نظمتها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتعاون وشراكة مع جامعة الدول العربية –مركز تونس- اعتبارا للمشترك النضالي المغاربي الفلسطيني، ولإعطاء مضمون ملموس لهذا المفهوم الذي يعكس قدسية ورمزية أرض المقدس، نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتعاون وشراكة مع جامعة الدول العربية –مركز تونس- ندوة فكرية مغاربية-فلسطينية، في دورتها الثالثة، في موضوع : «دور المغاربيين في دعم نضالات فلسطين»، انطلقت أشغال جلستها الافتتاحية صباح يوم الاثنين 9 يوليوز 2018، بقاعة الندوات والمحاضرات بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط. ويندرج التئام هذا المنتدى الفكري المغاربي-الفلسطيني في سياق المبادرات الموصولة التي تضطلع بها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لاستظهار واستقراء فصول وأطوار الذاكرة التاريخية المغاربية-الفلسطينية، واستحضار جوانب من المشترك النضالي المغاربي- الفلسطيني من أجل نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. واختيار المملكة المغربية لاحتضان هذا الملتقى المعرفي الوازن والمتميز، يجسد مكانة بلادنا في المحيط الاقليمي والعربي والدولي، كأرض للقاء والحوار والتسامح والتعايش والقيم الإنسانية المثلى والدفاع المستميت عن القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، سواء على المستوى الشعبي عبر التفاعل مع مختلف الأحداث والاعتداءات التي يتعرض لها الفلسطينيون، أو على المستوى الرسمي من خلال البحث عن تسوية سياسية واقعية ومنصفة، تحتكم إلى القانون الدولي، وتلتزم بالشرعية الدولية، وهي المقاربة التي تعتمدها المملكة المغربية من خلال ترؤس جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه، وبعده صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله للجنة القدس ولوكالة بيت مال القدس الشريف. وفي كلمته بالمناسبة، أوضح السيد مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أن تنظيم هذه الندوة الفكرية، في نسختها الثالثة، بتعاون وشراكة مع جامعة الدول العربية-مركز تونس- يجسد امتدادا واستكمالا لنظيرتيها اللتين التأمتا بتونس على التوالي في سنتي 2015 و2016، وتأكيدا للدعوة الملكية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لإرساء منظومة مغاربية متكاملة تدعم القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهي الدعوة التي أطلقها جلالته من تونس الخضراء خلال زيارته الرسمية لها سنة 2014، كما تتساوق وتتجاوب وتطلعات جلالته التي عبر عنها في رسالته السامية التي وجهها إلى المؤتمر الدولي الخامس المنعقد حول القدس، والذي احتضنته العاصمة الرباط منذ أيام. كذلك أكد أن هذا الملتقى المغاربي-الفلسطيني، يجسد استحضارا تاريخيا لجوانب من النضال المشترك المغاربي الفلسطيني من أجل نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال استحضار صور الدعم المغاربي لنضالات الشعب الفلسطيني، واستلهام القيم والمثل العليا ومواقف التضامن والتعاون والمؤازرة التي ميزت العلاقات المغربية- الفلسطينية. ففلسطين كما ورد في كلمة السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، هي في ذاكرة المغاربيين … هي حب وعشق … وتضحية وفداء … وإيمان واعتقاد … فلسطين أرض بكيمياء خاصة … سرها في قدسها وخليلها … في زيتونها وصخرها … في كوفية صبيانها وضفيرة صباياها … سرها في صمود أهلها. أما عن دواعي وبواعث وله/ولع المغاربيين بفلسطين، فتتراوح حسب ما أفاد المتحدث بين رحلة الحج … والمرابطة من أجل الجهاد والنضال والفداء … أو الرحلة من أجل طلب العلم والاستزادة منه، ليندرج ويرتقي من مدارج التضامن إلى سدة الانخراط في النضال من أجل صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ومقاومة التهويد في أفق، وعلى درب وطريق إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. وأعرب السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير عن أمله في أن تحمل هذه الندوة الفكرية المغاربية-الفلسطينية حصادا معرفيا وتوثيقيا ينضاف إلى ما سبقه من متلقيات علمية ومنتديات فكرية، محدثة ذلك التراكم المعرفي المؤرخ والموثق لنضالات المغاربيين من أجل فلسطين، من خلال إسهامات ثلة عالمة، وصفوة مفكرة، ونخبة أكاديمية من فلسطين ومن سوريا الجريحة ومن ليبيا ومن تونس الخضراء ومن المملكة المغربية. من جانبه، أكد الدكتور عبد اللطيف عبيد، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية –مركز تونس- أن التئام هذه الندوة الفكرية يندرج في سياق مواصلة الجهود الهادفة إلى إبراز خصوصية النضال المغاربي من أجل نصرة الفلسطينيين في كفاحهم المستميت من أجل التحرر، وكشف الأباطيل اليهودية، وشحذ همم الأجيال الحالية والمستقبلية من أجل مساندة القضية الفلسطينية، قضية العرب والمسلمين، قضية احرار العالم، مستحضرا في هذا السياق، الظرفية الدقيقة التي تنعقد فيها هذه الندوة في دورتها الثالثة، والتي تهدف إلى نسف كل المنجزات السابقة. وجدد الدكتور عبد اللطيف عبيد التأكيد على رفض الدول المغاربية والعربية لما سمي ب «صفقة القرن»، التي تروم نسف القضية الفلسطينية والتاريخ الفلسطيني وخدمة مصالح الامبريالية والصهيونية، منوها في هذا السياق بالمجهودات الجبارة والمبادرات الموصولة، السياسية والدبلوماسية والمادية، التي تضطلع بها المملكة المغربية، ملكا وحكومة وشعبا، لمساندة