في إطار جولته البرلمانية لوسط أوروبا، بدعوة من نظرائه، عقد الحبيب المالكي، يوم الاثنين 8 أكتوبر 2018 بمقر البرلمان الألماني، جلسة عمل مع فولغانغ شاوبله رئيس البوندستاغ بحضور خالد الحسيني القائم بأعمال سفارة المملكة المغربية بجمهورية ألمانيا الفيدرالية. في البداية تقدم المالكي بالشكر للرئيس على تخصيصه هذا الاستقبال، وأكد عل قواسم مشتركة تجمع المملكة المغربية بجمهورية ألمانيا الفيدرالية وأساسا تشبثهما بقيم ميثاق الأممالمتحدة التي ترتكز على مبادئ السلم والسلام والتضامن العالمي. وأكد أن العلاقات السياسية بين البلدين جيدة، وهناك تعاون متزايد فِي المجال الاقتصادي يمكن أن يتقوى أكثر خلال السنوات المقبلة. مذكرا بأن المغرب احتضن سنة 2016 القمة المناخية (الكوب 22 )وعمل على ترجمة توصيات القمة باتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية، وفتح ورشا مستقبليا مهما جدا يتعلق بالطاقات المتجددة النظيفة رغم الصعوبات التي تتعلق بالتمويل بمشاركة شركات كبرى منها شركات ألمانية، وهو توجه مشترك بين البلدين يتمثل في الاهتمام أكثر بمستقبل الكرة الأرضية وبالأجيال اللاحقة. وأشاد رئيس مجلس النواب بالسياسة الجريئة التي تنهجها المستشارة الألمانية في مجال الهجرة، وبالجرأة والحكمة الكبيرين في التعامل مع الظاهرة رغم الكلفة السياسية الداخلية، وأوضح أن المغرب بدوره اتخذ قرارات جريئة بالانفتاح على المهاجرين، وخاصة المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، حيث سوى وضعية مجموعة كبيرة منهم، لافتا إلى أن جلالة الملك يعطي أولية كبيرة لهذا الملف. وفي ذات السياق، دعا المالكي لشراكة ثلاثية الأبعاد تشمل المغرب وألمانيا وإفريقيا، مشيرا إلى أن المغرب يعتبر المستثمر الأول بغرب إفريقيا وهو بمثابة بوابة ومنطقة عبور للمنطقة. وأوضح المالكي أن مشكل الهجرة أصبح مصدرا للاستغلال في جوانب متعددة وبالتالي فإن معالجته تقتضي معالجة الجذور بتوفير شروط الاستقرار والسلم والوحدة لعدد من البلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط، منوها بمبادرة المستشارة إنجيلا ميركل «طريق الوحدة والاستثمار بإفريقيا»، مضيفا أنها « مبادرة جيدة لها بعد مستقبلي». وأكد المالكي أن ترأس ألمانيا والمغرب للجنة الهجرة مؤشر إيجابي على محورية الدولتين في هذا الملف، وقرار الأممالمتحدة بتنظيم المنتدى الأممي بمراكش حول الهجرة نهاية السنة الحالية معطى أساسي ومهم من أجل التوافق حول ميثاق أممي سيساعد على تسهيل معالجة الظاهرة بترتيب الواجبات والأدوار والالتزامات، معلنا أن البرلمان المغربي سيحتض من جهته لقاء لممثلي شعوب العالم بتنسيق مع الاتحاد البرلماني الدولي من أجل تعميق النقاش واقتراح البدائل، وبهذه المناسبة وجه الحبيب المالكي لفولغانغ شاوبله دعوة من أجل الحضور والمشاركة.وعلى صعيد آخر، أكد الحبيب المالكي أن وضع الشريك المتقدم الذي يمتاز به المغرب في شراكته الفريدة مع الاتحاد الأوروبي ووفاء المملكة بكل التزاماتها تجعل مسطرة تجديد اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحي بين الطرفين مسألة أوتوماتيكية، وذكر أن نوابا أوروبيين زاروا المغرب وأكدوا في تقريرهم وفاء المغرب بكل التزامات هذه الاتفاقية، كما شكر دعم النواب الألمان بالبرلمان الأوربي للاتفاقيتين ودعا إلى مواصلة دعم البرلمان الألماني لهذه الاتفاقية والعمل على تطويرها لصالح المتعاقدين. وبخصوص موضوع الوحدة الترابية للمملكة المغربية، أكد رئيس مجلس النواب أن المعطيات والوقائع توكد أن عالم اليوم يتجه نحو المجهول، وأن هناك ملفات دولية أصبحت مستعصية على الحل وأصلها هو النزاعات المباشرة وغير المباشرة التي تمس وحدة البلدان ووحدة شعوبها، ولألمانيا تجربة مريرة في هذا المجال لكنها استطاعت بفضل حكمتها أن تتجاوز الفرقة والتشتت وتعود إلى الوحدة باعتبارها حلا لا خيار دونه أثبت الواقع والتاريخ رجاحته. وبمناسبة ترأس جمهورية ألمانيا الفيدرالية لمجلس الأمن في دورة أبريل 2019، ثمن رئيس