اغتصاب طفلة من دوي الإعاقة بشكل جماعي ومتكرر يدفع بحقوقيون إلى المطالبة بإقرار العدالة وتشديد العقوبات    نمو الاقتصاد الوطني محفوف بمخاطر الجفاف وتراجع معدلات الأمطار التي انخفضت بنسبة 60.6 %    لقجع: تطبيق نسبة 5 في المائة ضمن قانون المالية سيمكن من تحقيق موارد إضافية للدولة بحوالي 6 مليارات درهم    أمن طنجة يوقف زوجين متلبسين بحيازة مخدرات قوية    الناشط أيت مهدي يدان بالحبس النافذ    الكتاب الأمازيغي: زخم في الإنتاج ومحدودية في الانتشار نسبة النشر بالأمازيغية لا تتعدى 1 %    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    جبريل الرجوب يصلح زلة اللسان بخصوص مغربية الصحراء    حرائق لوس أنجليس تخلف 24 قتيلا على الأقل    أربعة مشاريع مراسيم على طاولة مجلس الحكومة المقبل    شادي رياض يتألق في أول ظهور بعد الإصابة    وزارة الصحة تبدأ في عملية تلقيح البالغين ضد داء بوحمرون    بوكوس: احتفالات "إيض يناير" تعزز تفرد المغرب وحماية التعدد اللغوي    فرحات مهني يكتب: هل اليسار الفرنسي يحمي النظام الجزائري الإجرامي    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    مسؤول يكشف أسباب استهداف وزارة الصحة للبالغين في حملة التلقيح ضد بوحمرون    فرنسا تلوح بمراجعة الاتفاقية مع الجزائر.. باريس تواصل تأديب نظام الكابرانات    لاعب دولي سابق يقترب من الانضمام للوداد    مراجعة اللوائح الانتخابية العامة : إمكانية التأكد من التسجيل في هذه اللوائح قبل 17 يناير الجاري    أمن مطار محمد الخامس يوقف مواطنا تركيا مطلوبا دوليا    وزارة ‬الصحة ‬تتدخل ‬بعد ‬تواصل ‬انتشار ‬‮«‬بوحمرون‮»‬.. ‬    موجة برد مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    الدوري السنوي لنادي اولمبيك الجديدة للكرة الحديدية , إقبال مكثف وتتويج مستحق    توقيف قائد بإقليم ميدلت للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    نبيل صانصي يصدر ألبومه الجديد "الكوحل"    رواية "على بياض" لخلود الراشدي.. تجربة فريدة تتناول موضوع الإدمان وتمزج فن الراب بالرواية    الاحتفال برأس السنة الأمازيغية.. طقوس وعادات تعزز روح الانتماء والتنوع    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    أطباء القطاع العام يعلنون إضرابا وطنيا لعشرة أيام احتجاجا على تجاهل مطالبهم    أنشيلوتي يعترف : ريال مدريد لم يكن متماسكا وبرشلونة كان الأفضل    بلعسال منسق فرق الأغلبية بالنواب    بركة: الجهود الحكومية لم تحقق نتائج في خفض البطالة والغلاء    السعودية تطلق مشروع مدينة للثروة الحيوانية بقيمة 2.4 مليار دولار    الذهب يتراجع متأثرا بتقرير عن الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية    حموشي يؤشر على تعيين كفاءات شابة لتحمل مسؤولية التسيير الأمني    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    قطر تسلم إسرائيل وحماس مسودة "نهائية" لاتفاق وقف إطلاق النار    دعوات للاحتجاج تزامنا مع محاكمة مناهض التطبيع إسماعيل الغزاوي    شي يشدد على كسب معركة حاسمة ومستمرة وشاملة ضد الفساد    على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء النباتي الأخضر    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    من