شارك آلاف المواطنين والمواطنات في توديع المرحوم المناضل الفذ أحمد الزايدي، حيث شهدت مدينة بوزنيقة أول أمس الاثنين جنازة مهيبة وحدادا على فراق المناضل الفذ الاتحادي أحمد الزايدي ، إذ حج الى بوزنيقة لتوديعه آلاف المواطنين من أبسط مواطن الى كبار رجالات الدولة. وانطلقت الجنازة من بيته الى مسجد السلام بالمدينة، بموكب كبير من السيارات والراجلين الذين خرجوا مرددين عبارة واحدة «لا إله إلا الله محمد رسول الله». مدينة بوزنيقة غصت بجموع المشيعين الذين قدموا إليها من مختلف المدن المغربية من أجل تشييع جثمان القيادي الاتحادي الراحل، إذ عاشت شوارع المدينة حالة استثنائية، مما جعل حالة السير في غاية الصعوبة. وكما خرجت للدفاع عن فوزه الانتخابي ضد السلطة مرات عديدة، رافقته في رحلته الاخيرة. جلالة الملك محمد السادس شارك الأسرة الصغيرة والكبيرة أحزانهما في وداع الاتحادي أحمد الزايدي، حيث بعث برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم ، أعرب فيها جلالته، ومن خلالهم لعائلته السياسية من مناضلات ومناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ولجميع رفاقه ومحبيه داخل البرلمان وفي المجال الإعلامي، عن أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة في هذا الرزء الفادح، سائلا الله تعالى أن يلهمهم جميل الصبر وحسن العزاء. واستحضر جلالة الملك، في هذه البرقية، «ما كان يتحلى به الفقيد من خصال إنسانية عالية، ومن التزام بالمبادئ الوطنية الصادقة في تشبث مكين بمقدسات الأمة وثوابتها، فضلا عما هو مشهود له به من تفان وإخلاص وكفاءة عالية، في كل المهام التي تقلدها، ولاسيما كمنتخب على الصعيدين الوطني والمحلي، وكفاعل في الحقل الإعلامي، الذي كان أحد رواده، مما جعله يحظى بتقدير واحترام كبيرين». وخرجت جنازة الفقيد احمد الزايدي من بيته وعلى مدى الطريق المؤدية الى المسجد في نهر بشري متدفق وراء نعشه ، حزن شديد علا وجوه ساكنة المدينة التي وقفت على جنبات الطريق لوداعه ، جدَّ متأثرِين برحيل الفقيد فلمْ يتمالكُوا أنفسهم عن ذرفِ الدُّموع أمام المعزِين، فيما كان أحدهم يرتمِي على النعش بالسيارة. وبعد صلاتي العصر والجنازة بمسجد السلام ببوزنيقة، نقل جثمان الراحل إلى مثواه الأخير بمقبرة سيد الصراخ بجماعة الشراط، حيث ووري الثرى بحضور أفراد عائلته، ومستشاري الملك فؤاد عالي الهمة، عبد اللطيف المنوني، عمر عزيمان، ورئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران ورئيسي غرفتي البرلمان، وعدد من أعضاء الحكومة والمجاهد عبد الرحمان اليوسفي ومحمد اليازغي وعبد الواحد الراضي والكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر وأعضاء المكتب السياسي وزعماء الأحزاب السياسية والنقابية والجمعوية والحقوقية والعديد من الشخصيات وجموع من أصدقاء وخلصاء الراحل ومجايليه. وفي الكلمة التأبينية، عدد أحمد رضا الشامي، مناقب وخصال الفقيد، سواء على مستوى العلاقات الشخصية أو على صعيد العمل الإعلامي والبرلماني السياسي ككل، مبرزا أن الراحل كان يمارس عمله بأخلاق عالية وفي إطار الاحترام التام للآخرين. وأكد الشامي أن الفقيد الزايدي كان يمارس العمل السياسي بأخلاق سامية وفاء لفكرة الزعيم عبد الرحيم بوعبيد «لا سياسة بدون أخلاق». وبعد أن استعرض مساره النضالي، سواء كإعلامي أو قيادي اتحادي مارس السياسة منذ صغره من خلال العمل الجماعي ولاحقا البرلماني، أبرز أن الراحل كان يمثل قيم وأفكار ومشروع الاتحاد التقدمي الحداثي، مضيفا أن الراحل «وإن رحل في صمت الكبار، فإن أفكاره ستبقى حاضرة ندية». المرحوم أحمد الزيدي ، متزوج وأب لأربعة أبناء، ازداد ببوزنيقة سنة 1953، وتابع دراسته في ثانوية مولاي يوسف بالرباط، ثم جامعة محمد الخامس، وكلية الحقوق بالجزائر العاصمة. وبعد تجربة قصيرة بسلك المحاماة، انتقل الراحل لمهنة المتاعب، حيث اشتغل بالإذاعة والتلفزة المغربية ابتداء من سنة 1974، تخللها تفرغ من أجل استكمال تكوين عال في الصحافة بالمركز الفرنسي لتكوين واستكمال تكوين الصحفيين بباريس، ليعود مجددا لمتابعة المشوار حيث حقق مكاسب مهنية أهلته لتسيير قسم الأخبار إذ احتكر الشاشة الصغيرة المغربية في ساعة ذروة المشاهدة لمدة حوالي 20 سنة كرئيس تحرير مركزي ومقدم للنشرة الإخبارية الرئيسية في التلفزيون العمومي. وبصفته الصحفية هاته أسس أحمد الزايدي (نادي الصحافة بالمغرب). وعلى المستوى السياسي بدأ القيادي الراحل مساره من بوابة الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالرباط، وخاض غمار الانتخابات الجماعية لسنة 1976 كأصغر مرشح باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في إحدى الجماعات القروية ببوزنيقة. ودخل المرحوم الزايدي المؤسسة التشريعية سنة 1993، وتولى من أكتوبر 2007 إلى منتصف السنة الجارية مسؤولية رئاسة الفريق الاشتراكي بمجلس النواب.