في الوقت الذي كان ينتظر الإعلان عن صفقة بناء محكمة ابتدائية ومؤسسة سجنية بكل المقومات العصرية والشروط المتعارف عليها كونيا في مجال حقوق الإنسان، فوجئت جمعيات المجتمع المدني المهتمة بملف عمال مناجم الفحم سابقا بجرادة في لقاء مع الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بوجدة يوم الأربعاء 24 شتنبر 2014، بأن الوزارة تراجعت عن بناء محكمة ابتدائية ومؤسسة سجنية، واقتصرت على إصلاح مركز القاضي المقيم بجرادة المهدد بالانهيار. هذا الخبر غير السار خلف صدمة في نفوس رؤساء الجمعيات التي حضرت اللقاء واعتبرته ردة في مسار حكومة بنكيران. ففي يوم الثلاثاء 31 يناير 2012 اتخذ وزير العدل والحريات قرارا بنقل جميع القضايا من مركز القاضي المقيم بجرادة إلى المحكمة الابتدائية بوجدة التي تبعد عنها ب60 كلم بحجة أن البناية آيلة للسقوط، وهو القرار الذي استنكرته فعاليات المجتمع المدني، قبل أن يستقر أمر المسؤولين على حل ترقيعي على حساب فئة هشة من المسنين باحتلال الدار التي كانت مخصصة لإيوائهم بالمدينة. والغريب في الأمر كذلك أن مدينة جرادة التي تعد عاصمة لإقليم محدث سنة 1994 تفتقد إلى مؤسسة النيابة العامة منذ سنوات ! وفي هذا الإطار، أكد الوكيل العام للملك على تعيين نائب لوكيل الملك ابتداء من السنة المقبلة وأشار إلى أنه من غير المعقول إبقاء إقليم يضم عددا كبيرا من الساكنة بدون نيابة عامة. وتطرق المتدخلون في اللقاء مع الوكيل العام، إلى النهب الذي يطال ممتلكات مفاحم المغرب التي كانت مخصصة لإنجاز متحف وطني للمناجم، أمام مرأى ومسمع المسؤولين دون أن يطال الناهبين العقاب ، الشيء الذي شجع الشباب وحتى التلاميذ على السرقة! وقداعتبر ممثلو المجتمع المدني السكوت عن السرقات التي تطال هذه الممتلكات، والتي كانت موضوع عدة شكايات ومراسلات، جريمة في حد ذاتها، مطالبين بوضع حد لهذا التسيب وفتح تحقيق جاد ومسؤول ومعاقبة كل المتورطين في إقبار الذاكرة المنجمية مهما كانت سلطتهم ونفوذهم . كما طالبوا الوكيل العام بالتدخل لإيجاد حل لمجموعة من القضايا والمشاكل العالقة والمتمثلة في تنفيذ الأحكام القضائية المرفوعة ضد شركة مفاحم المغرب وتنفيذ بنود الاتفاقية الاجتماعية 17 فبراير 1998، إلغاء المساعدة القضائية في الملفات الاجتماعية الخاصة بعمال مناجم الفحم لأن بعض المحامين يأخذون مبالغ مهمة من الضحايا هم في أمس الحاجة إليها عن طريق الاقتطاع من إيرادهم، مع العلم أن الدولة تخصص لهم أتعاب المرافعة. إلغاء التقادم المحدد في 15 سنة بالنسبة للأمراض المهنية (السيليكوز)، أداء متأخرات الإيراد في حساب الضحية بدل صندوق المحكمة واحتساب الحكم من تاريخ الخبرة الأولية بدل الخبرة الجماعية، التسريع في التبليغ والتنفيذ، تمكين الضحايا وذويهم من نسخ الأحكام القضائية بدون عراقيل، إعفاء الملفات الاجتماعية من أداء الرسوم لصندوق محكمة النقض، التسريع بإجراء الخبرة، استعمال مكبر الصوت في قاعة الجلسات بالمحكمة لأن أغلب العمال مرضى ويعانون من نقص في السمع ويفوت عليهم معرفة مجريات الجلسة. إلغاء نسبة الاقتطاع 25% من إيراد الضحية الذي يعتبر نسبة مجحفة وغير قانونية، المطالبة برفع قيمة التنقل المحددة في 20 درهما من جرادة إلى وجدة لحضور جلسات المحكمة. ويبقى السؤال الذي يؤرق العمال وذويهم: هل ستتدخل الوزارة لإنصافهم ورفع الحيف والإقصاء عنهم بالتعجيل ببناء المحكمة الابتدائية ورفع التقادم وإلغاء المساعدة القضائية؟