بينهم نهضة بركان.. هذه هي الفرق المتأهلة لربع نهائي كأس الكونفدرالية    الدولار يرتفع مدعوما بالتقرير القوي عن سوق العمل    برشلونة بعشرة لاعبين يقسو على ريال 5-2 بنهائي كأس السوبر الإسبانية    أطباء مغاربة يطالبون بالإفراج عن الدكتور أبو صفية المعتقل في إسرائيل    للتعبير عن انخراطهم في حملة "مرانيش راضي".. احتجاجات شعبية في ولاية البويرة الجزائرية (فيديوهات)    النفط يسجل أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر مع تأثر صادرات روسيا بالعقوبات    تحذيرات خطيرة من كاتب سيرة إيلون ماسك    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    الحسيمة تستقبل السنة الأمازيغية الجديدة باحتفالات بهيجة    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حركة النقد المسرحي بالمغرب تحاصر نفسها بالأسئلة


– 1 –
الباحثون الأكاديميون في المجال المسرحي، يطرحون الأسئلة تلو الأخرى عن ماهية النقد المسرحي:هل هو قراءة استيعابية للنص؟ أم تفكيك للعرض المسرحي وإعادة تركيبه وفق منظور الناقد ورؤاه الإبداعية…؟
من وجهة نظري الخاصة، اعتبرت دائما»النقد المسرحي»إبداعا مواكبا للعملية المسرحية، فهو يساير العمل المسرحي من لحظة ميلاده كنص لغوي، إلى لحظة عرضه على الركح، يساير»الفرجة»في كل تفاعلاتها( كتابة، ديكور، إخراج، تمثيل، سينوغرافيا…) الخ، وهو بهذه المواكبة لا يكشف فقط عن مكامن الإبداع في العملية المسرحية الكلية، ولكنه أكثر من ذلك، يكشف عن خفاياها، ويقيم خطابها وأدائها.
إن علاقة النقد بالعملية المسرحية، هي علاقة ضرورية، لحياة المسرح وتطوره، حتى يبقى متحفزا منطلقا إلى ما لم يصل إليه بعد. ولأن المسرح إبداع شامل/ حالة من التحدي المتصل للمألوف، فإن حاجة النقد تبقى كبيرة وضرورية لما يقوم به هذا النقد من إعادة تشكيل لحركة الوعي في العملية المسرحية الشاملة.
يعني ذلك، أن العمل النقدي، ليس عملا سهلا أو بسيطا، فهو يحتاج بالإضافة إلى المعرفة الدقيقة لماهية المسرح كفن وكتاريخ وثقافة وإبداع، يحتاج ثقافة معرفية التي تضفي على المسرح ذاتيته الخاصة ومشروعيته الإبداعية.
النقد بهذه الصفة يتداخل مع خصائص العملية المسرحية/ كممارسة لخطاب إبداعي يمتلك استقلاليته وتفرده وخصوصياته…ويصبح عملية في منتهى الصعوبة والخطورة، لا يمكن ممارستها من فراغ.
– 2 –
في المغرب، ظهر المسرح في بداية الأمر خارج تقاليده، فلم يكن هناك أي نقد مواكب للإرهاصات الأولى، فظلت العروض خارج التقييم، وخارج القراءة النقدية إلى أن ظهرت»المتابعات الانطباعية» في أفق الستينات بصحافة عهد الاستقلال الوطني، وهي»إرهاصات»تكتسي أهمية بالغة من الناحيتين الثقافية والتاريخية، ليس لأنها قربتنا إلى فن الفرجة، ولكن لأنها وضعت المسرح في النسق الإبداعي للثقافة الوطنية.
إن غالبية الكتابات الانطباعية عن المسرح المغربي التي ظهرت في أفق العقد السادس من القرن الماضي، عملت على قراءة الأعمال المسرحية من الخارج ووقفت في الأغلب عند حدود التلقي المباشر، وبأقل ما يمكن من التدخل الذاتي للكتاب/النقاد…إلا أن هذه الكتابات استمدت أهميتها من كونها خضعت لقيادة النصوص التي كانت رائجة خلال تلك الفترة وحاولت جهد الإمكان المساهمة في إنتاج الخطاب المسرحي بحمولاته السياسية والاجتماعية والثقافية.
