اتحاد طنجة يقتنص فوزا مهما أمام ضيفه الشباب السالمي    فرنسا تؤكد أن طلبها مراجعة اتفاقيات الهجرة مع الجزائر هو "يد ممدودة"    إعادة النظر في الأنشطة الملكية المعتادة خلال شهر رمضان المبارك    البطولة: المغرب التطواني يعود لسكة الانتصارات من بوابة شباب المحمدية    الأوقاف تعلن عن موعد مراقبة هلال رمضان    شبكة متكاملة وبرامج متنوعة على القناة «الثقافية» خلال شهر رمضان 2025 رمضان على «الثقافية سفر روحي بنكهة ثقافية »    قصتان    على وجه الأشياء    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وأمطار قوية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    أكادير تحتضن أشغال اجتماع التخطيط النهائي لتمرين "الأسد الإفريقي 2025"    الناطق الرسمي باسم الحكومة يثمن عدم إقامة شعيرة الذبح في عيد الأضحى    استقبال رفيع وخاص للطالبي العلمي والوفد المرافق له من قبل الفرق النيابية وأعضاء مجلس النواب المكسيكي    إبراهيم دياز: شرف لي أن أخوض 100 مباراة بأفضل قميص في العالم    المتصرفون: "وزارة السغروشني" تتجاهل الحوار بشأن الملف المطلبي    المجلس الإداري للوكالة الحضرية لتطوان يعقد دورته العشرون لمناقشة حصيلة الإنجازات وبرنامج العمل المستقبلي    إرجاء "محاكمة كريمين" إلى مارس    أمطار وثلوج ورياح في المغرب    مصرع سائق دراجة نارية بضواحي الحسيمة    وزير إسباني سابق: مخطط الحكم الذاتي هو "الحل الوحيد" لقضية الصحراء المغربية    رئيس الجمعية الجهوية لمهنيي وتجار السمك: عدم دخول سمك السردين للمزاد العلني يفتح الباب أمام التلاعبات والمضاربات    غياب الذبح في عيد الأضحى يطلق توقعات بخفض أسعار اللحوم الحمراء    المغاربة يعبرون عن ارتياحهم بعد قرار إلغاء شعيرة ذبح الأضحية لهذه السنة    الملك يزيح العبء عن الأسر المغربية .. وأسعار الأكباش تنكمش بألف درهم    الممثل بسبوسي يربط رفضه المشاركة في أعمال رمضانية ب"إشهارات ضد مبادئي"    بايتاس معلقا على بوادر أزمة تجارية مع مصر: "من الطبيعي أن تظهر مشاكل في تطبيق الاتفاقيات بين البلدين"    "اكتظاظ الطلبة وتأثر التكوين وغياب الرؤية وتوحش القطاع الخاص".. أساتذة كليات الطب يفضحون الحكومة    عبد الله أوجلان يدعو حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحل نفسه    بيتاس: "المخطط الأخضر حقق أهدافه بنجاح ومن يروج الأكاذيب يحاول استغلالها لأهداف سياسية"    اتفاق مغربي إسباني لتعزيز شبكة السكك الحديدية استعدادًا لمونديال 2030    عملية أمنية نوعية تمكن من اعتقال موالٍ لداعش بواد لاو    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع التراجع    أخنوش ينوّه بمضمون الرسالة الملكية حول عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد    زيارة لقجع لموريتانيا .. التفاصيل الكاملة    السلطات تسمح بزيادة الجماهير في مباراة اتحاد طنجة وشباب السوالم إلى هذا العدد    إسرائيل تتسلم جثث 4 رهائن ضمن صفقة تبادل مع حماس    العيون.. تنظيم الأيام الطبية الأولى المغربية الأمريكية    وفد رفيع المستوى من جامعة جبل طارق يزور كلية العلوم بتطوان لتعزيز التعاون الأكاديمي    مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة يؤكد أهمية ريادة الأعمال الاجتماعية والخضراء في تحقيق التنمية    العثور على الممثل الأمريكي جين هاكمان وزوجته وكلبهما ميتين في منزلهما    العثور على الممثل جين هاكمان جثة هامدة في نيو مكسيكو    مصر تستقبل "فلسطينيين مبعدين"    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    غاستون باشلار : إنشاد صامت    مراوحة الميتافيزيقا عند نيتشه وهيدجر بين الانهاء والاكتمال    محكمة التحكيم الرياضية تنتصر للاتحاد الجزائري لكرة القدم في قضية قمصان نهضة بركان    التلاعب في الأسعار بين ضعف المراقبة والتراخي في تطبيق القانون    بنزاكور يقدم "عملاق من الريف"    الصين: شنغهاي تلتزم بحماية الملكية الفكرية للشركات الأجنبية    الجيش الأميركي سيطرد المتحولين جنسيا باستثناء من يحصل منهم على إعفاء    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    غانم سايس يجري عملية جراحية ناجحة    أمير المؤمنين الملك محمد السادس يرفع الحرج على شعبه الوفي    اتحاد أيت ملول يواجه مولودية العيون في مواجهة مصيرية لتفادي المراكز المتأخرة … !    أمير المؤمنين يلغي شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« حصن التراب» لأحمد عبد اللطيف: الكتابة في مواجهة المحو

في روايته الخامسة « حضن التراب « التي دخلت القائمة الطويلة لجائزة البوكر لهذا العام ، والصادرة عن دار العين للنشر 2017.، يواصل الروائي المصري أحمد عبد اللطيف عزف لحنه السردي منذ روايته إلياس « 2014 .