الشعب الفلسطيني. وبدوره، استحضر السيد جمال الشوبكي، سفير دولة فلسطين بالمغرب في كلمته الظروف العصيبة والدقيقة التي تعرفها القضية الفلسطينية هذه الأيام، وتتجسد في القرار الأمريكي الاسرائيلي بإعادة الأمور إلى المربع الأول، أي محو الكيانية الوطنية الفلسطينية، وشطب الحقوق الإنسانية والقانونية للشعب الفلسطيني، وإذابة تواجده على أرضه بحرية واستقلال تحت علم فلسطين، وفي كنف مؤسساته الوطنية، وهو المخطط الذي راجت تسميته ب «صفقة القرن». وأضاف موضحا أن هذه الصفقة تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية وهي : سلب القدس وعزلها من محيطها الفلسطيني والعربي والإسلامي بالكامل؛ التغول الاستيطاني عبر سلب أراضي الضفة الشرقية والمناطق التي تشكل الامتداد الحيوي للدولة الفلسطينية المنشودة على أراضي عام 1967، وتحويلها إلى مستعمرات عسكرية وسكنية وصناعية إسرائيلية، تقابلها معازل سكانية فلسطينية محاصرة ومغلقة؛ شطب الحقوق الفلسطينية الإنسانية والحقوقية والقانونية التي يعترف بها العالم أجمع، وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين إلى بلادهم وديارهم، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وفي موضوع متصل، نوه السيد السفير بالموقف المتقدم والسباق للمملكة المغربية الذي عبر عنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس لجنة القدس في الرسالة التي وجهها إلى واشنطن قبل إعلان الرئيس الأمريكي ترامب بساعات، والتي عبر فيها جلالته عن رفضه المطلق لتوجيهات الإدارة الامريكية باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وحذر من تبعات ذلك، وما تلا الرسالة من خروج حشود مليونية في مظاهرات عدة، جسدت الإجماع المغربي الرافض لإعلان ترامب، والمدافع عن القدس والحقوق الفلسطينية. كما أشاد بالأدوار الرائدة للمغاربيين في دعمهم لنضالات فلسطين وصمود أهلها، واستمرارية هذه المساندة في هذا الوقت بالذات. فالمغرب العربي، كما أكد السيد السفير، شريك تاريخي للشعب الفلسطيني في نضاله وتضحياته من منطلق الايمان بأن المغاربيين كانوا شركاء في جملة التضحيات التي جعلت فلسطينوالقدس اسما ثابتا في خارطة الجغرافيا؛ شراكة دعمت بالدماء والأفعال، ورسخت في المواقف السياسية النوعية، مذكرا في هذا السياق بأبرز محطات هذا الدعم والمناصرة سواء من قبل الجزائر، موريتانياوتونس، أو المملكة المغربية الضارب دورها في أعماق التاريخ، دعما ونصرة لفلسطين وللقدس الشريف، كواجب وطني مقدس، وكمرتكز أساسي في دبلوماسيته ومبادئه الاستراتيجية. ونوه السيد محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير الأمور الجارية لوكالة بيت مال القدس الشريف بالتئام أشغال هذه الندوة الفكرية المغاربية-الفلسطينية التي تهدف إلى إبراز مواقف التضامن والتآزر والتعاون مع الشعب الفلسطيني، في نضاله المستميت من أجل إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. كما ثمن الأدوار الرائدة والطلائعية التي تضطلع بها المملكة المغربية من أجل نصرة الشعب الفلسطيني، ودعمها الموصول، ومساندتها المطلقة، وتضامنها الوثيق معه لاسترجاع كل حقوقه غير القابلة للتصرف. كما دعا المنظمات الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية إلى طرح مبادرات مبتكرة لرفع حالة الجمود، ووضع حد لحالة المرواحة التي تعرفها القضية الفلسطينية، وكذا الاجتهاد في معالجة الواقع الذي تعرفه التطورات المتسارعة سيما ما يوصف اليوم ب «صفقة القرن»، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ترامب. واستظهر المتحدث الأعمال التي تضطلع بها وكالة بيت مال القدس الشريف على الأرض الفلسطينية، مشيرا إلى اقتناء المملكة المغربية لعقار تاريخي على بعد خطوات من المسجد الأقصى في قلب المدينة القديمة الذي يعرف اليوم ب»بيت المغرب»، يجري تجهيزه وإضفاء الطابع المغربي على فضاءاته، لينتصب مركزا مغربيا يسد الفراغ الذي تركه إقفال المؤسسات المقدسية. واعتزازا بهذا المشترك التاريخي الحافل بالروابط والوشائج الروحية والنضالية والقيمية، جرت مراسم تقديم كتاب «الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية-الفلسطينية»، الصادر بالمناسبة ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سنة 2018. ويقع هذا السفر في مجلدين، تم إنجازه بتعاون وتكامل مع الأكاديميين الباحثين المغاربة والفلسطينيين. وقد أثمرت محصلة هذا التعاون العلمي البيني رصيدا من الأبحاث والدراسات بلغ 31 مساهمة علمية، 12 منها أنجزها باحثون وأكاديميون من فلسطين، و 19 مساهمة علمية تقدم بها نظراؤهم من المؤسسات الجامعية المغربية. وتم تقسيم المساهمات العلمية التي تؤثت هذا الإصدار إلى ثلاثة محاور اشتغال كبرى وهي: – المشترك الديني والاجتماعي والثقافي والتاريخي في الذاكرة المغربية الفلسطينية. – – المشترك النضالي ) المسلح والسلمي) في الذاكرة المغربية الفلسطينية. – – المشترك السياسي في الذاكرة المغربية الفلسطينية. – هذا، ويشار إلى أن أشغال هذه الندوة الفكرية قد استهلت بزيارة للمعرض المشترك لإصدارات ومنشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ووكالة بيت مال القدس الشريف بالمملكة المغربية. وجسد هذا المنتدى الفكري، الذي نشطه صفوة من الأكاديميين والباحثين والأساتذة المغاربيين والفلسطينيين، مناسبة لابراز خصوصية النضال المغاربي، من أجل دعم نضالات فلسطين، ومقاربة الفعل التضامني