إن كتابات محمد برادة، عبد الجبار السحيمي، محمد العربي المساري، ومصطفى القباج، مصطفى القرشاوي، عبد الله المنصوري، عبد الكريم غلاب، ومصطفى الصباغ، وغيرهم من الصحفيين والأدباء الذين واكبوا خلال هذه الفترة، أعمال المسرح المغربي وعروضه ومهرجاناته، ساهمت بشكل أو بآخر(ولو أنها كانت متقطعة ومتباعدة وموسمية أحيانا) في إثراء الخطاب النقدي المسرحي الانطباعي ومن خلاله عملت على إعادة يناء ذلك الخطاب بما يلائم الخصوصيات السوسيوثقافية لهذه الفترة.
ولاشك أن ظهور كتابات مسرحية/ سياسية وفكرية في أفق السبعينات ساعد على إفراز كتابات نقدية مغايرة، استفادت من المناهج الأكاديمية، ومن المدارس النقدية المعاصرة، في العالمين العربي والأوروبي حيث اعتمدت أدوات النقد ومصطلحاته.
في هذا النطاق ظهرت مجموعة من المقالات والدراسات والأبحاث النقدية طرحت نفسها منذ البداية كقراءات تأسيسية، أهمها»أطروحة» الدكتور حسن المنيعي/» أبحاث في المسرح المغربي»والتي تعتبر ثمرة من ثمرات الوعي النقدي الذي ساهم في إيجاد»الكتابات الانطباعية»سالفة الذكر، والتراكمات التي أوجدتها نصوص مسرح الهواة والمسرح الاحترافي للفترة السابقة.
إن هذه الأطروحة، حاولت أن تجمع بين التاريخ والتحليل والرصد، ولكنها أكثر من ذلك عملت على تمهيد السبيل لكل الدراسات النقدية اللاحقة، ولعبت دورا هاما في إشعاع»البحث المسرحي»داخل الجامعة المغربية، وهو ما أذى إلى تراكم نقدي، لا يمكن نكران أهميته الثقافية والعلمية في الزمن الراهن.
وفي نظري الشخصي، أن أطروحة د.حسن المنيعي، أفرزت من الناحية العلمية العديد من النتائج الهامة، على مستوى التطورات النظرية للنقد المسرحي التي بلورت كتابات نقدية جديدة، تستمد قوتها وأهميتها من القراءات العلمية المعاصرة لفن المسرح وفضاءاته.
وأود هنا أن أشير إلى شيء هام يتعلق أيضا بالدكتور المنيعي، وهو مواصلته لمشروعه النقدي ومتابعته العلمية لفن الفرجة المغربية والعربية، من خلال سلسلة من الدراسات الأكاديمية الهامة، أن على مستوى التطورات النظرية للنقد المسرحي التي ظهرت بعد عقد السبعينات أو على مستوى بلورة كتابات نقدية جديدة، تستمد قوتها وأهميتها من القراءات العلمية المعاصرة لفن المسرح وفضاءاته.
– 3 –
في حركة النقد المسرحي بالمغرب ما بعد أطروحة الدكتور المنيعي واقتحام الدرس المسرحي لبعض جامعاتنا برزت أطروحات أخرى تختلف بمناهجها ورؤاها وتنوع أساليبها، هدفت جميعها إلى تفكيك وإعادة تركيب الظاهرة المسرحية المغربية وما تحمله من مرجعيات فكرية وسياسية واجتماعية، وخلفيات وأبعاد جمالية وفنية من خلال اتكائها على الرصيد المعرفي للمناهج الأكاديمية.
وقد طرحت هذه الحركة من مواقعها المختلفة أسئلة في غاية الأهمية: ما هي حدود الأصالة والمعاصرة في مسرحنا؟ هل ينتمي هذا المسرح إلى حقل الإبداع؟هل يرقى هذا المسرح إلى تأسيس فرجة مسرحية مغربية؟ ما هي حدود علاقة هذا المسرح بجمهوره الواسع؟ وعلى أية شاكلة يجب أن تكون هذه العلاقة؟ ما هي علاقة مسرحنا بالحداثة؟..
