ناقشت الطالبة حنان المازني بحثها لنيل شهادة الماستر تحت عنوان، “المرأة والجريمة : دور الأسرة في نزوع المرأة إلى الجريمة.. حالة السجينات بفاس” ( السجن المحلي عين قادوس ) بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، تحت إشراف الدكتور محمد جحاح، ونظرا لأهميته ننشره بتصرف… مقدمة: تعد الجريمة من الظواهر التي حظيت بالدراسة والتقصي، وتوجهت إليها أبحاث العلماء وقرارات الاستراتيجيين وأولوها عناية خاصة كحقل مهم يستدعي تسليط الضوء عليه ومحاولة تفسير وفهم أبعاده وصيرورته وفق التغيرات التي تفرضها الساحة الاجتماعية، وحاولوا فهم إشكالية الوقوف على مسبباتها والعوامل الكامنة وراء ارتكابها وأيضا آثارها على الفرد وعلى بناء المجتمع. والجريمة ظاهرة استقطبت اهتمام الباحثين والعلماء لما لها من آثار تنعكس على صيرورة الحياة الاجتماعية بكل مجرياتها وتمس سلامة الأفراد المادية والمعنوية، ومعظم الأبحاث حول الجريمة والمجرم بصفة عامة في ميدان علم الإجرام تناولت الجريمة كظاهرة نفس- اجتماعية إلى دراسة تحليلية بغرض الوصول إلى الأسباب الكامنة وراء ارتكاب هذا الفعل، وكذلك دراستها كسلوك فردي ناشئ عن إرادة إجرامية، وجدير بالذكر أن الظاهرة ليست نتاج عامل فحسب وإنما مجموعة متغايرة ومتباينة من العوامل التي تختلف باختلاف الجريمة في حد ذاتها وباختلاف مقترفها، سواء كان رجلا أو امرأة. وكثيرة هي الدراسات التي تناولت بالتحليل والتدقيق الجريمة في عمومها أو بالتطرق إلى نوع دون الآخر، ومن أمثلة هذه الدراسات التي لاتعد ولا تحصى نذكر دراسة لمبروز و(1875) الذي حاول أن يبين في كتابه “الرجل المجرم” نظريته الكبرى التي تميز المجرم عضويا ونفسيا عن باقي الأفراد، كما أشار فيرى 1981 أيضا في كتابه” آفاق جديدة في القانون الجنائي” إلى ضرورة الأخذ بوجهة نظر العوامل الاجتماعية في تفسير السلوك الإجرامي. إن الحقيقة التي لا يختلف عنها اثنان عن المرأة والجريمة هي أن المرأة تسهم بنسبة ضئيلة من إجمالي مجموع الجرائم، وهو ما جعل البحث في مجال جرائم النساء مجالا مهملا، وذلك أن تصوراتنا الثقافية المرجعية عن المجرم إنما هو ذكر خارج عن القانون، وأن معظم البحوث في علم الإجرام واقعة تحت تأثير تلك القوالب الثقافية والاجتماعية. ويرى البعض الآخر من العلماء أن قلة الاهتمام العلمي بجرائم النساء يعزى إلى أن عدد النساء الذي يقع تحت طائلة القانون أقل بكثير من عدد الرجال. وعلى الرغم من ذلك حث كثير من الباحثين العاملين في ميادين علم النفس والاجتماع وعلم الإجرام إلى ضرورة البحث في هذه الظاهرة وعدم إهمالها، ومن هؤلاء نجد تورسين، سلين و ولتر ريكلس W.RECKLES الذين أكدوا أن العلاقة بين الواقع وبين الظاهر في ما يتعلق بجرائم النساء لابد أن تدرس وأن تكشف عنها (سامية حسن الساعاتي ص193). الفصل الأول موضوع البحث وأهميته إن موضوع المرأة والجريمة هو في حد ذاته، إشكالية لم تحظى بالاهتمام اللازم وبالدراسات العميقة، ويمكن إرجاع ذلك بالأساس إلى نسبة الجرائم المرتكبة من طرف النساء التي تعد ضئيلة بالمقارنة مع جرائم الرجال، إضافة إلى التكوين الفيزيولوجي والسيكولوجي للمرأة كونها كائن ضعيف البنية، تغلب عليها العاطفة في كل تصرفاتها. ويمكن القول إن اكتساب المرأة لحقوق جديدة من تعليم وحرية وشغل وعمل سياسي……الخ فتح المجال لأنواع من الجرائم التي كانت مقتصرة على الرجال فقط. أما المرأة المغربية، وبحكم هذه التغيرات المتحدث عنها والتي خضع لها المجتمع المغربي كباقي المجتمعات فهي لا تستثنى من هذا السياق. وهذا البحث هو بحث شاسع وعميق الدراسة لهذا سوف نقتصر على مؤسسة الأسرة، ودورها في نزوع المرأة إلى ارتكاب الفعل الإجرامي. حيث تعتبر الأسرة المؤسسة الاجتماعية الأولى، ودورها في تكوين شخصية الطفل. وكذلك سوف نركز بالأساس في دراستنا الميدانية، على السجينات داخل المؤسسة المغلقة ” بعين قادوس فاس نموذجا”. وذلك من أجل تحديد أنواع الجرائم المرتكبة بالتدقيق، وكذا معرفة دور الأسرة في نزوع المرأة إلى الجريمة لكل سجينة. وأيضا معرفة الدوافع والأسباب، وهذه الدراسة تتطلب منا قبل إجراء الدراسة الميدانية، تحديد المصطلحات والنظريات، التي سنعتمد عليها في تحديد هذا الموضوع والتي ستصادفنا في الإشكالية،والفرضيات،لتساعدنا في تحليل المعطيات،واستيعاب الموضوع بدقة. في شأن هذا الموضوع، سوف نحاول من خلال الدراسة الميدانية،أن نجيب عن أكبر قدر من الأسئلة التي يمكن إثارتها بخصوص الإشكالية. وذلك اعتمادا على المنهج الوصفي التحليلي. بواسطة دراستين أساسيتين: دراسة كمية بواسطة سجلات السجينات التي أمدتنا المؤسسة بها، ودراسة كيفية، قصد إجراء المقابلات مع السجينات، وذلك من أجل تحليل المعطيات لفهم الموضوع وإعطائه الصيغة