يتواصل معرض ساحة السراغنة للكتاب المستعمل بالدارالبيضاء الذي تسهر على تنظيمه الجمعية البيضاوية للكتبيين ونادي القلم المغربي والجمعية الوطنية للكتبيين بالمغرب، بدعم من وزارة الثقافة، على امتداد الشهر الجاري، متيحا الفرصة لعموم القراء بعقد مصالحة مع الكتاب الورقي في زمن طغت فيه وسائط الاتصال الالكترونية، سيما وأنه مقام في الهواء الطلق، لا حواجز أمام الكتاب ولا تذكرة للدخول ولا حراس أمن على الأبواب. لا يقتصر نشاط هذا المعرض على تجارة الكتب، علما بأن الأثمنة المقترحة في متناول مختلف شرائح المجتمع، ما بين خمس دراهم وعشر دراهم.. بل تحرص الجهة المنظمة على تنظيم لقاءات نقدية وفكرية وعلمية وقراءات قصصية وشعرية يوميا، بمشاركة عدد كبير من الأدباء، مع الاهتمام على الخصوص بالأسماء التي تخطو خطواتها الأولى في هذا المسار. لقد أبان الكتبيون المشاركون في هذا المعرض عن حس المواطنة لديهم، حيث قام معظمهم بخفض أثمنة الكتب التي يعرضونها، وعيا منهم بأن الساحة التي تحتضن المعرض، تقع في حي شعبي بسيط إذا شئنا القول، أغلب سكانه محدودو الدخل، فضلا عن أنه يحتضن فئة كبير من الشباب العاطل عن العمل وإن كان يحمل شهادات عليا. وبالتالي فإن هذا المعرض من شأنه أن يشكل متنفسا سنويا لنخبة من القراء، علما بأنه يشهد هذه السنة دورته العاشرة. لقد راكم هذا المعرض تجربة هامة على المستوى التنظيمي واللوجيستيكي وكذا على مستوى البرمجة الثقافية التي يتولى تسطيرها ووضع تصورها العام مجموعة من المثقفين والفاعلين الجمعويين الذين لهم غيرة على الثقافة المغربية. إن إلقاء نظرة على البرمجة العامة للقاءات الأدبية والفكرية التي تعقد بشكل يومي في هذه التظاهرة الثقافية، تفند ذلك الاعتقاد السائد بأن الحركة الثقافية المغربية تعاني من الجمود، على مستوى الكتابة الإبداعية والمتابعة النقدية بالخصوص وعلى مستوى الانخراط في الفعل الجمعوي، حيث في كل فقرة من فقرات البرنامج، نجد إسهامات عديدة، تقوم بتشريح الكتب الصادرة حديثا من خلال استخدام أدوات نقدية تبرز توفرها على المعرفة في مجال النقد، مع الإشارة إلى أن أغلب هؤلاء المساهمين من الطلبة الباحثين الذين هم بصدد تهييء أطروحات الدكتوراه على سيبل المثال، وهذا ليس بغريب إذا علمنا أن من يتولى تنسيق الأنشطة الثقافية للمعرض، هو مختبر السرديات التابع لكلية الآداب بنمسيك، إلى جانب عدة جمعيات: نادي الكتاب وجمعية الأعمال الاجتماعية والثقافية والرياضية لدرب السلطان، والجمعية المغربية لمساندة الأسرة، ونادي البذرة الخضراء، ورابطة قدماء تلاميذ الدارالبيضاء ومرصد أطلنتس الدولي للسلام والدبلوماسية الموازية وجمعية المغرب الجديد، ومؤسسة الموجة الثقافية. يمكن القول إن معرض الكتاب المستعمل بساحة السراغنة بالدارالبيضاء، يعد مشتلا حقيقيا يحتضن أسماء واعدة في مختلف المجالات الفكرية والأدبية. عبد العالي بركات