وبموازاة هذه الحركة المثقلة بالأسئلة، ظهرت على الركح أشكال وأساليب مسرحية، مثقلة هي الأخرى بالأسئلة الإبداعية، ظهرت»الاحتفالية»التي ترفض المسرح اليوناني والغربي عموما، مقابل فتح الباب على مصراعيه لمشاركة الجمهور في اللعبة المسرحية وفي الفعل المسرحي، وظهر»المسرح الثالث» الذي يدعو الجمهور إلى المشاركة من خلال التحليل والمساءلة، وظهر»مسرح المرحلة»الذي يدعو إلى التفاعل مع الممثل وعرضه، وظهر المسرح النقدي الذي يرتكز على التراث في تعامله وخطابه، وهي أشكال وأساليب تلتقي عند محور هام، وهو إعادة النظر في مفهوم الكتابة المسرحية وفي عملية الأداء المسرحي والإخراج والفرجة.
– 4 –
من الأسماء البارزة التي ظهرت داخل حركة النقد المسرحي الجديد بالمغرب، اسم الناقد الكبير الدكتور عبد الرحمان بن زيدان، الذي أضفى على النقد المسرحي مسحته الإيديولوجية، فهو انطلق في معايشته للحركة المسرحية المغربية، من اعتبار المسرح جزء من حركة الإنسان/ المواطن ووسيلة من وسائله التعبيرية ومقياسا لثقافته ووعيه وتنميته الحضارية وحصيلة لصراعاته وتصادماته أو حواراته مع الفضاء الإنساني الشامل.
ففي كتابه»من قضايا المسرح المغربي»الذي ظهر في أفق الثمانينات طرح تصوره للعملية النقدية من خلال ربطه للمسرح بجذوره الاجتماعية وبالطبقة/ الطبقات التي ينتمي إليها أو التي يعبر عن طموحاتها.
فمن خلال قراءة متأنية لمسرح الهواة( خلال تلك الفترة) أعاد د.ابن زيدان المسرح إلى جذوره في التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، التي صنفها كإبداعات طبقية، تعالج القضايا والمشاكل، وترى أمور البلاد والدنيا من مواقعها.
وانطلاقا من هذا الكتاب / المفتتح إبان ابن زيدان عن خبرة عالية في العمل التنظيري/ النقدي وعن خبرة تحريضية تدعو الخطاب المسرحي إلى اختراق أي حصار ثقافي أو سياسي والاحتكام إلى الواقع كمرجع حاسم للعملية الإبداعية…الأمر الذي جعله يرتكز على أحكام ومصطلحات المنهج المادي التاريخي لتحليل النص/ العرض المسرحي، وتشريح حمولته الفكرية والإيديولوجية.
ودون هذا الكتاب ظلت كتابات ذ عبد الرحمن ابن زيدان النقدية، مخلصة لنفسها في هذا التوجه، إذ استندت إلى الدعوة إلى مسرح يقدس الإنسان والحرية ويعمل من أجل تفاعل الصراع من أجل الهوية…في سلسلة إصداراته النقدية التي تمتد من سنة 1972 إلى اليوم، أكد ابن زيدان على سعيه وحرصه على تأسيس نقد مسرحي عربي/ مغربي في توجهاته ومناهجه، إنه ناقد حداثي في فكره وخطابه…وهو ما يجعله صاحب مشروع نقدي متكامل في شكله ومضمونه.
– 5 –
وبعد…هل يمكن القول أن حركة النقد المسرحي بالمغرب، حركة فاعلة؟ هل يمكن السؤال عن مدى توازنها مع الحركة المسرحية وعن مدى ترابطها مع فضاءها الثقافي؟.
الأكيد أن الأداة النقدية حاضرة وقائمة، والأكيد أيضا أنها بدأت تحاصر نفسها بالأسئلة المشروعة، وهذا وجه يعطيها نبض الحياة، حتى وإن تخلفت هذه الحركة عن بعض مواعيدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.