العلمية، الأكثر موضوعية. إحصاءات حول جرائم النساء بالمغرب: من سنة 1972 إلى سنة 1978 تدل بعض الإحصائيات الجنائية الصادرة عن إدارة السجون على أن النساء نزيلات السجون تراوحت نسبتهن بين 4.82% من مجموع السجناء كأدنى نسبة سجلت سنة 1973، و 5.55 % من المجموع كأعلى نسبة سجلت سنة 1974، وذلك بمعدل لمجموع هذه السنوات بلغ 5.16% وما يمكن ملاحظته من خلال هذه الأرقام أن نسبة إجرام النساء بقيت منخفضة ومستمرة على امتداد السنوات التي شملها الإحصاء، إلا أنه يجب التعامل مع هذه الإحصائيات بحيطة وحذر كبيرين وذلك بأخذها بكل تحفظ وعدم التسرع في استخلاص ملاحظات ومعطيات يمكن تعميمها بالنسبة لهذا النوع من الإجرام، خصوصا إذا قارناها مع إحصائيات أخرى صادرة عن مصالح الشرطة القضائية، والتي يظهر من خلالها أن نسبة إجرام النساء بلغت 21.08% من مجموع الجرائم المسجلة سنة 1985 و 21.02% سنة 1986. الفصل الثاني: الإطار النظري للبحث مقدمة: على الرغم من الوظيفة والمكانة التي تحتلها المرأة في المجتمع باكتساحها جميع المجالات إلى إنها لا تسلم من الأفعال الإجرامية لديها مثلها مثل الرجل، ولهذا سوف نقتصر في دراستنا على دور الأسرة في نزوع المرأة إلى الجريمة، وارتأينا من خلال هذا الإطار أن نحدد بعض النظريات الاجتماعية التي تفسر هذه الدراسة مثل، نظرية الضبط الاجتماعي،نظرية المخالطة الفارقة،ثم نظرية الوصم،وكذا تحديد بعض المفاهيم الإجرائية التي تؤطر موضوع الدراسة الذي نحن بصدده كمفهوم الأسرة،التنشئة الاجتماعية،الوصم الاجتماعي حيث إن كل هذه المعطيات تؤطر دراستنا. نظرية الضبط الاجتماعي تفترض نظريات الضبط الاجتماعي أن الأفعال المنحرفة ترتكب عندما تضمن رابطة الفرد بالمجتمع أوتنقطع،وحيث أن هذه النظريات تشتمل على مفهومين معقدين بدرجة كبيرة:وهما الرابطة التي تربط الفرد بالمجتمع، فليس محل دهشة أنها قد استطاعت في وقت من الأوقات إيجاد أسس لتفسير معظم أشكال السلوك الشاذ أوالمنحرف. ولا عجب أيضا أن نظريات الضبط الاجتماعي قد وصفت رابطة الشخص بالمجتمع بعدة طرق وأنها ركزت على مجموعة متنوعة من العناصر كنقطة ضابطة. إذن ترى المدرسة الوظيفية أن ظاهرة الجريمة والانحراف ناجمة عن التوترات وجوانب الخلل الهيكلية، والافتقار إلى آليات التنظيم والضبط الأخلاقي في المجتمع.فإذا لم تتوازن وتتقابل تطلعات الأفراد والجماعات مع مايقدمه المجتمع من مكافآت أو حوافز ثوابيه، فان الشقة أو الفجوة بين الرغبة وتحقيقها قد يدفع بعض أفراد المجتمع إلى الانحراف.ويبرز في هذا المجال اسم اميل دوركايهم، وهو من مؤسسي نظرية الضبط الاجتماعي وكذلك روبرت مرتون.فقد طرح دوركايم مفهوم اللامعيارية /الضياع ليصف الشعور بالقنوط وانعدام الهدف الذي يتولد لدى المرء بفعل عمليات التغير في العالم الحديث، مما يؤدي إلى فقدان المعايير الاجتماعية قدرتها على ضبط السلوك الفردي.كما أشار إلى أن المعايير التقليدية في المجتمعات الحديثة قد تتفاوض وتتآكل من دون أن تترسخ بدلا منها مقاييس جديدة، ومن هذا المنطلق رأى دوركايهم أن الوضع الذي تتساقط فيه المؤثرات الإرشادية في المجتمع سيؤدي إلى عدد من الظواهر من بينها الانتحار. واعتبر دوركايهم الجريمة والانحراف حقائق ووقائع اجتماعية وعناصر ملازمة لتطور المجتمعات الحديثة التي يتحرر فيها الناس من كثير من الضوابط والقيود التي كانت مؤثرة في المجتمعات التقليدية. وكان دوركايهم يرى أن الانحراف ضروري للمجتمع لأنه يقوم بمهمتين مختلفتين الأولى أنه يؤدي وظيفة تكيفه ويلعب دورا محفزا على الابتكار والابداع لأنه يطرح أفكارا وتحديات جديدة وبالتالي يضفي إلى تغير في المجتمع. أما الوظيفة الثانية للانحراف فانه يسهم في وضع خط واضح يفصل بين ما هو سلوك “سيء” و”جيد” في المجتمع.فالسلوك الإجرامي قد يثير استجابة جماعية تعزز تضامن الجماعة وتؤكد المعايير الاجتماعية. 2- نظرية الوصم تعتمد نظرية الوصم أو ردود الفعل الاجتماعي في تفسير الجريمة والجنوح عند المرأة، كظاهرة اجتماعية من منطلق ذاتي غير موضوعي، مثلها مثل شبيهاتها من النظريات التي تميز الجريمة من حيث أسبابها ودوافعها والظروف المحيطة بها، بناء على العمليات والخطوات المرحلية المؤدية إليها. ويعتبر ذلك منطلقا حديثا في علم الإجرام والجنوح، ويختلف عن جميع ما خالفه من المنطلقات التي تهتم بنظريات العلم، من حيث اقتصارها على تحديد المفاهيم المتعلقة بالميول والنزاعات والاستعدادات المؤدية إليها. ويعتبر ذلك منطلقا حديثا في علم الإجرام والجنوح، يختلف مع جميع ما خالفه من المنطلقات التي تهتم بنظريات العلم، من حيث اقتصارها على تحديد المفاهيم المتعلقة بالميول والنزاعات والاستعدادات المؤدية إلى اتباع طريق الإجرام أو تحديد غير ذلك من المعطيات ( مادية، اجتماعية، اقتصادية). ويوضح هوارد بيكر فكرته حول ظواهر الانحراف من خلال كتابه الشهير “outsiders”، الذي ذهب فيه إلى القول إن حالة معطاة هي نتيجة التفاعلات بين فاعلين مختلفين، ولفهم هذه الحالة يجب إذن أن نأخذ بالحسبان عمل الأطراف المتورطة فيها من قريب أو من بعيد، ومعنى ذلك أن الانحراف ليس صفة خاصة بفئات معينة من الأشخاص، وإنما هذه النعوتات هي في الأصل صناعة اجتماعية، وهذه الصناعة تشمل وضع علامات وتعريفات من أهدافها بلورة نقمة الجمهور ضد الشخص المخالف، بما في ذلك بلورة نقمة الفرد ضد نفسه. المفاهيم المؤطرة للبحث 1.2 مفهوم التنشئة الاجتماعية تعددت وتنوعت تعاريف التنشئة الاجتماعية وذلك راجع إلى تعدد المرجعيات النظرية والمحددات التي تؤطر هذا المفهوم. التنشئة الاجتماعية:هي أهم العمليات التي يستطيع بها الوليد البشري المزود بإمكانيات سلوكية فطرية أن يتطور وينمو نفسيا واجتماعيا،بحيث يصبح في النهاية شخصية اجتماعية تعمل وفقا لأحكام جماعتها ومعايير ثقافتها التنشئة الاجتماعية: هي السيرورة التي يتعلم من خلالها الفرد كيف يربط حياته بين مجموع العناصر السوسيو ثقافية للوسط الذي يعيش فيه،وكيف يدمج وبالتالي تلك العناصر في بنية شخصية،وكل ذلك بتأثير من تجاربه،وبتأثير من العوامل الاجتماعية الدالة،بحيث يستطيع التكيف من خلال كل ذلك الوسط الذي عليه أن تعيش فيه،لكن يجب أن يشير هنا إلى ان هذه العملية بنفس القدر الذي تساعد فيه الفرد على التكيف فإنها تؤدي إلى تنميطه.يقول فرويد في كتاب “الانا والهو1923” المجتمع قوة كابتة للحاجات والغرائز لدى الانا انطلاقا من أعماق الانا بفضل ما تقوم به التربية في تكوين –أنا أعلى-الضمير الأخلاقي في حد ذاته. التنشئة الاجتماعية: هي الطرق التي تكتسب الأفراد أساليب سلوكية معينة تتفق مع المعايير الجماعة وقيم المجتمع،حتى يتحقق لهؤلاء الأفراد التفاعل والتوافق في الحياة الاجتماعية في المجتمع الذي يعيشون فيه. وتسمى أيضا تثقيف اجتماعي أو تطبيع،وهو اصطلاح يستخدم لوصف عملية التفاعل الاجتماعي التي تتم من خلال تلوين الوليد البشري وتشكيله وتزويده بالمعايير الاجتماعية،بحيث يتخذ مكانا معينا في نظام الأدوار الاجتماعية ويكتسب شخصية،أو هي العملية التي يتم من خلالها تكييف الفرد مع بيئته الاجتماعية بحيث يصبح عضوا معترفا به ومتعاونا مع الآخرين.فالتطبيع الاجتماعي يتيح للأفراد أن يكتسبوا عادات اجتماعية مقبولة بحيث يصبحون قادرين على العيش كأعضاء في المجتمع . ولهذا تشكل التنشئة الاجتماعية إحدى السيرورات الاساسية في حياة الفرد سواء على المستوى التكويني التطوري ذي البعد السيكولوجي أوعلى المستوى الاندماجي الاجتماعي والثقافي.بحيث أنه من خلال دينامية هذه السيرورة في الاطار المجتمعي العام الذي يتواجد فيه هذا الفرد يبدو تقاطع المستويان بمثابة حقيقة في تشييد كينونته الاجتماعية، وذلك بالخصوص من منطلق اعتبار أن التنشئة الاجتماعية هي بمثابة تعلم اجتماعي.أي إنها كسيرورة تعكس اكتساب خبرات وقيم وأدوار اجتماعية مطابقة لما تقتضيه شروط التوافق والاندماج في بيئة اجتماعية معينة.كذلك أنها سيرورة، تجد تعبيرها الفعلي من خلال مهام مؤسستين مرجعيتين رئيسيتين في المجتمع وهما الأسرة والمدرسة. 2.2 الأسرة ليس لاصطلاح الأسرة تعريف ومعنى واضحان يتفق عليهما العلماء، لهذا تعددت تعريفات الأسرة بتعدد العلماء، واتجاهاتهم النظرية والفكرية. فالأسرة في اللغة هي الدرع الحصينة وأهل الرجل، وعشيرته. وتطلق على الجماعة التي يربطها أمر مشترك،وجمعها أسر.وجاء في معجم علم الاجتماع “أن الأسرة هي عبارة عن جماعة من الأفراد يرتبطون معا بروابط الزواج،والدم،والتبني،ويتفاعلون معا.وقد يتم هذا التفاعل بين الزواج والزوجة،وبين الأم والأب،وبين الأم والأب والأبناء.ويتكون منهم جميعا وحدة اجتماعية تتميز بخصائص معينة “. وفي العموم، يمكن أن نعرف الأسرة –التي تقابل كلمة FAMILLE باللغة الفرنسية وFamily باللغة الانجليزية-على النحو التالي: 1-الأسرة هي أهم جماعة أولية في المجتمع. 2-تتكون من عدد من الأفراد يرتبطون معا بروابط الزواج (في ما هو الحال بين الزوج والزوجة )،أو الدم في( ماهو الحال بين الآباء والأبناء،والأقارب)،أو التبني (في ماهوالحال بين الطفل المتبني،وبين أفراد الأسرة). 3 –يقيمون جميعا في منزل واحد، ويعيشون حياة اجتماعية واقتصادية واحدة. 4-ويتفاعل أعضاء الأسرة وفقا لأدوار اجتماعية محددة (دور الزوج والزوجة،دور الأب والأم،ودور الأخ والأخت ). 5-تقوم بينهم التزامات متبادلة اجتماعية وقانونية واقتصادية. 6-يترتب على ذلك حقوق وواجبات بين أعضاء الأسرة منها رعاية الأطفال، وتربيتهم. 