مجلس النواب موقف ألمانيا بخصوص قضية الصحراء المغربية ودعا إلى الاسترشاد بالتجربة الوحدوية المتقدمة لألمانيا، مما سيساعد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة على توفير شروط جديدة وعملية لحل هذا المشكل من أجل التوجه نحو الاندماج الإقليمي على أساس التضامن ووحدة الدول لصالح شعوب المنطقة، وهو ما يطمح إليه المغرب ولا يذخر جهدا في سبيل تحقيقه على أساس الحوار. وعلى المستوى البرلماني، أعرب المالكي عن حرصه على مواصلة التنسيق بين المجلسين عن طريق الاستفادة الثنائية من تبادل زيارات البرلمانيين من مجموعتي الصداقة بالبلدين، كما اقترح على نظيره الألماني عقد منتدى برلماني مغربي ألماني كل سنتين من أجل تعميق النقاش وصياغة بدائل في مجموعة من القضايا التي تمثل مصدر اهتمامهما. من جهته، عبر فولغانغ شاوبله عن سعادته باستقبال الوفد المغربي واعتبرها فرصة جيدة من أجل تبادل الآراء والمقاربات حول الوضع الإقليمي بإفريقيا وبمنطقة شمال القارة على الخصوص، وبحث آفاق التعاون بين برلماني البلدين، وأكد بالمناسبة قناعته بضرورة تطوير العلاقات الثنائية بين جمهورية ألمانيا الفيدرالية والمملكة المغربية، واعتبرها خيارا استراتيجيا لتحقيق مصالحهما المشتركة، خاصة «وأنه خلال الأعوام الماضية شكل البحر الأبيض المتوسط قاسما للاهتمام المشترك، ومن خلال تنظيم ألمانيا لقمة العشرين تم التأكيد على الاهتمام بإفريقيا والمغرب يحظى بمكانة أساسية في المنطقة».وبخصوص ملف الهجرة أكد فولغانغ شاوبله أن ألمانيا تتابع هذا الملف باهتمام كبير، وأنها اتخذت إجراءات متقدمة من أجل ضمان استقطاب وقبول عدد من الأجانب بسبب ظروف الحرب ومشاكل التنمية رغم الصعوبات السياسية الداخلية، لكن هذه الإجراءات لها حدود ولا يمكن أن تظل مطلقة، وأنه يتفق تماما مع مقاربة الحبيب المالكي، باعتبار الظاهرة معقدة، وإذا كانت هناك رغبة لمعالجتها فإنه وجب معالجة الجذور والمسببات، والتي ترتبط أساسا بتوفير الأمن والاستقرار وظروف تنمية لائقة بالدول التي تعد مصدرا للهجرة. وبخصوص تجديد اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحي بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية أوضح فولغانغ شاوبله «أنه بكل واقعية إذا أردنا مواصلة التعاون والتنمية فيجب أن نتقدم إلى الأمام وألا نعود إلى الخلف، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يتحمل مسؤوليته في هذا الأمر وأن يعمل على تجديد الاتفاقيتين»، وأكد رئيس البونستاغ الألماني مواصلة النواب الألمان الأوربيين تصويتهم ودعمهم اللازمين لتجديد الاتفاقيتين وأنه لا سبيل للتراجع في هذا الأمر، وأنه إذا حققنا تعاونا متقدما في كل هذه القضايا بشكل جيد فسنحقق تقدما كبيرا، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يقدم الدعم وأن يكون واضحا في سياساته التي يجب أن تكون ذات مصداقية إذا أردنا مواصلة التعاون وتحقيق التنمية الحقيقية لدول إفريقيا وخاصة شمال إفريقيا، رغم استغلال الموضوع في اتجاهات متعددة. وبخصوص قضية الصحراء المغربية أكد فولغانغ شاوبله أن التجربة الألمانية المريرة علمتهم أن الحوار المتعدد الأطراف والتشبث بالأمل يكون مفيدا وصائبا في العديد من الملفات حتى تلك المعقدة، وجدار برلين خير مثال على ذلك، مشددا بالتالي على عزم بلاده، من خلال ترأسها لمجلس الأمن، الدفع بمسلسل الحوار بإدماج كل الأطراف المعنية بشكل مباشر لمساعدة المبعوث الأممي هورست كوهلر من أجل إيجاد حل متوافق عليه لتسوية الملف والتفرغ لقضايا التنمية والاندماج الإقليمي للمنطقة. وفي الأخير عبر فولغانغ شاوبله عن سعادته واقتناعه بمستوى الحوار الثنائي وجديته الذي جمعه بالحبيب المالكي، كما شكر رئيس مجلس النواب على دعوته للمشاركة في ندوة الهجرة التي سينظمها البرلمان المغربي بتنسيق مع الاتحاد البرلماني الدولي، ورحب بتطوير العلاقات الثنائية بين المجلسين على أساس إدماج ممثلي مجموعتي الصداقة البرلمانية، مضيفا أنه يظل منفتحا على تعزيز الحوار الثنائي.