اليوم وأنا أجالس فنجان قهوتي السوداء، همس لي حنيني عن ذكريات افتقدتها في متاهات السنين..صعدت تنهيدة، فتشقق صدري. حاولت جمع شتات عمري، في محاولة لأعبر عباب سنين غير مهتمة بإحساس شاخ. ذاكرة عجوز تذكرني بشكل مفاجئ بشيخوختي، يسمونها مرحلة أرذل العمر، مرحلة لانتقال المسكوت عنه وذكريات الماضي. وكأن الحياة توقف جمالها وصخبها عند ذلك الحد الفاصل بين موت وحياة، ليبدأ التساؤل متى؟ وهل سيطرق النسيان أبوابنا؟ هل ننسى ماهيتنا؟ الاسم والعنوان ؟ هل سنحتاج الى من يهمس بآذاننا ليذكرنا حينما تتوه منا ذواتنا؟ هذا التغيير الفيزيولوجي المرعب والشعور بالعجز، الخوف من الخرف وتدهور الإدراك، الاستسلام له.. هل هي بداية مرحلة الموت البطيء تدريجيا، والابتعاد عن حياة نتنفس خلالها هواء الحرية. أعيد رشف كأسي، أقرأ عناوين الجريدة.. أتخيل وجها آخر مني يدخن غليونه، يحمل نظارات بعدسات كبرى، يجلس على طاولة، يفك رموز كلمات تقاطعت في جريدة متهالكة، مثلي. أعود الى نفسي مثقلة بهموم أناس لا أعرفهم، أعيد شريط ذكرياتي المعطوبة، في انتظار ذاك الزائر الغريب القادم من العدم لينهي رحلتك مع سبق الألم.. وباستسلام تبتعد عن نمطك الصحي، عن ممارسات تعيد لك الاحساس بالشباب وشغف الحياة.. لترمي بجريدتك المتهالكة تتطاير أوراقها مع أدراج الرياح.. يمتد نظري البعيد وأستمتع بهمس الريح في داخلي.. لعلها تحمل لي رسائل غزل تحرك بعضا من شجيرات عمري.. اخترقت بنظراتك جسدي، تلمست وقع السنين.. تشقق صدري أحاول جمع شتات عمر عبر.. إحساس شاخ لذاكرة عجوز، فاصل بين الموت والحياة ليبدأ بعدها التساؤل: متى يطرق النسيان أبوابنا؟ هل سننسى ماهيتنا؟ هل سنحتاج الى من يهمس بآذاننا ليذكرنا، حينما تتوه منا ذواتنا، هذا الشعور المرعب بالعجز؟ الخوف، الخرف، وتدهور الإدراك، الاستسلام لإيقاع بطيء روتيني، لامعنى بعدها لأي شيء. أرقب من بعيد، زائرا غريبا يأتي من العدم لينهي رحلتي مع سبق الألم.. أو لعلها لحظات ما تبقى من سنين تعيشها متصالحامع ذاتك.. مازال في العمر بقية…