المغاربي بمكوناته وسماته وأبعاده، من منطلق الالتزام الاخلاقي تجاه القضية العربية والاسلامية الأولى، القضية الفلسطينية. وتمحورت أشغال وفعاليات هذه الندوة الفكرية المغاربية- الفلسطينية حول استبصار واستجلاء واستقراء عناوين ومحاور البحث التالية: 1-تاريخ الحضور المغربي في فلسطين؛ 2- الفلسطينيون بالمغرب؛ 3-التفاعل الثقافي بين المغاربة والفلسطينيين عبر التاريخ؛ 4-العلاقات الاقتصادية المغربية الفلسطينية عبر التاريخ؛ 5-مواقف المغرب والمغاربة من الاحتلال الإسرائيلي ودورهم في مساندة الكفاح الفلسطيني. إثر ذلك، انطلقت أشغال الجلسة العلمية الأولى التي نشطها الدكتور عبد اللطيف عبيد، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية-مركز تونس-، واستهلت بمداخلة الأستاذ أحمد شحلان، الباحث في الثقافة واللغة والدراسات العبرية، الذي تساءل عن موقع « قضية فلسطين بين المعتقد وحقائق التاريخ»، من خلال الاعتماد على تحاليل أكاديمية فقه لغوية. واختار كنموذج «الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية»، الموضوع الأساسي للمؤتمر الذي انعقد في شرم الشيخ في 6 مارس 2003. وقدم الأستاذ الباحث عدة تساؤلات حول: -الأصول التاريخية لليهود؛ -ماهية مصطلح إسرائيل؛ -هل كانت الديانة اليهودية تعرف أيام سيدنا موسى باسم اليهودية؟ -ما علاقة هذا الإطلاق بالدولة اليهودية وما حدودها؟ -من هم يهود اليوم وما علاقتهم بفلسطين؟ هي مجموعة من الأسئلة البحثية والمعرفية التي قام الأستاذ المحاضر بالتبئير عليها، بمعزل عن التخمينات السياسية، في محاولة للوصول إلى الحقيقة الضائعة وسط ركام من التراث الذي يحتاج إلى البحث والدراسة والتحليل. وأفرد الأستاذ خالد السفياني، منسق مجموعة العمل الوطني من أجل فلسطين سابقا والأمين العام للمؤتمر القومي الإسلامي، مداخلته لمقاربة «نضال المغاربة من أجل فلسطين»، مؤكدا على عمق وتجذر هذه القضية العربية والإسلامية الأولى في وجدان وصفوف المغاربة على الصعيدين الرسمي والشعبي. كما شدد على مواصلة مسيرة النضال والصمود من أجل إقامة الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، قدس لا غربية ولا شرقية. وخصص الأستاذ امحمد بن عبود، رئيس مؤسسة الشهيد امحمد بن عبود مداخلته لابراز الدور الوطني والقومي لفلسفة السلطان مولاي الحسن بن المهدي، لدعم القضية الفلسطينية من خلال التركيز على علاقته بالجامعة العربية، وتنسيق العمل الوطني من أجل الدفاع عن القضية الوطنية المغربية، قضية الحرية والاستقلال، والقضية الفلسطينية، قضية التحرر من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. وفي هذا السياق، استحضر الأستاذ المحاضر سلسلة المبادرات التي اضطلع بها الخليفة السلطاني مولاي الحسن بن المهدي، تجسيدا لمواقف التضامن والتعاطف مع الشعب الفلسطيني، سواء على المستوى الديني أوالسياسي. كما قارب الموضوع من خلال استقراء بعض الوثائق التاريخية التي تضم مراسلات الشهيد امحمد بن عبود من القاهرة مع مجموعة من الزعماء الوطنيين في تطوان، وكذلك مع الخليفة السلطاني نفسه، علاوة على ما تضمنه أرشيف الجنرال «فريلا»، المقيم العام الاسباني آنذاك. وإذا كانت الجغرافيا قد حرمت فلسطين من الجوار مع المغرب، فإن لهما قواسم مشتركة، من لغة ودين وتراث حضاري ونسب أصيل ممهور بدماء آلاف الشهداء المغاربة الذين أراقوا أرواحهم الطاهرة على أرض فلسطين. هذه التوأمة الروحية هي التي أرخت بظلالها وآثارها على المساهمة العلمية للأستاذ عبد الرحمان محمد حامد مغربي، من جامعة القدس المفتوحة التي حملت وسم: «دور النخب النسوية المغربية في دعم القضية الفلسطينية، ووقع اختياره على الأديبة المغربية خناتة بنونة، التي أصدرت رواية «ليسقط الصمت»، ورواية «النار والاختيار»، فاستحقت توشيحها بوسام منظمة التحرير الفلسطينية، كما حصلت على جائزة القدس سنة 2013، وتبرعت بها لبيت مال القدس دعما لصمود المدينة وسكانها. وبعد تنويهه بالإصدار الحامل لوسم: «ذاكرة مغربية»، بمناسبة حلول فلسطين ضيف شرف على المعرض الدولي للنشر والكتاب بمدينة الدار البيضاء، والحامل لشهادات وإفادات نخب مغربية مبدعة، وفعاليات ثقافية متعددة ومنوعة المشارب، استحضر المتحدث ببالغ التقدير والتبجيل الحضور الوازن والمتميز للمرأة المغربية التي تبرعت بحليها لدعم المجهود الحربي في فلسطين، وبدور المرأة المناضلة والكاتبة والشاعرة والطبيبة التي قدمت إلى فلسطين الشيء الكثير. وقسم الأستاذ المحاضر مداخلته إلى قسمين: -الحديث عن النخب النسوية في المغرب ودورها في النضال من أجل فلسطين، مستشهدا بالعديد من الأسماء المغربية كنادية برادلي، وشقيقتها غيثة، والشهيدة رقية الراضي؛ -استقراء واستبصار مقتطفات وشذرات وإبداعات الأديبة المغربية خناثة بنونة، النموذج المشرف والمشرق للنخبة النسوية المغربية، التي جسدت طرازا فريدا للمرأة المغربية المناضلة من أجل القضية الفلسطينية، وذلك من خلال استعراض فصول من نتاجها الأدبي وأعمالها الإبداعية. وتحت عنوان : «وكالة بيت مال القدس الشريف، الأداة المثلى لتثبيت الدعم العربي والاسلامي الموجه للقدس»، أكد الأستاذ محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير الأمور الجارية لوكالة بيت مال القدس، المكانة الدينية والتاريخية والحضارية التي يحتلها بيت المقدس في كوامن النفس والوجدان، مما يستوجب حماية الحق الاسلامي والمسيحي في المدينة المقدسة، وتعبئة الجهود على