن ارتكانها للواقع والتسليم به ، والخنوع للأنساق الفكرية العامة التي تختزل دور المرأة في الإنجاب و خدمة أهل البيت، حرمت من الحق في التعليم والثقافة باعتباره في تلك الفترة هدرا للمال والوقت. إلى أن كانت بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، بداية انبلاج عصر أنوار جديد على يد بطل التحرير , تحرير الأرض و الإنسان, حيث أكد جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه على ضرورة ولوج المرأة المغربية للمدارس من أجل التعليم إيمانا منه بأهمية تحرير الفكر قبل الأٍرض ، فألقى خطابه التاريخي بجامع القرويين سنة 1943 نادى خلاله بوجوب تعليم الفتاة المغربية، كما بادر بتأسيس المدارس الحرة وفتح أبوابها أمام أبناء الشعب وبناته، فدشن جلالته مدرسة للبنات بالأحباس بالرباط، ومدرسة الأميرة للاعائشة بتواركة.
وتجسيدا لفكره السامي بضرورة تعلم الفتاة , قال جلالة المغفور له الملك محمد الخامس في إحدى خطاباته السامية « البلد الذي لا تكون فيه المرأة عنصرا نشيطا يشبه جسدا مشلولا لا يمكن أن ننتظر منه شيئا بناء « ، وفي آخر خطاب للعرش قبل محنة المنفى قال: «وقد وجهنا عناية خاصة لتعليم المرأة حيث كانت سجينة تقاليد ما أنزل الله بها من سلطان ، لأن النساء شقائق الرجال في الأحكام» فقدم جلالته المثل بكريمته الأميرة لالة عائشة، التي برعت في فن الخطابة في سماء طنجة سنة 1947قائلة: «إن هذا العهد الجديد لن يتم تشييده إلا إذا شاركت فيه المرأة مشاركة فعالة، ويكون لها من الحقوق والواجبات ما للرجل بدون نقص ولا تمييز» فبتشجيع من جلالته خاضت الأميرة للاعائشة معركة تحرير المرأة، فبادرت بالنصح والتوجيه حول مسألة تحرير المرأة المغربية ،وضرورة مشاركتها إلى جانب الرجل ندا لند. وإعمالا لذلك دشنت المدارس ووضعت الحجر الأساس لبناء العديد من المؤسسات الخيرية، كما جعلها جلالة المغفور له رئيسة لمجلس مؤسسة التعاون الوطني الذي أسسه سنة 1957 .واعترافا من جلالة المغفور له بقدرة المرأة المغربية على تمثيل المغرب داخليا وخارجيا، أرسل سنة 1959الى السفارة المغربية بواشنطن السيدة حليمة الورزازي لشغل منصب ملحقة ثقافية بسفارتنا هناك، لتصبح السيدة حليمة الورزازي أول امرأة في العالم العربي عضوا خبيرا في لجنة الأمم المتحدة لمناهضة (الأبارتايد) نظام الميز العنصري.
فجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، شجع المرأة على التعليم والاطلاع بمهام عديدة داخل المجتمع، كما نادى بضرورة مشاركتها في تنمية بلدها وعدم اختزال دورها في البيت دونا عن المجتمع.
وقد سار على دربه فيما يخص تمكين المرأة من جميع حقوقها ، نجله جلالة المغفور له الحسن الثاني ، حيث أشاد في خطاب ألقاه جلالته بمناسبة الذكرى الأربعينية، لوفاة والده قائلا : «ولقد آمنت يا أبتاه بأنه لا يمكن أن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فأخرجت المرأة من عهد الجهل إلى عهد النور ولم تبق المرأة المغربية حليا يشترى، بل أصبحت تفاخر بالشهادات والتسابق إلى المعاهد والكليات».
فمنذ تقلده عرش أسلافه المنعمين ، مافتئ رحمه الله يشيد في أكثر من مناسبة بالدور البطولي الذي لعبته المرأة المغربية في مقاومة الاستعمار وتحرير البلاد إلى جانب صنوها الرجل.
