لحد كتابة هذه السطور، لم تعلن وزارة الثقافة والاتصال عن أي تصور أو برنامج للدخول الثقافي، حيث يبدو أننا سنكون إزاء نفس الأطباق التي تعودنا عليها في السابق، وفي أحسن الأحوال أمام نقاشات بيزنطية عميقة حول الكارثة التي أصابت تعليمنا الابتدائي بفعل محتوى المقررات الدراسية الجديدة.وفي كلتا الحالتين فإننا سنضيع سنة أخرى دون البدء في طرح الأسئلة الحارقة للثقافة المغربية في شقيها المادي واللامادي، كما سنضيع على أنفسنا فرصة أخرى للتفكير في خلق بنية ثقافية اقتصادية تساهم في النهوض بقطاعات إنتاجية أخرى كالسياحة والصناعة التقليدية وباقي القطاعات المرتبطة بعلاقات جوهرية بالثقافة كالمعمار وتخطيط المدن. وما يهمنا نحن بالخصوص، ككتبيين، في سياق هذه التساؤلات هو توضيح وضعنا الاعتباري والقانوني كفاعلين أساسيين في مجال الكتاب بوصفه المكون المحوري للإنتاج والتواصل الثقافيين. فهذه الفئة التي تعاني التجاهل والتهميش من طرف وزارة الثقافة ننتظر أن يكون الموسم الثقافي المقبل مناسبة لمراجعة الموقف من حجب الدعم المقدم من الوزارة لفائدة المعرض الوطني للكتاب المستعمل، ذلك الإجراء الذي أثر سلبيا على الدورة الفائتة من حيث مستوى التنظيم وأيضا من حيث التكلفة المالية التي تسببت للجمعية المنظمة في ديون ثقيلة أثرت على مردوديتها بشكل عام، وجعلتها تؤجل العديد من المشاريع المتعلقة بتطوير المعرض وتعميم تجربته على باقي جهات البلاد. الدخول الثقافي نأمل أيضا أن يكون مناسبة لفتح نقاش بين الكتبيين ووزارة الثقافة والاتصال للنظر في الوضعية الاجتماعية للعاملين في المجال، من خلال شملهم بالتغطية الصحية ونظام للمعاشات وتمكينهم من البطاقة المهنية، كما أن مسألة التكوين والتكوين المستمر تبقى أساسية وملحة في ظل التطور التكنولوجي والعلمي الذي يعرفه المجال، وذلك بتمكين الكتبيين من دورات تكوينية في الجامعات وفي المكتبة الوطنية وباقي المؤسسات الحكومية والخاصة التي تعنى بمجال الكتاب. لقد قام الكتبيون بالعديد من المبادرات في هذا الاتجاه، وقاموا بتوجيه العديد من الرسائل المباشرة وغير المباشرة إلى وزير الثقافة دون يتلقوا أي جواب. فهل هذه الفئة مغضوب عليها؟ أم يعتبرها القائمون على الشأن الثقافي فئة هامشية على الرغم من أدوارها ومبادراتها والتظاهرات التي تنظمها؟ وهل نضرب عرض الحائط تجربة أزيد من قرن من المساهمة في تثقيف أجيال بكاملها؟ إن طموح الكتبيين المغاربة هو ازدهار الثقافة المغربية وإشعاعها وبحكم موقعهم داخل المجتمع وفي أوساط المثقفين فهم يطالبون بالتفاتة تساعدهم وتمنحهم الأمل للاستمرار في مهمتهم، وتطوير أدائهم على غرار زملائهم في باقي الدول التي تعلي من شأن الثقافة كقطاع استراتيجي يعكس غنى وتنوع موروثنا الثقافي وتعبيراته المختلفة، ويطالبون أيضا أن تفتح في وجوههم قنوات المشاركة في المهرجانات والتظاهرات الخاصة بالكتاب، والتي تنظم منها العشرات في جميع أنحاء العالم. إن الثقافة ليست شأنا نخبويا، فهي تمس جميع شرائح المجتمع، ولعل الكتبيين هم الأجدر بلعب دور الوساطة الثقافية بين المثقفين والفئات الدنيا من المجتمع، ولذلك وجب الالتفات إلى صوتهم ومد يد المساعدة لهم للقيام بهذا الدور على أكمل وجه، وهو ما سيكون له حتما عظيم الأثر للنهوض بالثقافة الوطنية كوسيلة للتنمية وتحقيق المجتمع المتكافئ ودولة الحق والقانون. وكل دخول ثقافي وأنتم بألف خير.