وإذا كان العنوان هو المفتاح الحقيقي لفك شفرة النص ، فالعنوان المركزي الذي اختاره الكاتب « حصن التراب» يحيل على خلفية مكانية تاريخية ، إنها قرية حصن التراب أو « إثناتوراف « بجنوب اسبانيا ، قرية شهدت مآسي الأندلسيين الموريسكيين اضطهادا وتعذيبا ومحاكم للتفتيش وتهجيرا وتشتيتا في النهاية ، وذلك عقب سقوط غرناطة ، وحتى لا يحيلنا العنوان المركزي على قدامة الحكاية ، يرفقه الكاتب هاشتاج المرتبط بالعالم الافتراضي بمعنى آخر، هذه رواية عن الموريسكيين ومعاناتهم في القرون الوسطى، لكنها من منظور اليوم، وعلى ضوء القراءات الجديدة لقضيتهم.»
أما العنوان الملحق « حكاية عائلة موريسكية « ، فيخصص هذا التعسف في عائلة واحدة ، بقصد كتابة تاريخ يومي خارج التاريخ العام الرسمي والمتداول الذي نعيشه . والذي لا تصله الرقابة « ولا يذكره المؤرخون فى كتبهم . نقرأ في نفس السياق من أوراق محمد بن عبدالله بن محمد دي مولينا :» إنني أكتب ذاكرة ، ذاكرة ربما تحتاج لترميم في زمن آخر ، أطمح أن تسري بين الناس كحكاية شعبية « ص 58
الذاكرة في مواجهة المحو
وعليه ، ترصد الرواية جزءا من تاريخ مآسي المسلمين في اسبانيا بعد سقوط الممالك ، من خلال تتبع عائلة « دي مولينا « الموريسيكية ، فالأب « ميغيل دي مولينا « يكشف لابنه إبراهيم خبايا وأسرارا عدة تخص تاريخ العائلة ، أما تلك الأسرار فتحكي تاريخ الموريسكيين . وما يحتويه أرشيفها وذواكرها من أوراق ومخطوطات كانوا يحرصون على كتابتها وتدوينها وأرشفتها يومياتهم فيها ونقلها لأبنائهم جيلا عن جيل ، حتى لا تدخل دهاليز النسيان ، باعتبارها شهادة إثبات عن أعمال العنف والسلب والنهب التي عانوا منها على يد بعض البدو.
إنه تاريخ مآسيهم وفواجعهم ، حيث وصل الحال بالسلطة السياسية والدينية إلى ما يشبه الهستيريا التي وصل بها الحال إلى التفتيش في نوايا البشر ومبادئهم وعقائدهم ، جراء الانحدار العربي ، وبعد سقوط غرناطة لتتعقد وتتشابك الأمور بعدها وحتى الوقت الراهن .
هكذا تضعنا حكاية عائلة « دي مولينا « الموريسكية ، في صلب الفواجع اللاإنسانية التي يحكي عنها الواقع المعيش والتاريخ المعلن والمخفي ، من خلال مخطوطات ووثائق تم توارثها ، محتفظ بها بأسفل المنازل، دلالة رمزية الانتماء للجذور التي يبنى عليها الأساس ، فيحفظه على مر العصور ، ومن ثمة صيانتها من المحو والضياع والمسخ حتى .
