احتضن المركب الثقافي بالناظور، مؤخرا، الندوة الختامية لمشروع «تعايش» المنجز، تحت عنوان «الهجرة واللجوء وحقوق المهاجرين»، من طرف جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية (ASTICUDE) بشراكة مع جماعة الناظور، وبتمويل من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) بالمغرب . وافتتحت الندوة بكلمة لرئيس الجمعية، عبد السلام أمختاري، تحدث من خلالها عن مشروع «تعايش» كمبادرة إنسانية وحقوقية، تتأسس على مقاربة حقوق المهاجرين في الاندماج وفي العيش في مجتمع ليس مجتمعهم كفئات هشة، لأنه «شئنا أم كرهنا لابد أن نتقاسم هذه الرقعة الجغرافية مع غيرنا كما تقاسمها معنا آخرون، طبعا ضمن رؤية كونية تتأسس على الاتفاقيات الدولية المنظمة لعملية الهجرة وما يرتبط بالتنقلات البشرية». وأعرب رئيس «ثسغناس» في خضم كلمته عن الأمل «في أن يتذكر الجيل الجديد، ولو بعد 50 سنة، بأن هناك تجربة نتجت عن مبادرة ذاتية، ستكون مرجعا عندما يتحول المغرب بالفعل إلى بلد تعايش ويتحول أطفال المهاجرين الذين يعيشون وسطنا إلى أشخاص مندمجين في مجموعة من القطاعات»، يقول الرئيس، مضيفا «هنا سيطرح سؤال التعايش بعمقه الإنساني وعمقه الحقوقي وطبعا بعده الذي هو نتاج عملية طبيعية مرتبطة بالفعل البشري وهي الهجرة والتنقل سواء كان إراديا أو كان قسريا…» ومن أجل التعاطي الإيجابي مع موضوع الهجرة، ذكر المتحدث بأن الجمعية رصدت مجموعة من المواضيع التي يمكن الاشتغال عليها من منطلق إعمال المقاربة الحقوقية، وذلك من أجل تجاوز إشكال الاندماج وخلق مساحات العيش المشترك مع تقبل الآخر «دون المس بخصوصياته وذاته كوجود وككيان بكل العناصر المشكلة لهويته». وقدم الرئيس في الندوة الختامية لمشروع «تعايش»، المحطات الأساسية التي طبعت هذا المشروع من قبيل «السوق الإفريقية 2017» الذي يعد تعبيرا إنسانيا خلاقا عن أن المكون الثقافي أحد العناصر الأساسية التي تلاقي بين الشعوب، ثم «الماراطون» والذي شكل أيضا محطة أساسية في المشروع على اعتبار أن الرياضة عنصر أساسي للتعايش بين الشعوب، وفي الأخير «كانت إحدى المحطات الأساسية هي أن صناعة الرأي العام لا تتأتى إلا بالفعل المباشر لمجموعة من الموارد البشرية، وهو الجسم الصحفي ومهنيي الإعلام الذين اشتغلوا عبر دورات تكوينية من أجل اكتساب مهارات وتنمية كفاءات وتملك المادة العلمية من أجل محاربة الأفكار النمطية». وبدورها، تحدثت «أمينة .و» نائبة رئيس جماعة الناظور، عن مشروع «تعايش» مبرزة بأنه ثمرة شراكة بين جمعية ثسغناس والجماعة بتنسيق مع الوزارة المنتدبة لدى وزير الخارجية المكلفة بالهجرة وبتمويل من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وتطرقت إلى الدورات التكوينية الثلاث في مجال الهجرة واللجوء وحقوق المهاجرين التي تم تنظيمها لفائدة مهنيي الإعلام بجهة الشرق. وفي هذا الإطار أشارت المتحدثة إلى أن الإعلام المغربي، الرسمي وغير الرسمي، يتعامل بشكل شبه يومي مع مواضيع الهجرة من خلال مواكبة ظاهرة قوارب الموت ورصد حياة المهاجرين «بعد أن تحول المغرب من بلد مصدر للهجرة إلى بلد مستقبل لها»، مؤكدة على ضرورة الانخراط من أجل تصحيح الصورة النمطية للمهاجر «لأننا في النهاية نتعامل مع ظروف ومآس إنسانية تتطلب منا تكاثف الجهود، ويبقى الإعلام من أهم الشركاء لإنجاح الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء» . وتحت عنوان «الأفكار النمطية بين الإعلام الوطني والإعلام الدولي»، قدم الأستاذ مصطفى اللويزي، مداخلة أبرز من خلالها دور الإعلام في التوجيه والتأطير وكذا دوره في صناعة الأفكار وتمريرها، وبالتالي التأثير في مواقف الناس وآرائهم وتصوراتهم بأفكار نمطية تكتسي طابع الديمومة «وهنا تثار مسؤولية الإعلام بشكل كبير في أنها تدون وتحاول ما أمكن أن تعطي قوة مادية لهذه الأفكار النمطية». وذكر المتحدث بأن تمرير الإعلام لأفكار نمطية أصبح مثار إزعاج لكونه أولا يعتبر وسيطا ما بين المجتمع وما بين مصادر الخبر وما بين المؤسسات المنتجة للسياسات العمومية، وثانيا لكون الإعلام سلطة «ولو لم يكن سلطة لما كان له تأثير في تمرير الأفكار النمطية»، مضيفا «سلطة ككتابة عندما تكتب وتنشر وتقرأ تصبح بشكل معين مؤثر لأنه يقرؤك عدد كبير من الناس ليسوا على نفس القدر من الاستقبال وبالنظر لهذا النوع من الاستقبال الذي يكون مختلفا فإنك، إن لم تكن تؤثر على الجميع، تؤثر على الأقل على عدد معين…» هذا، وفي ختام الندوة أعلنت لجنة تحكيم جائزة «تعايش للصحافة» المكونة من مصطفى اللويزي، أمينة الوليد، عبد السلام أمختاري، أحمد توري وحسن الصبار، عن أسماء الفائزين الثلاثة في المسابقة التي نظمتها جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية بشراكة مع جماعة الناظور، بعد نهاية الدورات التكوينية الثلاث لفائدة مهنيي مختلف وسائل الإعلام بجهة الشرق في مجال «الهجرة واللجوء وحقوق المهاجرين»، بحيث حازت سميرة البوشاوني على الجائزة الأولى، وعادت الجائزة الثانية لكمال لمريني فيما نال سعيد حجي الجائزة الثالثة.