شتى الواجهات في اتجاه ترسيخ هذا الحق غير القابل للتصرف. واستحضر صور وأشكال الدعم المغربي الموصول لعمل الوكالة، بشكل يكرس قرب المغاربة التاريخي والجغرافي والوجداني من حائط البراق، ومن بوابات المسجد الاقصى المبارك، وحضورهم من خلال حارة المغاربة، وباب المغاربة، والمركز الثقافي المغربي في ممر الآلام بباب الغوانمة، في سياق الحق الثابت ليس فحسب للفلسطينيين المرابطين في الصفوف الأمامية لحماية مقدسات الأمة، بل أيضا لكافة العرب والمسلمين حتى ولو كانوا في أقصى أقاصي خارطة العالم الاسلامي في المغرب الأقصى على المحيط الأطلسي. وفي هذا السياق، استعرض الأدوار الرائدة التي تضطلع بها وكالة بيت مال القدس الشريف التي تأسست سنة 1998، بمبادرة من جلالة المغفور له الحسن الثاني، رئيس لجنة القدس حينئذ، للقيام بمهام حماية المدينة، والحفاظ على موروثها الديني والحضاري، ودعم صمود سكانها، كآلية مالية تابعة للجنة، إلى جانب الدور السياسي والدبلوماسي. وهي المهام والمبادرات والجهود التي يواصلها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يضيف المتحدث موضحا من خلال مسارين متوازيين : المسار السياسي الدبلوماسي والقانوني لإسناد موقف الشرعية الفلسطينية؛ المسار العملي الميداني الذي تنهجه وكالة بيت مال القدس الشريف -الذراع الميداني للجنة القدس- ومن خلال المشاريع الانمائية التي تنفذها في القدس لدعم صمود أهلها المرابطين. واختار الأستاذ أسامة محمد حامد مغربي، من دائرة شؤون الأسرى والمحاربين بفلسطين مقاربة: «الدور الوطني للمملكة المغربية في دعم قضية الأسرى الفلسطينيين». فبعد المسافات، كما قال الأستاذ المحاضر، الذي تفرضه الجغرافيا بين المملكة المغربية وفلسطين، «لم يحل دون جعل مدينة الرباط أقرب عاصمة للقدس، بدلالة اسمها الذي يمتزج مع مكانة المدينة المقدسة الرازحة تحت نير احتلال طويل وبغيض». وفي هذا السياق، استعرض أبرز المبادرات التي اضطلع بها المغرب دعما وإسنادا لقضية الأسرى الفلسطينيين من خلال: -المؤتمر الدولي لنصرة الأسير الفلسطينيبالرباط في 24 يناير 2011، والذي عقد بمركز الاستقبال والندوات بالرباط تحت شعار: «تحرير الأسرى الفلسطينيين: مسؤولية دولية»؛ -مشاركة عدة فعاليات حقوقية وسياسية وجمعوية وعموم المواطنين في الوقفة الرمزية التضامنية بالرباط في 5 ماي 2017، وذلك للتعبير عن تضامنهم ودعمهم للأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والبالغ عددهم 1500 أسير، يخوضون إضرابا عن الطعام، وكذا وقفة احتجاجية في اليوم الموالي أمام سفارة فلسطينبالرباط؛ -استقبال سفير دولة فلسطين لدى المملكة المغربية بالرباط لوفد من هيأة شؤون الأسرى والمحررين، برئاسة الوزير عيسى قراقع يوم 27 دجنبر 2017. لقد امتزجت في عرض الأستاذ المحاضر مشاعر الأسى والأسف والحسرة والوجع في استعراض الأحداث والوقائع والمشاهد والأرقام. فالشعب المغربي والشعب الفلسطيني، كما ورد على لسان المتحدث، تربطهما علاقة الشريك… ولغة القلوب … وأوجاع القدس لها صدى في شوارع الرباط، وعندما ينظر المغربي إلى فلسطين، فإنه ينظر إلى جزء من ذاته، فلسطين هي ذلك الجزء الأناني من روحه العاطفية الذي لا يتنازل عنه. وفي ختام مداخلته، أكد الأستاذ أسامة محمد حامد مغربي أن قضية الأسرى الفلسطينيين تظل من التحديات الخطيرة التي تستلزم وقفة جدية توظف فيها كافة الجهود الدبلوماسية والحقوقية، وتعبأ لحشد التضامن الدولي والتعاطف الإنساني والأخلاقي لمناصرة قضيتهم والدفاع عن حقوقهم. وفي هذا السياق، تنتصب المملكة المغربية شامخة مشرعة أبوابها لمعانقة الأمل المنشود، فهي البيت الدافئ للفلسطينيين، وإن لها في فلسطين، وإن لفلسطين فيها ما لا تصفه الكلمات، وتسعفه العبارات، يردف الاستاذ المحاضر بنبرة وجع وحنين وأسى وأسف وحسرة. وتواصلت مساء نفس اليوم، أشغال هذه الندوة الفكرية بعقد الجلسة العلمية الثانية التي نشطها الدكتور مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير واستهلت بمداخلة الأستاذ السفير محمد ابراهيم الحصايري، سفير سابق وأستاذ بالمعهد الدبلوماسي بتونس، في موضوع: «من أشكال الحراك الداعم للقضية الفلسطينية في تونس ما بعد 14 جانفيي 2011، تجريم التطبيع نموذجا». وأوضح الأستاذ المحاضر أن الزلزال الذي سمي بثورات الربيع العربي، أدى إلى فقدان القضية الفلسطينية لوهجها المعهود، وتراجع حضورها في المشهد السياسي العربي على الصعيدين الوطني والإقليمي، حتى بات البعض يشعر بأنها سقطت أو أفلت وغربت عن وجدان العرب فرادى وجماعات. وعزا أسباب الانفضاض العربي من حول القضية الفلسطينية إلى: -انتشار الإرهاب في بلدان المنطقة وفي العالم؛ -تواصل واتساع الشرخ بين الفصائل الفلسطينية في ظل التحولات الإقليمية والدولية؛ -تخلي السلطة الوطنية الفلسطينية عن خيار المقاومة بشكل يكاد يكون كليا ونهائيا؛ -وقوع الدول العربية المعروفة بدول الممانعة والمقاومة -العراقوسوريا واليمن وليبيا والسودان-، ضحية للقرار الخارجي تارة، وللحروب الأهلية ولكليهما تارة أخرى؛ -معاناة مختلف دول الجوار الفلسطينية -مصر والأردن ولبنان- بدرجات متفاوتة من عدم الاستقرار، بينما باتت دول الخليج تعاني من الصراعات فيما بينها ومع جوارها -اليمن وإيران-؛ -تعدد وتفاقم الصعوبات التي تعترض الدول العربية التي مستها ثورات الربيع العربي؛ -اعتلاء الاسلام السياسي سدة الحكم في معظم الدول التي مستها ثورات الربيع العربي؛ -استغلال