7-وتقوم الأسرة بالمحافظة على نمط ثقافي خاص بها مستمد من النمط الثقافي العام. عرفت المجتمعات البشرية أشكالا كثيرة للأسرة،نذكر منها الآتي: أ-الأسرة النووية أو النواة famille nucléaire: ويطلق عليها أيضا اسم الأسرة الزوجية أو الزوجية famille conjugale، واسم الأسرة البسيطة famille simple ،وتتألف من الزوج والزوجة وأولادهما غير المتزوجين يسكنون معا في مسكن واحد، وتقوم بين أفرادها التزامات متبادلة اقتصادية وقانونية واجتماعية.وهذه الأسرة تتميز بأنها توجد في المجتمع إما بشكل وحيد سائد، أو بكونها الخلية الأساسية التي منها تتكون أنماط أسرية أخرى أكثر تعقيدا أوتركيبا.وهي في كل مكان متشابهة إلى حد كبير. ب-الأسرة الممتدة famille étendue وهي الأسرة التي تتعايش فيها أجيال ثلاثة تحت سقف واحد. وتضم الأب والأم وأولادهما غير المتزوجين،والمتزوجين مع زوجاتهم وأطفالهم.وفي كثير من الأحيان تمتد لتشمل أخت الأب والأرملة أو العازبة مع أبوين مسنين.وهؤلاء جميعا يسكنون في منزل واحد أو في شقة ملحقة بالمنزل الأصلي الذي يترأسه الأب ويدير شؤؤنه الخاصة والعامة،وتقوم بينهم التزامات متبادلة.وشكل هذه الأسرة هو الذي كان شائعا في الماضي في معظم المجتمعات.ويوجد حاليا في المجتمعات الزراعية الريفية،وفي المجتمعات العشائرية. لقد تطرقنا إلى أهم التعارف، لمعرفة هذا المفهوم بدقة ليجعلنا نفهم الدراسة التي بينا أيدينا،حيث لا يمكننا أن نقدم دور الأسرة في نزوع المرأة للجريمة بدون إعطاء تعريف واضح للأسرة وأهم أشكالها،كما إننا تطرقنا لشكلين من أنواع الأسرة وهما الأسرة الممتدة والأسرة النووية.ولهذا سوف نأخذ شكلا واحدا في موضوعنا وهي الأسرة النووية،حيث ان هذه الأسرة تتكون من جيل واحد فقط.كما أن الأسرة تعتبر من المؤسسات الاجتماعية الأولى التي سايرت إلى حد كبير تطور المجتمعات الإنسانية،وتعتبر أيضا إحدى الركائز الأساسية في بناء المجتمع،والذي يتكون من مجموعة الأسر، وكل أسرة تعتبر الخلية البنائية للتركيب الاجتماعي. 3.2 الوصم يعتبر هاورد بيكر من بين الذين صاغوا مفهوم الوصم stigmatisation، والتي شكلت بدورها مرحلة جديدة والتي من خلالها حاول بيكر أن يحلل الكيفية التي يتم بها ابتكار و تكوين سلطة الأمر الاجتماعي، وكذا كيف يتم وصم الفرد انطلاقا من قيامه بفعل يعتبر في نظر الجماعة منحرفا و يشكل تهديدا لوجودها، يمكن القول إنه هو كذلك خرق القواعد من خلال قوله إن الانحراف ليس إلا صناعة اجتماعية بامتياز، قاطعا في نفس الوقت مع البراديغمات التي تناولته من الناحية النفسية و الثقافية و الوضعية و براد يغم الفعل. و تكتسي نظرية الوصم أهميتها، في التأكيد على عدم ارتباط السلوكيات بالجانب الفطري، و أن تعريف الانحراف يضعه الأقوياء و المسيطرون و الذين يحددون المعياري، من خلال صياغتهم لقواعد قانونية و تفسيرها، من هنا فإن الانحراف هو عملية تفاعل مستمرة بين المنحرفين وغير المنحرفين، ولهذا فقد اهتم هاورد بيكر بالأسباب التي يوصم بها الأفراد بالانحراف قبل البحث في فهم الانحراف في ذاته. الفصل الثالث: الإطار المنهجي للبحث إشكالية البحث. تتميز الدراسات الخاصة بإجرام المرأة على مستوى المغرب بقلتها. لقد بينت إحدى الدراسات، ارتكزت بصيغة أساسية على الإحصائيات الجنائية، أن نسبة الإجرام المعروفة لدى المرأة قليلة مقارنة مع نسبة الإجرام عند الرجل، وأن هذه الفروق الملاحظة بين الذكور والإناث، من خلال الدراسة السالفة الذكر، ليست نتيجة طبيعية بل يمكن أن نعزوها إلى الفروق في الأدوار الاجتماعية وكذا التنشئة الاجتماعية، إذ ترى الفرنسية “simone de beauvoir” أن الرجال لا يولدون رجالا وكذلك النساء لا يولدن نساء وإنما يصيرون كذلك أثناء عملية التنشئة الاجتماعية، فالنظم الثقافية والقيم الحضارية في المجتمع تؤثر في النساء، وهي التي تحدد الأوضاع النفسية للجنسين، كما أنها هي التي ترسم أنماط السلوك لكل منهما. تتميز جرائم المرأة باختلافها عن إجرام الرجل. من جهة نجد جرائم خاصة بالمرأة كالبغاء، القتل بالسم والنصب والاحتيال وغيرها. ومن جهة أخرى، هناك جرائم تشترك فيها المرأة مع الرجل كالسطو، الضرب والجرح، الاتجار بالمخدرات وغير ذلك. ولهذا سوف يقتصر موضوعنا على المرأة في علاقتها بالجريمة. الفرضيات الفرضية العامة: هناك علاقة ارتباط بين نزوع المرأة إلى الفعل الإجرامي و نوع تنشئتها الاجتماعية الأسرية. الفرضيات الفرعية: هناك علاقة بين المستوى السوسيو اقتصادي للأسرة وإقدام المرأة على الفعل الإجرامي. هناك علاقة بين الوسط الاجتماعي الذي تنشأ فيه المرأة ونزوعها نحو الفعل الإجرامي. كلما كانت التربية قائمة على العنف، السلطة، وغياب الحوار، إلا وكان إقدام المرأة على نوع من الجرائم المرتكبة لديها. منهجية البحث إن تحديد الإطار المنهجي يعد من النقط الأساسية والمهمة في البحث، حيث يعتبر المنهج هو مجموعة من الطرق الدقيقة المتبناة من أجل الوصول إلى النتيجة وإن المنهج في العلم مسألة جوهرية، كما أن الطرق والإجراءات المستخدمة أثناء إعداد موضوع البحث وتنفيذه هي التي تحدد النتائج، وكل هذه الطرق والأساليب تستعين بها فروع العلم المختلفة، وعلم الاجتماع على وجه التحديد في عملية جمع البيانات والمعطيات من الميدان، وكل ظاهرة أو مشكلة تفرض على الباحث منهجا لدراستها. تقنية جمع المعطيات سنعتمد في تحليل المعطيات، على المنهج الوصفي التحليلي، والذي يرتكز أساسا على وصف المعطيات، وذلك من خلال تقنية البحث الوثائقي (معطيات السجلات)، ثم على التحليل، وذلك من خلال تحليل مضمون المقابلات (دراسة كيفية). 