تعتبر المؤسسات المنتخبة، خاصة المحلية والإقليمية والجهوية، من أهم أركان إدارة الشأن العام، نظرا للصلاحيات الكبيرة التي يمنحها لها القانون، والميزانيات التي تصرفها، والرهان عليها كعامل أساسي في معالجة سياسة القرب من المواطنين ومشاكلهم وحياتهم اليومية. وقد أولت الديمقراطيات أهمية خاصة لهذه المؤسسات، وفي أكثر البلدان تقدما، مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تعتمد في بنياتها على المؤسسات المنتخبة على كل الأصعدة وفي كل المسؤوليات، بل أكثر من ذلك، فإن الدراسات تؤكد أن اهتمام المواطن الأمريكي بما يجري حوله، على الصعيد المباشر، أكثر من اهتمامه بما يجري على صعيد الولاية أو الإدارة الفيدرالية، وهو ما منح للديمقراطية المحلية قوة كبيرة ونجاعة لا مثيل لها. وتتجه مختلف البلدان، كيفما كان نظامها السياسي، إلى هذا النموذج، إذ تأكد أن المركزية الشديدة، تفتقد للنجاعة والحكامة، كما أنها تناقض الشعار الذي يتطور اليوم عبر العالم، وهو الديمقراطية التشاركية، التي تلعب فيها المؤسسات المنتخبة دوراً كبيراً، إلى جانب منظمات المجتمع المدني. غير أَن نجاح هذا النظام، يتطلب تمثيلية ديمقراطية وكفاءات بشرية قادرة على القيام بدورها أحسن قيام، وعلى هذا المستوى، يمكن القول، إن التجربة الانتخابية التي تسود في المغرب، لا تسمح دائما بهذا الشكل من التمثيلية، حيث تسجل العديد من التقارير الموضوعية، وكذا ما يعيشه المواطنون في أرض الواقعية، من استمرار ظواهر سلبية من الغش الانتخابي، خاصة بواسطة شراء الذمم، تحت مختلف المسميات. بالإضافة إلى هذا الخلل الأصلي، في هذه العملية، فإن التقرير الذي سبق لوزارة الداخلية أن نشرته بخصوص مستويات الذين يتولون مسؤوليات في الجماعات المنتخبة، تؤكد أنه من أصل 30 ألفا و663 مستشارا يسيرون شؤون الجماعات المنتخبة ال1503، 4739 منهم لم يلجوا المدارس في حياتهم. كما سجلت الدراسة أن عدد المستشارين الذين لم يتجاوز مستواهم الدراسي الابتدائي يصل إلى 8792 مستشارا في الجماعات، و212 في العمالات والأقاليم، و44 في مجالس الجهات. وأن الذين يتوفرون على تعليم عالٍ في مجموع المجالس المحلية والإقليمية والجهوية، لا يتجاوز 8968 منتخبا. من الواضح أن تصحيح هذه الأوضاع، لتجاوز هذه الديمقراطية الناقصة، يتطلب مراجعة شاملة للأنظمة الانتخابية على مختلف المستويات، لضمان تمثيلية ديمقراطية ومُشٓرّفة.