إسرائيل لانشغال العرب والعالم بثورات الربيع العربي؛ -إصابة العقل السياسي العربي بما يشبه الخلل الاستراتيجي للتفكير. وفي معرض حديثه، أكد أن الحراك من أجل تجريم التطبيع في تونس حراك قديم سابق على 14 جانفيي 2011، وكان من أبرز علاماته التحرك الذي تم القيام به عندما احتضنت تونس قمة المعلومات سنة 2005، وهو التجريم الذي اشتد بعد الثورة، مستعرضا أبرز محطاته، مع ملاحظة أنه مر بحالات مد وجزر، وفقا لتطور الأحداث على الساحتين التونسيةوالفلسطينية. وأبرز الأستاذ الباحث علي عبد اللطيف اللافي في مداخلته حول : «الإسهام التونسي الليبي المشترك في النضال الفلسطيني من سنة 1948 إلى سنة 1973»، تعدد تفاعلات الشعبين التونسي والليبي مع تطورات الساعة الفلسطينية، والتي تجسدت في رحلات التطوع والمشي على الأقدام للمشاركة في حرب 1948. وتجلى هذا التفاعل، كما أوضح الاستاذ الباحث عمليا في بطولات ميدانية وتدريبات وإعدادات لوجيستيكية، بل تطور إلى دعم اقتصادي ومالي ولوجيستي للحد من آثار وانعكاسات نكبة 1948. ليتواصل هذا الدعم السياسي والمجتمعي طوال عقدي الخمسينات والستينات عبر مشاركة عسكرية في حرب حزيران 1967، وضغط شعبي احتجاجي إثر النكسة، وانخراط شباب من البلدين: تونس وليبيا في التنظيمات الفلسطينية ومشاركتهم الفعلية في حرب أكتوبر 1973. وأوضح الأستاذ الخليل النحوي، رئيس مجمع اللغة العربية الموريتاني، في مداخلة ألقيت نيابة عنه، في موضوع: «فلسطين في وجدان الشعب الموريتاني»، أن القضية الفلسطينية ظلت دوما جامعة لشتات الطيف الاجتماعي والسياسي والفكري في موريتانيا، منذ عهد الاستعمار إلى اليوم، متبوئة، أرضا وقضية، مكانة علية ودرجة متقدمة في وجدان الموريتانيين وأسلافهم الشناقطة. وفي هذا السياق، استشهد بثلاثة نماذج شاهدة بقوة على حضور الهاجس الفلسطيني في نفوس الموريتانيين من خلال: – الحراك السياسي الواسع المقاوم للاحتلال الصهيوني وللسياسات الداعمة له، وكذا الانصات لنبض الشارع في هذا الشأن؛ – دور العلماء في ترسيخ ارتباط الموريتانيين بأرض المقدس، حيث كانوا يحرصون على زيارة القدس والصلاة والسلام في المسجد الأقصى، وكذا الحج والعمرة وزيارة مقام النبي (ص)؛ -حضور القضية الفلسطينية في الشعر الموريتاني حيث لا يوجد شاعر موريتاني إلا وله نتاج شعري وأدبي عن القضية الفلسطينية؛ -انخراط منظمات المجتمع المدني والأهلي التي ينشط فيها المثقفون والحقوقيون والناشطون غير المصنفين في هذا الحراك، مستشهدا في هذا السياق بتأسيس الرباط الوطني لمقاومة الاختراق الصهيوني سنة 1995، والذي أصبح يحمل فيما بعد اسم الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني، وهي منظمة تأسست على يد مجموعة شخصيات متعددة ومتنوعة المشارب السياسية والفكرية، وكذا التجمع الموريتاني للدفاع عن القدس ودعم المقاومة الفلسطينية. وقدمت الأستاذة حسناء محمد داود مداخلة حملت وسم: «القضية الفلسطينية من خلال الذاكرة التطوانية»، مستذكرة صفحات من الماضي، ومستنطقة التاريخ النضالي الفلسطيني ومؤكدة أن فلسطين كانت وما زالت وستظل في قلب تطوان. وفي هذا السياق، استعرضت الأستاذة المحاضرة مقتطفات من الوثائق والمستندات والرسائل والمذكرات والبيانات والعرائض والبلاغات والتقارير والصور والمقالات التي تحتفظ بها ذاكرة مدينة تطوان، مسجلة عمق التلاحم ومتانة الترابط الذي كان بين عاصمة المنطقة الخليفية بشمال المغرب وبين فلسطين. واستشهدت المتحدثة في هذا المضمار بمقتطفات من الوثائق والمستندات التي يضمها الارشيف التطواني التاريخي الزاخر ومنها: -أول بعثة طلابية تطوانية إلى مدرسة النجاح بنابلس سنة 1928؛ -إحداث المكتب السوري الفلسطيني المغربي بطنجة سنة 1930، بعد زيارة الأمير شكيب أرسلان لتطوان ؛ -جمع التبرعات بمدينة تطوان لفائدة القضية الفلسطينية خلال سنوات 1933-1938-1939؛ -مساهمة مدينة تطوان في المؤتمر البرلماني العربي للدفاع عن فلسطين بالقاهرة سنة 1938؛ -زيارة مندوب فلسطين الأستاذ طاهر الفتيالي لتطوان سنة 1939؛ -التأكيد على مواقف حزب الإصلاح الوطني المساندة للقضية الفلسطينية. شنفت المحاضرة مسامع الحضور بقصيدة مطلعها «النصر لفلسطين» من ديوان الأستاذة المحاضرة. واستؤنفت أشغال هذا المنتدى الفكري المغاربي- الفلسطيني صباح يوم الثلاثاء 10 يوليوز 2018، بعقد الجلسة العلمية الثالثة التي أطرها الأستاذ عبد الرحمان محمد حامد مغربي، من جامعة القدس المفتوحة بفلسطين، واستهلت بمداخلة الأستاذة الباحثة تماضر الخطيب التي قاربت موضوع: "الثقافة والسياسة للبعثة الطلابية من تطوان إلى فلسطين"، بالاعتماد على مصادر متنوعة ومرجعيات ثرة تضمنت وثائق عربية وطنية، ووثائق رسمية فرنسية واسبانية. وأكدت الأستاذة المحاضرة على عمق العلاقات الثقافية الفلسطينية المغربية في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، وتحديدا من خلال البعثات الطلابية التي كانت تنطلق من مدينة تطوان، وجهتها مدرسة النجاح الوطنية بنابلس. وأردفت موضحة أن حرص أهالي تطوان على إرسال أبنائهم إلى فلسطين، كان باعثه الاساس، بحثهم المضني عن مدارس اسلامية عصرية ينهلون من معينها العلم والمعرفة. من جانبه، أعرب الأستاذ االباحث عبد الاله لغزاوي عن أمله في أن تسهم مداخلته العلمية في انتاج مقاربة علمية استقرائية للوشائح القوية التي تربط المغاربة بالقدس الشريف، عبر استعراض فصول مسار تاريخي طويل وعريق، وابراز الأدوار الطلائعية والرائدة