لسنتين متتاليتين (2016 و2017) حرمت لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية السابقة، برئاسة الدكتور مصطفى القباج، مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية بالدارالبيضاء من دعمها بحجة أنه مهرجان بدون هوية. وتساءلت إدارة المهرجان حينها عن مفهوم هذه اللجنة للهوية، وعن المعايير التي اعتمدتها لدعم تظاهرات أقل إشعاعا واحترافية في التنظيم من مهرجان سيدي عثمان، الذي شكلت دورته السادسة المنظمة هذه السنة من 19 إلى 22 أبريل 2018، تحت شعار» السينما من أجل ترسيخ ثقافة القرب»، قفزة نوعية بشهادة الجميع، حيث نجحت إدارته في استقطاب جمهور غفير عجزت قاعة المركب الثقافي مولاي رشيد عن استيعابه. فيما يلي تقرير مفصل يظهر بالملموس المجهود المبذول من طرف الجهة المنظمة لهذا المهرجان السينمائي الفتي: اختتمت ليلة الأحد 22 أبريل 2018 بالمركب الثقافي مولاي رشيد بالدارالبيضاء فعاليات الدورة السادسة لمهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية بعرض ومناقشة الفيلم الروائي الطويل «في بلاد العجائب»(2016) بحضور مخرجته جيهان البحار، مسبوقا بعرض فيلمها القصير الأول» Shift + Suppr»، وقد شكل هذا العرض مناسبة تم فيها الإحتفاء بهذه المخرجة الشابة وتكريمها بحضور ثلة من الفنانين والصحافيين والنقاد وعلى رأسهم الممثل مالك أخميس(أحد أبطال فيلميها الطويل والقصير) وهدى صدقي (إحدى بطلات فيلمها الطويل)، إلى جانب الجمهور الذي غصت به قاعة العروض. وقبل عرض ومناقشة فيلم»في بلاد العجائب»، تم الإعلان من طرف لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام المغربية القصيرة برآسة المخرج محمد الشريف الطريبق، عن الفائزين بجوائز المهرجان. وهكذا فاز فيلم»يوم خريف»للمخرج الشاب والواعد عماد بادي بالجائزة الكبرى(جائزة محمد بسطاوي)، كما فاز فيلم»عودة الملك لير» للممثل والمخرج هشام الوالي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. ولم يفت لجنة التحكيم، المكونة أيضا من الممثلة هدى صدقي والسيناريست رشيد زكي والسينفيلي عز الدين كوريران والشاعر والصحافي سعيد منتسب، التنويه بفيلم»الكابوس د الما» للسيناريست والمخرج الحسين شاني .أما جائزة الجمهور فقد حصل عليها فيلم»آسية» لمليكة الزايري. تجدر الإشارة إلى أن مسابقة هذه السنة شاركت فيها ستة أفلام، لم يحالف الحظ فيها للحصول على جائزة أو تنويه فيلمان فقط هما:عذر» لدلال الطنطاوي العراقي و»آخر صورة « لفيصل الحليمي . وقد تميزت الأيام الأربعة لهذه التظاهرة السينمائية السنوية ببرنامج متنوع جمع بين التباري والفرجة والمناقشة وبين التكوين والإحتفاء بالفاعلين السينمائيين، كل ذلك بهدف نشر الثقافة السينمائية بين الشباب وعموم المواطنين وترسيخ ثقافة الاعتراف بالمبدعين وعطاءاتهم والتعريف على نطاق واسع بالإنتاجات الفيلموغرافية الجديدة والقديمة. كما تميزت دورة 2018 باستمرارية تنظيم الورشات التكوينية ومسابقة الأفلام الروائية القصيرة (في نسختها الثالثة) للتباري على جائزة محمد بسطاوي(الجائزة الكبرى) وجائزة لجنة التحكيم الخاصة وجائزة الجمهور، تشجيعا من منظمي المهرجان للمبدعين الشباب. كانت الإنطلاقة بحفل الإفتتاح، مساء الخميس 19 أبريل بالمركب الثقافي مولاي رشيد، الذي تميز بتكريم المخرج حكيم بلعباس، حيث قدمت في حقه ثلاث شهادات حية ألقاها تباعا الناقدان أحمد سيجلماسي وحمادي كيروم والممثلة هدى صدقي، تم فيها الحديث عن بلعباس الفنان والإنسان وما يطبع تجربته السينمائية من خصوصيات. وقد حضر حفل الافتتاح ولحظة التكريم جمهور غفير غصت به القاعة، من بينه شخصيات فنية وثقافية وجمعوية وثلة من الصحافيين وممثلي وسائل الإعلام المختلفة إلى