فأسس سنة 1969 الاتحاد الوطني لنساء المغرب، رغبة في انخراط المرأة في تنمية بلدها ،وإيمانا من جلالته بضرورة مشاركة المرأة في جميع ما يهم بلدها , نادى بمشاركتها في المسيرة الخضراء ،فاستفادت المرأة المغربية لأول مرة من الكوطا, حيث شاركت بنسبة 10 في المائة من مجموع المشاركين. كما عمل جلالة المغفور له الحسن الثاني على أن تضطلع المرأة المغربية بدورها كاملا غير منقوص في خدمة بلدها ، وأن تلج جميع المهن والوظائف، وتعتلي جميع المناصب وضمنها هذا الحق في دستور 1996، حيث نص في فصله الخامس على ما يلي «جميع المغاربة متساوون «وفي الفصل الثامن»الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية » و الفصل الثاني عشر « لجميع المواطنين أن يتقلدوا الوظائف والمناصب العمومية وهم سواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها « وفي الفصل الثالث عشر «التربية والشغل حق المواطنين على السواء».
وفي عهده كذلك توالت الخطيبات و العالمات على منابر الدروس الحسنية، ليجلس جلالته بكل تواضع فوق الأرض وتعتلي المرأة المنبر،إجلالا وتقديرا لها ولنبوغها ،كما تمكنت امرأتان من الجلوس في قبة البرلمان كممثلتان للأمة، فقد أولى جلالته رحمة الله عليه، اهتماما كبيرا بوضعية المرأة المغربية، حيث عمل على تأسيس لجنة نسوية ممثلة للحركات النسوية بالمغرب سنة 1992، آمرا بدراسة مقترحاتها لتغيير بنود مدونة الأحوال الشخصية، فكانت مشروعا لمدونة الأسرة الحالية.في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني ربحت المرأة المغربية الزمن الضائع في التخلف والإقصاء ،وافته المنية وهو في إطار انجاز مشروع مدونة الأسرة ،لتعرف النور على يد خلفه جلالة الملك محمد السادس،الذي عمل منذ توليه العرش على تشجيع المرأة للحصول على حقوقها في جميع المجالات ،السياسية منها والاجتماعية والثقافية ،ففتح لها فرصة إثبات الذات سواء على المستوى الفكري أو الإبداعي ،كما ولجت المرأة المغربية في عهده مراكز القرار ،وخير دليل على ذلك ما جاء في رسالته السامية والتي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركات في القمة العالمية للنساء بمراكش ، تلتها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء في مراسيم افتتاح أشغال هذه القمة : «وإننا منذ تولينا مقاليد الحكم لتسيير شؤون شعبنا ما فتئنا نعمل جادين على النهوض  بالمرأة المغربية وصيانة حقوقها التي من خلالها ساوى ديننا الحنيف بينها وبين الرجل مواصلين بذلك السياسة النيرة لأسلافنا المنعمين». وفعلا فقد تحققت للمرأة المغربية في عهد محمد السادس العديد من المكتسبات ،والتي كانت سلفا ضربا من الخيال أذكر منها،مدونة الأسرة ،الفصل 19 من دستور 2011 ،تعديل قانون الجنسية حيث أصبح من حق المرأة المغربية المتزوجة برجل أجنبي أن تمنح جنسيتها لأبنائها ،نظام الكوطا كوسيلة للتغلب على فجوة التصويت على صعيد الجنس وتشجيع المرأة على المشاركة في الحياة السياسية، إعلان جلالته عن سحب المملكة للتحفظات المسجلة بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة بمناسبة الذكرى الستينية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة2008، كما عمل على تعيين أول امرأة والي بجهة الغرب شراردة، فبفضل الإرادة السياسية لجلالة الملك محمد السادس أصبحت تكتسي الحركة النسائية في عهده أهمية بالغة من حيث المشاركة في التحولات التي تعرفها وضعية النساء، فأصبحت تشكل قوة اقتراحية وقوة ضاغطة، وغدا عملها أكثر احترافية ، لتطور خبرتها في شتى المجالات. وبذلك أصبح المغرب مثلا يحتذى به من طرف الدول العربية والإسلامية فيما يهم وضعية المرأة ،حيث قالت السيدة وداد شختورة, رئيسة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني, في تصريح لها لوكالة المغرب العربي للأنباء ببيروت « هذا الانجاز لايخدم فقط مصالح النساء في المغرب،وإنما هو انجاز يحتسب للنساء في كافة الدول العربية «
جل ما سبق ذكره يجعلني أطرح سؤالا من قبيل:
كيف تنطفئ البيوت من نورها بخروج المرأة للعمل وهي التي أنارت المغرب بل العالم بنبوغها وعبقريتها وستزيده إشراقا ونورا بناتها وحفيداتها.
باحثة جامعية وفاعلة مدنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.