التي تضطلع بها المملكة المغربية، ملكا وحكومة وشعبا، في الدفاع عن القدس، والاحتجاج على تهويدها، والنضال الدائم والمستميت والمتواتر في سبيل تحريرها، والتنديد بما يعانيه الشعب الفلسطيني من قمع وتهجير وتشريد في ظل الهيمنة الشرسة للاحتلال الاسرائيلي والصهيوني. كما رصد في مداخلته دوافع ومحفزات التواصل المغربي مع القدس، من خلال الزيارة والرحلة والاستيطان والوطنية والكتابة، والإبداع الفني والأدبي. وخصصت الأستاذة بشرى خير بك، من جامعة دمشق مداخلتها لاستقراء تفاصيل "اللقاء المشرقي المغربي" من خلال الحضور القوي للقضية الفلسطينية في فكر وتصور الأمير عبد الكريم الخطابي، والتي شكلت "المهماز الذي أيقظ الوعي القوي في الوطن العربي مشرقا ومغربا. فالقضية الفلسطينية، كما أبرزت الأستاذة المحاضرة، كان لها أثرها على المغاربة ومنهم الأمير عبد الكريم الخطابي الذي "كان يؤكد دائما أنها تتبوأ مكان الصدارة بين القضايا العربية، موضحة أن أهمية دراسة/تيمة فلسطين والأمير عبد الكريم الخطابي تكمن في تسليط الأضواء على الآثار التي خلفتها وردود فعلها. وتحت عنوان: "الزعيم المغربي علال الفاسي على طريق تحرير فلسطين"، قدم الأستاذ نعمان عاطف عمرو من جامعة القدس المفتوحة بفلسطين مقتطفات من فصول وأطوار المسار الوطني والنضالي ل "زعيم الحركة الوطنية المغربية، وأحد أعلام الحركة الإسلامية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين، مستحضرا إسهاماته في دعم القضية الفلسطينية حيث "كان من الذين دفعوا أبناء الشعب الفلسطيني إلى حمل السلاح في وجه العدو الصهيوني، ومن الذين كان لهم "دور متميز وبارز في توجيه العمل الفلسطيني المقاوم وإخراجه من دائرة الخطاب والاحتجاج إلى حمل السلاح باعتباره الأسلوب الوحيد الكفيل باسترجاع الأرض الفلسطينية. وتحت عنوان : "حزب الاستقلال بين القضية الفلسطينية والطائفة اليهودية المغربية"، استحضرت الأستاذة خديجة القباقبي اليعقوبي، صور ومظاهر الدعم اللامشروط الذي قدمه حزب الاستقلال بالمغرب في شخص زعيمه علال الفاسي للقضية الفلسطينية، مؤكدة أن مواقف التضامن والمؤازرة والتعاون، مبعثها قناعاته الشخصية، وتعدد مشاربه الفكرية. فهو العالم والفقيه والمناضل الذي آمن بأن إنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين، هو نوع من الاحتلال الذي ينبغي مقاومته. واعتمدت الأستاذة الباحثة في دراستها على سبر مدى تأثير القضية الفلسطينية على أوضاع الأقلية اليهودية انطلاقا من جريدة العلم في أعدادها الصادرة، ما بين سنوات 1943 -1967، وعلاقة هذا الحزب وزعيمه بها، في خضم المطالبة بالاستقلال ونشأة اسرائيل. وأعربت الأستاذ الباحثة عن أملها في تقديم قراءة موضوعية للتاريخ، بعيدا عن التحامل، بوضع الأحداث والوقائع في سياقها التاريخي، ومن خلال تصريحات الزعيم علال الفاسي. وأوضح الأستاذ منعم بوعملات، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، أن اختيار مقاربة موضوع: "المغرب وفلسطين: تأملات في أشكال الدعم والتضامن، القمم العربية نموذجا"، أملته وفرضته الرجة القوية التي أحدثها قرار الولايات المتحدةالأمريكية نقل سفارتها في فلسطين، من تل أبيب إلى القدس الشريف، وهو القرار الذي أثار حفيظة الشعوب العربية والاسلامية. أما المعطى الثاني فيجد مرجعيته، كما ورد في مداخلة الأستاذ الباحث في حلول 101 سنة على وعد بلفور ( 1917-2018)، وما ترتب عنه من آثار التشريد والتهجير والقتل والإبادة للشعب الفلسطيني. ولم يفت المتحدث أن يقدم استظهارا تاريخيا لأشكال وصور الدعم المغربي لنضالات فلسطين، وإبراز الفعل التضامني اعتبارا لمكانتها الدينية والتاريخية من خلال تقديم قراءة للسياقات الاقليمية والعربية والدولية التي انعقدت فيها المؤتمرات والقمم التي احتضنتها المملكة المغربية، وتفكيك واستقراء واستبصار البيانات الصادرة في أعقابها بهدف استجلاء المواقف المغربية، وقياس ودراسة مدى استجابتها لانتظارات وطموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني أولا والشعوب العربية ثانيا. هي ملامح إيجابية عن هذا الدعم لحركة التحرير الفلسطينية، تلك التي قدمها الأستاذ المحاضر، مفادها أن المغرب كان وراء شرعنة الحضور الفلسطيني في المحافل الدولية، وبالتالي إيصال الصوت الفلسطيني لصناع القرار في العالم. وخير ما استدل به الأستاذ الباحث في هذا السياق، رئاسة المملكة المغربية للجنة القدس، ولوكالة بيت مال القدس التي استطاعت إنجاز العديد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الكبرى والرائدة في المدينة المقدسة، وتقديم التبرعات والهبات والخدمات للحفاظ على هويتها العربية والاسلامية. وحملت مداخلة السيد عبد الحفيظ ولعلو، نائب رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني وسم: "دور المجتمع المدني المغربي في الدفاع عن القضية الفلسطينية"، حيث استعرض أشكال الدعم الشعبي، من أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية ونقابية ونسائية وشبابية وفعاليات ثقافية وعلماء وجامعات ومجالس منتخبة، باتخاذ مواقف مساندة، إلى جانب جمع التبرعات والمساعدات الطبية والانسانية، وتنظيم المسيرات التضامنية الشعبية المليونية والمؤتمرات العربية الحاشدة للدعم الفلسطيني. واختتمت أشغال هذه الندوة الفكرية المغاربية- الفلسطينية، التي امتدت على مدى يومين، بكلمة الدكتور عبد اللطيف عبيد، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية-مركز