وعليه ، تكون رواية « حصن التراب « رواية تاريخية تحكي عن تاريخ الموريسكييين الذي لا يمل من إعادة إخراجه ، وهو بالمناسبة ، تاريخ تناولته ، العديد من الروايات نذكر منها « تحت شجرة الرمان « لطارق علي ، « المخطوط القرمزي « لانطونيو جالا و» الموريسكي» للمغربي حسن أوريد التي كتبت باللغة الفرنسية قبل ترجمتها للغة العربية . ولعل آخر تلك الكتابات هى رواية الموريسكى الأخير ل» «صبحي موسى»، وكلها تبحث في الهوية الحضارية للإنسان الأندلسي الموريسكيّ خاصّة ذلك المضطهَد الذي تمّ تهجيره والتعسف على جذوره ، والذي يحمل الدّماء الأندلسيّة، الدّماء المختلطة..
متعة اللعبة السردية
بداءة ، دعونا نتفق أن أي خطاب ثقافي كان ، لا يكاد يخلو من اللعب ، كذلك الكتابة لعب جميل وجمالي بالكلمات ، وهو فوق ذلك لعب حر لا حدود جمركية وفي كل نص يتجدد بشكل مختلف.
أصبحت الرواية في السنوات الأخيرة تنقاد إبداعيا إلى متعة الخلق وشغف الكتابة وغواية اللعب، وذلك من خلال تفجير النص الروائي التقليدي بهدف خلق تلقي جديد للكتابة والقراءة.
وعليه ، نجزم أو نكاد، بأنَّ تداول الكثير من التجارب الروائية ، يعود إلى خاصية استثمارها لمنطق اللعب ، فما نعنيه بالكتابة – اللعب ؟ وما تجلياتها في رواية « حصن التراب» لأحمد محفوظ ؟
بخصوص رواية « حصن التراب « ، يلاحظ القارئ أن الكاتب جعل من روايته ورشة للعب ، ويمكن رصد هذا اللعب الذي يتوخى تجديد وعليه ، لأن اللعب ليس استسهالا للإبداع أو وسيلة للتسلية والمتعة ، بل تقنية جديدة واستكشافا مبينا، له رهاناته ومقصدياته ، لأن توظيفه يحتاج الذكاء والمراوغة وبعض والطيش أحياناً .
هكذا سيعمد الكاتب إلى تشغيل آلية اللعب السّردي القائمة على كتابة المخطوطات، والتي يمكن تلخيصها في توارث الكتابة من مخطوطات ومذكرات ، إذ على كل فرد من أفراد سلالة «دي مولينا» أن يتابع كتابة مخطوطات جديدة، وأن يورّثها مع ما سبقها إلى ابنه البكر، وهكذا إلى أن وصل الدور إلى ساردنا مرورا بسبعة أجيال ، في حين لم تُخضع المذكرات إلى ترتيب زمني أو منطق معيّن ، ليقول لنا إنّ هناك تاريخا موازيا لِما كتبه المؤرّخون. إنّه تاريخ الذواكر الشعبية .
ولعل هذا اللعب الجديد واللافت الذي جاءت به الرواية ،وهو في ظني جديد ويحسب للكاتب، يتجلى في إدراجه الكاتب في ثنايا الرواية روابطَ إلكترونية لموسيقى وأغانٍ أندلسيّة وأفلام وثائقيّة حول الموريسكيين، وهذه المُصاحبات السمعية البصرية تقنية جديدة في الرواية العربية.
أضف إلى ذلك تشغيل الكاتب للبناء الخيالي الفنتازي، خاصة في المقاطع التي تتحدث عن تحوّل الأبطال إلى أحجار وتماثيل، وفي تقمص الشخصية لجسد شخصية أخى.. وغيرها من التقنيات التي برع الكاتب في توظيفها بذكاء ووعي سردي رصين.
وصفوة القول ، يمكن اعتبار « حصن التراب « رواية تجر وراءها موضوعة وتاريخا من اضطهاد الموريسكيين وضياع هويتهم. التعصب الديني الذي كابدوه، والذي يذكرنا بالحوادث الواقعية التي تحيط بنا من اضطهاد للأقليات الدينية والعرقية ، يصل حدود القتل وبأبشع أشكال الموت ، ودعوة مبطنة ي للانفتاح والحوار والتعايش وتدبير الاختلاف بعين العقل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.