4-تقنيات البحث الوثائقي هذه التقنية هي طريقة بواسطتها يتم جمع المعطيات، من سجلات المؤسسة السجنية حول المعلومات الشخصية للسجينة، وذلك لتساعدنا على عرض ووصف نتائج الدراسة الكمية. 5- تقنية المقابلة لقد تبلورت المقابلة كتقنية للبحث الاجتماعي في سياق تطور الدراسات السوسيولوجية أواسط القرن 20، وأساسا ما ارتبط منها باستطلاع الرأي، وإنجاز تحقيقات حول المواقف والتصورات وغيرها، وهو الأمر الذي تطورت معه شروط استخدام هذه التقنية وتعدد أشكالها تبعا لتعدد الموضوعات والأهداف المتوخاة من الدراسة وتبعا لنوعية المبحوثين. 1- وعلى غرار الملاحظة، فإنه يمكن اللجوء إلى استخدام المقابلة تبعا لمراحل مختلفة من مسار إنجاز البحث: – في مرحلة الإنجاز: حيث تكون المقابلة أحيانا أداة أساسية لاستقصاء المعطيات حول الموضوع، إما في صيغتها الكيفية القابلة للتصنيف والتحليل أو في صيغتها الكمية القابلة للمعالجة الإحصائية. – في مرحلة الإفراغ من البحث: حيث يتم اللجوء إلى المقابلة لتعميق بعض المعطيات أو لاستكمال جوانب إضافية من الدراسة لم تسمح التقنيات الأخرى بتوفير ما يلزم عنها. 2- لذلك فإن المقابلة أنواع يتم التمييز بينها بناء على مجموعة من المعايير، أهمها: عدد المقابلات، ومدى حرية الباحثين أو المبحوثين في التعامل مع أسئلة وأجوبة المقابلة وكذا درجة عمق واستقصاء المقابلة. – المقابلة الحرة أو غير الموجهة: L'interview Libre ou non directif وهذا النوع لا يعني إجراء المقابلة دون تفكير سابق في موضوع أو قضية معينة للبحث، وإلا تم الإخلال بأحد الشروط المنهجية للدراسة العلمية. – المقابلة الموجهة: L'interview Guidé المقابلة الموجهة تتم اعتمادا على دليل للأسئلة المحددة سلفا من قبل الباحث، يسمح طرحها على المبحوث بالتعبير الحر عن رأيه أو موقفه تجاه قضية البحث أو التعبير عنها. وقد تتجه المقابلة في مثل هذه الحالة لأن تكون مركزة حول موضوع محدد أو معمقة، كما يمكنها أن تكون عامة لا تتوخى العمق بقدر ما تهدف إلى جميع بعض الآراء والمواقف كما هو الحال في استطلاعات الرأي… – المقابلة نصف الموجهة: L'interview Semi Directif حيث يتم الجمع بين الطريقتين السالفتين معا، أي إعداد محاور التساؤل والحوار، مع بعض الصيغ الأولية القابلة للتعديل أو الإضافة، حسب نوع وظرف المبحوثين وسياق إجراء المقابلة، فتكون قابلة للتقديم والتأخير أو الزيادة والحذف حسب نوعية تفاعل الباحث مع المبحوثين. 2-المجتمع الإحصائي: يتحدد المجتمع الإحصائي في شكل مجموع الوحدات المكونة للمجتمع المراد منه الدراسة والعلاقات بين المتغيرات حوله، حيث تشكل كل وحدة عنصرا من عناصر العينة المختارة، باعتبارها عينة عمدية التي سنعتمد عليها في دراستنا لهذا الموضوع، وسيتحتم علينا اختيار عينة تتكون من 10 أفراد، وبناء عليه فإن المجتمع الإحصائي يتكون من 64 سجينة انطلاقا من مجموع المتغيرات. 1-العينة وكيفية اختيارها لم تعد البحوث الميدانية المعاصرة تعتمد على طريقة المسح الشامل، بل أصبحت تعتمد على هيئات مختارة من مجتمع البحث. والبحث أو التحقيق الاجتماعي من خلال العينة أصبح من أهم التقنيات المستعملة في معرفة الواقع الاجتماعي واستعمالها شائع في علم الاجتماع وعلم السكان. وطريقة العينات Sampling method لا تدرس جميع وحدات مجتمع البحث، بل هي تدرس جزءا صغيرا من مجتمع البحث بعد اختياره اختيارا منظما أو عشوائيا. من خلال هذا الموضوع سوف نكتفي بعينة تحتوي على 10 أفراد إناث لأن موضوع الدراسة حول المرأة فقط، بحيث إن المجتمع الإحصائي يتوفر على 64 سجينة من المؤسسة السجينة عين قادوس بفاس. 1-وصف العينة المختارة بعد نهاية البحث الميداني، استنتجنا من المعطيات التي تم تجميعها من المقابلات أن هناك عدة عوامل ومؤشرات متغيرة تساهم في خلق الجريمة، وقد تم التركيز على مجموعة من المتغيرات منها السن،المستوى المهني، الوضعية العائلية، المستوى الدراسي، المستوى الدراسي للأب والأم، مهنة الأب والأم، مكان الإقامة، عدد الأبناء، عدد الإخوة، ثم طبيعة الجريمة، أملا في