أكد إدريس الكراوي، أستاذ التعليم العالي والخبير الاقتصادي، أن المعضلة الاقتصادية هي في بؤرة أي عملية لإنجاح منتج وقار لمشروع الجهوية المتقدمة، مشددا على أنه بات من الضروري التفكير الجدي في وضع مدونات خاصة بكل جهة، وعلى رأسها جهة البيضاء – سطات، والعمل على تطوير شراكة قوية بين الجهة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، في إطار تكامل وظيفي لفائدة بناء اقتصاد جهوي وطني، موضحا على أنه إذا لم تنجح الجهات في ربح هذا الرهان، فلا يجب الاستغراب من استمرار وتوسيع مجالات القطاع غير المهيكل واقتصاد الجريمة وتطور الأنشطة غير المشروعة وبزوغ وتطور جيل جديد من الفقر والفقراء والهشاشة والتهميش وتفاقم الفوارق المجالية والاجتماعية وتلك التي تخص النوع وكذا بزوغ وتطور أشكال جديدة من العنف الاجتماعي ومن الاحتجاج، وما لكل هذه الظواهر من آثار على صعيد الحكامة الأمنية في مدن الجهة وقُراها. الكراوي الذي كان يتحدث خلال أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته جهة الدارالبيضاء- سطات، يوم الثلاثاء 25 شتنبر 2018، حول موضوع «الجهوية المتقدمة بالمغرب الواقع والآفاق»، اختار محور الجهوية في إطار النموذج الاقتصادي للحديث عنه، مؤكدا أن المغرب لا يزال في مرحلة انتقالية لم يتم فيها استكمال الصرح السياسي والقانوني والمالي للجهة، وبأن رهان التحكم في الزمن يعدّ من بين التحديات الكبرى التي تواجهها الجهوية اليوم، وهي المسؤولية الملقاة على عاتق الدولة والمنتخبين، بحسب المتحدث، الذي شدّد على ضرورة البحث الجماعي الصادق على أحسن السبل لاختصار المسافات بغية التحكم الجماعي في المرحلة المقبلة. الكراوي، أكد كذلك أن جهة الدارالبيضاء-سطات، بحكم ميزات المقارنة التي تتوفر عليها وميزات التنافسية التي طورتها والميزات الاستراتيجية التي تتوفر عليها، مطالبة بأن تلعب أدوارا طلائعية بالنسبة لجهات أخرى في المملكة، في عدة مجالات استراتيجية للمغرب فيها مسؤوليات قارية ودولية، مشيرا إلى أنها يمكن أن تشكّل نموذجا في مجال الانطلاق البيئي والرقمي، وعلى مستوى الانتقال الاجتماعي من زاوية تطوير آليات جهوية للعمل الاجتماعي والتضامني وللعدالة الاجتماعية، وكذا نموذجا للانتقال المجالي، وفاعلا نموذجيا للمساهمة في تحقيق أهداف الألفية. وشدّد الخبير الاقتصادي على أن مستقبل الجهة واعد وبإمكانها أن تتملك مسؤوليات تنموية على مستويات عدة، معتبرا أن هناك 6 رافعات للنهوض بها، الأولى اقتصادية، والثانية تتمثل في تثمين الرأسمال البشري، والثالثة تخص الحكامة المسؤولية، إضافة إلى رافعة بناء استراتيجية جهوية لتثمين الرأسمال الثقافي، وخامسة تتمحور حول القدرة على توفير بنيات قارة للذكاء الاقتصادي واليقظة الاستراتيجية مرساة على منظومة جهوية للمعلومات، وأخيرا تحقيق تنمية جهوية مثبتة على قواعد الاستدامة مما يجعل السياسة الجهوية لإعداد التراب في صلب هذا التحدي. وشدّد الكراوي على ضرورة الاعتماد على القدرات المحلية في مجال الدراسات والأبحاث عوض الاستعانة بالخبراء الأجانب، مؤكدا أنه مادامت الكفاءات متوفرة فيجب الاستفادة من إمكانياتها العلمية والمعرفية.