تونس، الذي أعرب عن شكره وتقديره باسم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وباسم مركز تونس ، لكل المنظمين والمشاركين في أشغال هذا المنتدى الفكري الوازن والمتميز، مثمنا في السياق ذاته الجهود التي بذلتها واضطلعت بها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في مجالات التوثيق التاريخي والتدوين والكتابة لفصول النضال المغاربي الفلسطيني. وبدوره، نوه السيد مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأجواء النقاش المفتوح والإيجابي والحوار الأكاديمي البناء والمثمر الذي وسم الجلسات العلمية الثلاث لاشغال هذه الندوة الفكرية، موضحا أنها جسدت فضاء خصيبا لاستقراء فصول وأطوار وجوانب الذاكرة التاريخية المشتركة المغاربية-الفلسطينية، واستظهار أوجه وسبل ومواقف التضامن والمؤازرة والتعاون بهدف حفز الشعب الفلسطيني على الصمود في وجه سياسات التشريد والإبعاد والتهجير التي تمارس في حقه، بما يحمله الفعل التضامني من أبعاد تنويرية ومواقف داعمة ومساندة وتوصيات واقعية وبناءة. وأكد أن البرور بالذاكرة التاريخية المغاربية-الفلسطينية، يمليه واجب إبراز وتثمين هذا الرصيد النضالي والقيمي والإنساني والحضاري، والتعريف به في صفوف الأجيال الجديدة والمتعاقبة، كرافد من روافد الانتماء للهوية العربية والإسلامية في سعتها وتنوع منابعها الفكرية والثقافية والحضارية، لتقوية وتعزيز روابط وأوجه التعاون والتضامن والتكامل والعمل المشترك وتضافر الجهود وتقريب الرؤى وتوحيد الصف العربي والإسلامي. وباسم المشاركين في الندوة الفكرية، وجه الأستاذ نعمان عاطف عمرو، من جامعة القدس المفتوحة، كلمة تحية شكر وتقدير وإجلال وإكبار لمن وسموا معالم العروبة من خلال الانتصار على الغاصبين، معربا عن امتنانه وتقديره للمملكة المغربية، على أدوارها الرائدة في سبيل دعم ونصرة الفلسطينيين في نضالهم من أجل التحرر، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. وأضاف قائلا إن فلسطين هي جغرافيا … وحدود … وسياسة … وسيادة … وحق مأمول في العودة إلى حضن الوطن الدافئ، مشيدا في هذا السياق بأجواء التواصل والحوار الهادف والبناء من أجل إبراز المشترك النضالي المغاربي-الفلسطيني وتثمينه. هذا، وخلص هذا الملتقى المغاربي-الفلسطيني إلى إصدار تقرير ختامي لأشغاله، ألقاه الدكتور عبد اللطيف عبيد، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية –مركز تونس- ضمنه الخلاصات العلمية والاستنتاجات والإفادات التي أسفر عنها هذا المنتدى الفكري الوازن والمتيمز. واعتبارا لأهمية هذه الندوة الفكرية المغاربية-الفلسطينية، وما أفرزته من قناعات وتوجهات فكرية وسياسية ونضالية، في استحضار المشترك التاريخي المغاربي-الفلسطيني، تجسيدا لصور التضامن بين الأشقاء العرب، وفي توضيح معالم الطريق، أصدر المشاركون في أعقاب الجلسة الختامية بيانا حمل اسم "بيان الرباط"، حظي بالمصادقة عليه بإجماع المشاركين. ويضم هذا البيان خلاصات علمية وتوجهات سياسية تعكس دور النخب السياسية والفكرية والثقافية والشعبية، ودعمها الموصول لنضالات فلسطين حتى النصر. وتوجت هذه الندوة الفكرية المغاربية-الفسطينية بتلاوة نص برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى مقام صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من المشاركين فيها، عربون اعتزاز وإجلال وعرفان للمملكة المغربية على رعايتها واحتضانها للندوة الفكرية الناجحة.
بيان الرباط الصادر عن المشاركين في أشغال الندوة الفكرية، المغاربية -الفلسطينية، المنعقدة بالرباط يومي الاثنين والثلاثاء 9-10 يوليوز 2018
تمخضت أشغال الندوة الفكرية، المغاربية-الفلسطينية، المنعقدة بالرباط، في نسختها الثالثة، يومي الاثنين والثلاثاء 9-10 يوليوز 2018، بتنظيم من «المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير»، بشراكة مع «جامعة الدول العربية»، مركز تونس، حول موضوع : «دور المغاربيين في دعم نضالات فلسطين»، عن خلاصات علمية دالة، وتوجهات سياسية جادة، ومواقف قومية ناضجة، فيما يخص دور النخب الفكرية والثقافية والسياسية والمجتمعية المغاربية، وكذا دور الشعوب المغاربية في مناصرة ودعم الشعب الفلسطيني، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفي اجتياز الظرفية الدقيقة، بمتغيراتها الدولية والإقليمية والمحلية، التي تجتازها القضية الفلسطينية. 1/ وانطلاقا من التحليل العلمي الرصين للرصيد التاريخي الزاخر للعلاقات المغاربية-الفلسطينية، في مختلف الحقب التاريخية، وبخاصة في الحقبتين المعاصرة والراهنة، اللتين شهدتا تكالب الغزو الأمبريالي، وفي كنفه الغزو الصهيوني، لأرض فلسطين (2017-2018) – فقد تمحورت خلاصات الندوة حول ثلاث معطيات محورية : أولها : معطى العمق التاريخي للعلاقات المغربية والمغاربية مع فلسطينوالقدس ؛ ثانيها : معطى استمرارية التفاعل والتعاضد الكفاحي بين النخب والشعوب المغاربية، وبين الشعب الفلسطيني ونخبه الفكرية والسياسية والمجتمعية، في مختلف مراحل التاريخ الوسيط والحديث ؛ ثالثها : معطى تنوع وتوثق الروابط النضالية بين حركات التحرير المغاربية، وحركة التحرر الوطني الفلسطيني في التاريخين المعاصر والراهن. 