قال ادريس لشكر في اليوم الدراسي الذي نظمه الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، وبشراكة مع النقابة الوطنية للتعليم العالي، أول أمس بمقر البرلمان، حول «الجامعة العمومية ومسؤولية الدولة»، أن المغرب يعيش اليوم توجها ليبراليا متوحشا، وأن هناك مخططا شموليا لترسيخ هذا التوجه غير المسبوق، وهو المخطط المرتبط بالقانون المالي المعروض اليوم على البرلمان، والذي يتضمن إجراءات ماسة بالقدرة الشرائية للمواطنين وحاملة لتراجعات كبرى في كافة المناحي المرتبطة بحياة المواطنين. وأضاف لشكر الذي حمل الأسئلة القلقة لحزب الاتحاد الاشتراكي وباقي الفرقاء الاجتماعيين والنقابيين من الطيف التقدمي حول مآل التعليم في بلادنا، وهي الأسئلة النابعة من التداخل الذي عاشه المناضلون الاتحاديون بين النضال من أجل القيم والقضايا الكبرى وبين التعليم الجامعي من بابه الطلابي والأساتذي، أن التطورات التي عرفها التعليم العمومي منذ حكومة عبد الله إبراهيم في مشروع التأسيس للجامعة العمومية، مرورا بحكومة اليوسفي التي اعتمدت القوانين المؤطرة للنهوض بها، يعرف اليوم تراجعات كبرى تمس الفضاء الجامعي من مختلف أوجهه التعليمية والمعرفية والعلمية... واعتبر لشكر أن أهمية هذا اليوم الدراسي تكمن في سياقات المرحلة التي ينعقد فيها، والمرتبطة بكون الاتحاد الاشتراكي من خلال فريقيه النيابيين، حريص على أن يكون صدى لكل المطالب الشعبية ومختلف النضالات التي تعبر عنها القوى الحية في بلادنا، ولهذا يضيف لشكر ينبغي أن يكون هذا اللقاء - الذي يأتي بدعوة من النقابة الوطنية للتعليم العالي - إشارة دالة إلى المعنيين بالأمر كما أنه توجه هام في أساليب النضال في هذه الواجهة. ودعا لشكر الأساتذة وهم يؤسسون لجبهتهم الوطنية للدفاع عن الجامعة العمومية أن يتصلوا بكافة المؤثرين في سلطة القرار في البرلمان للضغط من أجل مراجعة قانون المالية الحالي، الذي يتضمن مخططا شاملا لهذا التوجه الليبرالي المتوحش، وذلك لضمان فضاء جامعي قادر على صيانة هذا الإطار لصراع الأفكار واحترام شروط الحوار، وسير تعليم عمومي في مستوى التطلعات التي أسس المغرب لها في مختلف المحطات وبمختلف التحديات. بدوره أكد محمد علمي رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين أن الفريق الاشتراكي حريص على الالتزام في عمله البرلماني بشراكة مع المجتمع المدني وهيئاته الحية من تنظيمات نقابية وجمعوية ومؤسساتية، مؤكدا أن الفريق دأب على الاضطلاع بمهامه الدستورية على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي في ما يخص النهوض بقطاع التربية والتكوين عموما، وقضايا الجامعة المغربية بشكل خاص. وهي المهام التي اعتبرها الفريق مسؤوليات نضالية في إطار توجهات الحزب الأساسية وأولوياته النضالية التي تعتبر الجامعة المغربية إحدى أهم الواجهات لتكوين الأجيال والنخب، ولتنمية الفكر الوطني الحداثي ولتقوية مناهج التحليل العلمي ومواجهة الفكر الظلامي والرجعي، ومقاومة السلطوية والإملاءات الجاهزة... وقد أعلن العلمي عن دعم الفريق التام واللامشروط لمبادرة تأسيس «الجبهة الوطنية للدفاع عن الجامعة العمومية»، وهو الأمر الذي يرى فيه الفريق الحاجة ماسة إلى ذلك لما تعرفه الجامعة المغربية من تهديدات على عدة مستويات تمس هويتها وأهدافها ومهامها، وعلاقتها بمحيطها والتي نخاف أن تتسارع التهديدات فتصل لا قدر الله إلى الإجهاز عليها. وأكد العلمي أن الفريق الاشتراكي سيترجم كل نضالات جبهة الدفاع عن الجامعة العمومية في كل المستويات البرلمانية التي يؤطرها الدستور، والتي يعتبرها مسؤولية ملقاة على عاتق البرلمانيين الملزمين بنقل هموم الجامعة والجامعيين إلى داخل البرلمان، وهي أيضا مهمة نضالية في إطار توجهات حزب الاتحاد الاشتراكي المدافعة عن الجامعة العمومية. من جهته أشار عبد الكريم مدون باسم النقابة الوطنية للتعليم العالي الى أن الجامعة المغربية موضوع اليوم الدراسي، مرتبطة بالتحولات التي عرفها قطاع التعليم العالي، والذي راكم مجموعة من الإشكالات همت بالأساس آلية اعتباره مكونا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأداة لإنتاج المعرفة والبحث العلمي، وهي الإشكالات التي ظلت حبيسة الأدوار التي لعبتها الجامعة منذ نشأتها إلى مرحلة التفكير في إصلاحها، دون أن ترقى إلى مستوى البحث عن ميكانيزمات الموقع الإيجابي للتنمية الشاملة. وأكد مدون أن تصور النقابة الوطنية ينطلق من ضرورة حماية الجامعة كمرفق عمومي بقانون يكون أداة لحماية الموارد البشرية والمالية، ويحدد مسؤولية الدولة تجاهه من خلال الزيادة في الاستثمار في مجال المعرفة باعتبارها قاطرة حقيقية للتنمية، مطالبا - بصفته كاتبا عاما للنقابة الوطنية للتعليم العالي- بإعادة النظر في القانون الإطار المنظم للتعليم العالي والذي سيرهنه مستقبلا كما يهدد الجامعة العمومية إن مرر بالشكل الذي تقترحه الوزارة الوصية.