احتضنت مدينة مراكش نهاية شهر يونيو الفارط، أشغال الملتقى الثاني عشر للسياحة العلاجية، الذي عرف مشاركة وفود تمثل عدة دول من أوروبا، أمريكا، الشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء، هذه الأخيرة التي توزع ممثلوها ما بين الكونغو، غينيا، السنغال والتشاد. وقد تم خلال هذا الحدث الصحي تدارس طبيعة ونوعية التسهيلات التي يمنحها المغرب باعتباره وجهة للسياحة الطبية والعلاجية، وكذا تسليط الضوء على الخبرات الطبية والكفاءات المغربية التي يزخر بها قطاع الصحة، فضلا عن المستوى المتقدم للتكنولوجيا الطبية بالمغرب، وفقا لما صرّح به ل «الاتحاد الاشتراكي»، الدكتور أشرف سوكاري، رئيس الجمعية المغربية للسياحة العلاجية. الوفود الإفريقية لم تقف عند حدود المشاركة في الملتقى بمراكش بل عملت على الانتقال إلى الدارالبيضاء لتنظيم جلسة عمل مع الدكتور الحسن التازي، الخبير والاختصاصي في جراحة التجميل والسمنة، وصاحب مصحة الشفاء الخاصة، الذي قدّم عرضا شاملا أمام ضيوف المغرب همّ تاريخ السياحة الطبية بإفريقيا وأهمية تفعيل الشراكة جنوب جنوب طبيا، وعلى مستويات وأصعدة متعددة، من منطلق رابح رابح مع الإخوة في إفريقيا جنوب الصحراء، وليس بمنطق جهة رابحة على حساب أخرى خاسرة، مؤكدا على أن خيرات إفريقيا يجب أن توزع بشكل عادل بين الدول الإفريقية. الخبير المغربي، أبرز أن التعاون والتنسيق المشترك في المجال الصحي هو يشكّل قفزة وقنطرة صوب مجالات أخرى متعددة، سياسية، اجتماعية واقتصادية يتم من خلالها الانفتاح على الشعوب ويكون أثرها إيجابيا عليهم وعلى دولهم، من خلال الاستفادة من القوة البشرية والجغرافية للقارة التي يجب أن تستثمر بما يخدم الكل. وأكّد الحسن التازي على أن صلته ظلت متواصلة طيلة عشرات السنين مع عدد من الدول الإفريقية، مشددا على أن الأفارقة هم سواسية مع مواطني العالم من مختلف القارات، وبأنه يجب الافتخار والاعتزاز بالكفاءات الإفريقية المتواجدة في كبريات الدول المتقدمة والتي تنحدر من دول افريقية واستطاعت أن تترك بصماتها راسخة في عدد من المجالات، مبرزا أن القارة ستعرف قفزة نوعية خلال ال 50 سنة المقبلة، وهو ما يجب على الجميع استحضاره وأن يكون الكل مع الموعد. واختتم الدكتور الحسن التازي مداخلته بالتأكيد على أنه ومؤسسته وكل أطرها مستعدون لتنظيم لقاءات ودورات تكوينية لفائدة مهنيي الصحة، فضلا عن استعداد الجميع للانخراط في جميع المبادرات الاجتماعية والإنسانية ذات البعد الصحي. من جهتهم أكد عدد من المتدخلين من ضيوف البلدان الإفريقية على جودة الخدمات الصحية المغربية وقيمة الكفاءات الطبية، وقدموا أرقاما عن أعداد الأفارقة الذين يحلون بالمغرب وتحديدا بالدارالبيضاء للخضوع لعلاجات وعمليات جراحية، ذات قيمة صحية عالية وكلفة مادية أقل، وشددوا على ضرورة العمل المشترك بما يخدم مواطني القارة الإفريقية وتوفير كل السبل العلاجية الممكنة لهم، وتكثيف الشراكات والزيارات والدورات التكوينية لتبادل الخبرات وتطوير المعارف الصحية. ودعا بعض المتدخلين خلال هذا اللقاء إلى الانفتاح بشكل أكبر لا يقف عند حدود إبرام وعقد شراكات ذات بعد تكويني، وإنما السعي وتوفير السبل الكفيلة بإحداث مصحات خاصة مغربية بالدول الإفريقية بناء على اتفاقيات، تخدم المواطن الإفريقي ببلده، دون ان يكون في حاجة إلى الانتقال خارجها، سواء صوب المغرب أو أية وجهة أخرى، مشددين على أن الهدف الأسمى يكمن في تطوير القارة بتعاضد الدول فيما بينها حتى تكون جميعها في مرحلة متقدمة ومتطورة وتنعكس إيجابا على الجميع. وخلص اللقاء إلى تسطير برنامج عمل مشترك بما يضمن تدارس كل المقترحات القابلة للتحقيق والعمل على أجرأتها ضمن أجندة وفقا لمواعيد محددة، سيتم تفعيلها من طرف المشرفين على هذا التقارب الصحي. وجدير بالذكر أن المغرب يعدّ أول مستقبل للمرضى من دول جنوب الصحراء، متبوعا بكل من تونسوجنوب إفريقيا.