2/ واستنادا إلى الدلالات السياسية والمقتضيات النضالية التي تطرحها هذه الخلاصات، فإن المشاركين في الندوة، يناشدون النخب الفكرية والثقافية والسياسية والمجتمعية والإعلامية في ربوع المغرب والمشرق والعالم الإسلامي من أجل : استثمار خلاصات الندوة العلمية في اتجاه تأجيج جذوة الفعل النضالي، الفكري والميداني، لتعزيز نصرة الشعب الفلسطيني في مواجهة المخاطر المحدقة به، وفي مقدمتها : أجندة ما يسمى ب «صفقة القرن»، وهي «الصفقة» التي تهدف إلى الاجهاد على كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتروم سلب القدس، ونسف «حل الدولتين» وتكريس وضع الاستعمار الإسرائيلي لما تبقى من أرض فلسطين ؛ العمل على تقويم ترتيب الأولويات السياسية والنضالية في سلم الانشغالات العربية والإسلامية، في اتجاه استعادة القضية الفلسطينية لمكان الصدارة في اهتمام وفعل العالمين العربي والإسلامي، اعتبارا لما يحيق بالقدس من مخاطر محدقة بوضعها القانوني، وبانتمائها الفلسطيني والعربي والإسلامي؛ وبهذه المناسبة، لا يسع المشاركون في الندوة إلا أن يدينوا بشدة كل المحاولات الرامية إلى تبديد رصيد المقاومة العربية والإسلامية للاحتلال الإسرائيلي وسياسته التوسعية، ويؤكدون إدانتهم الصارمة «للتطبيع» مع إسرائيل، وتجريم كل شكل من أشكاله. وكما ينددون بكل أشكال الضغط التي تمارس على السلطة الفلسطينية من أجل حملها على القبول بما يسمى» بصفقة القرن». ج- دعوة «جامعة الدول العربية» و»منظمة التعاون الإسلامي»، و»حركة عدم الانحياز»، وكافة المنظمات الدولية، والاتحادات الجهوية والإقليمية والدولية، وكل أنصار الحرية والعدالة والسلام في العالم، من أجل العمل الحازم على فرض احترام وتفعيل قرارات الشرعية الدولية، ذات الصلة بالوضع القانوني للقدس، وفي مقدمتها : القراران الصادران عن «مجلس الأمن الدولي» : القرار رقم 476، والقرار رقم 478، الصادران في يونيو 1980، وكذا القرار رقم 2334، الصادر عن المجلس الدولي، في دجنبر 2016 ؛ وهي القرارات الدولية/الأممية التي تمنع وتحظر أي مساس بالوضع القانوني للقدس. د- دعوة الأممالمتحدة، وبخاصة «مجلس الأمن» و «الجمعية العامة» إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والساسية ل «حماية الشعب الفلسطيني، مما يلاقيه ويقاسيه، في ظل الاحتلال الإسرائيلي، من صنوف القمع والاضطهاد والميز العنصري ؛ وفي هذا الصدد، فإن ما تتعرض له «مسيرات العودة» في غزة من قمع دموي أودى بحياة العشرات من الفلسطينيين، شبابا وكهولا، نساء وذكورا، وخلف الآلاف من الجرحى والمعوقين في صفوفهم من جانب، وما تواجه به من مظاهرات الاحتجاج والمقاومة السلمية في القدس الشريف والضفة من قمع وحشي، واعتقالات تعسفية، ومحاكمات ظالمة من جانب آخر، لتشكل جرائم موصوفة في حق الإنسانية، يواصل الاحتلال الإسرائيلي اقترافها، عن «سبق إصرار وترصد»ن في غفلة مشبوهة أو تجاهل سافر من المجتمع الدولي. وفي هذا المضمار، يناشد المشاركون في الندوة المجتمع الدولي بضرورة العمل على ضمان الكفالة الفعلية لحق العودة للاجئين الفلسطينيين غداة «نكبة» 1948، وللنازحين، غداة « نكسة» 1967، تنفيذا لما أقرته الشرعية الدولية. ه- مناشدة الدول العربية والاسلامية، وكذا منظمات وهيئات العمل الانساني في الإطار الأممي، وعلى الصعيدين الدولي والجهوي، للتعجيل بتعبئة برامج الإغاثة لإسعاف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ودعم جهود الأونروا UNRWA في توفير الحاجيات الحيوية لساكنة القطاع في مجالات التربية والصحة والدعم الاجتماعي. إنها مسؤولية إنسانية وأخلاقية تسائل اليوم بقوة كل شرفاء العالم، أفرادا وجماعات. وفي هذا السياق، فإن ما يتعرض له قطاع غزة من حصار إسرائيلي مطبق، برا وبحرا وجوا، في خرق سافر لقواعد القانون الدولي، وفي انتهاك فاضح لقيم ومبادئ العدالة الإنسانية في عالمنا الراهن- ليضع المجتمع الدولي أمام مساءلة حادة إزاء ما تقترفه، وتواصل اقترافه إسرائيل، من جرائم وانتهاكات بالغة الخطورة في حق الشعب الفلسطيني خاصة، وفي حق الإنسانية عامة، وهو ما يستوجب الرفع الفوري لهذا الحصار الجائر. 3/ واعتبارا للدور الطلائعي الذي تضطلع به «لجنة القدس»، برئاسة جلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب حفظه الله، في مجالات المناصرة السياسية والدعم الميداني، التنموي والاجتماعي والتربوي، للساكنة الفلسطينية في القدس، خصوصا، وفي غزة والضفة، عموما، عبر مؤسسة « بيت مال القدس»، وذلك تعزيزا لصمود الشعب الفلسطيني على أديم أرضه، فإن المشاركين في الندوة، ليقدرون عاليا الجهود المثابرة، الفاعلة التي تبذلها وتواصل بذلها «لجنة القدس»، وهي المؤسسة التي باتت تحظى بتقدير الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية كافة، كما تحظى بتقدير القوى المحبة للحرية والعدالة والسلام في ربوع العالم. 4/ وأخيرا، فإن المشاركين في الندوة يعبرون عن تقديرهم للجهود التي بذلتها «المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير»، في سبيل توفير الشروط المادية والمعنوية لنجاح أشغال الندوة العلمية التي شكلت بحق محطة هامة، في سياق التعبئة الضرورية، الفكرية والسياسية، لنصرة ودعم صمود الشعب الفلسطيني، المكافح الباسل. كما يشيد المشاركون بشراكة « جامعة الدول العربية»، مركز تونس، في إنجاج هذه الندوة الفكرية الهامة، ويتبنون بهذه المناسبة اقتراحا بناء بإنشاء مركز للبحوث والدراسات والتوثيق والإعلام، حول إسهام المغاربيين في دعم النضال الفلسطيني من أجل الانعتاق والتحرير. حرر بالرباط/ المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بتاريخ 10 يوليوز 2018