جانب ممثلي السلطات المحلية والمنتخبة وعلى رأسها السادة عبد الكبير زهود، والي جهة الدارالبيضاء – سطات، وهشام سماحي، عامل عمالة مقاطعات مولاي رشيد، وعبد الحميد جماهري، نائب رئيس جهة الدارالبيضاء – سطات. بعد كلمة للمحتفى به شكر فيها المنظمين والجمهور الحاضر بكثافة سلم له السيدان الوالي والعامل تباعا وللشاب أيوب الخلفاوي، أحد أبطال فيلمه «عرق الشتا»، ذرع المهرجان وهدية رمزية و باقة ورود. ومباشرة بعد ذلك عرض ونوقش الفيلم المذكور. بالإضافة إلى فقرة التكريم تضمن حفل الإفتتاح، الذي نشطته الإعلامية هناء العايدي، كلمة لمدير المهرجان عبد الحق المبشور ورئيس النادي السينمائي لسيدي عثمان، الجهة المنظمة، رحب فيها بالحاضرين وشكر الجهات الداعمة للمهرجان، كما تضمن عرضا للوصلة الإشهارية لدورة 2018 ولفيديو سلط الأضواء على اللحظات القوية لدورة 2017 وتقديما لأعضاء لجنة تحكيم مسابقة محمد بسطاوي للأفلام المغربية الروائية القصيرة برئاسة المخرج محمد الشريف الطريبق. وبين عرض ومناقشة فيلم الإفتتاح»عرق الشتا»للمخرج حكيم بلعباس وعرض ومناقشة فيلم الإختتام»في بلاد العجائب»بحضور مخرجيهما، تم عرض أفلام مسابقة محمد بسطاوي القصيرة الستة، المذكورة أعلاه، في حصتين، مساء الجمعة ومساء السبت. كما تم تنظيم ثلاث ورشات تكوينية في كتابة السيناريو(من تأطير رشيد زكي) والقراءة الفيلمية (من تأطير يوسف آيت همو) والكاميرا الرقمية (من تأطير طارق شمعاوي) استفاد منها ما لا يقل عن 100 شخص في كل ورشة جلهم من التلاميذ والطلبة وأطر النادي السينمائي لسيدي عثمان (الجهة المنظمة للمهرجان) وبعض المهتمين. ومن جديد دورة 2018، التي حضرها رئيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، عبد الخالق بلعربي، وممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية وفاعلين جمعويين وغيرهم، انفتاحها لثاني مرة على الحرم الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك من خلال تنظيم لقاء مفتوح بين طلبة الكلية والمخرج محمد الشريف الطريبق حول تجربته الإخراجية من الفيلم القصير إلى الفيلم الطويل، وانفتاحها كذلك على تجارب فيلمية جديدة لكل من محمد رائد المفتاحي وحسن دحاني بعرض ومناقشة فيلميهما الجديدين»المليار» و»باسطا» والإحتفاء بهما بحضورهما رفقة عناصر من طاقمي الفيلمين. ويعتبر إصدار باكورة منشورات المهرجان، وهو كتاب من تأليف الناقد السينمائي أحمد سيجلماسي بعنوان»وجوه من المغرب السينمائي»، بمثابة الحدث البارز لهذه الدورة الجديدة. وهذا الكتاب يستعرض فيه مؤلفه بيوفيلموغرافيات ستة وجوه معروفة هي الناقد مصطفى المسناوي والممثلين محمد بسطاوي ومحمد الحبشي وحميدو بنمسعود ومحمد مجد والمخرج محمد ركاب، وتتخلله صور وملصقات بلغ عددها رقم 36 . ورغم الإكراهات المتعددة، ومن بينها غياب أي دعم للمهرجان من طرف اللجنة الوطنية لدعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية، فقد أصر النادي السينمائي لسيدي عثمان، بفضل شركائه والمتعاطفين معه وأعضاء مكتبه المسير ومنخرطيه والسلطات المحلية والمجالس المنتخبة وغيرهم، على مواصلة السير في طريق نشر الثقافة السينمائية بواسطة عرض ومناقشة الأفلام وتنظيم الورشات التكوينية والإحتفاء برموز الإبداع السينمائي الوطني. لقد نجح أطر النادي من الشباب وغير الشباب في السهر بمسؤولية ونكران ذات على تنفيذ برنامج الدورة السادسة للمهرجان، المعلن عنه عبر مختلف وسائل الإعلام، بكامله. كما نجحت إدارة المهرجان في استقطاب جمهور غفير من ساكنة الحي والأحياء البيضاوية الأخرى، على امتداد أربعة أيام، لمشاهدة جديد السينما المغربية وقديمها واللقاء بالمخرجين المتميزين وهم في عز عطائهم الفني والثقافي.