الوصول إلى نتائج أكثر دقة وموضوعية. وحسب تقنية البحث الاجتماعي نكون قد وصلنا إلى خطوة هامة في التعرف على المعطيات ووصفها وتحليلها بدقة، وذلك بواسطة عينة البحث التي أخذناها من المجتمع الإحصائي، وذلك قصد المقابلات التي أجريناها مع السجينات لفهم الموضوع بدقة وإعطائه مصداقية علمية. تتوزع أغلب الفئات من النساء السجينات إلى مستويات تعليمية مختلفة، إذ نجد أن مستوى الإعدادي يبلغ نسبة 40 %كما يليه مستوى الأمية بنسبة 30% كذلك نجد المستوى التعليمي الابتدائي بنسبة 20% أما المستوى التعليمي الجامعي فيشكل نسبة 10 %أما التعليم الثانوي فهو منعدم إطلاقا. مما يدل على أن الجريمة لا ترتبط بالمستوى التعليمي فحسب، ربما أن هناك عوامل أخرى تدفع المرأة إلى الفعل الإجرامي، وأن المستوى التعليمي قد يرتبط بنوعية الجريمة عند المرأة وليس بحجم الجريمة، وهذا ما سوف نلاحظه من خلال أنواع الجرائم المرتكبة من طرف السجينات وذلك من خلال تحليل المقابلات. أن العازبات يرتكبن جرائم بنسبة مرتفعة ب 40 %، أما المتزوجات، المطلقات، والأرامل فهن اللواتي يرتكبن جرائم بنسبة متساوية إذ تبلغ نسبة إجرامهن 20%. من خلال هذه المعطيات نلاحظ إن نسبة العازبات هي الأكبر، وقد نجد هذه النسبة منطقية نوعا ما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن موضوع الدراسة هي امرأة وأن الزواج بالنسبة إليها هو ارتباط وواقي من مجموعة من الانحرافات، خاصة أنها امرأة مغربية تحكمها تقاليد وعادات تجعل نسبة الإجرام تقل كلما تغيرت الوضعية العائلية لديها. توزيع السجينات حسب مكان الإقامة وذلك بهدف معرفة هل للأحياء تأثير على جنوحهن ونزوعهن إلى الفعل الإجرامي، ومنه قد قمنا بتفييئ وتقسيم الأحياء حسب تصريحات السجينات لمكان إقامتهن إذ تتوزع كالتالي: نجد أن 40% من السجينات تقطن بالأحياء المتوسطة، و30% يقطن بأحياء هامشية، بينما تشكل السجينات القادمات من مدن أخرى كضواحي فاس أو تنحدرن من مدن أخرى 20 %، ولا تتعدى اللواتي يقطن بأحياء راقية 10%. ويمكن القول إن مكان الإقامة يحدد حجم الجريمة، أما نوعية الجريمة فهي تختلف من مكان لآخر، إذ نجد أن السجينات اللواتي تقطن بالأحياء الراقية ترتكبن جرائم كثيرة من حيث النوع عكس السجينات اللواتي يقطن بأحياء متوسطة وهامشية. توزيع النساء السجينات حسب مهنة الأب إذ نجد أن 71.4 % هي من المهن الحرفية كالتجارة، الفلاحة، الخياطة، الصباغة.وحسب تصريحاتهن فأغلب آبائهن يعملون بالفلاحة، ثم نجد الموظفين بنسبة 14,3% وكذلك نجد بعض الآباء بدون مهنة بمعدل يناهز 14,3% وهذه المعطيات تساعدنا في معرفة المستوى الاقتصادي لهذه الأسر. النساء السجينات حسب طبيعة الجريمة التي ترتكبها المرأة في مدينة فاس، وما نلاحظه أن جرائم العنف الأشد خطورة ب 20% والتي تتمثل في القتل العمد، والضرب والجرح المفضي إلى القتل،القتل وتشويه الجثة. ثم جرائم العنف الأقل خطورة بنسبة 20 %كالضرب والجرح،السرقة بالسلاح الأبيض.كذلك نجد جرائم ضد الأخلاق بمعدل 20% كالاغتصاب،الإجهاض،الخيانة الزوجية. ثم نجد جرائم المخدرات بنسبة 20% أما الجرائم الأقل ارتكابا عند أفراد العينة نجد10% من جرائم النصب والاحتيال كالتزوير في وثائق رسمية، ثم جرائم العنف المتوسطة الخطورة بنسبة 10% كالسرقة الموصوفة بالسلاح الأبيض، مما نستنتج منه أن الجرائم الأكثر ارتكابا من طرف المرأة في مدينة فاس هي جرائم ضد الأخلاق، جرائم العنف الأشد خطورة كالقتل العمد وتكوين عصابة إجرامية وتشويه الجثة، وجرائم المخدرات ثم الجرائم الأقل خطورة كالسرقة بالمشاركة أما جرائم النصب والاحتيال وجرائم العنف المتوسطة الخطورة تبقى بنسبة ضعيفة عندهن. الفصل الرابع: -العلاقة بين الفعل الإجرامي للمرأة ونوع تنشئتها الاجتماعية -وصف وتحليل واستنتاج نقوم بعرض وتحليل نتائج سجلات المؤسسة السجنية والتي تضم معلومات خاصة بالسجينات كالاسم، السن، الحالة العائلية،عدد الأبناء،مكان الإقامة،نوع الجريمة المرتكبة، السوابق العدلية،مدة العقوبة،الحالة المرضية،تاريخ الاعتقال.ولهذا اكتفينا بهذه المعطيات لمعرفة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للسجينات وعلاقتها بإجرامهن.ومنه قمنا بتفييئ هذه المعطيات في برنامج الحزمة الإحصائية لعلم الاجتماع ” SPSS “وذلك من أجل قدرتنا على التحليل بشكل مفسر ودقيق.و قمنا بوضع كل هذه المتغيرات المستقلة مع متغيرات تابعة التي هي طبيعة الجريمة،وذلك قصد معرفة العلاقة بين هذه المتغيرات.