قال محمد بنعبد القادر إن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد لا يمكن اختزالها في النصوص القانونية، بل هناك جوانب حاضرة، وبقوة، في هذه الاستراتيجية التي اعتمدها المغرب، تتمثل في عدد من الإجراءات والتدابير المتعلقة بالجوانب التواصلية والتحسيسية والثقافية والوقائية. وأضاف وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، الذي كان يلقي كلمة بمناسبة افتتاح دورة تكوينية حول «إدارة مخاطر الفساد في قطاع الصحة المنهجية والخطوات التنفيذية في المملكة المغربية»، بدعم من المشروع الإقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية التابع لبرنامج الأممالمتحدة الإنساني، على أن مكافحة الفساد ليست مجرد إعلان عن نوايا طيبة وخطاب سياسي وتصورات بهدف الاستهلاك الإعلامي بل إن العملية تحتاج إلى خبراء وكفاءات مكونة في المجال ومهارات يجب تعزيز قدراتها. وذكر بنعبد القادر، بالمناسبة، أن المغرب باشرالعديد من الأوراش الإصلاحية بهدف تصحيح الاختلالات وإرساء قواعد لبناء دولة قوية يسودها الحق والقانون والرخاء، إذ ترسخت ثقافة مكافحة الفساد منذ أكثر من عقدين من الزمن، حيث أكدت السلطات العليا التزامها السياسي الكامل بمحاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة، جاعلة من هذا الالتزام خيارا استراتيجيا وأولوية سياسية وتشريعية ومؤسساتية بهدف إرساء علاقات مسؤولة وشفافة مع المواطن والتي جاء دستور 2011 لتكريسها. وتابع في ذات السياق أن المغرب قد اعتمد استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد سنة 2015 تسعى إلى تكريس الالتقائية بين البرامج الأفقية والقطاعية، والتجميع بين القانوني والإجرائي وبين الوقائي والزجري، كما تعتمد على الشراكة الاستراتيجية مع كافة الفاعلين الوطنيين والدوليين لترسيخ المنظومة الوطنية للنزاهة، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية قد حددت كرؤية لها «تعزيز النزاهة والحد من الفساد بشكل ملموس في المغرب في أفق 2025» وذلك من خلال هدفين استراتيجيين يتمثل الأول في تحسين ثقة المواطن في الدولة، من خلال تخفيض معدل الفساد وتحسين مؤشر إدراك الفساد وكذا مستوى الرضا بعمل الحكومة في مكافحة الفساد، ويتمثل الثاني في تحسين ثقة المجتمع الدولي. واعتبر المسؤول الحكومي أن هذه الدورة التدريبية التي تنظم بمعية شريك الوزارة المشروع الإقليمي «لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية « التابع لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي «، حلقة من حلقات دعم الاستراتيجية الوطنية، وهو إجراء مصاحب لتنفيذ هذه الاستراتيجية في سياق الاهتمام بالعنصر البشري الذي سيتولى تتبع تنفيذها، وأن الرهان على مثل هذه التظاهرات أساسي لكونها مصدرا لإثراء مهارات المشاركين ولتمكينهم من امتلاك الأدوات المنهجية اللازمة. وشدد نفس المتحدث على أن هذه الورشة تعتبر محطة أساسية لتدارس الرهانات المنتظرة في هذا المجال، وتنضاف إلى تلك التي نظمت، سواء في الرباط أو في مراكش، على هامش الملتقى الوطني للخدمة العمومية خلال شهر يونيو الماضي، والتي من شأنها الدفع بتفعيل وتجسيد أهداف وأسس منظومة النزاهة والحكامة لخدمة التنمية، وهي فرصة أيضا ستتيح لنا تقاسم مقاربات جديدة مع مختلف الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التي نتوخاها جميعا. وتروم هذه الورشة التي حضرها المفتش العام لوزارة الصحة وأركان السبلاني رئيس المستشارين الفنيين ومدير المشروع الإقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية برنامج الأممالمتحدة الانمائي، تعريف المشاركين بالمفهوم الحديث للوقاية من الفساد والدور المحوري الذي يلعبه علم إدارة المخاطر في هذا المجال والمنهجية المطورة من قبل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لتطبيق إدارة مخاطر الفساد في القطاعات ذات الأولوية كقطاع الصحة والجمارك، ثم رفع وعي المشاركين بأهمية الرصد والتقييم في إنجاح الجهود المضادة للفساد، وكذا تنمية مهارات المشاركين وتعميق معرفتهم بالمفاهيم والمنهجيات ذات الصلة، بما في ذلك المؤشرات المستخدمة في قياس الفساد.