تعيش تونس على صفيح ساخن، بعد أن أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، مبدأ تنظيم إضراب عام في القطاع العام، على خلفية تعطل المفاوضات مع الحكومة حول إصلاح هذا القطاع وإعادة هيكلته، كما يتهم حكومة يوسف الشاهد، بالمراوغة، وتعطيلها للاتّفاقات المبرمة سابقا حول قطاع الوظيفة العمومية، غير أن هذه الخطوة التصعيديّة من طرف اتّحاد الشّغل، تأتي في سياق الدفع لإقالة الحكومة أو استقالتها، بسبب التوتر الكبير بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. وقد بدأ رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، المشاورات من أجل إقالة الشاهد، غير أن حزب النهضة الأصولي، مازال متشبثا به، لذلك دخل اتحاد الشغل في خطوات تصعيدية، متهما رئيس الحكومة وفريقه بانعدام الكفاءة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. ويلعب اتحاد الشغل، في تونس، منذ تأسيسه سنة 1946، دوراً سياسيا إلى جانب دوره النقابي، حيث كانت له مساهمة كبيرة في الكفاح من أجل الاستقلال، من أهم محطاتها اغتيال سكرتيره العام، الشهيد فرحات حشاد، سنة 1952، من طرف الاستعمار الفرنسي. وواصل هذا الدور السياسي-النقابي، طيلة مساره، حيث لعبت تنظيماته الجهوية، الدور الأول في حركة الثورة ضد نظام الرئيس المخلوع، بنعلي. وقد حصل الاتحاد العام للشغل في تونس، إلى جانب ثلاثة تنظيمات أخرى، على جائزة نوبل للسلام، سنة 2015، لدورهم في قيادة الحوار الوطني، الذي عرفته البلاد، بعد اغتيال المعارض اليساري، شكري بلعيد، والنائب محمد لبراهمي. ويعتبر اتحاد الشغل، المعارض القوي لحزب النهضة الأصولي، إذ لا يخفي قادته أنهم يدافعون عن «نموذج مجتمعي»، لذلك فقد تعرض لهجومات من طرف «روابط حماية الثورة»، التابعة لهذا الحزب، وصلت إلى المواجهات الدامية، وتتجدد اليوم المواجهة على الصعيد السياسي، إذ يعتبر اتحاد الشغل أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، المنفذ الوفي للتوجهات الرجعية للنهضة، داخل حكومة الوحدة الوطنية، والتلميذ النجيب للمنظمات المالية الدولية، التي أوصلت البلاد لأزمة اجتماعية غير مسبوقة. ويبدو أن الساحة التونسية ستعيش توترا سياسيا جديدا، قد يعصف بالصيغة التوافقية، التي حصلت بين حزب نداء تونس، الذي أسسه الرئيس الباجي، وحزب النهضة، الذي مازال حاضرا بقوة في الحياة السياسية، وكرّسَ هذا الوضع في الانتخابات البلدية الأخيرة.