ومن تم توصلنا إلى هذه النتائج: بتصنيف النساء السجينات حسب السن، إذ تم تقسيم النساء إلى فئات، الفئة من )21 – (18 يرتكبن جرائم العنف متوسطة الخطورة بنسبة 40% ثم جرائم العنف الأقل خطورة وجرائم النصب والاحتيال، وجرائم ضد الأخلاق بنسبة متساوية ب 20% أما جرائم المخدرات وجرائم العنف الأشد خطورة فهي منعدمة لديهن. أما الفئة )25-22( فهي ترتكب الجرائم ضد الأخلاق وجرائم العنف المتوسطة الخطورة بنسبة %8,28 أما جرائم العنف الأشد خطورة وكذا جرائم العنف الأقل خطورة وجرائم النصب والاحتيال بنسبة %3,14 أما جرائم المخدرات منعدمة لديهن. أما الفئة الأكثر إجراما هي )29– 26( إذ ترتكبن جرائم العنف الأقل خطورة ب 30% وكذا جرائم العنف المتوسطة الخطورة والأشد خطورة بنسبة 20% ثم باقي الجرائم ب 10%. أما الفئة )33- 30( هي الأخرى ترتكب جميع أنواع الجرائم وذلك بنسب متفاوتة، حيث نجد أن الجرائم الأكثر لديهن هي جرائم العنف الأشد خطورة بنسبة 25% ثم جرائم النصب والاحتيال. أما باقي الجرائم فهي متساوية عندهن بنسبة 3,8 %. ثم نجد الفئة )37-34( ترتكبن جرائم المخدرات وذلك بنسبة مرتفعة ب 60% ثم نجد عندهن جرائم العنف الأشد خطورة بنسبة 20% وكذا جرائم ضد الأخلاق بنسبة 20% أما باقي الجرائم فهي منعدمة لديهن. أما الفئة 38 فما فوق، فنجدهن يرتكبن جرائم المخدرات بنسبة 32% ثم جرائم النصب والاحتيال ب 24% وكذا جرائم ضد الأخلاق وجرائم العنف والأشد خطورة بنسبة 16% أما باقي جرائم العنف المتوسطة الخطورة والأقل خطورة فهي ضعيفة بنسبة 8% وكذا 4%. نجد أن المرأة ذات مستوى الابتدائي والمرأة الأمية ترتكب كل أنواع الجرائم بنسبة متفاوتة حيث نجد أن المرأة بدون مستوى تقترف جرائم المخدرات بنسبة مرتفعة ب 29% ثم تليها جرائم العنف المتوسطة الخطورة ب 25,8% ثم جرائم العنف الأشد خطورة 19,4% كذلك جرائم النصب والاحتيال بنسبة 12,9% وتبقى نسبة الجرائم ضد الأخلاق ضعيفة، 3,2%. أما المرأة ذات مستوى الابتدائي فنجدها تقترف جرائم العنف الأشد خطورة بنسبة مرتفعة ب 30,8% تليها جرائم العنف الأقل خطورة ب 23,1% ثم نجد جرائم المخدرات وجرائم ضد الأخلاق، وجرائم العنف المتوسطة الخطورة بنسبة متساوية لديها ب 15,4% وأما جرائم النصب والاحتيال فنجدها قليلة بنسبة 7,7%. أما المرأة ذات مستوى الإعدادي فنجدها أقل إجراما منهن لكن نجدها تقترف جرائم النصب والاحتيال بنسبة مرتفعة ب 44,4% ثم تليها جرائم العنف الأشد خطورة وجرائم ضد الأخلاق بنسبة متساوية ب 22,2% أما باقي الجرائم فهي منعدمة. وبالنسبة للمرأة ذات مستوى الثانوي فنجدها تقترف جرائم ضد الأخلاق بنسبة مرتفعة ب 37,5% تليها جرائم النصب والاحتيال ب 25% أما جرائم المخدرات وجرائم العنف الأقل خطورة والمتوسطة الخطورة فنسبتها تصل 12,5% أما الأشد خطورة فهي منعدمة. وبخصوص المرأة ذات المستوى الجامعي والتي تعتبر من النخبة فهي ترتكب جرائم ضد الأخلاق بشكل مرتفع ب 66,7% ثم تليها جرائم العنف المتوسطة الخطورة ب 33,3%. من خلال هذه المعطيات نستنتج أن حجم الجريمة لا يتعلق بالمستوى التعليمي بل يتعلق أساسا بنوع الجريمة، أي كلما ازداد مستوى تعليم المرأة (السجينة) إلا واختلفت جرائمهن. إذا كان السجن يجمع بين سجينات يوحدهن ارتكاب الجرائم فإنهن يختلفن من حيث الجرائم. -وضعيتهن العائلية: فمن بين 64 سجينة نجد أن المتزوجات يرتكبن جرائم المخدرات بنسبة 22,9% تليها جرائم العنف الأشد خطورة ثم جرائم النصب والاحتيال ب 20% أما الجرائم ضد الأخلاق والجرائم المتوسطة فهي بنسبة 14,3 عندهن أما جرائم العنف الأقل خطورة فهي بنسبة 8,6%. أما العازبات، فيرتكبن جرائم العنف المتوسطة الخطورة ب 26,3% ثم جرائم ضد الأخلاق بنسبة 21,1% ثم جرائم العنف الأشد خطورة وجرائم العنف الأقل خطورة بنسبة 15,8% بنسبة متساوية أما جرائم النصب والاحتيال فهي ضعيفة عندهن بنسبة 10,5%. بالنسبة للمطلقات فنجدهن يرتكبن جرائم العنف الأشد خطورة بشكل مرتفع بنسبة 28,6% على الجرائم الأخرى حيث يرتكبن جرائم العنف الأقل خطورة والمتوسطة وجرائم ضد الأخلاق والمخدرات بنسبة متساوية 33,3% أما الأرامل فهن اللواتي يرتكبن جرائم المخدرات بنسبة 66,7% ثم تليها جرائم النصب والاحتيال بنسبة 33,3% أما باقي الجرائم فهي منعدمة لديهن. ومنه نستنتج أن العازبات والمتزوجات أكثرهن إجراما من المطلقات والأرامل وهذا الاختلاف هو اختلاف نوعي وليس كميا. ومن هنا فقد نجد النساء السجينات التي تنحدر من الأحياء الهامشية والشعبية هن الأكثر استقطابا لحجم ونوع الجرائم المرتكبة لديهن، ولذلك نجد أن الجرائم السائدة في هذه الأحياء هي جرائم المخدرات ب 27,8% ثم نجد جرائم العنف الأشد خطورة وجرائم العنف الأقل خطورة بنسبة متساوية ب 22,2% أما جرائم العنف المتوسطة الخطورة ب 16,7% أما جرائم النصب والاحتيال وكذا الجرائم ضد الأخلاق فهي ضعيفة عندهن وذلك بنسبة 5,6%. أما بالنسبة للأحياء المتوسطة فنجد أن الجرائم التي ترتكبها النساء هي جرائم المخدرات وذلك بنسبة 28,6% ثم نجد جرائم النصب والاحتيال بنسبة 23,8% ثم جرائم ضد الأخلاق وجرائم العنف الأشد خطورة بنسب متساوية ب 14,3% أما جرائم العنف الأقل خطورة والمتوسطة الخطورة فهي بنسب متساوية أيضا ب 9,5%. و بالنسبة للأحياء الراقية فنجدهن يرتكبن جرائم ضد الأخلاق وجرائم النصب والاحتيال بنسبة مرتفعة ومتساوية حيث تبلغ 37,5% وكذلك جرائم العنف الأقل خطورة والعنف الأشد خطورة بنسبة متساوية ب 12,5% أما باقي الجرائم فهي منعدمة عندهن كجرائم المخدرات وجرائم العنف المتوسطة الخطورة. وفي المدن الأخرى نجد أن الجرائم المنتشرة هي جرائم العنف المتوسطة الخطورة، كالسرقة الموصوفة، تكوين عصابات إجرامية والضرب والجرح بالسلاح الأبيض وذلك بنسبة 35,3% ثم نجد أيضا جرائم العنف الأشد خطورة بنسبة 23,5% وذلك كالقتل العمد، والضرب والجرح المفضي إلى الموت ثم نجد جرائم ضد الأخلاق في الرتبة الثالثة وذلك بنسبة 17,6% أما جرائم النصب والاحتيال وكذا جرائم المخدرات فهي متساوية عندهن بنسبة 11,8% أما جرائم العنف الأقل خطورة فهي منعدمة عندهن. من خلال دراستنا لموضوع هذا البحث خلصنا إلى النتائج التالية: بالنسبة للفرضية الأولى المتعلقة بالعلاقة بين الجريمة عند المرأة و المستوى السوسيواقتصادي فقد تم تأكيدها على مستوى أغلب تصريحات المبحوثات، لكن بالرغم من ذلك لايمكننا الجزم بحتمية هذه العلاقة، ذلك أن جميع إجابات المبحوثات على مستوى التحليل تذهب لتأكيد هذه العلاقة فقط كذريعة لإخفاء السبب الرئيسي لنزوعهن للفعل الإجرامي مع العلم أنه تتواتر مجموعة من الأسباب غير السوسيواقتصادية التي تتحكم في إجرامهن. أما بخصوص الفرضية المتعلقة بنوعية التنشئة الاجتماعية الأسرية و علاقتها بنوعية خاصة من الجرائم المرتكبة فقد تم دحضها نسبيا فمن جهة فقد تبين أن نوعية التنشئة الأسرية لا ترتبط ارتباطا كليا مع مستوى نزوع المرأة إلى الجريمة بمعنى آخر أن نوعية التنشئة الاجتماعية لا تخلق فروقا على مستوى النزوع للجريمة ولكن تحدد فقط نوعية هذا النزوع. التنشئة الاجتماعية التي تتلقاها المرأة داخل الوسط التي ترعرعت فيه هي أساسية في تكوين الشخصية عندها. أما بخصوص الفرضية الثالثة فإن التنشئة قد تأخذ أشكالا ومسارات متعددة، منها ما هو تقليدي والذي يتحدد أساسا في ممارسة السلطة، الطاعة، غياب التواصل والحوار داخل الوسط الأسري، ومنها ما هو حديث، يأخذ طابع الحرية الذاتية كالتفاهم، الاستقلالية، التواصل. إذن فعندما تسلك المرأة سلوكا معينا فإن نوعية هذا السلوك الإجرامي (جرائم ضد الأخلاق، جرائم المخدرات، جرائم العنف…) يتحدد نسبيا وفق نوع التنشئة التي تلقتها المرأة. بناء على المعطيات السابقة، يتضح أن نوعية التنشئة الأسرية لا ترتبط ارتباطا كليا مع مستوى نزوع المرأة للجريمة، بل إن نوعية التنشئة الأسرية، تحدد فقط نوع الجريمة المرتكبة لديها.إذن فالفرضية العامة تم دحضها نسبيا. إذ لا تخلق التنشئة الاجتماعية الأسرية فروقا على مستوى النزوع للجريمة لكن تحدد نوعية النزوع الإجرامي. خلاصة في ختام هذا البحث، نستخلص أن ظاهرة الإجرام عند المرأة،لا يمكن إرجاعها إلى عامل واحد فقط بل إلى عدة عوامل تتداخل في ما بينها، كما لاحظنا ذلك من خلال التحليل، وتحديدا دور الأسرة، وأنماط التنشئة الأسرية الاجتماعية التي تتلقاها المرأة، وكذا الوصم الذي يلحق المرأة بعد ارتكابها للفعل الإجرامي. كما أن علاقة السلوك الإجرامي لدى أفراد العينة المدروسة والعوامل التي تم رصدها لا يمكن اعتبارها علاقة بسيطة أحادية الجانب بل يصح القول إنها علاقة معقدة ومركبة. وللحد من إجرام المرأة والوقاية منه ينبغي العمل بالمقترحات الآتية: 1-الاهتمام بالأسرة واعتبارها الخلية الأساسية في تكوين المجتمع وتدعيمها بأهم الوسائل العلمية المادية التي تمكنها من القيام بمسؤوليتها في التنشئة الاجتماعية أحسن قيام. 2-جعل التعليم وسيلة فعالة في بناء الشخصية المتوازنة وربطها بالواقع الاجتماعي والأسري. 3-جعل المؤسسات العقابية مؤسسات للتأهيل وإعادة تربية السجينات قصد إدماجهن في المجتمع. 4-العمل على نشر ثقافة واعية تكسب المرأة مناعة في مواجهة كل الصعوبات. 5-كما يجب على الحكومة، أن تهيئ مراكز لتأهيل الفتيات وتدريبهن مهنيا على أعمال يستطعن القيام بها في بيوتهن. 6-إنشاء مراكز لرعاية الأمهات غير المتزوجات، وذلك بتوفير رعاية اجتماعية لهن ولأطفالهن غير الشرعيين حتى يمكن تأهيلهن وإعادة توافقهن مع المجتمع. 7-يجب تغيير وسائل العقاب،لأن السجن أصبح لا يعتبر وسيلة لإصلاح المجرمين والمجرمات، بل هو وسيلة لانتشار الجرائم، فهو فرصة لتجمع مئات المجرمات وتبادل الرأي بينهن وإفادة كل منهن بتجارب الأخريات ومهارتهن، لذا يجب على الدولة ان تجد حلولا لذلك. 8-الاهتمام بالمطلقات والأرامل وضرورة ضمان ما يوفر العيش الكريم لأبنائهن..